الخزين

في المجتمعات الزراعية القديمة على طول نهر النيل في شمال السودان، كانت طرق تخزين منتجات العام سائدة للحفاظ على المحاصيل، وضمان بقائها في حالة جيدة وبعيدًا عن الآفات.

اقرأ المزيد
معرض الصور
No items found.
Pointing at Speaker
نُشر بتاريخ
12/11/24
المؤلف:
آية سنادة
المحرر:
سارة النقر
المحرر:
سارة النقر
مأمون التلب
المترجم:
خالدة محمد نور
المترجم:
النتيجة

  /  

العب مرة أخرى

  /   الاجابات

في المجتمعات الزراعية قديماً، على الشريط النيلي شمال السودان، تظهر أساليب تخزين مؤونة العام للحفاظ على المحاصيل بأفضل صورة بعيداً عن الآفات، كونها مجتمعات مُنتِجَة لا استهلاكية، تعتمد على الزراعة بشكل كبير والرعي بصورة أقل في معيشتها. لوقتٍ قريب توارثت النساء في منطقة المحس (جزيرة دقرتا مثالاً) وما جاورها طريقة صنع "القوسيبة" ضمن المهارات الحياتية اللازمة لمجابهة تحديات الحياة في الولاية الشمالية. ويمكن اعتبارها جزءً رئيسيّاً من مكونات المنزل، وتُصنَع من نفس مادة بناء المنزل: الطين اللبن، ويمكن تعريفها بالصوامع أو آنية تخزين الغذاء، ويمكن وصفها بالبراميل الفخارية، لكن دون أن تتعرّض للنار فهي ليست كالأزيار مثلاً، والتي يجب حرقها لتحمل الماء دون أن تتعرض لخطر الذوبان، تصنعها النساء من الصفر لتحفظ محاصيل تَعتَمد عليها مائدة الشمال؛ كالقمح والفول المصري والبلح، ولكن كيف تصنع؟

تَعجَن الصانعة (صاحبة البيت) خليطاً من الطين وزبل الحيوانات، ثم تُشَكَّل قاعدة البرميل كدائرة قطرها متر أو أقل داخل المنزل، ثم تُترَك لتَجِفَّ تماماً، وبمساعدة أخريات يتم رفع الدائرة على قاعدة من ثلاثة أحجار وقايةً لها من المياه والأرضة اللذان قد يُتلِفَانِها، ويتم وضعها في المكان الذي ستبقى فيه دائماً في فناء المنزل، أو في المساحة الخارجية التي تُعتَبَر امتداداً للمنزل؛ حيث تبقى كالبناء ولا يتم تحريكها بعد ذلك. تبدأ المرحلة الثانية بعجن المزيد من الطين لصنع حائط البرميل الطيني. يُبنَى ارتفاعٌ بسيط به فتحة دائرية من الأسفل، تؤخذ من خلالها الكميات المراد استخدامها بصورة يومية أو أسبوعية، ثم يُترَك ليجفّ عدة أيام قبل أن تُضاف مداميكٌ جديدة. يصل ارتفاع القرسية بشكلها النهائي إلى المتر ونصف المتر. وتُزيَّن أحياناً بنقوش بارزة لتُعبِّر عن ذوق وتفرّد صاحبة المنزل. تغطى عندما تجف ويتم ملأها بالخزين بغطاء فخاري أو غطاء دائري من الصفيح.

يتم ترقيع الأجزاء المتهالكة أو التي تعرَّضت لذوبانٍ طفيف في حالة هطول الأمطار بطبقةٍ من الطين، حتى لا تصل الرطوبة للمحاصيل وتكون عرضة للتلف. وبطبيعة الحال، فإن كل ما يستغرق وقتاً ومجهوداً لصنعه والحفاظ عليه يتم إيجاد بديل له، لذا وَجَدت القوسيبة الجديدة المصنوعة من الحديد والصفيح مكاناً في المنازل هناك تصنع في شكل صندوق حديدي له عدة غرف لحفظ أنواع مختلفة من المحاصيل.

صورة الغلاف والمعرض © آية سينادة، جزيرة دقرتا، شمال السودان، ٢٠٢٤

No items found.
نُشر بتاريخ
12/11/24
المؤلف:
آية سنادة
Editor
سارة النقر
مأمون التلب
المحرر:
سارة النقر
مأمون التلب
المترجم:
خالدة محمد نور
Translator

في المجتمعات الزراعية قديماً، على الشريط النيلي شمال السودان، تظهر أساليب تخزين مؤونة العام للحفاظ على المحاصيل بأفضل صورة بعيداً عن الآفات، كونها مجتمعات مُنتِجَة لا استهلاكية، تعتمد على الزراعة بشكل كبير والرعي بصورة أقل في معيشتها. لوقتٍ قريب توارثت النساء في منطقة المحس (جزيرة دقرتا مثالاً) وما جاورها طريقة صنع "القوسيبة" ضمن المهارات الحياتية اللازمة لمجابهة تحديات الحياة في الولاية الشمالية. ويمكن اعتبارها جزءً رئيسيّاً من مكونات المنزل، وتُصنَع من نفس مادة بناء المنزل: الطين اللبن، ويمكن تعريفها بالصوامع أو آنية تخزين الغذاء، ويمكن وصفها بالبراميل الفخارية، لكن دون أن تتعرّض للنار فهي ليست كالأزيار مثلاً، والتي يجب حرقها لتحمل الماء دون أن تتعرض لخطر الذوبان، تصنعها النساء من الصفر لتحفظ محاصيل تَعتَمد عليها مائدة الشمال؛ كالقمح والفول المصري والبلح، ولكن كيف تصنع؟

تَعجَن الصانعة (صاحبة البيت) خليطاً من الطين وزبل الحيوانات، ثم تُشَكَّل قاعدة البرميل كدائرة قطرها متر أو أقل داخل المنزل، ثم تُترَك لتَجِفَّ تماماً، وبمساعدة أخريات يتم رفع الدائرة على قاعدة من ثلاثة أحجار وقايةً لها من المياه والأرضة اللذان قد يُتلِفَانِها، ويتم وضعها في المكان الذي ستبقى فيه دائماً في فناء المنزل، أو في المساحة الخارجية التي تُعتَبَر امتداداً للمنزل؛ حيث تبقى كالبناء ولا يتم تحريكها بعد ذلك. تبدأ المرحلة الثانية بعجن المزيد من الطين لصنع حائط البرميل الطيني. يُبنَى ارتفاعٌ بسيط به فتحة دائرية من الأسفل، تؤخذ من خلالها الكميات المراد استخدامها بصورة يومية أو أسبوعية، ثم يُترَك ليجفّ عدة أيام قبل أن تُضاف مداميكٌ جديدة. يصل ارتفاع القرسية بشكلها النهائي إلى المتر ونصف المتر. وتُزيَّن أحياناً بنقوش بارزة لتُعبِّر عن ذوق وتفرّد صاحبة المنزل. تغطى عندما تجف ويتم ملأها بالخزين بغطاء فخاري أو غطاء دائري من الصفيح.

يتم ترقيع الأجزاء المتهالكة أو التي تعرَّضت لذوبانٍ طفيف في حالة هطول الأمطار بطبقةٍ من الطين، حتى لا تصل الرطوبة للمحاصيل وتكون عرضة للتلف. وبطبيعة الحال، فإن كل ما يستغرق وقتاً ومجهوداً لصنعه والحفاظ عليه يتم إيجاد بديل له، لذا وَجَدت القوسيبة الجديدة المصنوعة من الحديد والصفيح مكاناً في المنازل هناك تصنع في شكل صندوق حديدي له عدة غرف لحفظ أنواع مختلفة من المحاصيل.

صورة الغلاف والمعرض © آية سينادة، جزيرة دقرتا، شمال السودان، ٢٠٢٤