/ الاجابات
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان