المدن الافتراضية في السودان
تتجلى شعبية منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل بين السودانيين على سبيل المثال في طريقة استخدام المواقع بدلاً من التقارب المادي خلال المناسبات الاجتماعية.
/ answered
وفقًا لدليل مختبر الجغرافيا البشرية، تتميَّز المدن بوجود مناطق مركزية، مبانٍ، طُرُق سريعة وشبكات نقل أخرى. كما أن بها شركات، وعدد كبير من السكان و هوية ثقافية يميز مظهرها العام.
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية المنتشرة، هل يمكن القول إننا نعيش في مدن افتراضية يمكن تعريفها من خلال الخصائص نفسها أو ما يشابهها مما نُمَيِّز به المدن الحقيقية؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل توجد مدينة أو مدن يقطنها جمهور سوداني؟.
شيوع استخدام منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل بين السودانيين أمرٌ جليّ، ويظهر ذلك على سبيل المثال في الطريقة التي تُستخدم بها هذه الوسائل تعويضاً عن القرب المكاني للمناسبات الاجتماعية؛ حيث من الشائع جدًا إرسال رمز تعبيري حزين أو رسالة صوتية بالبكاء والنحيب على فقدان أحد الأحباء، كما يتم في (البِكاء) لتعزية أسرة المتوفى وذلك عبر تطبيق واتساب المعروف.
توفر هذه "الطرق الافتراضية السريعة" اتصالاً بين شخص وآخر أو مجموعة من الأشخاص. ويظهر التشابه بين المدن المادية الحقيقية والمدن الافتراضية في مثل هذه المساحات الجماعية، كمجموعات الواتساب أوغرف "كلوب هاوس" أو مساحات "إكس"، حيث يجتمع الأشخاص الذين لديهم اتصال أو اهتمام مشترك لمناقشة الأخبار أو شراء السلع أو الخدمات بنفس الطريقة المعتادة التي يتوجّهون بها إلى المباني المادية للقيام بهذه الأنشطة.
في هذه المدينة تعتبر مواقع مثل "تيك توك" مناطق مركزية، حيث الإثارة و الترفيه الذي يجذب الشباب السوداني من أي مكان على مدار الساعة. كما أن النخب المثقفة الأكبر سنًا تتجمع في "مقاهيهم" الافتراضية للتنظير والتفاكر حول كيفية حل جميع مشاكل السودان. أما بالنسبة للأعمال، فقد وجدت ازدهاراً حيث يتم توجيه حركة المرور في هذه المنطقة في الغالب نحو حسابات الفيسبوك التي تروّج من خلالها لسلعها أو خدماتها. بدءًا من أحدث صيحات الموضة في التوب السوداني إلى بسكويت العيد، ومن العقارات إلى السيارات وغيرها الكثير من الخدمات. هذا سوق مفتوح للجميع طالما لديك "وسيلة" للعبور إلى الإنترنت والمواقع الإلكترونية.
ولهذه المدينة الافتراضية القدرة على توجيه مرتاديها، سواء بوعي أو من خلال خوارزميات مدمجة، حيث يصبح مرتادو هذه المدن في حالة من العزلة عن العالم الحقيقي. ومثلما هو الحال في العالم الحقيقي، يستفيد منها ويجني فوائدها فقط الذين لديهم الإمكانيات والأدوات للدخول إليها. وهكذا، بينما يوجد العديد من السودانيين "متصلين بالإنترنت"، فإن الكثيرين غير متصل. ومع ذلك، غالبًا ما يكون لهؤلاء الأفراد المعزولين وأحيانًا "الأحياء" إمكانية الدخول الى هذه المدن عبر قريب أو صديق أو عندما تنتقل مواضيع وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعة حيث يتم الحديث والكتابة عنها.
وللمدينة الافتراضية السودانية سمات واضحة تميزها؛ حيث لديها أساليبها اللغوية والثقافية الخاصة وكذلك استخدامها الهاشتاقات المعبرة للتأثير على اتجاهات الأحداث والفئات المستهدفة من الجمهور السوداني. والآن ومنذ اندلاع الحرب، اكتسبت هذه المدينة السودانية الافتراضية أهمية جديدة، حيث يتخذ كمكان يمكن فيه تعويض الفقد الحقيقي للمدينة بما فيها من خصوصية وإحساس الانتماء، ولو بصورة محدودة ومؤقتة.
صورة الغلاف © سارة النقر
وفقًا لدليل مختبر الجغرافيا البشرية، تتميَّز المدن بوجود مناطق مركزية، مبانٍ، طُرُق سريعة وشبكات نقل أخرى. كما أن بها شركات، وعدد كبير من السكان و هوية ثقافية يميز مظهرها العام.
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية المنتشرة، هل يمكن القول إننا نعيش في مدن افتراضية يمكن تعريفها من خلال الخصائص نفسها أو ما يشابهها مما نُمَيِّز به المدن الحقيقية؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل توجد مدينة أو مدن يقطنها جمهور سوداني؟.
شيوع استخدام منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل بين السودانيين أمرٌ جليّ، ويظهر ذلك على سبيل المثال في الطريقة التي تُستخدم بها هذه الوسائل تعويضاً عن القرب المكاني للمناسبات الاجتماعية؛ حيث من الشائع جدًا إرسال رمز تعبيري حزين أو رسالة صوتية بالبكاء والنحيب على فقدان أحد الأحباء، كما يتم في (البِكاء) لتعزية أسرة المتوفى وذلك عبر تطبيق واتساب المعروف.
توفر هذه "الطرق الافتراضية السريعة" اتصالاً بين شخص وآخر أو مجموعة من الأشخاص. ويظهر التشابه بين المدن المادية الحقيقية والمدن الافتراضية في مثل هذه المساحات الجماعية، كمجموعات الواتساب أوغرف "كلوب هاوس" أو مساحات "إكس"، حيث يجتمع الأشخاص الذين لديهم اتصال أو اهتمام مشترك لمناقشة الأخبار أو شراء السلع أو الخدمات بنفس الطريقة المعتادة التي يتوجّهون بها إلى المباني المادية للقيام بهذه الأنشطة.
في هذه المدينة تعتبر مواقع مثل "تيك توك" مناطق مركزية، حيث الإثارة و الترفيه الذي يجذب الشباب السوداني من أي مكان على مدار الساعة. كما أن النخب المثقفة الأكبر سنًا تتجمع في "مقاهيهم" الافتراضية للتنظير والتفاكر حول كيفية حل جميع مشاكل السودان. أما بالنسبة للأعمال، فقد وجدت ازدهاراً حيث يتم توجيه حركة المرور في هذه المنطقة في الغالب نحو حسابات الفيسبوك التي تروّج من خلالها لسلعها أو خدماتها. بدءًا من أحدث صيحات الموضة في التوب السوداني إلى بسكويت العيد، ومن العقارات إلى السيارات وغيرها الكثير من الخدمات. هذا سوق مفتوح للجميع طالما لديك "وسيلة" للعبور إلى الإنترنت والمواقع الإلكترونية.
ولهذه المدينة الافتراضية القدرة على توجيه مرتاديها، سواء بوعي أو من خلال خوارزميات مدمجة، حيث يصبح مرتادو هذه المدن في حالة من العزلة عن العالم الحقيقي. ومثلما هو الحال في العالم الحقيقي، يستفيد منها ويجني فوائدها فقط الذين لديهم الإمكانيات والأدوات للدخول إليها. وهكذا، بينما يوجد العديد من السودانيين "متصلين بالإنترنت"، فإن الكثيرين غير متصل. ومع ذلك، غالبًا ما يكون لهؤلاء الأفراد المعزولين وأحيانًا "الأحياء" إمكانية الدخول الى هذه المدن عبر قريب أو صديق أو عندما تنتقل مواضيع وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعة حيث يتم الحديث والكتابة عنها.
وللمدينة الافتراضية السودانية سمات واضحة تميزها؛ حيث لديها أساليبها اللغوية والثقافية الخاصة وكذلك استخدامها الهاشتاقات المعبرة للتأثير على اتجاهات الأحداث والفئات المستهدفة من الجمهور السوداني. والآن ومنذ اندلاع الحرب، اكتسبت هذه المدينة السودانية الافتراضية أهمية جديدة، حيث يتخذ كمكان يمكن فيه تعويض الفقد الحقيقي للمدينة بما فيها من خصوصية وإحساس الانتماء، ولو بصورة محدودة ومؤقتة.
صورة الغلاف © سارة النقر