الغذاء يربطنا
قد يختلف شكل طبق البليلة أو العصيدة من جزء إلى آخر في السودان، ولكن الأيدي العديدة التي تغمس ملاعقها أو أصابعها في نفس الطبق لمشاركة وجبة الطعام هي أمر مشترك: طبق واحد يغذي الجميع.
كيف يشكل الغذاء والطعام مفهومنا للتراث؟ يجسد الطعام الذكريات والحنين إلى الماضي، وهو أحد أكثر أشكال الثقافة شيوعًا في حياتنا. الطعام أكثر بكثير من مجرد وصفات وتجمعات: إنه دواء، إنه حرفة، إنه يعكس مناظرنا الطبيعية وأنماط حياتنا، إنه هويتنا.
كيف يشكل الغذاء والطعام مفهومنا للتراث؟ يجسد الطعام الذكريات والحنين إلى الماضي، وهو أحد أكثر أشكال الثقافة شيوعًا في حياتنا. الطعام أكثر بكثير من مجرد وصفات وتجمعات: إنه دواء، إنه حرفة، إنه يعكس مناظرنا الطبيعية وأنماط حياتنا، إنه هويتنا.
هل ذكرك طبق ما بجدتك وطفولتك؟ هل تشعر بالسعادة عند استنشاق رائحة القهوة؟ هل يجعلك النسيم البارد ترغب في تناول مشروب ساخن؟ هل يجعلك تقاسم وجبة طعام تشعر بالسعادة؟ هذه هي تجارب الطعام المشتركة.
يعد الغذاء صناعة ومصدر رزق للعديد من فئات الناس، من المزارعين إلى الرعاة والحرفيين. فهو مصدر دخل وأسلوب حياة.
نحن ما نأكله. الطعام هو انعكاس لبيئتنا وهويتنا. نستخدمه للطب والراحة.
قد يختلف شكل طبق البليلة أو العصيدة من جزء إلى آخر في السودان، ولكن الأيدي العديدة التي تغمس ملاعقها أو أصابعها في نفس الطبق لمشاركة وجبة الطعام هي أمر مشترك: طبق واحد يغذي الجميع.
هناك علاقة مترابطة ومتعدِّدة الأوجه بين أسواق الطعام وعادات الأكل. تُوَضِّح الثقافة المحيطة باستهلاك الطعام، وكيفيَّة تأثير ما هو مَعروض في السوق على ما نأكله في البيت، توضّح كيف يؤثران ببعضهما البعض. يمكننا اكتشاف عادات الأكل لدى مجتمعٍ ما من خلال زيارة أسواقه، إذ يلعبُ دوراً مهمّاً في تشكيل عادات الأكل والتأثير عليها.
توفر الأطعمة المتنوعة، وإمكانية الوصول إليها، مثل القدرة على الحصول على مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية، بما في ذلك المنتجات الطازجة والأطعِمَة المُصَنَّعة والمأكولات الشهيرة عالميّاً يتيح للمستهلكين استكشاف أنماط الأكل المختلفة، لكنه لا يحدث عادة إلا بتغيُّر الديناميات الاقتصادية والثقافية للمنطقة، بزيادة حجم المدينة، مثلاً، أو ارتفاع عدد الأجانب.
يتطلب تغيير نمط الحياة الموائمة في بعض الأحيان، والتي تنعكس لاحقاً على الأسواق وأنواع الأغذية المعالجة المتاحة. لكن لا يؤدي بالضرورة تغيير نمط الحياة إلى القضاء على التأثيرات الثقافية والاجتماعية. الأطعمة الثقافية، خاصة الأنواع المُستَهلكة خلال فعاليّات أو مواسم محددة، يكون إنتاجها دائماً في أزمة تتعلّق بالكميّة. حتى الآن، لا يزال العديد من صغار منتجي الأغذية جزءاً من عملية الإمداد الغذائي للمدن، ولكن لا يمكن العثور على هذه المنتجات إلا في الأسواق الخاصة، أو من خلال خدمة توصيل الطعام أو الطلب، نَظراً لأن الناس يربطون الشخص بعمليّة الصنع، أي جودة وأصالة الطعام.
الوعي بالصحة والتغذية، وكذلك الاطلاع على أساليب صنع الطعام على المستوى العالمي من خلال المنتديات عبر الإنترنت، أو البرامج التلفزيونية، جميعها تؤثّر على عادات الأكل، وبالتالي على السوق.
والآن، وبسبب الحرب، تؤثِّر العوامل الاقتصاديّة ونقص العرض بشكل كبير على أنواع الغذاء التي تصل إلى السوق وقدرة الناس الشرائيّة. إن نقص الأطعمة ومحدوديّة طرق الاستيراد، جنبا إلى جنب مع مداهمة مصانع الأطعمة المحلية؛ قاما بتكوين شكل من أشكال تنظيم أنواع الأطعمة اليومية التي يمكن الحصول عليها واستهلاكها، ولكنها توضّح إلى حدٍّ كبير آثار تَأَثُّر الأمن الغذائي بما تمرّ به البلاد.
هنالك علاقة متبادلة بين أسواق الطعام وأعادات الأكل، تؤثر الأسواق على أنماط الأكل من خلال توافر المنتجات الغذائية والتسويق وتسعير المنتجات الغذائية، بينما تُشَكِّل تفضيلات المستهلك والاتجاهات الثقافية على ما تُقَدِّمه الأسواق. يلعب هذا التفاعل الديناميكي دورًا مهمًا في تطور عادات الأكل والأنماط الغذائية في المجتمع.
مجموعة الصور تعرض أسواق الطعام المعتادة في جميع أنحاء السودان. © زينب جعفر
صورة العنوان © عصام أحمد عبد الحفيظ
هناك علاقة مترابطة ومتعدِّدة الأوجه بين أسواق الطعام وعادات الأكل. تُوَضِّح الثقافة المحيطة باستهلاك الطعام، وكيفيَّة تأثير ما هو مَعروض في السوق على ما نأكله في البيت، توضّح كيف يؤثران ببعضهما البعض. يمكننا اكتشاف عادات الأكل لدى مجتمعٍ ما من خلال زيارة أسواقه، إذ يلعبُ دوراً مهمّاً في تشكيل عادات الأكل والتأثير عليها.
توفر الأطعمة المتنوعة، وإمكانية الوصول إليها، مثل القدرة على الحصول على مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية، بما في ذلك المنتجات الطازجة والأطعِمَة المُصَنَّعة والمأكولات الشهيرة عالميّاً يتيح للمستهلكين استكشاف أنماط الأكل المختلفة، لكنه لا يحدث عادة إلا بتغيُّر الديناميات الاقتصادية والثقافية للمنطقة، بزيادة حجم المدينة، مثلاً، أو ارتفاع عدد الأجانب.
يتطلب تغيير نمط الحياة الموائمة في بعض الأحيان، والتي تنعكس لاحقاً على الأسواق وأنواع الأغذية المعالجة المتاحة. لكن لا يؤدي بالضرورة تغيير نمط الحياة إلى القضاء على التأثيرات الثقافية والاجتماعية. الأطعمة الثقافية، خاصة الأنواع المُستَهلكة خلال فعاليّات أو مواسم محددة، يكون إنتاجها دائماً في أزمة تتعلّق بالكميّة. حتى الآن، لا يزال العديد من صغار منتجي الأغذية جزءاً من عملية الإمداد الغذائي للمدن، ولكن لا يمكن العثور على هذه المنتجات إلا في الأسواق الخاصة، أو من خلال خدمة توصيل الطعام أو الطلب، نَظراً لأن الناس يربطون الشخص بعمليّة الصنع، أي جودة وأصالة الطعام.
الوعي بالصحة والتغذية، وكذلك الاطلاع على أساليب صنع الطعام على المستوى العالمي من خلال المنتديات عبر الإنترنت، أو البرامج التلفزيونية، جميعها تؤثّر على عادات الأكل، وبالتالي على السوق.
والآن، وبسبب الحرب، تؤثِّر العوامل الاقتصاديّة ونقص العرض بشكل كبير على أنواع الغذاء التي تصل إلى السوق وقدرة الناس الشرائيّة. إن نقص الأطعمة ومحدوديّة طرق الاستيراد، جنبا إلى جنب مع مداهمة مصانع الأطعمة المحلية؛ قاما بتكوين شكل من أشكال تنظيم أنواع الأطعمة اليومية التي يمكن الحصول عليها واستهلاكها، ولكنها توضّح إلى حدٍّ كبير آثار تَأَثُّر الأمن الغذائي بما تمرّ به البلاد.
هنالك علاقة متبادلة بين أسواق الطعام وأعادات الأكل، تؤثر الأسواق على أنماط الأكل من خلال توافر المنتجات الغذائية والتسويق وتسعير المنتجات الغذائية، بينما تُشَكِّل تفضيلات المستهلك والاتجاهات الثقافية على ما تُقَدِّمه الأسواق. يلعب هذا التفاعل الديناميكي دورًا مهمًا في تطور عادات الأكل والأنماط الغذائية في المجتمع.
مجموعة الصور تعرض أسواق الطعام المعتادة في جميع أنحاء السودان. © زينب جعفر
صورة العنوان © عصام أحمد عبد الحفيظ
هناك علاقة مترابطة ومتعدِّدة الأوجه بين أسواق الطعام وعادات الأكل. تُوَضِّح الثقافة المحيطة باستهلاك الطعام، وكيفيَّة تأثير ما هو مَعروض في السوق على ما نأكله في البيت، توضّح كيف يؤثران ببعضهما البعض. يمكننا اكتشاف عادات الأكل لدى مجتمعٍ ما من خلال زيارة أسواقه، إذ يلعبُ دوراً مهمّاً في تشكيل عادات الأكل والتأثير عليها.
توفر الأطعمة المتنوعة، وإمكانية الوصول إليها، مثل القدرة على الحصول على مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية، بما في ذلك المنتجات الطازجة والأطعِمَة المُصَنَّعة والمأكولات الشهيرة عالميّاً يتيح للمستهلكين استكشاف أنماط الأكل المختلفة، لكنه لا يحدث عادة إلا بتغيُّر الديناميات الاقتصادية والثقافية للمنطقة، بزيادة حجم المدينة، مثلاً، أو ارتفاع عدد الأجانب.
يتطلب تغيير نمط الحياة الموائمة في بعض الأحيان، والتي تنعكس لاحقاً على الأسواق وأنواع الأغذية المعالجة المتاحة. لكن لا يؤدي بالضرورة تغيير نمط الحياة إلى القضاء على التأثيرات الثقافية والاجتماعية. الأطعمة الثقافية، خاصة الأنواع المُستَهلكة خلال فعاليّات أو مواسم محددة، يكون إنتاجها دائماً في أزمة تتعلّق بالكميّة. حتى الآن، لا يزال العديد من صغار منتجي الأغذية جزءاً من عملية الإمداد الغذائي للمدن، ولكن لا يمكن العثور على هذه المنتجات إلا في الأسواق الخاصة، أو من خلال خدمة توصيل الطعام أو الطلب، نَظراً لأن الناس يربطون الشخص بعمليّة الصنع، أي جودة وأصالة الطعام.
الوعي بالصحة والتغذية، وكذلك الاطلاع على أساليب صنع الطعام على المستوى العالمي من خلال المنتديات عبر الإنترنت، أو البرامج التلفزيونية، جميعها تؤثّر على عادات الأكل، وبالتالي على السوق.
والآن، وبسبب الحرب، تؤثِّر العوامل الاقتصاديّة ونقص العرض بشكل كبير على أنواع الغذاء التي تصل إلى السوق وقدرة الناس الشرائيّة. إن نقص الأطعمة ومحدوديّة طرق الاستيراد، جنبا إلى جنب مع مداهمة مصانع الأطعمة المحلية؛ قاما بتكوين شكل من أشكال تنظيم أنواع الأطعمة اليومية التي يمكن الحصول عليها واستهلاكها، ولكنها توضّح إلى حدٍّ كبير آثار تَأَثُّر الأمن الغذائي بما تمرّ به البلاد.
هنالك علاقة متبادلة بين أسواق الطعام وأعادات الأكل، تؤثر الأسواق على أنماط الأكل من خلال توافر المنتجات الغذائية والتسويق وتسعير المنتجات الغذائية، بينما تُشَكِّل تفضيلات المستهلك والاتجاهات الثقافية على ما تُقَدِّمه الأسواق. يلعب هذا التفاعل الديناميكي دورًا مهمًا في تطور عادات الأكل والأنماط الغذائية في المجتمع.
مجموعة الصور تعرض أسواق الطعام المعتادة في جميع أنحاء السودان. © زينب جعفر
صورة العنوان © عصام أحمد عبد الحفيظ
كانت الذرة الرفيعة والدخن والشعير، لمدّةٍ طويلة من الزمن، غذاءاً رئيسيّاً في السودان؛ منذ مملكة كوش، أي قبل ٣ إلى ٤ آلاف عام، كان موطن خبز دقيق القمح الأصلي هو مصر، وكان الكوشيون القدماء على علاقة ثقافية وتجارية وثيقة بمصر، والتي كان لها تقليدٌ مُوثَّقٌ جيّداً في مجال صناعة خبز القمح يعود تاريخه إلى ٣ آلاف عام قبل الميلاد على الأقل. خبز دقيق القمح معروف في جميع أنحاء السودان، وهناك العديد من الوثائق والقصائد التي تنصّ على أن الخبز كان يُخبز ويُباع في القرن التاسع عشر، على الرغم من أنه كان موجوداً -يُرجَّح- قبل ذلك الوقت.
ولهذا السبب، حتى فترة ما بعد الاستعمار، كانت أنواع خبز دقيق القمح، وخاصة الخبز المخبوز، سائدةً فقط في شمال السودان حيث تزرع الحبوب. هذا لا يعني أن القمح، سواء البري أو المزروع ، لا ينمو في أماكن أخرى في وسط السودان والجزيرة. ولكن لا يؤكل بالضرورة كخبز، بل هناك أنواع أخرى من الطعام.
ومع ذلك، وبسبب التأثيرات الثقافية وتغيير نمط الحياة، أصبح خبز دقيق القمح المخبوز واحداً من أهم الأغذية الأساسية في جميع أنحاء السودان، خصوصاً المدن، وهو أمر مهم بما يكفي لدرجة أن زيادة أسعار الخبز أثَّرت على الثورة الوطنية التي حدثت في عام ٢٠١٨.
كما أدى إدخال الخبز إلى تغيير أسلوب الأكل. لطالما تناول السودانيون الطعام بشكلٍ جماعيّ، ومع ذلك فقد تغيَّر هذا من طبقٍ واحدٍ يحتوي على خبزٍ أَفْطَح وإدام، إلى أطباق متعددة على الصينية؛ حيث يختار الناس ما يعجبهم باستخدام الخبز والأيدي.
يستكشف معرض الصور هذا الرحلة التي يقوم بها القمح من الأرض حتى يصل إلى طاولتك. © عصام أحمد عبد الحفيظ
كانت الذرة الرفيعة والدخن والشعير، لمدّةٍ طويلة من الزمن، غذاءاً رئيسيّاً في السودان؛ منذ مملكة كوش، أي قبل ٣ إلى ٤ آلاف عام، كان موطن خبز دقيق القمح الأصلي هو مصر، وكان الكوشيون القدماء على علاقة ثقافية وتجارية وثيقة بمصر، والتي كان لها تقليدٌ مُوثَّقٌ جيّداً في مجال صناعة خبز القمح يعود تاريخه إلى ٣ آلاف عام قبل الميلاد على الأقل. خبز دقيق القمح معروف في جميع أنحاء السودان، وهناك العديد من الوثائق والقصائد التي تنصّ على أن الخبز كان يُخبز ويُباع في القرن التاسع عشر، على الرغم من أنه كان موجوداً -يُرجَّح- قبل ذلك الوقت.
ولهذا السبب، حتى فترة ما بعد الاستعمار، كانت أنواع خبز دقيق القمح، وخاصة الخبز المخبوز، سائدةً فقط في شمال السودان حيث تزرع الحبوب. هذا لا يعني أن القمح، سواء البري أو المزروع ، لا ينمو في أماكن أخرى في وسط السودان والجزيرة. ولكن لا يؤكل بالضرورة كخبز، بل هناك أنواع أخرى من الطعام.
ومع ذلك، وبسبب التأثيرات الثقافية وتغيير نمط الحياة، أصبح خبز دقيق القمح المخبوز واحداً من أهم الأغذية الأساسية في جميع أنحاء السودان، خصوصاً المدن، وهو أمر مهم بما يكفي لدرجة أن زيادة أسعار الخبز أثَّرت على الثورة الوطنية التي حدثت في عام ٢٠١٨.
كما أدى إدخال الخبز إلى تغيير أسلوب الأكل. لطالما تناول السودانيون الطعام بشكلٍ جماعيّ، ومع ذلك فقد تغيَّر هذا من طبقٍ واحدٍ يحتوي على خبزٍ أَفْطَح وإدام، إلى أطباق متعددة على الصينية؛ حيث يختار الناس ما يعجبهم باستخدام الخبز والأيدي.
يستكشف معرض الصور هذا الرحلة التي يقوم بها القمح من الأرض حتى يصل إلى طاولتك. © عصام أحمد عبد الحفيظ
كانت الذرة الرفيعة والدخن والشعير، لمدّةٍ طويلة من الزمن، غذاءاً رئيسيّاً في السودان؛ منذ مملكة كوش، أي قبل ٣ إلى ٤ آلاف عام، كان موطن خبز دقيق القمح الأصلي هو مصر، وكان الكوشيون القدماء على علاقة ثقافية وتجارية وثيقة بمصر، والتي كان لها تقليدٌ مُوثَّقٌ جيّداً في مجال صناعة خبز القمح يعود تاريخه إلى ٣ آلاف عام قبل الميلاد على الأقل. خبز دقيق القمح معروف في جميع أنحاء السودان، وهناك العديد من الوثائق والقصائد التي تنصّ على أن الخبز كان يُخبز ويُباع في القرن التاسع عشر، على الرغم من أنه كان موجوداً -يُرجَّح- قبل ذلك الوقت.
ولهذا السبب، حتى فترة ما بعد الاستعمار، كانت أنواع خبز دقيق القمح، وخاصة الخبز المخبوز، سائدةً فقط في شمال السودان حيث تزرع الحبوب. هذا لا يعني أن القمح، سواء البري أو المزروع ، لا ينمو في أماكن أخرى في وسط السودان والجزيرة. ولكن لا يؤكل بالضرورة كخبز، بل هناك أنواع أخرى من الطعام.
ومع ذلك، وبسبب التأثيرات الثقافية وتغيير نمط الحياة، أصبح خبز دقيق القمح المخبوز واحداً من أهم الأغذية الأساسية في جميع أنحاء السودان، خصوصاً المدن، وهو أمر مهم بما يكفي لدرجة أن زيادة أسعار الخبز أثَّرت على الثورة الوطنية التي حدثت في عام ٢٠١٨.
كما أدى إدخال الخبز إلى تغيير أسلوب الأكل. لطالما تناول السودانيون الطعام بشكلٍ جماعيّ، ومع ذلك فقد تغيَّر هذا من طبقٍ واحدٍ يحتوي على خبزٍ أَفْطَح وإدام، إلى أطباق متعددة على الصينية؛ حيث يختار الناس ما يعجبهم باستخدام الخبز والأيدي.
يستكشف معرض الصور هذا الرحلة التي يقوم بها القمح من الأرض حتى يصل إلى طاولتك. © عصام أحمد عبد الحفيظ
لوحة تظهر المشروبات المنقوعة والمحلولة في السودان من تصميم زينب جعفر
يشمل المطبخ السوداني العديد من الأطباق والمشروبات المرتبطة بطقسه الجاف والحار. يتم تقديم مشروبات معينة والاستمتاع بها في مناسبات مختلفة، أو حالات صحية مختلفة. سيتذكر العديد من البالغين كيف أُجبروا، عندما كانوا أطفالاً، على شرب أنواع مختلفة من الشاي لتخفيف نوبة آلام المعدة أو علاج التهاب الحلق.
تُنتج المناطق ذات المناخ الجاف حول السودان ثماراً مثل القنقليز أو النبق أو الدوم، والنباتات البرية مثل الحرجل والمحريب، والنباتات الجذرية مثل الغرنجال. محليّاً، هناك طريقتان معروفتان تُستخدمان لاستخلاص الطعم والنكهة من كل هذه النباتات المختلفة. "الحَلّ" ويعني إضافة النبات إلى الماء الساخن أو غليه في الماء. تُستخدم هذه العملية بشكل أساسي لإنتاج الشاي أو المشروبات الساخنة، بالإضافة إلى استخلاص الفوائد الصحية المختلفة من النباتات. أو أن يتم نقعها مما يعني تركها في الماء في درجة حرارة الغرفة للسماح للطعم بالنقع ببطء. يُستخدم هذا بشكل أساسي للمشروبات الباردة والمنعشة.
شاي الكركديه من أشهر المنتجات السودانية، ويُشرب كمشروب ساخن، ويُسمّى أحياناً بالشيرية، أو كمشروب بارد بعد نقعه في الماء لبعض الوقت، ويعتمد طول مدّة النقع على طزاجة وقوّة زهور الكركدي.
تخضع المشروبات المُخَمَّرة أيضاً لمرحلة نقع لإبراز الطَعْم، مثل الحلو مر أو الآبري المصنوع من براعم "الزرّيعة"، وهي الذرة الرفيعة التي يتم تجفيفها ونكهتها وتخميرها وطهيها في شكل صفائح، تُنقَع بعد ذلك في الماء وتحليتها بالسكر قبل التقديم.
صورة الغلاف © ساري عمر، الدمازين
لوحة تظهر المشروبات المنقوعة والمحلولة في السودان من تصميم زينب جعفر
يشمل المطبخ السوداني العديد من الأطباق والمشروبات المرتبطة بطقسه الجاف والحار. يتم تقديم مشروبات معينة والاستمتاع بها في مناسبات مختلفة، أو حالات صحية مختلفة. سيتذكر العديد من البالغين كيف أُجبروا، عندما كانوا أطفالاً، على شرب أنواع مختلفة من الشاي لتخفيف نوبة آلام المعدة أو علاج التهاب الحلق.
تُنتج المناطق ذات المناخ الجاف حول السودان ثماراً مثل القنقليز أو النبق أو الدوم، والنباتات البرية مثل الحرجل والمحريب، والنباتات الجذرية مثل الغرنجال. محليّاً، هناك طريقتان معروفتان تُستخدمان لاستخلاص الطعم والنكهة من كل هذه النباتات المختلفة. "الحَلّ" ويعني إضافة النبات إلى الماء الساخن أو غليه في الماء. تُستخدم هذه العملية بشكل أساسي لإنتاج الشاي أو المشروبات الساخنة، بالإضافة إلى استخلاص الفوائد الصحية المختلفة من النباتات. أو أن يتم نقعها مما يعني تركها في الماء في درجة حرارة الغرفة للسماح للطعم بالنقع ببطء. يُستخدم هذا بشكل أساسي للمشروبات الباردة والمنعشة.
شاي الكركديه من أشهر المنتجات السودانية، ويُشرب كمشروب ساخن، ويُسمّى أحياناً بالشيرية، أو كمشروب بارد بعد نقعه في الماء لبعض الوقت، ويعتمد طول مدّة النقع على طزاجة وقوّة زهور الكركدي.
تخضع المشروبات المُخَمَّرة أيضاً لمرحلة نقع لإبراز الطَعْم، مثل الحلو مر أو الآبري المصنوع من براعم "الزرّيعة"، وهي الذرة الرفيعة التي يتم تجفيفها ونكهتها وتخميرها وطهيها في شكل صفائح، تُنقَع بعد ذلك في الماء وتحليتها بالسكر قبل التقديم.
صورة الغلاف © ساري عمر، الدمازين
لوحة تظهر المشروبات المنقوعة والمحلولة في السودان من تصميم زينب جعفر
يشمل المطبخ السوداني العديد من الأطباق والمشروبات المرتبطة بطقسه الجاف والحار. يتم تقديم مشروبات معينة والاستمتاع بها في مناسبات مختلفة، أو حالات صحية مختلفة. سيتذكر العديد من البالغين كيف أُجبروا، عندما كانوا أطفالاً، على شرب أنواع مختلفة من الشاي لتخفيف نوبة آلام المعدة أو علاج التهاب الحلق.
تُنتج المناطق ذات المناخ الجاف حول السودان ثماراً مثل القنقليز أو النبق أو الدوم، والنباتات البرية مثل الحرجل والمحريب، والنباتات الجذرية مثل الغرنجال. محليّاً، هناك طريقتان معروفتان تُستخدمان لاستخلاص الطعم والنكهة من كل هذه النباتات المختلفة. "الحَلّ" ويعني إضافة النبات إلى الماء الساخن أو غليه في الماء. تُستخدم هذه العملية بشكل أساسي لإنتاج الشاي أو المشروبات الساخنة، بالإضافة إلى استخلاص الفوائد الصحية المختلفة من النباتات. أو أن يتم نقعها مما يعني تركها في الماء في درجة حرارة الغرفة للسماح للطعم بالنقع ببطء. يُستخدم هذا بشكل أساسي للمشروبات الباردة والمنعشة.
شاي الكركديه من أشهر المنتجات السودانية، ويُشرب كمشروب ساخن، ويُسمّى أحياناً بالشيرية، أو كمشروب بارد بعد نقعه في الماء لبعض الوقت، ويعتمد طول مدّة النقع على طزاجة وقوّة زهور الكركدي.
تخضع المشروبات المُخَمَّرة أيضاً لمرحلة نقع لإبراز الطَعْم، مثل الحلو مر أو الآبري المصنوع من براعم "الزرّيعة"، وهي الذرة الرفيعة التي يتم تجفيفها ونكهتها وتخميرها وطهيها في شكل صفائح، تُنقَع بعد ذلك في الماء وتحليتها بالسكر قبل التقديم.
صورة الغلاف © ساري عمر، الدمازين
في كل ثقافة في أيِّ مكانٍ في العالم، تكون الولائم والطعام في الاحتفالات دائماً في قلب أي مناسبة. ربما يكون هذا هو الشيء الوحيد المشترك بيننا نحن البشر جميعاً؛ أن نحتفل مع الطعام.
إن تنوّع ثقافات السودان يعني أن الناس لديهم دائماً طرق مختلفة لطهي وتقديم طعامهم في المناسبات الكبيرة؛ مثل الاحتفالات الدينية -المولد أو رمضان أو العيد- أو عندما يعود شخص ما من رحلة طويلة مثل الحج، أو يتعافى من مرض ما، أو يحقّق نجاحاً أكاديميّاً أو مهنيّاً، أو حتى في الحدث الأكثر شعبية: حفلات الزفاف. تتجمع نساء الأهل والجيران من بعيد ومن قريب لطهي الوجبات الشهية والأطباق اللذيذة. تبدأ الاحتفالات قبل اليوم نفسه عادةً بتحضير البسكويت وتقطيعه وخَبزه. يُعد البسكويت والخبيز والمنين والعجوة والعديد من الأصناف الأخرى عناصر مهمة للغاية، تُقدَّم لموجات الضيوف والمهنئين الذين يمرّون في الأسابيع والأيام قبل وبعد يوم الزفاف.
تظهر في الفيديو تحضيرات الفطير، وهي عبارة عن بسكويت خفيف مصنوع خصيصاً للأعراس، يتكون من الدقيق وقليل من الملح والبيكنج باودر والفانيليا والبيض والزيت النباتي. تُفرَد بعد ذلك العجينة بشكل رقيق جداً باستخدام ماكينة صنع المعكرونة وتقطيعها إلى أشكال ثم تُقلَى في الزيت. يُرشّ البسكويت الخفيف والمُقَرمَش ببودرة السكر، ويتعاملون معه بعناية فائقة ليس فقط بسبب مدى هشاشته، ولكن لأن احتمال أن يلتهمه أي شخص يضع يده عليه قبل حضور الضيوف واردٌ جدّاً!
صورة الغلاف والفيديو © زينب جعفر
في كل ثقافة في أيِّ مكانٍ في العالم، تكون الولائم والطعام في الاحتفالات دائماً في قلب أي مناسبة. ربما يكون هذا هو الشيء الوحيد المشترك بيننا نحن البشر جميعاً؛ أن نحتفل مع الطعام.
إن تنوّع ثقافات السودان يعني أن الناس لديهم دائماً طرق مختلفة لطهي وتقديم طعامهم في المناسبات الكبيرة؛ مثل الاحتفالات الدينية -المولد أو رمضان أو العيد- أو عندما يعود شخص ما من رحلة طويلة مثل الحج، أو يتعافى من مرض ما، أو يحقّق نجاحاً أكاديميّاً أو مهنيّاً، أو حتى في الحدث الأكثر شعبية: حفلات الزفاف. تتجمع نساء الأهل والجيران من بعيد ومن قريب لطهي الوجبات الشهية والأطباق اللذيذة. تبدأ الاحتفالات قبل اليوم نفسه عادةً بتحضير البسكويت وتقطيعه وخَبزه. يُعد البسكويت والخبيز والمنين والعجوة والعديد من الأصناف الأخرى عناصر مهمة للغاية، تُقدَّم لموجات الضيوف والمهنئين الذين يمرّون في الأسابيع والأيام قبل وبعد يوم الزفاف.
تظهر في الفيديو تحضيرات الفطير، وهي عبارة عن بسكويت خفيف مصنوع خصيصاً للأعراس، يتكون من الدقيق وقليل من الملح والبيكنج باودر والفانيليا والبيض والزيت النباتي. تُفرَد بعد ذلك العجينة بشكل رقيق جداً باستخدام ماكينة صنع المعكرونة وتقطيعها إلى أشكال ثم تُقلَى في الزيت. يُرشّ البسكويت الخفيف والمُقَرمَش ببودرة السكر، ويتعاملون معه بعناية فائقة ليس فقط بسبب مدى هشاشته، ولكن لأن احتمال أن يلتهمه أي شخص يضع يده عليه قبل حضور الضيوف واردٌ جدّاً!
صورة الغلاف والفيديو © زينب جعفر
في كل ثقافة في أيِّ مكانٍ في العالم، تكون الولائم والطعام في الاحتفالات دائماً في قلب أي مناسبة. ربما يكون هذا هو الشيء الوحيد المشترك بيننا نحن البشر جميعاً؛ أن نحتفل مع الطعام.
إن تنوّع ثقافات السودان يعني أن الناس لديهم دائماً طرق مختلفة لطهي وتقديم طعامهم في المناسبات الكبيرة؛ مثل الاحتفالات الدينية -المولد أو رمضان أو العيد- أو عندما يعود شخص ما من رحلة طويلة مثل الحج، أو يتعافى من مرض ما، أو يحقّق نجاحاً أكاديميّاً أو مهنيّاً، أو حتى في الحدث الأكثر شعبية: حفلات الزفاف. تتجمع نساء الأهل والجيران من بعيد ومن قريب لطهي الوجبات الشهية والأطباق اللذيذة. تبدأ الاحتفالات قبل اليوم نفسه عادةً بتحضير البسكويت وتقطيعه وخَبزه. يُعد البسكويت والخبيز والمنين والعجوة والعديد من الأصناف الأخرى عناصر مهمة للغاية، تُقدَّم لموجات الضيوف والمهنئين الذين يمرّون في الأسابيع والأيام قبل وبعد يوم الزفاف.
تظهر في الفيديو تحضيرات الفطير، وهي عبارة عن بسكويت خفيف مصنوع خصيصاً للأعراس، يتكون من الدقيق وقليل من الملح والبيكنج باودر والفانيليا والبيض والزيت النباتي. تُفرَد بعد ذلك العجينة بشكل رقيق جداً باستخدام ماكينة صنع المعكرونة وتقطيعها إلى أشكال ثم تُقلَى في الزيت. يُرشّ البسكويت الخفيف والمُقَرمَش ببودرة السكر، ويتعاملون معه بعناية فائقة ليس فقط بسبب مدى هشاشته، ولكن لأن احتمال أن يلتهمه أي شخص يضع يده عليه قبل حضور الضيوف واردٌ جدّاً!
صورة الغلاف والفيديو © زينب جعفر
قرعة كبيرة تم تحويلها، عبر إضافة عُنق منسوج وغطاء مُحكم، إلى وعاء أو بُخسة. يمكن استخدام مثل هذه الأواني لصُنع الروب (اللبن)، وهو منتج حليب مخمر. تساعد عملية التخمير هذه، التي غالبًا ما يتم تصنيعها باستخدام الحليب الزائد، على إطالة عمر منتجات الألبان وتوفّر إضافة لذيذة للوصفات التقليدية. في هذه البخسة، تم إصلاح الشقوق الموجودة في قاعدة القرعة محليّاً باستخدام الألياف النباتية، مما يدلّ على قيمة هذه الآنية لصاحبها.
تم شراؤها في برام (جنوب دارفور، السودان) عام ١٩٨١ من قبل بول ويلسون © أمناء المتحف البريطاني
قرعة كبيرة تم تحويلها، عبر إضافة عُنق منسوج وغطاء مُحكم، إلى وعاء أو بُخسة. يمكن استخدام مثل هذه الأواني لصُنع الروب (اللبن)، وهو منتج حليب مخمر. تساعد عملية التخمير هذه، التي غالبًا ما يتم تصنيعها باستخدام الحليب الزائد، على إطالة عمر منتجات الألبان وتوفّر إضافة لذيذة للوصفات التقليدية. في هذه البخسة، تم إصلاح الشقوق الموجودة في قاعدة القرعة محليّاً باستخدام الألياف النباتية، مما يدلّ على قيمة هذه الآنية لصاحبها.
تم شراؤها في برام (جنوب دارفور، السودان) عام ١٩٨١ من قبل بول ويلسون © أمناء المتحف البريطاني
قرعة كبيرة تم تحويلها، عبر إضافة عُنق منسوج وغطاء مُحكم، إلى وعاء أو بُخسة. يمكن استخدام مثل هذه الأواني لصُنع الروب (اللبن)، وهو منتج حليب مخمر. تساعد عملية التخمير هذه، التي غالبًا ما يتم تصنيعها باستخدام الحليب الزائد، على إطالة عمر منتجات الألبان وتوفّر إضافة لذيذة للوصفات التقليدية. في هذه البخسة، تم إصلاح الشقوق الموجودة في قاعدة القرعة محليّاً باستخدام الألياف النباتية، مما يدلّ على قيمة هذه الآنية لصاحبها.
تم شراؤها في برام (جنوب دارفور، السودان) عام ١٩٨١ من قبل بول ويلسون © أمناء المتحف البريطاني
مَغرفة مصنوعة من جزء من قرعة ذات زخارف منقوشة.
تم جمعها في جبال النوبة الشرقية، من شعب أوتورو نوبا في عام ١٩٣٨ على يد عالم الأنثروبولوجيا إس إف نادال © أمناء المتحف البريطاني.
مَغرفة مصنوعة من جزء من قرعة ذات زخارف منقوشة.
تم جمعها في جبال النوبة الشرقية، من شعب أوتورو نوبا في عام ١٩٣٨ على يد عالم الأنثروبولوجيا إس إف نادال © أمناء المتحف البريطاني.
مَغرفة مصنوعة من جزء من قرعة ذات زخارف منقوشة.
تم جمعها في جبال النوبة الشرقية، من شعب أوتورو نوبا في عام ١٩٣٨ على يد عالم الأنثروبولوجيا إس إف نادال © أمناء المتحف البريطاني.
حش التمر
البركل ، الشمالية ، السودان ٢٠١٥
زينب عثمان محجوب ودكتور عثمان محجوب جعفر
البركل واحدة من تلك البلدات، بها نفس سواقي النخيل التي يسكنها أهل "بلد بي تحت"، وتحيط بها بلدة "بي فوق"، وهم ساكنو المناطق العالية البعيدة عن النيل. أحد المعالم المعروفة للمنطقة هو جبل البركل، وهو عبارة عن مسطبة صخرية ترتفع لأربعة متر ومائة، وعلى جانبها تبرز صخرة تشبه المئذنة، كانت منحوتة بالسابق تعرف "بالشريمة"، كما يسميها الشامتون، ومن ذلك قول شاعر الشايقية الأشهر حسونة مبدياً خيبة أمله في أحد كبراء البركل:
ويمكن رؤية معبد آمون، الذي بناه بعانخي وابنه تهارقا (ترهاقا)، على جانب الجبل. هو وصف الكباش الذي اختفى بظروف غامضة. تتناثر بعض الأهرامات حول الجبل، والبلدة بأسرها تقع على أرض عاصمة كوش في عهد مملكة مروي.
على بعد كيلومترين تقريباً جنوب الجبل، وعلى الطريق الرئيسي، يوجد منزل جدي محجوب جعفر مصطفى، الذي يقطنه ويدير أمره عمتي رقية. البيت وعمتي معالم تُضَاهِي المعالم المذكورة سابقاً في الأهمية، على الأقل فيما يخص السرد التالي. سأروي أحداث زيارتي للبركل في العام ٢٠١٥م، للمشاركة في موسم حصاد التمر أو كما يُسمَّى بـ"حشّ التمر". يحتوي النص أيضاً على مداخلات من والدي دكتور عثمان محجوب جعفر لغرض مراجعة دقة المعلومات، فخبرتي التي كَوّنتها في ١٠ أيام لا تضاهي خبرته وهو من تربى في هذا البيت وعلى هذه الأرض.
يبدأ حصاد التمر في منطقة البركل في شهر سبتمبر أو شهر "نسيئ" كما يُسمَّى في الشهور القبطية المصرية، وهي شهور ما زالت تُستَخدم لغرض الزراعة والحصاد في أغلب مناطق شمال السودان؛ حيث تتزامن الشهور مع ظهور تغيُّرات واضحة للطقس تعرف بها المواسم. التمر في البركل هو من نوع التمر الجاف، أي أنه يُترَك حتى ينضج ويجفّ قبل حصاده، وبالتالي يَسهل حفظه وتخزينه مما يجعله مناسباً أكثر للتجارة. التمر الرطب هو تمر يحصد حين يكون أكثر ليناً، ويُحفَظ في قُفَف تُرَصّ فوق بعضها البعض، ويُترَك حتى يصبح رطباً، وهو أمرٌ غير متعارف عليه في شمال السودان. وهناك تمور شبه رطبة في مناطق الرباطاب والجعليين بنهر النيل، تُصنَع منها العجوة، مثل المشرق وود لقاي وود خطيب.
كانت المنطقة أكثر أماناً في الماضي، لكن لحدوث بعض التغيّرات حديثاً، أصبح هناك تقليد بحراسة التمور وتحديد يوم معين لبدء الحصاد لتفادي السرقات، حيث يتمّ تحديد يوم معيَّن لبدء موسم الحصاد، وهناك يوم لكلّ ساقية حتى يُعرف أن صاحب الساقية هو من يقوم بالحصاد أو الحش. في العام ٢٠١٥م تحديداً كان اليوم هو الثامن عشر من شهر سبتمبر للساقية التي تقع فيها أراضي أسرة جدي، نزلنا في الصباح الباكر، أنا وعمتي حفصة رحمة الله عليها، وهي كانت وليّة أمر التمر للأسرة جميعاً وسيدة أعمال ممتازة. نزل معنا القَفَّاز وأسرته. القَفَّاز هو عادة شريك لصاحب التمر في العناية بالتمر وحصاده، يأتي اسمه من القفوزة، وهي عملية تلقيح التمر، حيث يُغرَس ضكر النخل -وهو عزق من النخلة الذكر- في السبيطة الأنثى، وتتم هذه العملية قبل عدة شهور في بداية العام، أي في الشتاء، لتُسَاهم في إنتاج التمر بصورة صحيحة.
في طريقنا للتمر في "بلد بي تحت"، كان يوجد صفٌّ من الشبَّان، يجلسون على الأرض على الشارع الرئيسي، وقبالة المزارع ينتظرون فرصة العمل، لم نكن أنا وعماتي الإثنتين، حفصة وعائشة، رحمهما الله، الوحيدين الذين قد أتوا في الأيام السابقة لموسم الحصاد. نحن أتينا من الخرطوم، لكن هذا الصف من الشبان كانوا قد أتوا من الصحاري الممتدة في شمال السودان، وهي غير فارغة من السكان على عكس ما تبدو. ففي موسم الحصاد يخيّم العرب الرحل والحلب (النور) على أطراف المدينة. يعمل الرجال في الحصاد، والنساء يَعمَلنَ في أعمال صغيرة مُتَفَرِّقة في المنازل، أو رمي الودع، أو في تلقيط التمر. كان الشاب الذي أجَّرَته عمتي من غرب إفريقيا قد جاء لشمال السودان لطلب العلم في الخلاوي ومدارس القرآن، وجاء، هو وأصحابه، للعمل من أجل تجميع أجرة تساعده مالياً في الشهور القادمة. موسم الحصاد موسم مبارك، تكسوه الوَفَرَة ويغتني الناس مؤقتاً، وتَكثُر فيه المناسبات حتى في عامنا ذاك، فتزامن تواجدنا مع عدة أعراس في الحِلَّة، كما يأتي الموظفون في العاصمة وغيرها من المدن الكبيرة والمغتربون، عادةً، في إجازاتهم السنوية للزيارة وحش التمر. لفرحة الأطفال سببان، أولهما أن موسم الحصاد هو إجازة رسمية من المدارس، حتى يساعدوا أسرهم في الحصاد، والثانية أن الأطفال لديهم أجرة في التلقيط؛ سواء من عملهم مع أسرتهم أو من تجميعهم لتمر الهبوب، وهو التمر الذي يتساقط على الأرض من أثر الريح القوية، لا يكون هذا التمر عالي الجودة، لأنه يكون غير مُتَجَانِس، إلا أن البعض من الأطفال كان ينتهز هذه الفرصة ليزيد كوم بلحه المنشور في ركن منزلهم.
تختلف طريقة دفع أُجرة مختَلَف نوعيَّات الشخصيات المشاركة في الحصاد؛ فالقفاز، عادةً، يأخذ أجرته في شكل تمر، حيث أن له سبيطة أو سبيطتان من كلّ نخلة، حسب الاتفاق، وحسب طول النخلة. السبيطة هي عرجون النخل، أما المُلقطون بعضهم يفضّل المال، خصوصاً في الأعوام الأخيرة، ويأخذ أجرته باليوم، أما الأطفال وصغار الملَقّطين فأجرتهم بالمكيال. فهم يقومون بتجميع التمر المتساقط بعيداً حتى أن يتِمُّوا "كيلة"، والكيلة هي صفيحة تساوي مقدار رُبعَين، والرُّبع به ملوتان، وجوال التمر في الغالب به ستّ كيلات، وكل هذه مقاييس قديمة للمكاييل لا تخلو من الأثر الإسلامي، وفي نهاية الموسم يشتري الكبار هذه الكيلات من الصغار.
وصلنا نحن ووفدنا الصغير للساقية لبدء عمليَّة حش التمر. تُقسَّم الحيازات الزراعية في شمال السودان الى سواقي، والساقية هي قطعة من الأرض تساوي مساحة ما يُمكِن سقايته بآلة ساقية واحدة. في الماضي، وبعد أن اختفت الساقية واستُبدِلَت بوابورات، لم يختف الاسم وظلَّ مقياساً حتى الآن. تساوي الساقية تقريباً مساحة عشرين إلى ثلاثين فداناً. والفدان به أربع وعشرين قيراط، والقيراط به 24 سهم، ويتم تقسيم الساقية إلى حبالٍ وعضام، وهي أطوال تُحدَّد حسب الساقية، والسعيد صاحب الأربع وعشرين قيراط بجميع أنواعه. بعدها يتم تقسيم هذه المساحة لشريط طويل من الأحواض يُسمَّى الإنقاية، ويُسقَى هذا الشريط بجدولٍ موازٍ له. يكون ضلع الحوض الواحد عادة في حدود الخمسة إلى ستة أمتار، وفي منتصفه نخلة واحدة، في بعض الأحيان تُوضَع نخلتان في الأركان.
تُسمَّى النخلة الأم "أمية"، وتَنبت بجانبها فسائل صغيرة تُسمَّى "البنات". عادة يُترَك عددٌ قليل، ثلاث أو أربع منهنَّ، لتَونِيس الأم، وتَتِم إعادة شَتل البقيَّة في مكانٍ آخر. يتشابه النخل كثيراً مع البشر؛ فهو يُعمِّر ليصل مئة عام، ولا يتوقف عن النمو، وبعد فترة يصعب الوصول إلى قمة التمر، فتسلُّق النخل في منطقة البركل يتم من غير استخدام أية أدوات مُسَاعِدَة -كحبل أو سلّم- بل يُترَك جذع الجريد "الكروق" بارزاً عندما يتمّ قطعه، ويَستَخدِم الحشَّاش تلك الأجزاء البارزة لطلوع الشجرة، كلّما كَبُرت النخلة يضعف الجريد ويتساقط المتسلّقون.
بعد أن تَسَلَّق القَفَّاز النخلة، شَدَّ بقيّةُ العمال قطعةً من المشمّع أسفلها. وقام القَفَّاز أوّلاً بقطع وإنزال سبيطته، وبعدها قَطَع باقي السبائط لصاحب الأرض، بعدها قام الملقّطون -ومنهم أنا، لقد وُعِدتُ بكيلة من التمر إذا ساعدت بجمع التمر المتساقط- بـ"خرت" التمر من السبائط، أي ضربها على الأرض حتى يتساقط كلّ التمر، ثمّ يُنزع التمر المتبقّي باليد، ويُجمع في منتصف المشمع ويُصبّ في الشوالات. وعلى الرغم من شَكل شوالات الخيش المحليّ للغاية، إلا أنها ليست كذلك؛ ظَهَرت هذه الشوالات للمرة الأولى في عهد الاستعمار الإنجليزي، حيث تمّ وما زال يتم استيراد هذه الشوالات من الهند. حاول مصنع الكناف في النيل الأزرق -سبعينات القرن الماضي- أن يغطّي حاجة السوق من الجوّالات، إلا أنه توقَّف منذ سنوات عدة. والآن تُستخدم أحياناً جوالات من البلاستيك المصنوع في السودان. بعدها يُخاط الشوال بالعرجون أو بالسلك الحديدي، ويُحمل إلى المنزل.
كان امتلاء الشوّال علامةَ توقّفنا عن العمل للراحة، فافترش الجميع الأرض وجاء الغداء أو الفطور المتأخّر مُرسَلاً من منزلنا، كما هو معتاد: قرّاصة وملاح ويكة، تليها قيلولة. يكون للمطعمين في المنزل أيضاً أجرٌ في نهاية الموسم، فلا أحد يعمل مجّاناً في موسم الحصاد. عدنا للمنزل في آخر اليوم يلحقنا جملٌ فوقه شوّالات التمر إلى داخل المنزل، خلال الباب الذي يفَوِّت جَمَل كما كان يحدث في بيت جدّي الأكبر العمدة جعفر ود مصطفى ود محمد قبل أكثر من ستين عاماً. أُنزِلت الشوالات في الحوش، أو الفناء، ثمّ فُرِشَ البلح تحت الشمس ليجفّ تماماً.
يخاف الناس عادةً أن يَهطل المطر فجأةً فيفسد المحصول، لأنّ موسم حشّ التمر هو موسم الأمطار أو الخريف، فبعضهم يطلبون من الشيوخ أو الفقراء أن يُمسكوا المطر، أو "حوالينا ولا علينا" كل ما أتت السيرة. بجانب كَومنا الجديد كانت هناك كومة أخرى لعمتي الأخرى عائشة، والتي كانت قد أحضرت قبل وصولنا من "سواقي" أخرى تملكها أسرة زوجها محمد الأمين شريف، رحمهما الله. وجدنا عمتي عائشة جالسة وهي فخورة بجانب تمرها القنديلة عالي الجودة، وهو ما يُسمَّى تَمر الأكل، مثل التَمودَة والكُلمة، وهي تُمور تُنتَج بكميّات أقل، وتُوَزَّع في نطاقات محدودة، أما كومتنا فكانت من "البركاوي"، وهو صنف التمر التجاري حيث يُنتَج بكميات كبيرة، ويتم تصديره في أنحاء السودان المختلفة، أما "الجاو" فهو تمر أقل جودة يُبَاع لمن لا يهتم بمدى جودة التمر.
خلال تواجدي تلك الأيام العشر، لم يكن هناك موضوع أكثر أهمية من التمر وأحواله. فربما يسألك الضيوف والمارة وحتى صاحب الدكان كم حصدت؟ وكيف كان الموسم؟ هل شال التمر أم لم يشيل؟ و"الشيل" هو درجة امتلاء السبيطة بالتمر. وإذا لم يكن التمر شايلاً هذا العام يتناقش الجميع في مجالسهم حول السبب. قد يكون السبب هو التغير المناخي كما قالت عمتي رقية في إحدى الجلسات، أو أن بحيرة السد قد زادت الرطوبة. على كل حال التمر كان هو سيّد المواضيع، لم يَفُقهُ أهميةً في لحظةٍ ما غير قطٍّ سيء السمعة، سرق سمكاً من إحدى جاراتنا واستولى على مطبخنا عدة مرات.
في يومنا الثاني من العمل، تحوَّل المنزل إلى بيت عرس؛ حيث جاءت نسوة الفريق لخبز بسكويت شاي عرس ابن إحداهن في فرننا الكبير، والذي يعمل بالغاز، ليس كالمواقد القديمة التي تَعمل "بالواقود" -أي جريد النخل الجاف- خاصةً "الكود"، وهو الجزء العريض من الجريد أو العراجين المُجَفَّفَة التي نَجَت من عملية تحويلها إلى لعب أطفال، كلعبة الطاب القديمة أو سيطانٍ لجَلْد ذات الأطفال. كما هي عادة بيوت الأعراس امتلأ المنزل بالضحك والمكاواة والغناء، في المطبخ الخارجي عَمِلَت النساء بمكنة البسكويت، وجاءت أخريات للونسة في البرندة، كما أَحضَرت صاحبة المناسبة صواني الغداء من منزلها لإطعام الضيوف، مثلها مثل التمر، صاحب الأمر دائماً من يجب عليه إطعام الجميع.
لو اتكَأتَ بجانب إحدى المستلقيات في البرندة، ستجد نفسك تنظر للعرش البلدي. بلديَّاً كانت تُعرَش المنازل، بماذا؟ طبعاً جذوع النخل، حيث يُقطَّع الجذع طوليَّاً إلى أرباعٍ أو أسداس، تُسَمَّى الواحدة منها "فَلقة”. وتكون الإنشاء الرئيسي الذي يُبنَى عليه السقف. بعدها يوضع فوقه جذع الجريد بعد أن يُنَقرَش أو يُزَال منه الصفق الأخضر بعد أن يُرمَل، أو يربط مع بعضه. وسابقاً، كان الجريد الأخضر يُباع عادةً بالألف حبّة، تُقطع من النخيل أثناء تنظيفه خارج موسم الحصاد حتى لا يتضرَّر التمر، أما الآن، فيدفع أصحاب النخيل للعمّال ليقطعوا الجريد. يوضَع فوق الجريد السعف والطين، ثم توضع أخيراً مخلَّفات الحيوانات أو الزبالة، وهي عادةً بقايا الحمير. قبل الخريف تتكرَّر هذه العملية للسقف والحوائط قبل أن تُدهَن الجدران باللون الأبيض، كما تُفتَح السبلوقات لتصريف المياه، فالماء الراكد والرطوبة هما أعداء منازل الطين.
انتهى الموسم وجاءت المرحلة الثانية، وهي تعبئة وتوزيع التمر، "ناس العُبوَّة" هم عُمَّال مَهَرة يفرزون التمر سريعاً ويعبؤونه، حيث يُلقى بالتمر السيء "الكرموشة" للبهائم والأغنام. وفي الزمان السابق كان يتم تخزين التمر في صوامع تختلف أحجامها، مصنوعة من الطين ومرفوعة من الأرض، تُسمَّى القُسِيْبة أو القُوسِيْبَه، تُستَخدَم أيضاً لتخزين المحاصيل كالقمح، ولا تزال القَسَاسِيب مُستَخدَمة في بعض قرى الشمال. أما في منطقتنا فيوضع التمر في شوَّالات مُحكَمة، مرفوعة فوق جذوع الشجر أو كَمَر الحديد بعيداً عن الماء والحشرات، ويُغطَّى بغطاءٍ بلاستيكيّ من أعلى.
"تمر المشرف، العَلولو سامو
القبل ما ينَجّض السبابة حاموا
السعيد في الدنيا ياخد قدر أيامو
وعليك يا الله مو عارف القدامو"
(شاعر شايقي قديم)
للتمر متاجرون متعدّدون، أكثريتهم من السبابة؛ وهم وسطاء يشترون التمر من صغار البائعين والملقّطين، ويبيعون التمر لتُجَّار السوق. الفَرَّاشة يشترون التمر لبيعه بالقطاعي. أما التجار الكبار فيخزِّنون التمر في مخازن كبيرة ويبيعونه لتُجَّارٍ آخرين في مدنٍ كبيرة؛ مثل الأبيض والفاشر ونيالا ومدني والدمازين والنهود وغيرها. في السابق كان التمر يُرَحَّل عن طريق النقل النهري عبر البواخر إلى كريمة، ومنها بالقطار لكلّ هذه المدن عبر السكة حديد، وفي النيل الأبيض من كوستي للجنوب بالبواخر وعبر الطرق الكثيرة التي تصل السودان ببعضه. وللتمر سوق كبير في شرق السودان أيضاً حيث يتم تناوله مع القهوة، ويتم إيصال التمر لبورتسودان بالقطارات ويُباع بالقطاعي -بـ"الملوة"- في السوق.
في أواخر الخمسينات، أي في عهد حكومة الجنرال عبود ومع المعونة الأمريكية تم إنشاء مصنع تعليب التمور في كريمة. وَصَلَت الآليات من كاليفورنيا، وتم تجميعها بالمصنع، كان ينتج المصنع التمور المحشوة بالجوز واللوز وجوز الهند، ويُعَبَّأ في صناديق جميلة. كجزء من عملية التعبئة يتم تبخير البَلح لغسله وتنظيفه وتطريته، ليسهل حشوه وإزالة النواة، التي كانت تستخدم كأعلاف للحيوانات، كما ينتج المصنع السبيرتو الأبيض أو الكحول كمنتج ثانوي ويستخدم في المستشفيات في تطهير الجروح. توقف المصنع عن العمل فترة طويلة، إلا أنه عاد للعمل بصورة موسمية بأيدٍ سودانية محلية مع حصاد التمر.
عدتُ إلى الخرطوم ومعي كيلة من التمر، لم تكن أجراً لأنني لم أصمد في العمل أكثر من ربع يوم، كان أصعب مما تخيَّلت، بل كان "الشويويل" الصغير هدية من عماتي جزاء المحاولة على الأقل.
صورة الغلاف © زينب جعفر
حش التمر
البركل ، الشمالية ، السودان ٢٠١٥
زينب عثمان محجوب ودكتور عثمان محجوب جعفر
البركل واحدة من تلك البلدات، بها نفس سواقي النخيل التي يسكنها أهل "بلد بي تحت"، وتحيط بها بلدة "بي فوق"، وهم ساكنو المناطق العالية البعيدة عن النيل. أحد المعالم المعروفة للمنطقة هو جبل البركل، وهو عبارة عن مسطبة صخرية ترتفع لأربعة متر ومائة، وعلى جانبها تبرز صخرة تشبه المئذنة، كانت منحوتة بالسابق تعرف "بالشريمة"، كما يسميها الشامتون، ومن ذلك قول شاعر الشايقية الأشهر حسونة مبدياً خيبة أمله في أحد كبراء البركل:
ويمكن رؤية معبد آمون، الذي بناه بعانخي وابنه تهارقا (ترهاقا)، على جانب الجبل. هو وصف الكباش الذي اختفى بظروف غامضة. تتناثر بعض الأهرامات حول الجبل، والبلدة بأسرها تقع على أرض عاصمة كوش في عهد مملكة مروي.
على بعد كيلومترين تقريباً جنوب الجبل، وعلى الطريق الرئيسي، يوجد منزل جدي محجوب جعفر مصطفى، الذي يقطنه ويدير أمره عمتي رقية. البيت وعمتي معالم تُضَاهِي المعالم المذكورة سابقاً في الأهمية، على الأقل فيما يخص السرد التالي. سأروي أحداث زيارتي للبركل في العام ٢٠١٥م، للمشاركة في موسم حصاد التمر أو كما يُسمَّى بـ"حشّ التمر". يحتوي النص أيضاً على مداخلات من والدي دكتور عثمان محجوب جعفر لغرض مراجعة دقة المعلومات، فخبرتي التي كَوّنتها في ١٠ أيام لا تضاهي خبرته وهو من تربى في هذا البيت وعلى هذه الأرض.
يبدأ حصاد التمر في منطقة البركل في شهر سبتمبر أو شهر "نسيئ" كما يُسمَّى في الشهور القبطية المصرية، وهي شهور ما زالت تُستَخدم لغرض الزراعة والحصاد في أغلب مناطق شمال السودان؛ حيث تتزامن الشهور مع ظهور تغيُّرات واضحة للطقس تعرف بها المواسم. التمر في البركل هو من نوع التمر الجاف، أي أنه يُترَك حتى ينضج ويجفّ قبل حصاده، وبالتالي يَسهل حفظه وتخزينه مما يجعله مناسباً أكثر للتجارة. التمر الرطب هو تمر يحصد حين يكون أكثر ليناً، ويُحفَظ في قُفَف تُرَصّ فوق بعضها البعض، ويُترَك حتى يصبح رطباً، وهو أمرٌ غير متعارف عليه في شمال السودان. وهناك تمور شبه رطبة في مناطق الرباطاب والجعليين بنهر النيل، تُصنَع منها العجوة، مثل المشرق وود لقاي وود خطيب.
كانت المنطقة أكثر أماناً في الماضي، لكن لحدوث بعض التغيّرات حديثاً، أصبح هناك تقليد بحراسة التمور وتحديد يوم معين لبدء الحصاد لتفادي السرقات، حيث يتمّ تحديد يوم معيَّن لبدء موسم الحصاد، وهناك يوم لكلّ ساقية حتى يُعرف أن صاحب الساقية هو من يقوم بالحصاد أو الحش. في العام ٢٠١٥م تحديداً كان اليوم هو الثامن عشر من شهر سبتمبر للساقية التي تقع فيها أراضي أسرة جدي، نزلنا في الصباح الباكر، أنا وعمتي حفصة رحمة الله عليها، وهي كانت وليّة أمر التمر للأسرة جميعاً وسيدة أعمال ممتازة. نزل معنا القَفَّاز وأسرته. القَفَّاز هو عادة شريك لصاحب التمر في العناية بالتمر وحصاده، يأتي اسمه من القفوزة، وهي عملية تلقيح التمر، حيث يُغرَس ضكر النخل -وهو عزق من النخلة الذكر- في السبيطة الأنثى، وتتم هذه العملية قبل عدة شهور في بداية العام، أي في الشتاء، لتُسَاهم في إنتاج التمر بصورة صحيحة.
في طريقنا للتمر في "بلد بي تحت"، كان يوجد صفٌّ من الشبَّان، يجلسون على الأرض على الشارع الرئيسي، وقبالة المزارع ينتظرون فرصة العمل، لم نكن أنا وعماتي الإثنتين، حفصة وعائشة، رحمهما الله، الوحيدين الذين قد أتوا في الأيام السابقة لموسم الحصاد. نحن أتينا من الخرطوم، لكن هذا الصف من الشبان كانوا قد أتوا من الصحاري الممتدة في شمال السودان، وهي غير فارغة من السكان على عكس ما تبدو. ففي موسم الحصاد يخيّم العرب الرحل والحلب (النور) على أطراف المدينة. يعمل الرجال في الحصاد، والنساء يَعمَلنَ في أعمال صغيرة مُتَفَرِّقة في المنازل، أو رمي الودع، أو في تلقيط التمر. كان الشاب الذي أجَّرَته عمتي من غرب إفريقيا قد جاء لشمال السودان لطلب العلم في الخلاوي ومدارس القرآن، وجاء، هو وأصحابه، للعمل من أجل تجميع أجرة تساعده مالياً في الشهور القادمة. موسم الحصاد موسم مبارك، تكسوه الوَفَرَة ويغتني الناس مؤقتاً، وتَكثُر فيه المناسبات حتى في عامنا ذاك، فتزامن تواجدنا مع عدة أعراس في الحِلَّة، كما يأتي الموظفون في العاصمة وغيرها من المدن الكبيرة والمغتربون، عادةً، في إجازاتهم السنوية للزيارة وحش التمر. لفرحة الأطفال سببان، أولهما أن موسم الحصاد هو إجازة رسمية من المدارس، حتى يساعدوا أسرهم في الحصاد، والثانية أن الأطفال لديهم أجرة في التلقيط؛ سواء من عملهم مع أسرتهم أو من تجميعهم لتمر الهبوب، وهو التمر الذي يتساقط على الأرض من أثر الريح القوية، لا يكون هذا التمر عالي الجودة، لأنه يكون غير مُتَجَانِس، إلا أن البعض من الأطفال كان ينتهز هذه الفرصة ليزيد كوم بلحه المنشور في ركن منزلهم.
تختلف طريقة دفع أُجرة مختَلَف نوعيَّات الشخصيات المشاركة في الحصاد؛ فالقفاز، عادةً، يأخذ أجرته في شكل تمر، حيث أن له سبيطة أو سبيطتان من كلّ نخلة، حسب الاتفاق، وحسب طول النخلة. السبيطة هي عرجون النخل، أما المُلقطون بعضهم يفضّل المال، خصوصاً في الأعوام الأخيرة، ويأخذ أجرته باليوم، أما الأطفال وصغار الملَقّطين فأجرتهم بالمكيال. فهم يقومون بتجميع التمر المتساقط بعيداً حتى أن يتِمُّوا "كيلة"، والكيلة هي صفيحة تساوي مقدار رُبعَين، والرُّبع به ملوتان، وجوال التمر في الغالب به ستّ كيلات، وكل هذه مقاييس قديمة للمكاييل لا تخلو من الأثر الإسلامي، وفي نهاية الموسم يشتري الكبار هذه الكيلات من الصغار.
وصلنا نحن ووفدنا الصغير للساقية لبدء عمليَّة حش التمر. تُقسَّم الحيازات الزراعية في شمال السودان الى سواقي، والساقية هي قطعة من الأرض تساوي مساحة ما يُمكِن سقايته بآلة ساقية واحدة. في الماضي، وبعد أن اختفت الساقية واستُبدِلَت بوابورات، لم يختف الاسم وظلَّ مقياساً حتى الآن. تساوي الساقية تقريباً مساحة عشرين إلى ثلاثين فداناً. والفدان به أربع وعشرين قيراط، والقيراط به 24 سهم، ويتم تقسيم الساقية إلى حبالٍ وعضام، وهي أطوال تُحدَّد حسب الساقية، والسعيد صاحب الأربع وعشرين قيراط بجميع أنواعه. بعدها يتم تقسيم هذه المساحة لشريط طويل من الأحواض يُسمَّى الإنقاية، ويُسقَى هذا الشريط بجدولٍ موازٍ له. يكون ضلع الحوض الواحد عادة في حدود الخمسة إلى ستة أمتار، وفي منتصفه نخلة واحدة، في بعض الأحيان تُوضَع نخلتان في الأركان.
تُسمَّى النخلة الأم "أمية"، وتَنبت بجانبها فسائل صغيرة تُسمَّى "البنات". عادة يُترَك عددٌ قليل، ثلاث أو أربع منهنَّ، لتَونِيس الأم، وتَتِم إعادة شَتل البقيَّة في مكانٍ آخر. يتشابه النخل كثيراً مع البشر؛ فهو يُعمِّر ليصل مئة عام، ولا يتوقف عن النمو، وبعد فترة يصعب الوصول إلى قمة التمر، فتسلُّق النخل في منطقة البركل يتم من غير استخدام أية أدوات مُسَاعِدَة -كحبل أو سلّم- بل يُترَك جذع الجريد "الكروق" بارزاً عندما يتمّ قطعه، ويَستَخدِم الحشَّاش تلك الأجزاء البارزة لطلوع الشجرة، كلّما كَبُرت النخلة يضعف الجريد ويتساقط المتسلّقون.
بعد أن تَسَلَّق القَفَّاز النخلة، شَدَّ بقيّةُ العمال قطعةً من المشمّع أسفلها. وقام القَفَّاز أوّلاً بقطع وإنزال سبيطته، وبعدها قَطَع باقي السبائط لصاحب الأرض، بعدها قام الملقّطون -ومنهم أنا، لقد وُعِدتُ بكيلة من التمر إذا ساعدت بجمع التمر المتساقط- بـ"خرت" التمر من السبائط، أي ضربها على الأرض حتى يتساقط كلّ التمر، ثمّ يُنزع التمر المتبقّي باليد، ويُجمع في منتصف المشمع ويُصبّ في الشوالات. وعلى الرغم من شَكل شوالات الخيش المحليّ للغاية، إلا أنها ليست كذلك؛ ظَهَرت هذه الشوالات للمرة الأولى في عهد الاستعمار الإنجليزي، حيث تمّ وما زال يتم استيراد هذه الشوالات من الهند. حاول مصنع الكناف في النيل الأزرق -سبعينات القرن الماضي- أن يغطّي حاجة السوق من الجوّالات، إلا أنه توقَّف منذ سنوات عدة. والآن تُستخدم أحياناً جوالات من البلاستيك المصنوع في السودان. بعدها يُخاط الشوال بالعرجون أو بالسلك الحديدي، ويُحمل إلى المنزل.
كان امتلاء الشوّال علامةَ توقّفنا عن العمل للراحة، فافترش الجميع الأرض وجاء الغداء أو الفطور المتأخّر مُرسَلاً من منزلنا، كما هو معتاد: قرّاصة وملاح ويكة، تليها قيلولة. يكون للمطعمين في المنزل أيضاً أجرٌ في نهاية الموسم، فلا أحد يعمل مجّاناً في موسم الحصاد. عدنا للمنزل في آخر اليوم يلحقنا جملٌ فوقه شوّالات التمر إلى داخل المنزل، خلال الباب الذي يفَوِّت جَمَل كما كان يحدث في بيت جدّي الأكبر العمدة جعفر ود مصطفى ود محمد قبل أكثر من ستين عاماً. أُنزِلت الشوالات في الحوش، أو الفناء، ثمّ فُرِشَ البلح تحت الشمس ليجفّ تماماً.
يخاف الناس عادةً أن يَهطل المطر فجأةً فيفسد المحصول، لأنّ موسم حشّ التمر هو موسم الأمطار أو الخريف، فبعضهم يطلبون من الشيوخ أو الفقراء أن يُمسكوا المطر، أو "حوالينا ولا علينا" كل ما أتت السيرة. بجانب كَومنا الجديد كانت هناك كومة أخرى لعمتي الأخرى عائشة، والتي كانت قد أحضرت قبل وصولنا من "سواقي" أخرى تملكها أسرة زوجها محمد الأمين شريف، رحمهما الله. وجدنا عمتي عائشة جالسة وهي فخورة بجانب تمرها القنديلة عالي الجودة، وهو ما يُسمَّى تَمر الأكل، مثل التَمودَة والكُلمة، وهي تُمور تُنتَج بكميّات أقل، وتُوَزَّع في نطاقات محدودة، أما كومتنا فكانت من "البركاوي"، وهو صنف التمر التجاري حيث يُنتَج بكميات كبيرة، ويتم تصديره في أنحاء السودان المختلفة، أما "الجاو" فهو تمر أقل جودة يُبَاع لمن لا يهتم بمدى جودة التمر.
خلال تواجدي تلك الأيام العشر، لم يكن هناك موضوع أكثر أهمية من التمر وأحواله. فربما يسألك الضيوف والمارة وحتى صاحب الدكان كم حصدت؟ وكيف كان الموسم؟ هل شال التمر أم لم يشيل؟ و"الشيل" هو درجة امتلاء السبيطة بالتمر. وإذا لم يكن التمر شايلاً هذا العام يتناقش الجميع في مجالسهم حول السبب. قد يكون السبب هو التغير المناخي كما قالت عمتي رقية في إحدى الجلسات، أو أن بحيرة السد قد زادت الرطوبة. على كل حال التمر كان هو سيّد المواضيع، لم يَفُقهُ أهميةً في لحظةٍ ما غير قطٍّ سيء السمعة، سرق سمكاً من إحدى جاراتنا واستولى على مطبخنا عدة مرات.
في يومنا الثاني من العمل، تحوَّل المنزل إلى بيت عرس؛ حيث جاءت نسوة الفريق لخبز بسكويت شاي عرس ابن إحداهن في فرننا الكبير، والذي يعمل بالغاز، ليس كالمواقد القديمة التي تَعمل "بالواقود" -أي جريد النخل الجاف- خاصةً "الكود"، وهو الجزء العريض من الجريد أو العراجين المُجَفَّفَة التي نَجَت من عملية تحويلها إلى لعب أطفال، كلعبة الطاب القديمة أو سيطانٍ لجَلْد ذات الأطفال. كما هي عادة بيوت الأعراس امتلأ المنزل بالضحك والمكاواة والغناء، في المطبخ الخارجي عَمِلَت النساء بمكنة البسكويت، وجاءت أخريات للونسة في البرندة، كما أَحضَرت صاحبة المناسبة صواني الغداء من منزلها لإطعام الضيوف، مثلها مثل التمر، صاحب الأمر دائماً من يجب عليه إطعام الجميع.
لو اتكَأتَ بجانب إحدى المستلقيات في البرندة، ستجد نفسك تنظر للعرش البلدي. بلديَّاً كانت تُعرَش المنازل، بماذا؟ طبعاً جذوع النخل، حيث يُقطَّع الجذع طوليَّاً إلى أرباعٍ أو أسداس، تُسَمَّى الواحدة منها "فَلقة”. وتكون الإنشاء الرئيسي الذي يُبنَى عليه السقف. بعدها يوضع فوقه جذع الجريد بعد أن يُنَقرَش أو يُزَال منه الصفق الأخضر بعد أن يُرمَل، أو يربط مع بعضه. وسابقاً، كان الجريد الأخضر يُباع عادةً بالألف حبّة، تُقطع من النخيل أثناء تنظيفه خارج موسم الحصاد حتى لا يتضرَّر التمر، أما الآن، فيدفع أصحاب النخيل للعمّال ليقطعوا الجريد. يوضَع فوق الجريد السعف والطين، ثم توضع أخيراً مخلَّفات الحيوانات أو الزبالة، وهي عادةً بقايا الحمير. قبل الخريف تتكرَّر هذه العملية للسقف والحوائط قبل أن تُدهَن الجدران باللون الأبيض، كما تُفتَح السبلوقات لتصريف المياه، فالماء الراكد والرطوبة هما أعداء منازل الطين.
انتهى الموسم وجاءت المرحلة الثانية، وهي تعبئة وتوزيع التمر، "ناس العُبوَّة" هم عُمَّال مَهَرة يفرزون التمر سريعاً ويعبؤونه، حيث يُلقى بالتمر السيء "الكرموشة" للبهائم والأغنام. وفي الزمان السابق كان يتم تخزين التمر في صوامع تختلف أحجامها، مصنوعة من الطين ومرفوعة من الأرض، تُسمَّى القُسِيْبة أو القُوسِيْبَه، تُستَخدَم أيضاً لتخزين المحاصيل كالقمح، ولا تزال القَسَاسِيب مُستَخدَمة في بعض قرى الشمال. أما في منطقتنا فيوضع التمر في شوَّالات مُحكَمة، مرفوعة فوق جذوع الشجر أو كَمَر الحديد بعيداً عن الماء والحشرات، ويُغطَّى بغطاءٍ بلاستيكيّ من أعلى.
"تمر المشرف، العَلولو سامو
القبل ما ينَجّض السبابة حاموا
السعيد في الدنيا ياخد قدر أيامو
وعليك يا الله مو عارف القدامو"
(شاعر شايقي قديم)
للتمر متاجرون متعدّدون، أكثريتهم من السبابة؛ وهم وسطاء يشترون التمر من صغار البائعين والملقّطين، ويبيعون التمر لتُجَّار السوق. الفَرَّاشة يشترون التمر لبيعه بالقطاعي. أما التجار الكبار فيخزِّنون التمر في مخازن كبيرة ويبيعونه لتُجَّارٍ آخرين في مدنٍ كبيرة؛ مثل الأبيض والفاشر ونيالا ومدني والدمازين والنهود وغيرها. في السابق كان التمر يُرَحَّل عن طريق النقل النهري عبر البواخر إلى كريمة، ومنها بالقطار لكلّ هذه المدن عبر السكة حديد، وفي النيل الأبيض من كوستي للجنوب بالبواخر وعبر الطرق الكثيرة التي تصل السودان ببعضه. وللتمر سوق كبير في شرق السودان أيضاً حيث يتم تناوله مع القهوة، ويتم إيصال التمر لبورتسودان بالقطارات ويُباع بالقطاعي -بـ"الملوة"- في السوق.
في أواخر الخمسينات، أي في عهد حكومة الجنرال عبود ومع المعونة الأمريكية تم إنشاء مصنع تعليب التمور في كريمة. وَصَلَت الآليات من كاليفورنيا، وتم تجميعها بالمصنع، كان ينتج المصنع التمور المحشوة بالجوز واللوز وجوز الهند، ويُعَبَّأ في صناديق جميلة. كجزء من عملية التعبئة يتم تبخير البَلح لغسله وتنظيفه وتطريته، ليسهل حشوه وإزالة النواة، التي كانت تستخدم كأعلاف للحيوانات، كما ينتج المصنع السبيرتو الأبيض أو الكحول كمنتج ثانوي ويستخدم في المستشفيات في تطهير الجروح. توقف المصنع عن العمل فترة طويلة، إلا أنه عاد للعمل بصورة موسمية بأيدٍ سودانية محلية مع حصاد التمر.
عدتُ إلى الخرطوم ومعي كيلة من التمر، لم تكن أجراً لأنني لم أصمد في العمل أكثر من ربع يوم، كان أصعب مما تخيَّلت، بل كان "الشويويل" الصغير هدية من عماتي جزاء المحاولة على الأقل.
صورة الغلاف © زينب جعفر
حش التمر
البركل ، الشمالية ، السودان ٢٠١٥
زينب عثمان محجوب ودكتور عثمان محجوب جعفر
البركل واحدة من تلك البلدات، بها نفس سواقي النخيل التي يسكنها أهل "بلد بي تحت"، وتحيط بها بلدة "بي فوق"، وهم ساكنو المناطق العالية البعيدة عن النيل. أحد المعالم المعروفة للمنطقة هو جبل البركل، وهو عبارة عن مسطبة صخرية ترتفع لأربعة متر ومائة، وعلى جانبها تبرز صخرة تشبه المئذنة، كانت منحوتة بالسابق تعرف "بالشريمة"، كما يسميها الشامتون، ومن ذلك قول شاعر الشايقية الأشهر حسونة مبدياً خيبة أمله في أحد كبراء البركل:
ويمكن رؤية معبد آمون، الذي بناه بعانخي وابنه تهارقا (ترهاقا)، على جانب الجبل. هو وصف الكباش الذي اختفى بظروف غامضة. تتناثر بعض الأهرامات حول الجبل، والبلدة بأسرها تقع على أرض عاصمة كوش في عهد مملكة مروي.
على بعد كيلومترين تقريباً جنوب الجبل، وعلى الطريق الرئيسي، يوجد منزل جدي محجوب جعفر مصطفى، الذي يقطنه ويدير أمره عمتي رقية. البيت وعمتي معالم تُضَاهِي المعالم المذكورة سابقاً في الأهمية، على الأقل فيما يخص السرد التالي. سأروي أحداث زيارتي للبركل في العام ٢٠١٥م، للمشاركة في موسم حصاد التمر أو كما يُسمَّى بـ"حشّ التمر". يحتوي النص أيضاً على مداخلات من والدي دكتور عثمان محجوب جعفر لغرض مراجعة دقة المعلومات، فخبرتي التي كَوّنتها في ١٠ أيام لا تضاهي خبرته وهو من تربى في هذا البيت وعلى هذه الأرض.
يبدأ حصاد التمر في منطقة البركل في شهر سبتمبر أو شهر "نسيئ" كما يُسمَّى في الشهور القبطية المصرية، وهي شهور ما زالت تُستَخدم لغرض الزراعة والحصاد في أغلب مناطق شمال السودان؛ حيث تتزامن الشهور مع ظهور تغيُّرات واضحة للطقس تعرف بها المواسم. التمر في البركل هو من نوع التمر الجاف، أي أنه يُترَك حتى ينضج ويجفّ قبل حصاده، وبالتالي يَسهل حفظه وتخزينه مما يجعله مناسباً أكثر للتجارة. التمر الرطب هو تمر يحصد حين يكون أكثر ليناً، ويُحفَظ في قُفَف تُرَصّ فوق بعضها البعض، ويُترَك حتى يصبح رطباً، وهو أمرٌ غير متعارف عليه في شمال السودان. وهناك تمور شبه رطبة في مناطق الرباطاب والجعليين بنهر النيل، تُصنَع منها العجوة، مثل المشرق وود لقاي وود خطيب.
كانت المنطقة أكثر أماناً في الماضي، لكن لحدوث بعض التغيّرات حديثاً، أصبح هناك تقليد بحراسة التمور وتحديد يوم معين لبدء الحصاد لتفادي السرقات، حيث يتمّ تحديد يوم معيَّن لبدء موسم الحصاد، وهناك يوم لكلّ ساقية حتى يُعرف أن صاحب الساقية هو من يقوم بالحصاد أو الحش. في العام ٢٠١٥م تحديداً كان اليوم هو الثامن عشر من شهر سبتمبر للساقية التي تقع فيها أراضي أسرة جدي، نزلنا في الصباح الباكر، أنا وعمتي حفصة رحمة الله عليها، وهي كانت وليّة أمر التمر للأسرة جميعاً وسيدة أعمال ممتازة. نزل معنا القَفَّاز وأسرته. القَفَّاز هو عادة شريك لصاحب التمر في العناية بالتمر وحصاده، يأتي اسمه من القفوزة، وهي عملية تلقيح التمر، حيث يُغرَس ضكر النخل -وهو عزق من النخلة الذكر- في السبيطة الأنثى، وتتم هذه العملية قبل عدة شهور في بداية العام، أي في الشتاء، لتُسَاهم في إنتاج التمر بصورة صحيحة.
في طريقنا للتمر في "بلد بي تحت"، كان يوجد صفٌّ من الشبَّان، يجلسون على الأرض على الشارع الرئيسي، وقبالة المزارع ينتظرون فرصة العمل، لم نكن أنا وعماتي الإثنتين، حفصة وعائشة، رحمهما الله، الوحيدين الذين قد أتوا في الأيام السابقة لموسم الحصاد. نحن أتينا من الخرطوم، لكن هذا الصف من الشبان كانوا قد أتوا من الصحاري الممتدة في شمال السودان، وهي غير فارغة من السكان على عكس ما تبدو. ففي موسم الحصاد يخيّم العرب الرحل والحلب (النور) على أطراف المدينة. يعمل الرجال في الحصاد، والنساء يَعمَلنَ في أعمال صغيرة مُتَفَرِّقة في المنازل، أو رمي الودع، أو في تلقيط التمر. كان الشاب الذي أجَّرَته عمتي من غرب إفريقيا قد جاء لشمال السودان لطلب العلم في الخلاوي ومدارس القرآن، وجاء، هو وأصحابه، للعمل من أجل تجميع أجرة تساعده مالياً في الشهور القادمة. موسم الحصاد موسم مبارك، تكسوه الوَفَرَة ويغتني الناس مؤقتاً، وتَكثُر فيه المناسبات حتى في عامنا ذاك، فتزامن تواجدنا مع عدة أعراس في الحِلَّة، كما يأتي الموظفون في العاصمة وغيرها من المدن الكبيرة والمغتربون، عادةً، في إجازاتهم السنوية للزيارة وحش التمر. لفرحة الأطفال سببان، أولهما أن موسم الحصاد هو إجازة رسمية من المدارس، حتى يساعدوا أسرهم في الحصاد، والثانية أن الأطفال لديهم أجرة في التلقيط؛ سواء من عملهم مع أسرتهم أو من تجميعهم لتمر الهبوب، وهو التمر الذي يتساقط على الأرض من أثر الريح القوية، لا يكون هذا التمر عالي الجودة، لأنه يكون غير مُتَجَانِس، إلا أن البعض من الأطفال كان ينتهز هذه الفرصة ليزيد كوم بلحه المنشور في ركن منزلهم.
تختلف طريقة دفع أُجرة مختَلَف نوعيَّات الشخصيات المشاركة في الحصاد؛ فالقفاز، عادةً، يأخذ أجرته في شكل تمر، حيث أن له سبيطة أو سبيطتان من كلّ نخلة، حسب الاتفاق، وحسب طول النخلة. السبيطة هي عرجون النخل، أما المُلقطون بعضهم يفضّل المال، خصوصاً في الأعوام الأخيرة، ويأخذ أجرته باليوم، أما الأطفال وصغار الملَقّطين فأجرتهم بالمكيال. فهم يقومون بتجميع التمر المتساقط بعيداً حتى أن يتِمُّوا "كيلة"، والكيلة هي صفيحة تساوي مقدار رُبعَين، والرُّبع به ملوتان، وجوال التمر في الغالب به ستّ كيلات، وكل هذه مقاييس قديمة للمكاييل لا تخلو من الأثر الإسلامي، وفي نهاية الموسم يشتري الكبار هذه الكيلات من الصغار.
وصلنا نحن ووفدنا الصغير للساقية لبدء عمليَّة حش التمر. تُقسَّم الحيازات الزراعية في شمال السودان الى سواقي، والساقية هي قطعة من الأرض تساوي مساحة ما يُمكِن سقايته بآلة ساقية واحدة. في الماضي، وبعد أن اختفت الساقية واستُبدِلَت بوابورات، لم يختف الاسم وظلَّ مقياساً حتى الآن. تساوي الساقية تقريباً مساحة عشرين إلى ثلاثين فداناً. والفدان به أربع وعشرين قيراط، والقيراط به 24 سهم، ويتم تقسيم الساقية إلى حبالٍ وعضام، وهي أطوال تُحدَّد حسب الساقية، والسعيد صاحب الأربع وعشرين قيراط بجميع أنواعه. بعدها يتم تقسيم هذه المساحة لشريط طويل من الأحواض يُسمَّى الإنقاية، ويُسقَى هذا الشريط بجدولٍ موازٍ له. يكون ضلع الحوض الواحد عادة في حدود الخمسة إلى ستة أمتار، وفي منتصفه نخلة واحدة، في بعض الأحيان تُوضَع نخلتان في الأركان.
تُسمَّى النخلة الأم "أمية"، وتَنبت بجانبها فسائل صغيرة تُسمَّى "البنات". عادة يُترَك عددٌ قليل، ثلاث أو أربع منهنَّ، لتَونِيس الأم، وتَتِم إعادة شَتل البقيَّة في مكانٍ آخر. يتشابه النخل كثيراً مع البشر؛ فهو يُعمِّر ليصل مئة عام، ولا يتوقف عن النمو، وبعد فترة يصعب الوصول إلى قمة التمر، فتسلُّق النخل في منطقة البركل يتم من غير استخدام أية أدوات مُسَاعِدَة -كحبل أو سلّم- بل يُترَك جذع الجريد "الكروق" بارزاً عندما يتمّ قطعه، ويَستَخدِم الحشَّاش تلك الأجزاء البارزة لطلوع الشجرة، كلّما كَبُرت النخلة يضعف الجريد ويتساقط المتسلّقون.
بعد أن تَسَلَّق القَفَّاز النخلة، شَدَّ بقيّةُ العمال قطعةً من المشمّع أسفلها. وقام القَفَّاز أوّلاً بقطع وإنزال سبيطته، وبعدها قَطَع باقي السبائط لصاحب الأرض، بعدها قام الملقّطون -ومنهم أنا، لقد وُعِدتُ بكيلة من التمر إذا ساعدت بجمع التمر المتساقط- بـ"خرت" التمر من السبائط، أي ضربها على الأرض حتى يتساقط كلّ التمر، ثمّ يُنزع التمر المتبقّي باليد، ويُجمع في منتصف المشمع ويُصبّ في الشوالات. وعلى الرغم من شَكل شوالات الخيش المحليّ للغاية، إلا أنها ليست كذلك؛ ظَهَرت هذه الشوالات للمرة الأولى في عهد الاستعمار الإنجليزي، حيث تمّ وما زال يتم استيراد هذه الشوالات من الهند. حاول مصنع الكناف في النيل الأزرق -سبعينات القرن الماضي- أن يغطّي حاجة السوق من الجوّالات، إلا أنه توقَّف منذ سنوات عدة. والآن تُستخدم أحياناً جوالات من البلاستيك المصنوع في السودان. بعدها يُخاط الشوال بالعرجون أو بالسلك الحديدي، ويُحمل إلى المنزل.
كان امتلاء الشوّال علامةَ توقّفنا عن العمل للراحة، فافترش الجميع الأرض وجاء الغداء أو الفطور المتأخّر مُرسَلاً من منزلنا، كما هو معتاد: قرّاصة وملاح ويكة، تليها قيلولة. يكون للمطعمين في المنزل أيضاً أجرٌ في نهاية الموسم، فلا أحد يعمل مجّاناً في موسم الحصاد. عدنا للمنزل في آخر اليوم يلحقنا جملٌ فوقه شوّالات التمر إلى داخل المنزل، خلال الباب الذي يفَوِّت جَمَل كما كان يحدث في بيت جدّي الأكبر العمدة جعفر ود مصطفى ود محمد قبل أكثر من ستين عاماً. أُنزِلت الشوالات في الحوش، أو الفناء، ثمّ فُرِشَ البلح تحت الشمس ليجفّ تماماً.
يخاف الناس عادةً أن يَهطل المطر فجأةً فيفسد المحصول، لأنّ موسم حشّ التمر هو موسم الأمطار أو الخريف، فبعضهم يطلبون من الشيوخ أو الفقراء أن يُمسكوا المطر، أو "حوالينا ولا علينا" كل ما أتت السيرة. بجانب كَومنا الجديد كانت هناك كومة أخرى لعمتي الأخرى عائشة، والتي كانت قد أحضرت قبل وصولنا من "سواقي" أخرى تملكها أسرة زوجها محمد الأمين شريف، رحمهما الله. وجدنا عمتي عائشة جالسة وهي فخورة بجانب تمرها القنديلة عالي الجودة، وهو ما يُسمَّى تَمر الأكل، مثل التَمودَة والكُلمة، وهي تُمور تُنتَج بكميّات أقل، وتُوَزَّع في نطاقات محدودة، أما كومتنا فكانت من "البركاوي"، وهو صنف التمر التجاري حيث يُنتَج بكميات كبيرة، ويتم تصديره في أنحاء السودان المختلفة، أما "الجاو" فهو تمر أقل جودة يُبَاع لمن لا يهتم بمدى جودة التمر.
خلال تواجدي تلك الأيام العشر، لم يكن هناك موضوع أكثر أهمية من التمر وأحواله. فربما يسألك الضيوف والمارة وحتى صاحب الدكان كم حصدت؟ وكيف كان الموسم؟ هل شال التمر أم لم يشيل؟ و"الشيل" هو درجة امتلاء السبيطة بالتمر. وإذا لم يكن التمر شايلاً هذا العام يتناقش الجميع في مجالسهم حول السبب. قد يكون السبب هو التغير المناخي كما قالت عمتي رقية في إحدى الجلسات، أو أن بحيرة السد قد زادت الرطوبة. على كل حال التمر كان هو سيّد المواضيع، لم يَفُقهُ أهميةً في لحظةٍ ما غير قطٍّ سيء السمعة، سرق سمكاً من إحدى جاراتنا واستولى على مطبخنا عدة مرات.
في يومنا الثاني من العمل، تحوَّل المنزل إلى بيت عرس؛ حيث جاءت نسوة الفريق لخبز بسكويت شاي عرس ابن إحداهن في فرننا الكبير، والذي يعمل بالغاز، ليس كالمواقد القديمة التي تَعمل "بالواقود" -أي جريد النخل الجاف- خاصةً "الكود"، وهو الجزء العريض من الجريد أو العراجين المُجَفَّفَة التي نَجَت من عملية تحويلها إلى لعب أطفال، كلعبة الطاب القديمة أو سيطانٍ لجَلْد ذات الأطفال. كما هي عادة بيوت الأعراس امتلأ المنزل بالضحك والمكاواة والغناء، في المطبخ الخارجي عَمِلَت النساء بمكنة البسكويت، وجاءت أخريات للونسة في البرندة، كما أَحضَرت صاحبة المناسبة صواني الغداء من منزلها لإطعام الضيوف، مثلها مثل التمر، صاحب الأمر دائماً من يجب عليه إطعام الجميع.
لو اتكَأتَ بجانب إحدى المستلقيات في البرندة، ستجد نفسك تنظر للعرش البلدي. بلديَّاً كانت تُعرَش المنازل، بماذا؟ طبعاً جذوع النخل، حيث يُقطَّع الجذع طوليَّاً إلى أرباعٍ أو أسداس، تُسَمَّى الواحدة منها "فَلقة”. وتكون الإنشاء الرئيسي الذي يُبنَى عليه السقف. بعدها يوضع فوقه جذع الجريد بعد أن يُنَقرَش أو يُزَال منه الصفق الأخضر بعد أن يُرمَل، أو يربط مع بعضه. وسابقاً، كان الجريد الأخضر يُباع عادةً بالألف حبّة، تُقطع من النخيل أثناء تنظيفه خارج موسم الحصاد حتى لا يتضرَّر التمر، أما الآن، فيدفع أصحاب النخيل للعمّال ليقطعوا الجريد. يوضَع فوق الجريد السعف والطين، ثم توضع أخيراً مخلَّفات الحيوانات أو الزبالة، وهي عادةً بقايا الحمير. قبل الخريف تتكرَّر هذه العملية للسقف والحوائط قبل أن تُدهَن الجدران باللون الأبيض، كما تُفتَح السبلوقات لتصريف المياه، فالماء الراكد والرطوبة هما أعداء منازل الطين.
انتهى الموسم وجاءت المرحلة الثانية، وهي تعبئة وتوزيع التمر، "ناس العُبوَّة" هم عُمَّال مَهَرة يفرزون التمر سريعاً ويعبؤونه، حيث يُلقى بالتمر السيء "الكرموشة" للبهائم والأغنام. وفي الزمان السابق كان يتم تخزين التمر في صوامع تختلف أحجامها، مصنوعة من الطين ومرفوعة من الأرض، تُسمَّى القُسِيْبة أو القُوسِيْبَه، تُستَخدَم أيضاً لتخزين المحاصيل كالقمح، ولا تزال القَسَاسِيب مُستَخدَمة في بعض قرى الشمال. أما في منطقتنا فيوضع التمر في شوَّالات مُحكَمة، مرفوعة فوق جذوع الشجر أو كَمَر الحديد بعيداً عن الماء والحشرات، ويُغطَّى بغطاءٍ بلاستيكيّ من أعلى.
"تمر المشرف، العَلولو سامو
القبل ما ينَجّض السبابة حاموا
السعيد في الدنيا ياخد قدر أيامو
وعليك يا الله مو عارف القدامو"
(شاعر شايقي قديم)
للتمر متاجرون متعدّدون، أكثريتهم من السبابة؛ وهم وسطاء يشترون التمر من صغار البائعين والملقّطين، ويبيعون التمر لتُجَّار السوق. الفَرَّاشة يشترون التمر لبيعه بالقطاعي. أما التجار الكبار فيخزِّنون التمر في مخازن كبيرة ويبيعونه لتُجَّارٍ آخرين في مدنٍ كبيرة؛ مثل الأبيض والفاشر ونيالا ومدني والدمازين والنهود وغيرها. في السابق كان التمر يُرَحَّل عن طريق النقل النهري عبر البواخر إلى كريمة، ومنها بالقطار لكلّ هذه المدن عبر السكة حديد، وفي النيل الأبيض من كوستي للجنوب بالبواخر وعبر الطرق الكثيرة التي تصل السودان ببعضه. وللتمر سوق كبير في شرق السودان أيضاً حيث يتم تناوله مع القهوة، ويتم إيصال التمر لبورتسودان بالقطارات ويُباع بالقطاعي -بـ"الملوة"- في السوق.
في أواخر الخمسينات، أي في عهد حكومة الجنرال عبود ومع المعونة الأمريكية تم إنشاء مصنع تعليب التمور في كريمة. وَصَلَت الآليات من كاليفورنيا، وتم تجميعها بالمصنع، كان ينتج المصنع التمور المحشوة بالجوز واللوز وجوز الهند، ويُعَبَّأ في صناديق جميلة. كجزء من عملية التعبئة يتم تبخير البَلح لغسله وتنظيفه وتطريته، ليسهل حشوه وإزالة النواة، التي كانت تستخدم كأعلاف للحيوانات، كما ينتج المصنع السبيرتو الأبيض أو الكحول كمنتج ثانوي ويستخدم في المستشفيات في تطهير الجروح. توقف المصنع عن العمل فترة طويلة، إلا أنه عاد للعمل بصورة موسمية بأيدٍ سودانية محلية مع حصاد التمر.
عدتُ إلى الخرطوم ومعي كيلة من التمر، لم تكن أجراً لأنني لم أصمد في العمل أكثر من ربع يوم، كان أصعب مما تخيَّلت، بل كان "الشويويل" الصغير هدية من عماتي جزاء المحاولة على الأقل.
صورة الغلاف © زينب جعفر
تحتوي قائمة التشغيل هذه على مجموعة من الأغاني والموسيقى والرقصات المرتبطة بالحصاد التقليدية و بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني الجديدة التي تحتفي بالمنتج والحصاد السوداني.
لقد كان لموسيقى الحصاد دائمًا تأثيرًا على الموسيقى والأغاني الحديثة وكانت إيقاعات الحصاد لحن للعديد من الأنماط الموسيقية الجديدة مثل الزنق والراب.
صورة الغلاف © بعد الحصاد يأتي النساء ويقومون باستعمال آلة محلية تسمي اب راسين ويقومون بدق المحصول. محمد عثمان، الجزيرة
تحتوي قائمة التشغيل هذه على مجموعة من الأغاني والموسيقى والرقصات المرتبطة بالحصاد التقليدية و بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني الجديدة التي تحتفي بالمنتج والحصاد السوداني.
لقد كان لموسيقى الحصاد دائمًا تأثيرًا على الموسيقى والأغاني الحديثة وكانت إيقاعات الحصاد لحن للعديد من الأنماط الموسيقية الجديدة مثل الزنق والراب.
صورة الغلاف © بعد الحصاد يأتي النساء ويقومون باستعمال آلة محلية تسمي اب راسين ويقومون بدق المحصول. محمد عثمان، الجزيرة
تحتوي قائمة التشغيل هذه على مجموعة من الأغاني والموسيقى والرقصات المرتبطة بالحصاد التقليدية و بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني الجديدة التي تحتفي بالمنتج والحصاد السوداني.
لقد كان لموسيقى الحصاد دائمًا تأثيرًا على الموسيقى والأغاني الحديثة وكانت إيقاعات الحصاد لحن للعديد من الأنماط الموسيقية الجديدة مثل الزنق والراب.
صورة الغلاف © بعد الحصاد يأتي النساء ويقومون باستعمال آلة محلية تسمي اب راسين ويقومون بدق المحصول. محمد عثمان، الجزيرة
تُعرَف مَنطقة كازقيل بصناعة الجبن، أو ما تُسمَّى محليّاًً الجبنة، ويأتي تاريخ جبنة كازقيل منذ أواخر العشرينات بعد أن تمت ملاحظة توافد عدد كبير من قبائل الرحّل للمنطقة بسبب وجود غابة كبيرة، ومناطق زراعية بالمنطقة، وبدأ المشروع بتأسيس مدرسة لصناعة الأجبان في الأبيّض، وتمت دعوة سكان كازقيل إليها لتعلّم مهارات صناعة الأجبان المختلفة، وبعدها منحوا شهادات، وفي وقتٍ لاحق، بعد الاستقلال، بدأ برنامجٌ تنمويٌّ كبير وناجح، ساعد على زيادة نشاط صناعة الجبن في المنطقة حتى تطوَّرت لمدينة وتطوَّرت معها العلاقات بين الرحّل والمزارعين، ثمَّ زادت أعداد الرحل التي تمرّ بالمنطقة لتبيع الألبان، خصوصاً أن المبالغ التي تُدفع مقابل الحليب كانت جيّدة.
الجبنة المٌضَفَّرة واحدة من أشهر أجبان كازقيل، وهي نوع مطبوخ من الجبن، يشبه طريقة صنع جبنة الموزاريلا، أي بعد اضافة المنفحة (وهي إنزيم كان يُستخرج من أمعاء العجل، والآن يُصنع كيميائياً) فتنفصل الخثارة من الماء أو الشرش، وتُطبخ الخثارة في ماءٍ مغليّ. الفرق أن الجبنة المضفَّرة تُشَدّ لتتحوّل إلى شرائح طويلة، ويُضاف إليها الملح والكمون الأسود، أما الموزاريلا فيتم تكويرها. والفرق بين الجبن المطبوخ وغير المطبوخ، مثل الجبن الأبيض، أنه بعد انفصال الخثارة يتم غلي الجبن الأبيض في ماء مالح فترة قصيرة، وتُضاف إليه كميّات كبيرة من الملح لحفظها بدلاً عن طبخها، وبالتالي تفقد خاصية الذوبان عند الطبخ. تم تصوير هذا الفيديو وهذه المجموعة من الصور كجزء من مشروع مسح وتوثيق التراث في كردفان في العام ٢٠٢١.
تُعرَف مَنطقة كازقيل بصناعة الجبن، أو ما تُسمَّى محليّاًً الجبنة، ويأتي تاريخ جبنة كازقيل منذ أواخر العشرينات بعد أن تمت ملاحظة توافد عدد كبير من قبائل الرحّل للمنطقة بسبب وجود غابة كبيرة، ومناطق زراعية بالمنطقة، وبدأ المشروع بتأسيس مدرسة لصناعة الأجبان في الأبيّض، وتمت دعوة سكان كازقيل إليها لتعلّم مهارات صناعة الأجبان المختلفة، وبعدها منحوا شهادات، وفي وقتٍ لاحق، بعد الاستقلال، بدأ برنامجٌ تنمويٌّ كبير وناجح، ساعد على زيادة نشاط صناعة الجبن في المنطقة حتى تطوَّرت لمدينة وتطوَّرت معها العلاقات بين الرحّل والمزارعين، ثمَّ زادت أعداد الرحل التي تمرّ بالمنطقة لتبيع الألبان، خصوصاً أن المبالغ التي تُدفع مقابل الحليب كانت جيّدة.
الجبنة المٌضَفَّرة واحدة من أشهر أجبان كازقيل، وهي نوع مطبوخ من الجبن، يشبه طريقة صنع جبنة الموزاريلا، أي بعد اضافة المنفحة (وهي إنزيم كان يُستخرج من أمعاء العجل، والآن يُصنع كيميائياً) فتنفصل الخثارة من الماء أو الشرش، وتُطبخ الخثارة في ماءٍ مغليّ. الفرق أن الجبنة المضفَّرة تُشَدّ لتتحوّل إلى شرائح طويلة، ويُضاف إليها الملح والكمون الأسود، أما الموزاريلا فيتم تكويرها. والفرق بين الجبن المطبوخ وغير المطبوخ، مثل الجبن الأبيض، أنه بعد انفصال الخثارة يتم غلي الجبن الأبيض في ماء مالح فترة قصيرة، وتُضاف إليه كميّات كبيرة من الملح لحفظها بدلاً عن طبخها، وبالتالي تفقد خاصية الذوبان عند الطبخ. تم تصوير هذا الفيديو وهذه المجموعة من الصور كجزء من مشروع مسح وتوثيق التراث في كردفان في العام ٢٠٢١.
تُعرَف مَنطقة كازقيل بصناعة الجبن، أو ما تُسمَّى محليّاًً الجبنة، ويأتي تاريخ جبنة كازقيل منذ أواخر العشرينات بعد أن تمت ملاحظة توافد عدد كبير من قبائل الرحّل للمنطقة بسبب وجود غابة كبيرة، ومناطق زراعية بالمنطقة، وبدأ المشروع بتأسيس مدرسة لصناعة الأجبان في الأبيّض، وتمت دعوة سكان كازقيل إليها لتعلّم مهارات صناعة الأجبان المختلفة، وبعدها منحوا شهادات، وفي وقتٍ لاحق، بعد الاستقلال، بدأ برنامجٌ تنمويٌّ كبير وناجح، ساعد على زيادة نشاط صناعة الجبن في المنطقة حتى تطوَّرت لمدينة وتطوَّرت معها العلاقات بين الرحّل والمزارعين، ثمَّ زادت أعداد الرحل التي تمرّ بالمنطقة لتبيع الألبان، خصوصاً أن المبالغ التي تُدفع مقابل الحليب كانت جيّدة.
الجبنة المٌضَفَّرة واحدة من أشهر أجبان كازقيل، وهي نوع مطبوخ من الجبن، يشبه طريقة صنع جبنة الموزاريلا، أي بعد اضافة المنفحة (وهي إنزيم كان يُستخرج من أمعاء العجل، والآن يُصنع كيميائياً) فتنفصل الخثارة من الماء أو الشرش، وتُطبخ الخثارة في ماءٍ مغليّ. الفرق أن الجبنة المضفَّرة تُشَدّ لتتحوّل إلى شرائح طويلة، ويُضاف إليها الملح والكمون الأسود، أما الموزاريلا فيتم تكويرها. والفرق بين الجبن المطبوخ وغير المطبوخ، مثل الجبن الأبيض، أنه بعد انفصال الخثارة يتم غلي الجبن الأبيض في ماء مالح فترة قصيرة، وتُضاف إليه كميّات كبيرة من الملح لحفظها بدلاً عن طبخها، وبالتالي تفقد خاصية الذوبان عند الطبخ. تم تصوير هذا الفيديو وهذه المجموعة من الصور كجزء من مشروع مسح وتوثيق التراث في كردفان في العام ٢٠٢١.
تُعد تجربة طعام الشوارع فريدةً من نوعها، وتُوفِّر مجموعة واسعة من الخيارات، أشهرها تلك التي تقدّمها النساء، المعروفات باسم "ستَّات الشاي"، وهي، بشكلٍ أساسي، مشروبات ساخنة، مثل الشاي والقهوة وشاي الكركدي. هذه المشروبات هي الأكثر شعبية بين الأصدقاء والشباب. أنواع أخرى من الطعام هي الوجبات الخفيفة، مثل الطعمية أو الفلافل، والبليلة -وهي حبوب مسلوقة- كذلك الحلويات مثل الباكومبا، وهي مصنوعة من نوع آخر من حبوب القمح. هنالك أطعمة أخرى أساسيّة كالأطباق التقليدية أو الطبايخ، بالقرب من أمكنة العُمّال اليدويّين والموظفين أو مواقع البناء في الأجزاء المركزية من الخرطوم. تُقَدِّم العديد من المطاعم التقليدية الطعام لعملائها وهم يجلسون في الشارع خارج المطعم.
أثناء السير عبر محطة الحافلات المركزية في الخرطوم، من المحتمل أن تسمع هذا الهتاف من قبل بائعي العصير بدلاء البلاستيك المليئة بالسائل الحلو، وقطع من الثلج تتمايل على السطح. العصائر الطازجة الباردة والوجبات الخفيفة هي أكثر أنواع الأطعمة المرتبطة بمحطّات المواصلات الخالية من الحافلات ومفتوحة تحت شمس السودان التي لا تغيب. على كافة الطرق والأسواق هناك دائماً أطفال يدفعون عربات بعجلات يبيعون قصب السكر والذرة المحمصة، ونساء بسلالٍ على رؤوسهنَّ، يبيعون الفواكه الجافة والمكسّرات، بالإضافة إلى مزيج متنوّع مصنوع من التبلدي المسحوق "الدقة"، ورجال يجلسون على جانب الطريق يتناولون التبش والعجور بالشطّة، وفتيات بصناديق حافظة ومصاصات باردة أو الدارمة وفي شهور المولد النبوي وعلى جوانب الميادين الكبيرة تظهر أكشاك متراصة تبيع الحلاوة المعروفة في هذا الموسم.
فترينات أخرى تبيع حلويات الباسطة والكنافة والبسبوسة، وفي مكان استراتيجي بجوار المخابز، يُباع البيض والطعمية اللذان يُقدّمان مع الرغيف الساخن حديث الصنع؛ إن تناول هذه السندويشات المرتجلة وأنت في انتظار بقية طلب الطعمية هو متعة يتذكرها ويحن إليها الكثيرون! من الشائع أيضاً رؤية متاجر الحي الصغيرة بموقد الفحم أو كانون وقدرة الفول وصف من الناس بحاويات تحضرها معها، أو حتّى في أكياس بلاستيك، يشترون الفول خاصة صباح يوم الجمعة.
في الآونة الأخيرة، أصبحت شاحنات الطعام الفاخرة التي تبيع الأطعمة على الطراز الغربي، مثل البيرغر والبطاطا، شائعة للغاية وانتشرت خارج الخرطوم أيضاً خصوصاً بعد الحرب. أخيراً، فإن تجربة طعام الشوارع الأكثر شهرة هي طعام السوق الذي يشمل اللحوم المشوية في أسواق بيع الحيوانات، وخيارات الأسماك المختلفة في أسواق الأسماك أو على شاطئ النيل.
على جوانب الشوارع وفي قارعات الطرق وداخل الأسواق وخارج الدكاكين هناك طعام للجميع، لكل شخص حسب ذوقه و مقدرته المالية، هناك طعام للفرد أو للجماعة، يتشاركونه ويتسامرون.
تم التقاط مجموعة من الصور في هذا المعرض، والتي تُظهر تجارب مختلفة من طعام الشوارع حول السودان، من قبل زينب جعفر وعصام عبد الحفيظ.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ.
تُعد تجربة طعام الشوارع فريدةً من نوعها، وتُوفِّر مجموعة واسعة من الخيارات، أشهرها تلك التي تقدّمها النساء، المعروفات باسم "ستَّات الشاي"، وهي، بشكلٍ أساسي، مشروبات ساخنة، مثل الشاي والقهوة وشاي الكركدي. هذه المشروبات هي الأكثر شعبية بين الأصدقاء والشباب. أنواع أخرى من الطعام هي الوجبات الخفيفة، مثل الطعمية أو الفلافل، والبليلة -وهي حبوب مسلوقة- كذلك الحلويات مثل الباكومبا، وهي مصنوعة من نوع آخر من حبوب القمح. هنالك أطعمة أخرى أساسيّة كالأطباق التقليدية أو الطبايخ، بالقرب من أمكنة العُمّال اليدويّين والموظفين أو مواقع البناء في الأجزاء المركزية من الخرطوم. تُقَدِّم العديد من المطاعم التقليدية الطعام لعملائها وهم يجلسون في الشارع خارج المطعم.
أثناء السير عبر محطة الحافلات المركزية في الخرطوم، من المحتمل أن تسمع هذا الهتاف من قبل بائعي العصير بدلاء البلاستيك المليئة بالسائل الحلو، وقطع من الثلج تتمايل على السطح. العصائر الطازجة الباردة والوجبات الخفيفة هي أكثر أنواع الأطعمة المرتبطة بمحطّات المواصلات الخالية من الحافلات ومفتوحة تحت شمس السودان التي لا تغيب. على كافة الطرق والأسواق هناك دائماً أطفال يدفعون عربات بعجلات يبيعون قصب السكر والذرة المحمصة، ونساء بسلالٍ على رؤوسهنَّ، يبيعون الفواكه الجافة والمكسّرات، بالإضافة إلى مزيج متنوّع مصنوع من التبلدي المسحوق "الدقة"، ورجال يجلسون على جانب الطريق يتناولون التبش والعجور بالشطّة، وفتيات بصناديق حافظة ومصاصات باردة أو الدارمة وفي شهور المولد النبوي وعلى جوانب الميادين الكبيرة تظهر أكشاك متراصة تبيع الحلاوة المعروفة في هذا الموسم.
فترينات أخرى تبيع حلويات الباسطة والكنافة والبسبوسة، وفي مكان استراتيجي بجوار المخابز، يُباع البيض والطعمية اللذان يُقدّمان مع الرغيف الساخن حديث الصنع؛ إن تناول هذه السندويشات المرتجلة وأنت في انتظار بقية طلب الطعمية هو متعة يتذكرها ويحن إليها الكثيرون! من الشائع أيضاً رؤية متاجر الحي الصغيرة بموقد الفحم أو كانون وقدرة الفول وصف من الناس بحاويات تحضرها معها، أو حتّى في أكياس بلاستيك، يشترون الفول خاصة صباح يوم الجمعة.
في الآونة الأخيرة، أصبحت شاحنات الطعام الفاخرة التي تبيع الأطعمة على الطراز الغربي، مثل البيرغر والبطاطا، شائعة للغاية وانتشرت خارج الخرطوم أيضاً خصوصاً بعد الحرب. أخيراً، فإن تجربة طعام الشوارع الأكثر شهرة هي طعام السوق الذي يشمل اللحوم المشوية في أسواق بيع الحيوانات، وخيارات الأسماك المختلفة في أسواق الأسماك أو على شاطئ النيل.
على جوانب الشوارع وفي قارعات الطرق وداخل الأسواق وخارج الدكاكين هناك طعام للجميع، لكل شخص حسب ذوقه و مقدرته المالية، هناك طعام للفرد أو للجماعة، يتشاركونه ويتسامرون.
تم التقاط مجموعة من الصور في هذا المعرض، والتي تُظهر تجارب مختلفة من طعام الشوارع حول السودان، من قبل زينب جعفر وعصام عبد الحفيظ.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ.
تُعد تجربة طعام الشوارع فريدةً من نوعها، وتُوفِّر مجموعة واسعة من الخيارات، أشهرها تلك التي تقدّمها النساء، المعروفات باسم "ستَّات الشاي"، وهي، بشكلٍ أساسي، مشروبات ساخنة، مثل الشاي والقهوة وشاي الكركدي. هذه المشروبات هي الأكثر شعبية بين الأصدقاء والشباب. أنواع أخرى من الطعام هي الوجبات الخفيفة، مثل الطعمية أو الفلافل، والبليلة -وهي حبوب مسلوقة- كذلك الحلويات مثل الباكومبا، وهي مصنوعة من نوع آخر من حبوب القمح. هنالك أطعمة أخرى أساسيّة كالأطباق التقليدية أو الطبايخ، بالقرب من أمكنة العُمّال اليدويّين والموظفين أو مواقع البناء في الأجزاء المركزية من الخرطوم. تُقَدِّم العديد من المطاعم التقليدية الطعام لعملائها وهم يجلسون في الشارع خارج المطعم.
أثناء السير عبر محطة الحافلات المركزية في الخرطوم، من المحتمل أن تسمع هذا الهتاف من قبل بائعي العصير بدلاء البلاستيك المليئة بالسائل الحلو، وقطع من الثلج تتمايل على السطح. العصائر الطازجة الباردة والوجبات الخفيفة هي أكثر أنواع الأطعمة المرتبطة بمحطّات المواصلات الخالية من الحافلات ومفتوحة تحت شمس السودان التي لا تغيب. على كافة الطرق والأسواق هناك دائماً أطفال يدفعون عربات بعجلات يبيعون قصب السكر والذرة المحمصة، ونساء بسلالٍ على رؤوسهنَّ، يبيعون الفواكه الجافة والمكسّرات، بالإضافة إلى مزيج متنوّع مصنوع من التبلدي المسحوق "الدقة"، ورجال يجلسون على جانب الطريق يتناولون التبش والعجور بالشطّة، وفتيات بصناديق حافظة ومصاصات باردة أو الدارمة وفي شهور المولد النبوي وعلى جوانب الميادين الكبيرة تظهر أكشاك متراصة تبيع الحلاوة المعروفة في هذا الموسم.
فترينات أخرى تبيع حلويات الباسطة والكنافة والبسبوسة، وفي مكان استراتيجي بجوار المخابز، يُباع البيض والطعمية اللذان يُقدّمان مع الرغيف الساخن حديث الصنع؛ إن تناول هذه السندويشات المرتجلة وأنت في انتظار بقية طلب الطعمية هو متعة يتذكرها ويحن إليها الكثيرون! من الشائع أيضاً رؤية متاجر الحي الصغيرة بموقد الفحم أو كانون وقدرة الفول وصف من الناس بحاويات تحضرها معها، أو حتّى في أكياس بلاستيك، يشترون الفول خاصة صباح يوم الجمعة.
في الآونة الأخيرة، أصبحت شاحنات الطعام الفاخرة التي تبيع الأطعمة على الطراز الغربي، مثل البيرغر والبطاطا، شائعة للغاية وانتشرت خارج الخرطوم أيضاً خصوصاً بعد الحرب. أخيراً، فإن تجربة طعام الشوارع الأكثر شهرة هي طعام السوق الذي يشمل اللحوم المشوية في أسواق بيع الحيوانات، وخيارات الأسماك المختلفة في أسواق الأسماك أو على شاطئ النيل.
على جوانب الشوارع وفي قارعات الطرق وداخل الأسواق وخارج الدكاكين هناك طعام للجميع، لكل شخص حسب ذوقه و مقدرته المالية، هناك طعام للفرد أو للجماعة، يتشاركونه ويتسامرون.
تم التقاط مجموعة من الصور في هذا المعرض، والتي تُظهر تجارب مختلفة من طعام الشوارع حول السودان، من قبل زينب جعفر وعصام عبد الحفيظ.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ.
أعاد السؤال الناس إلى فترات مختلفة من حياتهم، واستدعى ذكريات مثيرة للاهتمام. تحدَّث أحدهم حول حقيبة المَعدن "شنطة الحديد" التي يمتلكها العديد من السودانيين في منازلهم، مُخبَّأة تحت الأَسِرَّة أو في المَخَازِن المُتَرَّبة، وكانت تحتوي على كل شيء؛ بدءاً من الصور الفوتوغرافية والأوراق القديمة، إلى مجموعات أطباق العشاء الصينيَّة. ارتبط الصندوق المعدني للبعض بتجربتهم في بداية خدمتهم العسكرية، والعيش في مسكنٍ مشترك مع شبّانٍ آخرين يقضون أيضاً تدريبهم الإلزامي. كانت ذكريات هذه الحقيبة المعدنية بالذات مرتبطة بحَزْمِها أعلى حافلة قديمة متهالكة، مع كل الأمتعة الأخرى، في الطريق إلى المخيم، وأنه كان مليئاً بكلّ أنواع الأطعمة الحلوة، ما ألصقَ به -كما قال أحدهم- اسم “صندوق الطحنيّة".
"كرتونة رمضان" معروفة للجميع داخل وخارج السودان. كلّ عام قبل رمضان، كنا نتَلقَّى منتجات جديدة من مزارع خارج الخرطوم، والتي جلبها الزائرون من أفراد الأسرة. العمَّات والخالات البعيدات يُرسلن إلينا "حلو مُر"هن الفريد، وهو شرائح مطبوخة من براعم الذرة الرفيعة المُخمَّرة التي تُنقَع بعد ذلك لإنشاء مشروب الأبري الشهير، "الرُقاق" أو كما يسمّونه الـ"كونرفليكس السوداني"، و”القرقوش”. تحتوي صناديق رمضان أخرى تذكَّرها الناس على اللحوم المجففة "الشرموط"، أو البصل المجفف، ورغم قدرتك على الحصول على كلّ ذلك في معظم الأماكن، إلا أنه لا يشبه أبداً مذاق الذي يرسلونه من البلد.
كانت إجابات الناس على ما أخذوه في رحلاتهم، وما ذكّرهم بالمنزل، شخصيةً للغاية ومتنوعة من شخص إلى آخر؛ حول ما يحبوه ولم يتمكنوا من الحصول عليه في الأماكن التي سيذهبون إليها. أوضحت إحداهنّ كيف أحب شقيقها البسكويت، وهكذا كانت والدتها تحزم كل أنواع البسكويت في حقيبته. قالت أخرى إن والدتها صنعت قهوة خاصة لها مع النكهات المحلية، بينما قالت أخرى إنها أحضرت اللحمة المفرومة المجمدة معها لأنها لم تعثر على جزّار يمكنه تزويدها بلحمٍ بذات المذاق. كان "بسكويت رويال"، ومشروب "بزيانوس" الغازي، ولبن البدرة من أكثر الأشياء التي يأخذها الناس معهم؛ زيت السمسم والتوابل المحلية، بما في ذلك البامية المجففة والجبنة المضَفّرة بالطبع؛ من المواد التي يأخذها السودانيّون معهم في أسفارهم بانتظام.
"طعام المنزل" هو شيء نفتقده جميعًاً اليوم، وسيكون هناك بعض الطعام الذي نتوق إليه. نحن نفتقد أيضاً كيف اعتدنا على الاستمتاع بالوجبات معاً، وجميع الذكريات المرتبطة بها، ولكن، بسبب الحرب، من غير المرجح أن يتلقَّى أيّ شخص علبة من الطعام من المنزل، وسيتعين علينا الاعتماد على البدائل المحلية.
صورة والغلاف وجميع التصاميم © زينب جعفر
أعاد السؤال الناس إلى فترات مختلفة من حياتهم، واستدعى ذكريات مثيرة للاهتمام. تحدَّث أحدهم حول حقيبة المَعدن "شنطة الحديد" التي يمتلكها العديد من السودانيين في منازلهم، مُخبَّأة تحت الأَسِرَّة أو في المَخَازِن المُتَرَّبة، وكانت تحتوي على كل شيء؛ بدءاً من الصور الفوتوغرافية والأوراق القديمة، إلى مجموعات أطباق العشاء الصينيَّة. ارتبط الصندوق المعدني للبعض بتجربتهم في بداية خدمتهم العسكرية، والعيش في مسكنٍ مشترك مع شبّانٍ آخرين يقضون أيضاً تدريبهم الإلزامي. كانت ذكريات هذه الحقيبة المعدنية بالذات مرتبطة بحَزْمِها أعلى حافلة قديمة متهالكة، مع كل الأمتعة الأخرى، في الطريق إلى المخيم، وأنه كان مليئاً بكلّ أنواع الأطعمة الحلوة، ما ألصقَ به -كما قال أحدهم- اسم “صندوق الطحنيّة".
"كرتونة رمضان" معروفة للجميع داخل وخارج السودان. كلّ عام قبل رمضان، كنا نتَلقَّى منتجات جديدة من مزارع خارج الخرطوم، والتي جلبها الزائرون من أفراد الأسرة. العمَّات والخالات البعيدات يُرسلن إلينا "حلو مُر"هن الفريد، وهو شرائح مطبوخة من براعم الذرة الرفيعة المُخمَّرة التي تُنقَع بعد ذلك لإنشاء مشروب الأبري الشهير، "الرُقاق" أو كما يسمّونه الـ"كونرفليكس السوداني"، و”القرقوش”. تحتوي صناديق رمضان أخرى تذكَّرها الناس على اللحوم المجففة "الشرموط"، أو البصل المجفف، ورغم قدرتك على الحصول على كلّ ذلك في معظم الأماكن، إلا أنه لا يشبه أبداً مذاق الذي يرسلونه من البلد.
كانت إجابات الناس على ما أخذوه في رحلاتهم، وما ذكّرهم بالمنزل، شخصيةً للغاية ومتنوعة من شخص إلى آخر؛ حول ما يحبوه ولم يتمكنوا من الحصول عليه في الأماكن التي سيذهبون إليها. أوضحت إحداهنّ كيف أحب شقيقها البسكويت، وهكذا كانت والدتها تحزم كل أنواع البسكويت في حقيبته. قالت أخرى إن والدتها صنعت قهوة خاصة لها مع النكهات المحلية، بينما قالت أخرى إنها أحضرت اللحمة المفرومة المجمدة معها لأنها لم تعثر على جزّار يمكنه تزويدها بلحمٍ بذات المذاق. كان "بسكويت رويال"، ومشروب "بزيانوس" الغازي، ولبن البدرة من أكثر الأشياء التي يأخذها الناس معهم؛ زيت السمسم والتوابل المحلية، بما في ذلك البامية المجففة والجبنة المضَفّرة بالطبع؛ من المواد التي يأخذها السودانيّون معهم في أسفارهم بانتظام.
"طعام المنزل" هو شيء نفتقده جميعًاً اليوم، وسيكون هناك بعض الطعام الذي نتوق إليه. نحن نفتقد أيضاً كيف اعتدنا على الاستمتاع بالوجبات معاً، وجميع الذكريات المرتبطة بها، ولكن، بسبب الحرب، من غير المرجح أن يتلقَّى أيّ شخص علبة من الطعام من المنزل، وسيتعين علينا الاعتماد على البدائل المحلية.
صورة والغلاف وجميع التصاميم © زينب جعفر
أعاد السؤال الناس إلى فترات مختلفة من حياتهم، واستدعى ذكريات مثيرة للاهتمام. تحدَّث أحدهم حول حقيبة المَعدن "شنطة الحديد" التي يمتلكها العديد من السودانيين في منازلهم، مُخبَّأة تحت الأَسِرَّة أو في المَخَازِن المُتَرَّبة، وكانت تحتوي على كل شيء؛ بدءاً من الصور الفوتوغرافية والأوراق القديمة، إلى مجموعات أطباق العشاء الصينيَّة. ارتبط الصندوق المعدني للبعض بتجربتهم في بداية خدمتهم العسكرية، والعيش في مسكنٍ مشترك مع شبّانٍ آخرين يقضون أيضاً تدريبهم الإلزامي. كانت ذكريات هذه الحقيبة المعدنية بالذات مرتبطة بحَزْمِها أعلى حافلة قديمة متهالكة، مع كل الأمتعة الأخرى، في الطريق إلى المخيم، وأنه كان مليئاً بكلّ أنواع الأطعمة الحلوة، ما ألصقَ به -كما قال أحدهم- اسم “صندوق الطحنيّة".
"كرتونة رمضان" معروفة للجميع داخل وخارج السودان. كلّ عام قبل رمضان، كنا نتَلقَّى منتجات جديدة من مزارع خارج الخرطوم، والتي جلبها الزائرون من أفراد الأسرة. العمَّات والخالات البعيدات يُرسلن إلينا "حلو مُر"هن الفريد، وهو شرائح مطبوخة من براعم الذرة الرفيعة المُخمَّرة التي تُنقَع بعد ذلك لإنشاء مشروب الأبري الشهير، "الرُقاق" أو كما يسمّونه الـ"كونرفليكس السوداني"، و”القرقوش”. تحتوي صناديق رمضان أخرى تذكَّرها الناس على اللحوم المجففة "الشرموط"، أو البصل المجفف، ورغم قدرتك على الحصول على كلّ ذلك في معظم الأماكن، إلا أنه لا يشبه أبداً مذاق الذي يرسلونه من البلد.
كانت إجابات الناس على ما أخذوه في رحلاتهم، وما ذكّرهم بالمنزل، شخصيةً للغاية ومتنوعة من شخص إلى آخر؛ حول ما يحبوه ولم يتمكنوا من الحصول عليه في الأماكن التي سيذهبون إليها. أوضحت إحداهنّ كيف أحب شقيقها البسكويت، وهكذا كانت والدتها تحزم كل أنواع البسكويت في حقيبته. قالت أخرى إن والدتها صنعت قهوة خاصة لها مع النكهات المحلية، بينما قالت أخرى إنها أحضرت اللحمة المفرومة المجمدة معها لأنها لم تعثر على جزّار يمكنه تزويدها بلحمٍ بذات المذاق. كان "بسكويت رويال"، ومشروب "بزيانوس" الغازي، ولبن البدرة من أكثر الأشياء التي يأخذها الناس معهم؛ زيت السمسم والتوابل المحلية، بما في ذلك البامية المجففة والجبنة المضَفّرة بالطبع؛ من المواد التي يأخذها السودانيّون معهم في أسفارهم بانتظام.
"طعام المنزل" هو شيء نفتقده جميعًاً اليوم، وسيكون هناك بعض الطعام الذي نتوق إليه. نحن نفتقد أيضاً كيف اعتدنا على الاستمتاع بالوجبات معاً، وجميع الذكريات المرتبطة بها، ولكن، بسبب الحرب، من غير المرجح أن يتلقَّى أيّ شخص علبة من الطعام من المنزل، وسيتعين علينا الاعتماد على البدائل المحلية.
صورة والغلاف وجميع التصاميم © زينب جعفر
في السودان، يُستخدم التخمير لوصف مجموعة متنوعة من تقنيات الطهي الأخرى وليس فقط إضافة الخميرة أو انتظار الطعام حتى يصبح حامضاً، حيث يتم استخدام التخمير لتحضير منتجات الألبان لصنع الجبن. والتخليل هو إعداد الطعام باستخدام المحلول الملحي، أي الماء المملح.
صورة الغلاف © آية سنادة، الجزيرة
تصميم زينب جعفر
في السودان، يُستخدم التخمير لوصف مجموعة متنوعة من تقنيات الطهي الأخرى وليس فقط إضافة الخميرة أو انتظار الطعام حتى يصبح حامضاً، حيث يتم استخدام التخمير لتحضير منتجات الألبان لصنع الجبن. والتخليل هو إعداد الطعام باستخدام المحلول الملحي، أي الماء المملح.
صورة الغلاف © آية سنادة، الجزيرة
تصميم زينب جعفر
في السودان، يُستخدم التخمير لوصف مجموعة متنوعة من تقنيات الطهي الأخرى وليس فقط إضافة الخميرة أو انتظار الطعام حتى يصبح حامضاً، حيث يتم استخدام التخمير لتحضير منتجات الألبان لصنع الجبن. والتخليل هو إعداد الطعام باستخدام المحلول الملحي، أي الماء المملح.
صورة الغلاف © آية سنادة، الجزيرة
تصميم زينب جعفر
سوق المحاصيل أو البورصة بالأبيض، هو أحد معالم المدينة الاقتصادية الأساسية، ويُعتبر البورصة الأكبر عالمياً لتصدير الصمغ العربي (الهشاب). تم إنشاء السوق في العام ١٩٠٧ بعد أن أصبح الصمغ العربي سلعة مرغوبة في الصناعات المختلفة. في بداياته كان السوق منطقة مفتوحة ومحاطة بسور من الشوك، حالياً يوجد بالقرب من السكة حديد، إلا أن موقعه القديم تشغره الآن سينما كردفان وبنك الخرطوم وبعض الأسواق المختلفة.
أما على نطاق السودان فسوق المحاصيل بكردفان هو واحد من أكبر أسواق المحاصيل في غرب السودان، وتُباع فيه مختلف المحاصيل الزراعية والغابية والبستانية، التي يؤتى بها من مختلف المناطق المناخية.
في هذا الفيديو الوثائقي الذي أُنتج في ستينات القرن الماضي، تظهر رحلة نبتة الكركديه من الأرض حتى أن تصل لسوق المحاصيل والمزاد. تم عرض هذا الفيديو في برنامج الذاكرة الذهبية والذي كان يُبثّ من قناة السودان.
غير الكركديه والصمغ العربي والمحاصيل الزراعية الأخرى التي تُباع في السوق هنالك الفول السوداني، والسمسم الأبيض والأحمر وحب البطيخ (التسالي) والدخن والكركدي واللوبيا والويكة والأسماك. أما المنتجات الغابية فهي العرديب (التمر هندي) واللالوب (الهجليلة) والدوم والنبق (شجرة السدر) والقنقليز (التبلدي) وأبو ليلة والقضيم. أما المحاصيل البستانية في الفواكه مثل المانجو والجوافة والخضر بأنواعها؛ الطماطم والعجور والتبش، وتُزرع في مناطق قريبة مثل البان جديد والرهد (تردة الرهد وهي بحيرة مائية). وتُباع أيضاً في السوق بعض الأطعمة المعلّبة مثل الزيوت والصلصة وزبدة الفول السوداني والطحنية.
سوق المحاصيل أو البورصة بالأبيض، هو أحد معالم المدينة الاقتصادية الأساسية، ويُعتبر البورصة الأكبر عالمياً لتصدير الصمغ العربي (الهشاب). تم إنشاء السوق في العام ١٩٠٧ بعد أن أصبح الصمغ العربي سلعة مرغوبة في الصناعات المختلفة. في بداياته كان السوق منطقة مفتوحة ومحاطة بسور من الشوك، حالياً يوجد بالقرب من السكة حديد، إلا أن موقعه القديم تشغره الآن سينما كردفان وبنك الخرطوم وبعض الأسواق المختلفة.
أما على نطاق السودان فسوق المحاصيل بكردفان هو واحد من أكبر أسواق المحاصيل في غرب السودان، وتُباع فيه مختلف المحاصيل الزراعية والغابية والبستانية، التي يؤتى بها من مختلف المناطق المناخية.
في هذا الفيديو الوثائقي الذي أُنتج في ستينات القرن الماضي، تظهر رحلة نبتة الكركديه من الأرض حتى أن تصل لسوق المحاصيل والمزاد. تم عرض هذا الفيديو في برنامج الذاكرة الذهبية والذي كان يُبثّ من قناة السودان.
غير الكركديه والصمغ العربي والمحاصيل الزراعية الأخرى التي تُباع في السوق هنالك الفول السوداني، والسمسم الأبيض والأحمر وحب البطيخ (التسالي) والدخن والكركدي واللوبيا والويكة والأسماك. أما المنتجات الغابية فهي العرديب (التمر هندي) واللالوب (الهجليلة) والدوم والنبق (شجرة السدر) والقنقليز (التبلدي) وأبو ليلة والقضيم. أما المحاصيل البستانية في الفواكه مثل المانجو والجوافة والخضر بأنواعها؛ الطماطم والعجور والتبش، وتُزرع في مناطق قريبة مثل البان جديد والرهد (تردة الرهد وهي بحيرة مائية). وتُباع أيضاً في السوق بعض الأطعمة المعلّبة مثل الزيوت والصلصة وزبدة الفول السوداني والطحنية.
سوق المحاصيل أو البورصة بالأبيض، هو أحد معالم المدينة الاقتصادية الأساسية، ويُعتبر البورصة الأكبر عالمياً لتصدير الصمغ العربي (الهشاب). تم إنشاء السوق في العام ١٩٠٧ بعد أن أصبح الصمغ العربي سلعة مرغوبة في الصناعات المختلفة. في بداياته كان السوق منطقة مفتوحة ومحاطة بسور من الشوك، حالياً يوجد بالقرب من السكة حديد، إلا أن موقعه القديم تشغره الآن سينما كردفان وبنك الخرطوم وبعض الأسواق المختلفة.
أما على نطاق السودان فسوق المحاصيل بكردفان هو واحد من أكبر أسواق المحاصيل في غرب السودان، وتُباع فيه مختلف المحاصيل الزراعية والغابية والبستانية، التي يؤتى بها من مختلف المناطق المناخية.
في هذا الفيديو الوثائقي الذي أُنتج في ستينات القرن الماضي، تظهر رحلة نبتة الكركديه من الأرض حتى أن تصل لسوق المحاصيل والمزاد. تم عرض هذا الفيديو في برنامج الذاكرة الذهبية والذي كان يُبثّ من قناة السودان.
غير الكركديه والصمغ العربي والمحاصيل الزراعية الأخرى التي تُباع في السوق هنالك الفول السوداني، والسمسم الأبيض والأحمر وحب البطيخ (التسالي) والدخن والكركدي واللوبيا والويكة والأسماك. أما المنتجات الغابية فهي العرديب (التمر هندي) واللالوب (الهجليلة) والدوم والنبق (شجرة السدر) والقنقليز (التبلدي) وأبو ليلة والقضيم. أما المحاصيل البستانية في الفواكه مثل المانجو والجوافة والخضر بأنواعها؛ الطماطم والعجور والتبش، وتُزرع في مناطق قريبة مثل البان جديد والرهد (تردة الرهد وهي بحيرة مائية). وتُباع أيضاً في السوق بعض الأطعمة المعلّبة مثل الزيوت والصلصة وزبدة الفول السوداني والطحنية.
إن مصطلح الأطعمة الخارقة جديداً، وهي وسيلة ترويجيَّة للتسويق أكثر من كونها مصطلحاً أو تصنيفاً علميَّاً. لا يمكن أن يُوفِّر طعامٌ واحد جميع العناصر الغذائية اللازمة للصحة الجيدة أيَّاً كان، ومن الضروري اتباع نظام غذائي متوازن يشمل مجموعة متنوِّعة من الأطعمة. ومع ذلك، من المثير للاهتمام ملاحظة أنه عندما ننظر إلى بعض المكونات الرئيسية للطعام السوداني، يمكننا أن نرى كيف يتم تصنيفها في الغرب كـ"أطعمة خارقة"، أو أطعمة يُعتقد أنها تُعزِّز الجهاز المناعي. ومن الأمثلة على ذلك شاي الكركديه الذي يُعرف بإمكانيَّاته في خفض ضغط الدم، ودقيق الذرة البيضاء -وهو غذاء أساسي في جميع أنحاء السودان- يُعتقد أنه مفيد للهضم، والبامية التي يُقال إنها تساعد في التحكّم في مستويات السكر في الدم، والحِلبَة التي تُضاف إلى الحليب ويُعتقد أنها تساعد في الهضم، والتمر الغني بالطاقة، ويُعرف بأنه جيّد للقلب. علاوةً على ذلك، يتكوَّن جزء كبير من النظام الغذائي السوداني من الأطعمة المُخَمَّرة، وهو إحدى طرق تحضير الطعام التي يتم الترويج لها حالياً باعتبارها ضرورية للبكتيريا النافعة في الأمعاء، بسبب غنى الأطعمة المُخَمَّرة بالبروبيوتيك التي تتغذى عليها البكتيريا.
كثيرٌ من هذه الأطعمة والنباتات تُستخدم في السودان منذ القدم لأغراض علاجية، بالأخص نبتة تسمى محلياً بالقرض، واسمها العلمي أكاشيا نيلوتيكا (السنط النيلي)، وهي معروفة جداً في السودان وقد أثارت جدلاً كبيراً في فترة انتشار فيروس كورونا؛ حيث كان البعض يؤمن بقدرة أبخرة دخان القرض على توفير وقاية من الفيروس، بينما كان المختصون في الحقل الطبي يَحذرون من التأثيرات السلبية للدخان على الأشخاص المصابين بالحساسية أو مشاكل التنفس. الاعتقاد في الصفات الطبية للقرض له جذور بعيدة؛ فقد وَرَد ذكره في المخطوطات الطبية اليونانية القديمة، واستُخدِمَ أيضاً لقرون في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. تم استخدامه للاعقاد في قدرته على التخفيف والعلاج من العديد من الأمراض المعدية. وعلى المستوى المحلي، استخدمه المعالجون التقليديون في السودان ووادي النيل وكذلك في مصر القديمة لعلاج الجروح كمُطَهِّر، كما استُخدِمَ أيضاً كمضادّ للالتهاب ومُسَكِّن للألم.
إلى يومنا هذا يُستخدم القرض (السنط) على نطاق واسع في السودان، بما في ذلك أوراق الشجرة ولحائها، ونظراً لتَنَوُّع استخدامها وفوائدها العلاجية من خصائصها المضادة للميكروبات والالتهابات والأكسدة، وكمطَهِّرة، ومضادَّة للسكريّ، مما يجعله مكوّناً قيِّماً للطب التقليدي لعلاج مختلف الأمراض. ومع أن هذه الاستخدامات التقليدية مدعومة ببعض الأبحاث العلمية، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات للتحقُّق الكامل من فعاليَّته وسلامته من منظور الطبّ الحديث.
صورة العنوان © ساري عمر، ود حجام، جنوب جنوب دارفور
إن مصطلح الأطعمة الخارقة جديداً، وهي وسيلة ترويجيَّة للتسويق أكثر من كونها مصطلحاً أو تصنيفاً علميَّاً. لا يمكن أن يُوفِّر طعامٌ واحد جميع العناصر الغذائية اللازمة للصحة الجيدة أيَّاً كان، ومن الضروري اتباع نظام غذائي متوازن يشمل مجموعة متنوِّعة من الأطعمة. ومع ذلك، من المثير للاهتمام ملاحظة أنه عندما ننظر إلى بعض المكونات الرئيسية للطعام السوداني، يمكننا أن نرى كيف يتم تصنيفها في الغرب كـ"أطعمة خارقة"، أو أطعمة يُعتقد أنها تُعزِّز الجهاز المناعي. ومن الأمثلة على ذلك شاي الكركديه الذي يُعرف بإمكانيَّاته في خفض ضغط الدم، ودقيق الذرة البيضاء -وهو غذاء أساسي في جميع أنحاء السودان- يُعتقد أنه مفيد للهضم، والبامية التي يُقال إنها تساعد في التحكّم في مستويات السكر في الدم، والحِلبَة التي تُضاف إلى الحليب ويُعتقد أنها تساعد في الهضم، والتمر الغني بالطاقة، ويُعرف بأنه جيّد للقلب. علاوةً على ذلك، يتكوَّن جزء كبير من النظام الغذائي السوداني من الأطعمة المُخَمَّرة، وهو إحدى طرق تحضير الطعام التي يتم الترويج لها حالياً باعتبارها ضرورية للبكتيريا النافعة في الأمعاء، بسبب غنى الأطعمة المُخَمَّرة بالبروبيوتيك التي تتغذى عليها البكتيريا.
كثيرٌ من هذه الأطعمة والنباتات تُستخدم في السودان منذ القدم لأغراض علاجية، بالأخص نبتة تسمى محلياً بالقرض، واسمها العلمي أكاشيا نيلوتيكا (السنط النيلي)، وهي معروفة جداً في السودان وقد أثارت جدلاً كبيراً في فترة انتشار فيروس كورونا؛ حيث كان البعض يؤمن بقدرة أبخرة دخان القرض على توفير وقاية من الفيروس، بينما كان المختصون في الحقل الطبي يَحذرون من التأثيرات السلبية للدخان على الأشخاص المصابين بالحساسية أو مشاكل التنفس. الاعتقاد في الصفات الطبية للقرض له جذور بعيدة؛ فقد وَرَد ذكره في المخطوطات الطبية اليونانية القديمة، واستُخدِمَ أيضاً لقرون في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. تم استخدامه للاعقاد في قدرته على التخفيف والعلاج من العديد من الأمراض المعدية. وعلى المستوى المحلي، استخدمه المعالجون التقليديون في السودان ووادي النيل وكذلك في مصر القديمة لعلاج الجروح كمُطَهِّر، كما استُخدِمَ أيضاً كمضادّ للالتهاب ومُسَكِّن للألم.
إلى يومنا هذا يُستخدم القرض (السنط) على نطاق واسع في السودان، بما في ذلك أوراق الشجرة ولحائها، ونظراً لتَنَوُّع استخدامها وفوائدها العلاجية من خصائصها المضادة للميكروبات والالتهابات والأكسدة، وكمطَهِّرة، ومضادَّة للسكريّ، مما يجعله مكوّناً قيِّماً للطب التقليدي لعلاج مختلف الأمراض. ومع أن هذه الاستخدامات التقليدية مدعومة ببعض الأبحاث العلمية، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات للتحقُّق الكامل من فعاليَّته وسلامته من منظور الطبّ الحديث.
صورة العنوان © ساري عمر، ود حجام، جنوب جنوب دارفور
إن مصطلح الأطعمة الخارقة جديداً، وهي وسيلة ترويجيَّة للتسويق أكثر من كونها مصطلحاً أو تصنيفاً علميَّاً. لا يمكن أن يُوفِّر طعامٌ واحد جميع العناصر الغذائية اللازمة للصحة الجيدة أيَّاً كان، ومن الضروري اتباع نظام غذائي متوازن يشمل مجموعة متنوِّعة من الأطعمة. ومع ذلك، من المثير للاهتمام ملاحظة أنه عندما ننظر إلى بعض المكونات الرئيسية للطعام السوداني، يمكننا أن نرى كيف يتم تصنيفها في الغرب كـ"أطعمة خارقة"، أو أطعمة يُعتقد أنها تُعزِّز الجهاز المناعي. ومن الأمثلة على ذلك شاي الكركديه الذي يُعرف بإمكانيَّاته في خفض ضغط الدم، ودقيق الذرة البيضاء -وهو غذاء أساسي في جميع أنحاء السودان- يُعتقد أنه مفيد للهضم، والبامية التي يُقال إنها تساعد في التحكّم في مستويات السكر في الدم، والحِلبَة التي تُضاف إلى الحليب ويُعتقد أنها تساعد في الهضم، والتمر الغني بالطاقة، ويُعرف بأنه جيّد للقلب. علاوةً على ذلك، يتكوَّن جزء كبير من النظام الغذائي السوداني من الأطعمة المُخَمَّرة، وهو إحدى طرق تحضير الطعام التي يتم الترويج لها حالياً باعتبارها ضرورية للبكتيريا النافعة في الأمعاء، بسبب غنى الأطعمة المُخَمَّرة بالبروبيوتيك التي تتغذى عليها البكتيريا.
كثيرٌ من هذه الأطعمة والنباتات تُستخدم في السودان منذ القدم لأغراض علاجية، بالأخص نبتة تسمى محلياً بالقرض، واسمها العلمي أكاشيا نيلوتيكا (السنط النيلي)، وهي معروفة جداً في السودان وقد أثارت جدلاً كبيراً في فترة انتشار فيروس كورونا؛ حيث كان البعض يؤمن بقدرة أبخرة دخان القرض على توفير وقاية من الفيروس، بينما كان المختصون في الحقل الطبي يَحذرون من التأثيرات السلبية للدخان على الأشخاص المصابين بالحساسية أو مشاكل التنفس. الاعتقاد في الصفات الطبية للقرض له جذور بعيدة؛ فقد وَرَد ذكره في المخطوطات الطبية اليونانية القديمة، واستُخدِمَ أيضاً لقرون في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. تم استخدامه للاعقاد في قدرته على التخفيف والعلاج من العديد من الأمراض المعدية. وعلى المستوى المحلي، استخدمه المعالجون التقليديون في السودان ووادي النيل وكذلك في مصر القديمة لعلاج الجروح كمُطَهِّر، كما استُخدِمَ أيضاً كمضادّ للالتهاب ومُسَكِّن للألم.
إلى يومنا هذا يُستخدم القرض (السنط) على نطاق واسع في السودان، بما في ذلك أوراق الشجرة ولحائها، ونظراً لتَنَوُّع استخدامها وفوائدها العلاجية من خصائصها المضادة للميكروبات والالتهابات والأكسدة، وكمطَهِّرة، ومضادَّة للسكريّ، مما يجعله مكوّناً قيِّماً للطب التقليدي لعلاج مختلف الأمراض. ومع أن هذه الاستخدامات التقليدية مدعومة ببعض الأبحاث العلمية، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات للتحقُّق الكامل من فعاليَّته وسلامته من منظور الطبّ الحديث.
صورة العنوان © ساري عمر، ود حجام، جنوب جنوب دارفور
في المجتمعات الزراعية قديماً، على الشريط النيلي شمال السودان، تظهر أساليب تخزين مؤونة العام للحفاظ على المحاصيل بأفضل صورة بعيداً عن الآفات، كونها مجتمعات مُنتِجَة لا استهلاكية، تعتمد على الزراعة بشكل كبير والرعي بصورة أقل في معيشتها. لوقتٍ قريب توارثت النساء في منطقة المحس (جزيرة دقرتا مثالاً) وما جاورها طريقة صنع "القوسيبة" ضمن المهارات الحياتية اللازمة لمجابهة تحديات الحياة في الولاية الشمالية. ويمكن اعتبارها جزءً رئيسيّاً من مكونات المنزل، وتُصنَع من نفس مادة بناء المنزل: الطين اللبن، ويمكن تعريفها بالصوامع أو آنية تخزين الغذاء، ويمكن وصفها بالبراميل الفخارية، لكن دون أن تتعرّض للنار فهي ليست كالأزيار مثلاً، والتي يجب حرقها لتحمل الماء دون أن تتعرض لخطر الذوبان، تصنعها النساء من الصفر لتحفظ محاصيل تَعتَمد عليها مائدة الشمال؛ كالقمح والفول المصري والبلح، ولكن كيف تصنع؟
تَعجَن الصانعة (صاحبة البيت) خليطاً من الطين وزبل الحيوانات، ثم تُشَكَّل قاعدة البرميل كدائرة قطرها متر أو أقل داخل المنزل، ثم تُترَك لتَجِفَّ تماماً، وبمساعدة أخريات يتم رفع الدائرة على قاعدة من ثلاثة أحجار وقايةً لها من المياه والأرضة اللذان قد يُتلِفَانِها، ويتم وضعها في المكان الذي ستبقى فيه دائماً في فناء المنزل، أو في المساحة الخارجية التي تُعتَبَر امتداداً للمنزل؛ حيث تبقى كالبناء ولا يتم تحريكها بعد ذلك. تبدأ المرحلة الثانية بعجن المزيد من الطين لصنع حائط البرميل الطيني. يُبنَى ارتفاعٌ بسيط به فتحة دائرية من الأسفل، تؤخذ من خلالها الكميات المراد استخدامها بصورة يومية أو أسبوعية، ثم يُترَك ليجفّ عدة أيام قبل أن تُضاف مداميكٌ جديدة. يصل ارتفاع القرسية بشكلها النهائي إلى المتر ونصف المتر. وتُزيَّن أحياناً بنقوش بارزة لتُعبِّر عن ذوق وتفرّد صاحبة المنزل. تغطى عندما تجف ويتم ملأها بالخزين بغطاء فخاري أو غطاء دائري من الصفيح.
يتم ترقيع الأجزاء المتهالكة أو التي تعرَّضت لذوبانٍ طفيف في حالة هطول الأمطار بطبقةٍ من الطين، حتى لا تصل الرطوبة للمحاصيل وتكون عرضة للتلف. وبطبيعة الحال، فإن كل ما يستغرق وقتاً ومجهوداً لصنعه والحفاظ عليه يتم إيجاد بديل له، لذا وَجَدت القوسيبة الجديدة المصنوعة من الحديد والصفيح مكاناً في المنازل هناك تصنع في شكل صندوق حديدي له عدة غرف لحفظ أنواع مختلفة من المحاصيل.
صورة الغلاف والمعرض © آية سينادة، جزيرة دقرتا، شمال السودان، ٢٠٢٤
في المجتمعات الزراعية قديماً، على الشريط النيلي شمال السودان، تظهر أساليب تخزين مؤونة العام للحفاظ على المحاصيل بأفضل صورة بعيداً عن الآفات، كونها مجتمعات مُنتِجَة لا استهلاكية، تعتمد على الزراعة بشكل كبير والرعي بصورة أقل في معيشتها. لوقتٍ قريب توارثت النساء في منطقة المحس (جزيرة دقرتا مثالاً) وما جاورها طريقة صنع "القوسيبة" ضمن المهارات الحياتية اللازمة لمجابهة تحديات الحياة في الولاية الشمالية. ويمكن اعتبارها جزءً رئيسيّاً من مكونات المنزل، وتُصنَع من نفس مادة بناء المنزل: الطين اللبن، ويمكن تعريفها بالصوامع أو آنية تخزين الغذاء، ويمكن وصفها بالبراميل الفخارية، لكن دون أن تتعرّض للنار فهي ليست كالأزيار مثلاً، والتي يجب حرقها لتحمل الماء دون أن تتعرض لخطر الذوبان، تصنعها النساء من الصفر لتحفظ محاصيل تَعتَمد عليها مائدة الشمال؛ كالقمح والفول المصري والبلح، ولكن كيف تصنع؟
تَعجَن الصانعة (صاحبة البيت) خليطاً من الطين وزبل الحيوانات، ثم تُشَكَّل قاعدة البرميل كدائرة قطرها متر أو أقل داخل المنزل، ثم تُترَك لتَجِفَّ تماماً، وبمساعدة أخريات يتم رفع الدائرة على قاعدة من ثلاثة أحجار وقايةً لها من المياه والأرضة اللذان قد يُتلِفَانِها، ويتم وضعها في المكان الذي ستبقى فيه دائماً في فناء المنزل، أو في المساحة الخارجية التي تُعتَبَر امتداداً للمنزل؛ حيث تبقى كالبناء ولا يتم تحريكها بعد ذلك. تبدأ المرحلة الثانية بعجن المزيد من الطين لصنع حائط البرميل الطيني. يُبنَى ارتفاعٌ بسيط به فتحة دائرية من الأسفل، تؤخذ من خلالها الكميات المراد استخدامها بصورة يومية أو أسبوعية، ثم يُترَك ليجفّ عدة أيام قبل أن تُضاف مداميكٌ جديدة. يصل ارتفاع القرسية بشكلها النهائي إلى المتر ونصف المتر. وتُزيَّن أحياناً بنقوش بارزة لتُعبِّر عن ذوق وتفرّد صاحبة المنزل. تغطى عندما تجف ويتم ملأها بالخزين بغطاء فخاري أو غطاء دائري من الصفيح.
يتم ترقيع الأجزاء المتهالكة أو التي تعرَّضت لذوبانٍ طفيف في حالة هطول الأمطار بطبقةٍ من الطين، حتى لا تصل الرطوبة للمحاصيل وتكون عرضة للتلف. وبطبيعة الحال، فإن كل ما يستغرق وقتاً ومجهوداً لصنعه والحفاظ عليه يتم إيجاد بديل له، لذا وَجَدت القوسيبة الجديدة المصنوعة من الحديد والصفيح مكاناً في المنازل هناك تصنع في شكل صندوق حديدي له عدة غرف لحفظ أنواع مختلفة من المحاصيل.
صورة الغلاف والمعرض © آية سينادة، جزيرة دقرتا، شمال السودان، ٢٠٢٤
في المجتمعات الزراعية قديماً، على الشريط النيلي شمال السودان، تظهر أساليب تخزين مؤونة العام للحفاظ على المحاصيل بأفضل صورة بعيداً عن الآفات، كونها مجتمعات مُنتِجَة لا استهلاكية، تعتمد على الزراعة بشكل كبير والرعي بصورة أقل في معيشتها. لوقتٍ قريب توارثت النساء في منطقة المحس (جزيرة دقرتا مثالاً) وما جاورها طريقة صنع "القوسيبة" ضمن المهارات الحياتية اللازمة لمجابهة تحديات الحياة في الولاية الشمالية. ويمكن اعتبارها جزءً رئيسيّاً من مكونات المنزل، وتُصنَع من نفس مادة بناء المنزل: الطين اللبن، ويمكن تعريفها بالصوامع أو آنية تخزين الغذاء، ويمكن وصفها بالبراميل الفخارية، لكن دون أن تتعرّض للنار فهي ليست كالأزيار مثلاً، والتي يجب حرقها لتحمل الماء دون أن تتعرض لخطر الذوبان، تصنعها النساء من الصفر لتحفظ محاصيل تَعتَمد عليها مائدة الشمال؛ كالقمح والفول المصري والبلح، ولكن كيف تصنع؟
تَعجَن الصانعة (صاحبة البيت) خليطاً من الطين وزبل الحيوانات، ثم تُشَكَّل قاعدة البرميل كدائرة قطرها متر أو أقل داخل المنزل، ثم تُترَك لتَجِفَّ تماماً، وبمساعدة أخريات يتم رفع الدائرة على قاعدة من ثلاثة أحجار وقايةً لها من المياه والأرضة اللذان قد يُتلِفَانِها، ويتم وضعها في المكان الذي ستبقى فيه دائماً في فناء المنزل، أو في المساحة الخارجية التي تُعتَبَر امتداداً للمنزل؛ حيث تبقى كالبناء ولا يتم تحريكها بعد ذلك. تبدأ المرحلة الثانية بعجن المزيد من الطين لصنع حائط البرميل الطيني. يُبنَى ارتفاعٌ بسيط به فتحة دائرية من الأسفل، تؤخذ من خلالها الكميات المراد استخدامها بصورة يومية أو أسبوعية، ثم يُترَك ليجفّ عدة أيام قبل أن تُضاف مداميكٌ جديدة. يصل ارتفاع القرسية بشكلها النهائي إلى المتر ونصف المتر. وتُزيَّن أحياناً بنقوش بارزة لتُعبِّر عن ذوق وتفرّد صاحبة المنزل. تغطى عندما تجف ويتم ملأها بالخزين بغطاء فخاري أو غطاء دائري من الصفيح.
يتم ترقيع الأجزاء المتهالكة أو التي تعرَّضت لذوبانٍ طفيف في حالة هطول الأمطار بطبقةٍ من الطين، حتى لا تصل الرطوبة للمحاصيل وتكون عرضة للتلف. وبطبيعة الحال، فإن كل ما يستغرق وقتاً ومجهوداً لصنعه والحفاظ عليه يتم إيجاد بديل له، لذا وَجَدت القوسيبة الجديدة المصنوعة من الحديد والصفيح مكاناً في المنازل هناك تصنع في شكل صندوق حديدي له عدة غرف لحفظ أنواع مختلفة من المحاصيل.
صورة الغلاف والمعرض © آية سينادة، جزيرة دقرتا، شمال السودان، ٢٠٢٤
جزيرة دقرتا هي جزيرة نيلية في الولاية الشمالية، تتبع لمحلية البرقيق، مناخها حار جاف صيفا وشديد البرودة جاف شتاءا، ما هي الأصناف المقدمة على مائدة سكانها؟ وهل هي جزيرة مكتفية ذاتيا فيما يخص الغذاء؟ هل تأثرت المائدة بالسياسة والحرب الدائرة في عدة ولايات من السودان؟
أمامنا صينية ألمونيوم بها عدة أطباق مألوفة هنا ، تفضلوا مدوا أيديكم!
الشريط النيلي بطميه المليء بالخصوبة كان يساعد في زراعة عضوية بدون أسمدة، كنا نزرع القمح والفول المصري والمحاصيل الخضر والفاكهة والمحاصيل الموسمية الأخرى بجانب النخيل، جاء سد مروي ليقلل كمية الطمي السنوية شماله ويؤثر على خصوية التربة فيتعرف المزارع هنا على الأسمدة الكيميائية لضمان جودة محاصيله.
ثم جاءت الحرب لتؤثر على المنتجات الغذائية المصنعة محليا في السودان من منتجات الألبان والزيوت والشاي والسكروغيرها ليتعرف السوق والمواطن على منتجات مستوردة من دول الجوار بجودة تناسب ضيق الحال بعد انقطاع سبل أرزاق معظم نازحي الخرطوم والعائدين إلى ولاياتهم.
أما بالنسبة للصيد في النيل فإن الفصول تؤثر على كمية ونوعية الأسماك بطبيعة الحال، فهي تختبئ عميقا جدا في فصل الشتاء وبعضها تكون بيوضه بدت تفقس أيضا في هذا الفصل، تمكن النوبيون منذ قديم الزمان إبتكار طريقة لحفظ السمك عن طريق تمليحه لتحضير الفسيخ والملوحة والتركين، يمكن تناول السمك طوال العام إذن ولكن بطرق مختلفة لكن متطلبات الحياة المتزايدة خصوصا بعد غلو الأسعار في فترة الحرب جعلت بعد الصيادين يستلفون طريقة مجرّمة هنا من دول ظهرت فيها هذه الطريقة قبل أعوام، وهي طريقة الصيد بالكهرباءالتي ظهرت في البدء كطريقة علمية لإجراء البحوث على الأسماك وتحولت بعد ذلك لطريقة سريعة للصيد ، تؤثر هذه الطريقة سلبا على الثروة السمكية حيث أن الكهرباء تقتل السمك في المنطقة المعرضة للصعق بكل أنواعه وكل أعماره، قد تكون اليوم الشباك مليئة والجيب ثقيل لكن هل يحسب الصيادون المخاطر البيئية لما بعد اليوم؟
لا تستغرب صحن البلح في الصينية، هو ليس نادرا ليقدم كضيافة أو لكسر الصيام في رمضان فقط، يقدم البلح الجاف كصحن في مائدة الإفطار كوجبة جانبية كالسلطة مثلا، ويصنع منه العسل والمديدة وقراصة البلح التي هي منذ القدم تعتبر زادا للمسافرين من هنا،
قصة طريفة فيما يخص منتجات الألبان المفقودة من الصينية.. يحكى أنه قبل سنوات كانت الأبقار تدر حليبا كثيرا وتصنع منه النساء الجبن والروب لكنه منتج لا يباع إنما يعطي صاحب الأبقار كل من يريد حليبا أو روب أو جبن ما يريد مجانا، إلى أن تزوج أحدهم واحدة من خارج الجزيرة وقررت أن يصبح الحليب يباع ويشترى، من حكى لي القصة يعتقد أن اللعنة حلت بالحليب من اختلط بالمال وأصبحت كميته بسيطة لا تكفى إلا عددا بسيطا من السكان.
صورة العنوان: قراصة من القمح الكامل © آية سينادة، ٢٠٢٤
جزيرة دقرتا هي جزيرة نيلية في الولاية الشمالية، تتبع لمحلية البرقيق، مناخها حار جاف صيفا وشديد البرودة جاف شتاءا، ما هي الأصناف المقدمة على مائدة سكانها؟ وهل هي جزيرة مكتفية ذاتيا فيما يخص الغذاء؟ هل تأثرت المائدة بالسياسة والحرب الدائرة في عدة ولايات من السودان؟
أمامنا صينية ألمونيوم بها عدة أطباق مألوفة هنا ، تفضلوا مدوا أيديكم!
الشريط النيلي بطميه المليء بالخصوبة كان يساعد في زراعة عضوية بدون أسمدة، كنا نزرع القمح والفول المصري والمحاصيل الخضر والفاكهة والمحاصيل الموسمية الأخرى بجانب النخيل، جاء سد مروي ليقلل كمية الطمي السنوية شماله ويؤثر على خصوية التربة فيتعرف المزارع هنا على الأسمدة الكيميائية لضمان جودة محاصيله.
ثم جاءت الحرب لتؤثر على المنتجات الغذائية المصنعة محليا في السودان من منتجات الألبان والزيوت والشاي والسكروغيرها ليتعرف السوق والمواطن على منتجات مستوردة من دول الجوار بجودة تناسب ضيق الحال بعد انقطاع سبل أرزاق معظم نازحي الخرطوم والعائدين إلى ولاياتهم.
أما بالنسبة للصيد في النيل فإن الفصول تؤثر على كمية ونوعية الأسماك بطبيعة الحال، فهي تختبئ عميقا جدا في فصل الشتاء وبعضها تكون بيوضه بدت تفقس أيضا في هذا الفصل، تمكن النوبيون منذ قديم الزمان إبتكار طريقة لحفظ السمك عن طريق تمليحه لتحضير الفسيخ والملوحة والتركين، يمكن تناول السمك طوال العام إذن ولكن بطرق مختلفة لكن متطلبات الحياة المتزايدة خصوصا بعد غلو الأسعار في فترة الحرب جعلت بعد الصيادين يستلفون طريقة مجرّمة هنا من دول ظهرت فيها هذه الطريقة قبل أعوام، وهي طريقة الصيد بالكهرباءالتي ظهرت في البدء كطريقة علمية لإجراء البحوث على الأسماك وتحولت بعد ذلك لطريقة سريعة للصيد ، تؤثر هذه الطريقة سلبا على الثروة السمكية حيث أن الكهرباء تقتل السمك في المنطقة المعرضة للصعق بكل أنواعه وكل أعماره، قد تكون اليوم الشباك مليئة والجيب ثقيل لكن هل يحسب الصيادون المخاطر البيئية لما بعد اليوم؟
لا تستغرب صحن البلح في الصينية، هو ليس نادرا ليقدم كضيافة أو لكسر الصيام في رمضان فقط، يقدم البلح الجاف كصحن في مائدة الإفطار كوجبة جانبية كالسلطة مثلا، ويصنع منه العسل والمديدة وقراصة البلح التي هي منذ القدم تعتبر زادا للمسافرين من هنا،
قصة طريفة فيما يخص منتجات الألبان المفقودة من الصينية.. يحكى أنه قبل سنوات كانت الأبقار تدر حليبا كثيرا وتصنع منه النساء الجبن والروب لكنه منتج لا يباع إنما يعطي صاحب الأبقار كل من يريد حليبا أو روب أو جبن ما يريد مجانا، إلى أن تزوج أحدهم واحدة من خارج الجزيرة وقررت أن يصبح الحليب يباع ويشترى، من حكى لي القصة يعتقد أن اللعنة حلت بالحليب من اختلط بالمال وأصبحت كميته بسيطة لا تكفى إلا عددا بسيطا من السكان.
صورة العنوان: قراصة من القمح الكامل © آية سينادة، ٢٠٢٤
جزيرة دقرتا هي جزيرة نيلية في الولاية الشمالية، تتبع لمحلية البرقيق، مناخها حار جاف صيفا وشديد البرودة جاف شتاءا، ما هي الأصناف المقدمة على مائدة سكانها؟ وهل هي جزيرة مكتفية ذاتيا فيما يخص الغذاء؟ هل تأثرت المائدة بالسياسة والحرب الدائرة في عدة ولايات من السودان؟
أمامنا صينية ألمونيوم بها عدة أطباق مألوفة هنا ، تفضلوا مدوا أيديكم!
الشريط النيلي بطميه المليء بالخصوبة كان يساعد في زراعة عضوية بدون أسمدة، كنا نزرع القمح والفول المصري والمحاصيل الخضر والفاكهة والمحاصيل الموسمية الأخرى بجانب النخيل، جاء سد مروي ليقلل كمية الطمي السنوية شماله ويؤثر على خصوية التربة فيتعرف المزارع هنا على الأسمدة الكيميائية لضمان جودة محاصيله.
ثم جاءت الحرب لتؤثر على المنتجات الغذائية المصنعة محليا في السودان من منتجات الألبان والزيوت والشاي والسكروغيرها ليتعرف السوق والمواطن على منتجات مستوردة من دول الجوار بجودة تناسب ضيق الحال بعد انقطاع سبل أرزاق معظم نازحي الخرطوم والعائدين إلى ولاياتهم.
أما بالنسبة للصيد في النيل فإن الفصول تؤثر على كمية ونوعية الأسماك بطبيعة الحال، فهي تختبئ عميقا جدا في فصل الشتاء وبعضها تكون بيوضه بدت تفقس أيضا في هذا الفصل، تمكن النوبيون منذ قديم الزمان إبتكار طريقة لحفظ السمك عن طريق تمليحه لتحضير الفسيخ والملوحة والتركين، يمكن تناول السمك طوال العام إذن ولكن بطرق مختلفة لكن متطلبات الحياة المتزايدة خصوصا بعد غلو الأسعار في فترة الحرب جعلت بعد الصيادين يستلفون طريقة مجرّمة هنا من دول ظهرت فيها هذه الطريقة قبل أعوام، وهي طريقة الصيد بالكهرباءالتي ظهرت في البدء كطريقة علمية لإجراء البحوث على الأسماك وتحولت بعد ذلك لطريقة سريعة للصيد ، تؤثر هذه الطريقة سلبا على الثروة السمكية حيث أن الكهرباء تقتل السمك في المنطقة المعرضة للصعق بكل أنواعه وكل أعماره، قد تكون اليوم الشباك مليئة والجيب ثقيل لكن هل يحسب الصيادون المخاطر البيئية لما بعد اليوم؟
لا تستغرب صحن البلح في الصينية، هو ليس نادرا ليقدم كضيافة أو لكسر الصيام في رمضان فقط، يقدم البلح الجاف كصحن في مائدة الإفطار كوجبة جانبية كالسلطة مثلا، ويصنع منه العسل والمديدة وقراصة البلح التي هي منذ القدم تعتبر زادا للمسافرين من هنا،
قصة طريفة فيما يخص منتجات الألبان المفقودة من الصينية.. يحكى أنه قبل سنوات كانت الأبقار تدر حليبا كثيرا وتصنع منه النساء الجبن والروب لكنه منتج لا يباع إنما يعطي صاحب الأبقار كل من يريد حليبا أو روب أو جبن ما يريد مجانا، إلى أن تزوج أحدهم واحدة من خارج الجزيرة وقررت أن يصبح الحليب يباع ويشترى، من حكى لي القصة يعتقد أن اللعنة حلت بالحليب من اختلط بالمال وأصبحت كميته بسيطة لا تكفى إلا عددا بسيطا من السكان.
صورة العنوان: قراصة من القمح الكامل © آية سينادة، ٢٠٢٤
عرض لكتاب دكتور أحمد الصافي: الحكيم، من أجل أطباء أعمق فهماً لمهنتهم ولثقافات مجتمعاتهم وأكثر وعياً ببيئتهم وأحوال أهلهم. بقلم: بروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه
يشمل الكتاب التصدير، ومقدمة وتسعة فصول:
١. صحة السودان عبر القرون
٢. العقد بين الطبيب والمريض والمجتمع
٣. مفاهيم الصحة والمرض
٤. أسباب المرض والإصابة
٥. وسائل تشخيص المرض والإصابة
٦. المعالجون وطرق العلاج والوقاية
٧. العلاجات والممارسات الشعبية
٨. حصاد السنين
٩. الأفعال الطبية الضارة والطبابة الرشيدة،
وجاء في خلاصة الكتاب سرداً لما يحتويه. وذيل الكتاب بملاحق حوت أسماء الشهور السودانية، العامية الطبية وما يقابلها بالإنجليزية، معجم أهم النباتات المستعملة في الطب الشعبي، بعض الأدوية الحديثة ذات الأصول النباتية، بعض الأطباء الأجانب الذين خدموا في السودان، أهم القوانين الصحية السارية في السودان.
بدأ المؤلف في تصدير الكتاب بحديث شيق ممتع عن نفسه، رابطاً ذلك الحديث بما جرب فيه من عادات وتقاليد وطب شعبي خلال طفولته وشبابه. وتحدث في المقدمة عن أنواع ونماذج الطب، نماذج الطب البيولوجي والطب الشمولي والطب الشعبي. وأفرد الفصل الأول لصحة السودان عبر القرون اعتمد فيه على ما ورد في كتب الرحالة والجغرافيين والمستكشفين الأوائل، وفي كتب السيرة وكتابات بعض علماء الدين والمؤرخين وأطباء ومنسوبي جيوش الاحتلال التركي المصري والإنجليزي المصري وعلماء الأجناس وما جاء في كتب ومخطوطات الطب الشعبي المحلية. وقدم نماذج لكتابات الرحالة والعلماء تحديداً ما ذكروه عن الطب والصحة، مثل جون لويس بوركهارت الذي وصف صحة السودان وأمراضه، وجورج هوسكنز عالم الآثار الإنجليزي الذي زار السودان عام 1833م. وأورد المؤلف مقتطفات من الكتب التاريخية مثل كتاب نعوم شقير “جغرافية وتاريخ السودان” الذي يصفه الكاتب بأنه مصدر لا غنى عنه للباحثين في شئون صحة السودان في القرن التاسع عشر. وبهذا يورد أهمية أخرى لهذا الكتاب أغفلتُ الإشارة إليها في تعدادي لمواطن أهمية هذا الكتاب في تقديمي للطبعة التي صدرت عن دار عزة للنشر عام 2006.
أفُرد فصل للعقد بين الطبيب والمريض والمجتمع تحدث فيه المؤلف ضمن ما تحدث عنه عن أخلاقيات المهنة، وأن الأخلاقيات الطبية علم عملي وفرع من فروع فلسفة الأخلاق وفرع من فروع علم الطب وجزء أصيل من الممارسة الطبية الجيدة. وأن مهنة الطب هي المهنة الوحيدة التي كان لها منذ فجر التاريخ وبداية حضارة الإنسان آداب للممارسة تبلورت في إطار قسم يلتزم المعالجون بأدائه قبل أن يسمح لهم بالاقتراب من المرضى هو قسم أبقراط. وأمن فيه على ضرورة تواضع الطبيب والبعد عن حب الظهور.
تناول الفصل الثالث مفاهيم الصحة والمرض وتعرض للطب في ذهن العامة وفي اللغة ومفهوم المرض في الذهن الشعبي والطقوس، والرموز التي على الطبيب أن يكون ملماً بها وكيف أن الطقوس تحتل حيزاً هاماً في نسيج أي مجتمع.
بيِّن الفصل الرابع أسباب المرض والإصابة وارتباط ذلك بعوامل البيئة الطبيعة وظواهرها وعادات الناس. وتحدث عن مغزى كسوف الشمس عند الناس، وعن قوى ما بعد الطبيعة والجن والشياطين والزار وأصله والسحر والعين الحارة.
خصص الفصل الخامس لوسائل تشخيص المرض والإصابة وأوضح الفرق بين تشخيص الطبيب الحديث للمرض الذي يعتمد فيه على طرق مبنية ومستندة على البراهين العلمية، وعند عامة الناس الذين استندوا في تشخيص المرض في أغلب الأحيان على استجداء قوى الغيب وطلب عونها. ولم يترك المؤلف في هذا الفصل شيئاً لم يذكره مثلا: خت الودع وخط الرمل والرؤى الصادقة والمكاشفة والاستخارة وتفسير الأحلام والتنجيم.
أشار الفصل السادس: المعالجون وطرق العلاج والوقاية إلى أن قائمة المعالجين الذين يعنون بصحة الناس طويلة وأن لكل جماعة عرقية في السودان طبيبها أو حكيمها، وأن السودانيين عرفوا عدداً كبيراً من المعالجين الشعبيين الماهرين واستنجدوا بهم مثل الفقرا والفكيا والشيوخ والأوليا. وأعطى أمثلة لأنواع العلاج مثل الرقية والبخرة والمحاية. ولم يفت على المؤلف في هذا الفصل أن يذكر دور ربة البيت كمعاونة صحية واجتماعية ترعى أغلب شئون الأسرة بكفاءة واقتدار، وكيف أن أدوار المرأة كمعاون اجتماعي في الأسرة عديدة.
تحدث الفصل السابع: العلاجات والممارسات الشعبية عن الجراحة الشعبية ومخاطرها وختان الإناث بأنواعه والحجامة والوشم والفصد والأطراف الصناعية الشعبية وعن علي ود قيامة الذي كان طبيباً بلدياً بشرياً وبيطرياً ومنجماً، وعلاج الجروح والتخدير والحمل والولادة والأدوية الشعبية والصيدلية الشعبية التي حوت وصفات مختلفة استخدمها الناس في علاج الأمراض. والطعام والاعتقادات الخاطئة التي أثرت على صحة الناس خصوصاً الأطفال.
يتحدث المؤلف في الفصل الثامن الذي عنونه، حصاد السنين، عن مسيرة السودانيين في رعاية صحتهم خلال النصف الثاني من القرن العشرين ويرسم صورة قاتمة مبيناً فشل السودان منذ الاستقلال في إنجاز خطة تنمية شاملة ومستدامة تحقق النهضة والتقدم وتلبي حاجات الإنسان الأساسية والمادية وغير المادية، وتواصل الارتقاء بصحة البلاد. ويبين الفصل أن ازدياد عدد الأطباء والكوادر الطبية المساعدة لم يفد كثيراً لأن معدلات هجرتهم خارج البلاد كانت كبيرة ومن تبقى في الداخل هاجر للقطاع الخاص. وانتقد سياسة الإنفاق على الصحة من قبل الدولة والتي تضع الصحة في ذيل أولوياتها وأمن على ضرورة رفعها إلى أعلى القائمة إن كان الإنسان هو ما تستثمر فيه.
تحدث الفصل الثامن أيضاً عن شح الأدبيات الطبية التي يمكن أن يرجع إليها الباحث في تاريخ الطب وتراث السودان، وأن العلماء السودانيين عموماً والأطباء خصوصاً عازفون عن توثيق أعمالهم ومحجمون عن توثيق تاريخ الطب في السودان، مما نتج عن ذلك من قلة في الدراسات الطبية التاريخية والاجتماعية. لاحظ أيضاً أن التدريس في أغلب كليات الطب ما زال منبتاً لا يربط ممارسة الطب بتاريخ السودان الممتد عبر القرون ولا بموروثاته الطبية. وأن واحداً من أسباب هذا القصور هو قلة المادة الموثقة التي تعين المدرس والتلميذ. وينبه المؤلف بذلك إلى ضعف الحس الوثائقي السائد عندنا في السودان، وإهمال أوعية حفظ المعلومات الذي ضرب له المؤلف مثلاً بتآكل مكتبة المعمل القومي الصحي ومكتبة معامل استاك وتبعثر كتبها ومجلاتها التي بدأ جمعها في ١٩٠٢ وهدم المتحف التصويري في ١٩٦٣ ؟ ١٩٦٤ الذي افتتح عام ١٩٤٤. وأبان المؤلف ضرورة حفظ سجلات المهنة وتوثيق تراثها.
يتناول الفصل التاسع الأفعال الطبية الضارة والطبابة الرشيدة شرح المؤلف فيه أنواع الأفعال الطبية الضارة وما هو الفعل الطبي الضار واحتمال حدوث الفعل الطبي الضار، وأن الأفعال الطبية الضارة من علامات وأعراض مرض النظام الصحي، ومؤشر لعيوب وثغرات في النظام الصحي بأكمله، وأن إصلاح النظام الصحي يحتاج ضمن ما ذكره المؤلف لجهد متكامل مترابط ولقيادات مقنعة ومؤهلة في كل مستوى ولوعي وثقافة جديدة. أن السودان في تقدير المؤلف لن يستطيع أن يجعل حدوث الفعل الطبي الضار أقرب للمستحيل إلا بتبني واتباع نهج الطبابة الرشيدة التي شرح المؤلف معناها وبرنامجها الذي يتكون من ثلاثة محاور.
مساهمة أحمد لا تقتصر فقط على تأليف هذا الكتاب الذي أتى من تجربة، فقد بادر وأسهم في دراسات الطب الشعبي فقام معهد أبحاث الطب الشعبي بالمجلس القومي للبحوث في العام ١٩٨٢ بمبادرة منه، وذلك بغرض دراسة التراث الطبي بطريقة منهجية منظمة. وتقديرا وتثميناً لهذا الجهد وافقت منظمة الصحة العالمية على تخصيصه مركزا متعاونا معها في العام ١٩٤٨ تحت اسم (مركز منظمة الصحة العالمية المتعاون في أبحاث الطب الشعبي). كما أسس في العام ٢٠٠٤ (المؤسسة السودانية للتراث الطبي) كمنظمة أهلية تعنى بأبحاث نظم الطب وتاريخ الطب والمحافظة على التراث الصحي ورصد تطور الخدمات الطبية في السودان. وينبع اهتمامه من حقيقة أكدها في مؤلفه هي أن الطب الشعبي واسع الانتشار في الدول النامية ومنها السودان بسبب ارتفاع فاتورة العلاج في المستشفيات، ولابد من تنظيم عمل الممارسون الشعبيون. ويتواصل هم واهتمامه أحمد بطرحه في ٢٠٠٥ مشروعاً توثيقياً أسماه ثلاثية الصحة في السودان يشتمل على ثلاثة أجزاء: تاريخ الطب وسير الرواد في السودان، موسوعة الأطباء السودانيين، ببلوغرافيا الدراسات الطبية السودانية في القرن العشرين.
ومما يلفت النظر في هذا الكتاب غزارة المادة التي اعتمد عليها الكتاب، فقد زار أحمد خلال العقود الأربعة الماضية التي استغرقها تأليف الكتاب أغلب مراكز العلاج الشعبي في السودان، وراجع كل ما يمكن مراجعته من الأدبيات المتاحة مسموعة أو مكتوبة أو مرئية. ورُصدتْ ٣٥ صفحة للمصادر والمراجع التي اعتمد عليها الكتاب. ولم يترك المؤلف معلومة دون توثيقها عند ذكرها.
تسمية الكتاب “الحكيم” اختيرت بعناية فائقة، فالكلمة التي يذكر المؤلف أنها في أغلب الظن جاءت إلينا من المصريين في عهد الحكم التركي المصري جاذبة جدا. فالمصطلح لم يطلق فقط على الطبيب الخريج بل على معظم من يداوي. يأخذني المؤلف بهذا الاسم بعيداً إلى ذكريات الطفولة و “حسن الحكيم” كما كان يعرف المساعد الطبي “حسن” الذي جاء لمداواة الناس من أقصى الشمال في ناوا إلى أربجي في الجزيرة. وأناشيد لعب الطفولة “أنا حكيم بداوي الناس من الحمى ووجع الراس”. ويضرب الكتاب على وتر حساس هو العافية “ومن حلف بالعافية ما خلى شي)، ولأهميتها فقد حاول الناس كل ما هو ممكن للطبابة وهو ما يفصل فيه الكتاب.
كتاب “الحكيم” الذي يصفه المؤلف في تواضع جم بأنه مقدمة في التاريخ الاجتماعي للطب والصحة في السودان، موسوعي وشمولي التناول، ويأتي عصارة لجهد متعاظم وشائك. هنيئا للدكتور أحمد الصافي بهذا الإنجاز الضخم الفخم الذي رفد المكتبة السودانية بسفر مرجعي أكاديمي رصين كانت تفتقده وتتعطش إليه.
صورة الغلاف: غلاف كتب الدكتور أحمد الصافي الرقمية © الدكتور أحمد الصافي، يمكن شراء الكتب على موقع أمازون
عرض لكتاب دكتور أحمد الصافي: الحكيم، من أجل أطباء أعمق فهماً لمهنتهم ولثقافات مجتمعاتهم وأكثر وعياً ببيئتهم وأحوال أهلهم. بقلم: بروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه
يشمل الكتاب التصدير، ومقدمة وتسعة فصول:
١. صحة السودان عبر القرون
٢. العقد بين الطبيب والمريض والمجتمع
٣. مفاهيم الصحة والمرض
٤. أسباب المرض والإصابة
٥. وسائل تشخيص المرض والإصابة
٦. المعالجون وطرق العلاج والوقاية
٧. العلاجات والممارسات الشعبية
٨. حصاد السنين
٩. الأفعال الطبية الضارة والطبابة الرشيدة،
وجاء في خلاصة الكتاب سرداً لما يحتويه. وذيل الكتاب بملاحق حوت أسماء الشهور السودانية، العامية الطبية وما يقابلها بالإنجليزية، معجم أهم النباتات المستعملة في الطب الشعبي، بعض الأدوية الحديثة ذات الأصول النباتية، بعض الأطباء الأجانب الذين خدموا في السودان، أهم القوانين الصحية السارية في السودان.
بدأ المؤلف في تصدير الكتاب بحديث شيق ممتع عن نفسه، رابطاً ذلك الحديث بما جرب فيه من عادات وتقاليد وطب شعبي خلال طفولته وشبابه. وتحدث في المقدمة عن أنواع ونماذج الطب، نماذج الطب البيولوجي والطب الشمولي والطب الشعبي. وأفرد الفصل الأول لصحة السودان عبر القرون اعتمد فيه على ما ورد في كتب الرحالة والجغرافيين والمستكشفين الأوائل، وفي كتب السيرة وكتابات بعض علماء الدين والمؤرخين وأطباء ومنسوبي جيوش الاحتلال التركي المصري والإنجليزي المصري وعلماء الأجناس وما جاء في كتب ومخطوطات الطب الشعبي المحلية. وقدم نماذج لكتابات الرحالة والعلماء تحديداً ما ذكروه عن الطب والصحة، مثل جون لويس بوركهارت الذي وصف صحة السودان وأمراضه، وجورج هوسكنز عالم الآثار الإنجليزي الذي زار السودان عام 1833م. وأورد المؤلف مقتطفات من الكتب التاريخية مثل كتاب نعوم شقير “جغرافية وتاريخ السودان” الذي يصفه الكاتب بأنه مصدر لا غنى عنه للباحثين في شئون صحة السودان في القرن التاسع عشر. وبهذا يورد أهمية أخرى لهذا الكتاب أغفلتُ الإشارة إليها في تعدادي لمواطن أهمية هذا الكتاب في تقديمي للطبعة التي صدرت عن دار عزة للنشر عام 2006.
أفُرد فصل للعقد بين الطبيب والمريض والمجتمع تحدث فيه المؤلف ضمن ما تحدث عنه عن أخلاقيات المهنة، وأن الأخلاقيات الطبية علم عملي وفرع من فروع فلسفة الأخلاق وفرع من فروع علم الطب وجزء أصيل من الممارسة الطبية الجيدة. وأن مهنة الطب هي المهنة الوحيدة التي كان لها منذ فجر التاريخ وبداية حضارة الإنسان آداب للممارسة تبلورت في إطار قسم يلتزم المعالجون بأدائه قبل أن يسمح لهم بالاقتراب من المرضى هو قسم أبقراط. وأمن فيه على ضرورة تواضع الطبيب والبعد عن حب الظهور.
تناول الفصل الثالث مفاهيم الصحة والمرض وتعرض للطب في ذهن العامة وفي اللغة ومفهوم المرض في الذهن الشعبي والطقوس، والرموز التي على الطبيب أن يكون ملماً بها وكيف أن الطقوس تحتل حيزاً هاماً في نسيج أي مجتمع.
بيِّن الفصل الرابع أسباب المرض والإصابة وارتباط ذلك بعوامل البيئة الطبيعة وظواهرها وعادات الناس. وتحدث عن مغزى كسوف الشمس عند الناس، وعن قوى ما بعد الطبيعة والجن والشياطين والزار وأصله والسحر والعين الحارة.
خصص الفصل الخامس لوسائل تشخيص المرض والإصابة وأوضح الفرق بين تشخيص الطبيب الحديث للمرض الذي يعتمد فيه على طرق مبنية ومستندة على البراهين العلمية، وعند عامة الناس الذين استندوا في تشخيص المرض في أغلب الأحيان على استجداء قوى الغيب وطلب عونها. ولم يترك المؤلف في هذا الفصل شيئاً لم يذكره مثلا: خت الودع وخط الرمل والرؤى الصادقة والمكاشفة والاستخارة وتفسير الأحلام والتنجيم.
أشار الفصل السادس: المعالجون وطرق العلاج والوقاية إلى أن قائمة المعالجين الذين يعنون بصحة الناس طويلة وأن لكل جماعة عرقية في السودان طبيبها أو حكيمها، وأن السودانيين عرفوا عدداً كبيراً من المعالجين الشعبيين الماهرين واستنجدوا بهم مثل الفقرا والفكيا والشيوخ والأوليا. وأعطى أمثلة لأنواع العلاج مثل الرقية والبخرة والمحاية. ولم يفت على المؤلف في هذا الفصل أن يذكر دور ربة البيت كمعاونة صحية واجتماعية ترعى أغلب شئون الأسرة بكفاءة واقتدار، وكيف أن أدوار المرأة كمعاون اجتماعي في الأسرة عديدة.
تحدث الفصل السابع: العلاجات والممارسات الشعبية عن الجراحة الشعبية ومخاطرها وختان الإناث بأنواعه والحجامة والوشم والفصد والأطراف الصناعية الشعبية وعن علي ود قيامة الذي كان طبيباً بلدياً بشرياً وبيطرياً ومنجماً، وعلاج الجروح والتخدير والحمل والولادة والأدوية الشعبية والصيدلية الشعبية التي حوت وصفات مختلفة استخدمها الناس في علاج الأمراض. والطعام والاعتقادات الخاطئة التي أثرت على صحة الناس خصوصاً الأطفال.
يتحدث المؤلف في الفصل الثامن الذي عنونه، حصاد السنين، عن مسيرة السودانيين في رعاية صحتهم خلال النصف الثاني من القرن العشرين ويرسم صورة قاتمة مبيناً فشل السودان منذ الاستقلال في إنجاز خطة تنمية شاملة ومستدامة تحقق النهضة والتقدم وتلبي حاجات الإنسان الأساسية والمادية وغير المادية، وتواصل الارتقاء بصحة البلاد. ويبين الفصل أن ازدياد عدد الأطباء والكوادر الطبية المساعدة لم يفد كثيراً لأن معدلات هجرتهم خارج البلاد كانت كبيرة ومن تبقى في الداخل هاجر للقطاع الخاص. وانتقد سياسة الإنفاق على الصحة من قبل الدولة والتي تضع الصحة في ذيل أولوياتها وأمن على ضرورة رفعها إلى أعلى القائمة إن كان الإنسان هو ما تستثمر فيه.
تحدث الفصل الثامن أيضاً عن شح الأدبيات الطبية التي يمكن أن يرجع إليها الباحث في تاريخ الطب وتراث السودان، وأن العلماء السودانيين عموماً والأطباء خصوصاً عازفون عن توثيق أعمالهم ومحجمون عن توثيق تاريخ الطب في السودان، مما نتج عن ذلك من قلة في الدراسات الطبية التاريخية والاجتماعية. لاحظ أيضاً أن التدريس في أغلب كليات الطب ما زال منبتاً لا يربط ممارسة الطب بتاريخ السودان الممتد عبر القرون ولا بموروثاته الطبية. وأن واحداً من أسباب هذا القصور هو قلة المادة الموثقة التي تعين المدرس والتلميذ. وينبه المؤلف بذلك إلى ضعف الحس الوثائقي السائد عندنا في السودان، وإهمال أوعية حفظ المعلومات الذي ضرب له المؤلف مثلاً بتآكل مكتبة المعمل القومي الصحي ومكتبة معامل استاك وتبعثر كتبها ومجلاتها التي بدأ جمعها في ١٩٠٢ وهدم المتحف التصويري في ١٩٦٣ ؟ ١٩٦٤ الذي افتتح عام ١٩٤٤. وأبان المؤلف ضرورة حفظ سجلات المهنة وتوثيق تراثها.
يتناول الفصل التاسع الأفعال الطبية الضارة والطبابة الرشيدة شرح المؤلف فيه أنواع الأفعال الطبية الضارة وما هو الفعل الطبي الضار واحتمال حدوث الفعل الطبي الضار، وأن الأفعال الطبية الضارة من علامات وأعراض مرض النظام الصحي، ومؤشر لعيوب وثغرات في النظام الصحي بأكمله، وأن إصلاح النظام الصحي يحتاج ضمن ما ذكره المؤلف لجهد متكامل مترابط ولقيادات مقنعة ومؤهلة في كل مستوى ولوعي وثقافة جديدة. أن السودان في تقدير المؤلف لن يستطيع أن يجعل حدوث الفعل الطبي الضار أقرب للمستحيل إلا بتبني واتباع نهج الطبابة الرشيدة التي شرح المؤلف معناها وبرنامجها الذي يتكون من ثلاثة محاور.
مساهمة أحمد لا تقتصر فقط على تأليف هذا الكتاب الذي أتى من تجربة، فقد بادر وأسهم في دراسات الطب الشعبي فقام معهد أبحاث الطب الشعبي بالمجلس القومي للبحوث في العام ١٩٨٢ بمبادرة منه، وذلك بغرض دراسة التراث الطبي بطريقة منهجية منظمة. وتقديرا وتثميناً لهذا الجهد وافقت منظمة الصحة العالمية على تخصيصه مركزا متعاونا معها في العام ١٩٤٨ تحت اسم (مركز منظمة الصحة العالمية المتعاون في أبحاث الطب الشعبي). كما أسس في العام ٢٠٠٤ (المؤسسة السودانية للتراث الطبي) كمنظمة أهلية تعنى بأبحاث نظم الطب وتاريخ الطب والمحافظة على التراث الصحي ورصد تطور الخدمات الطبية في السودان. وينبع اهتمامه من حقيقة أكدها في مؤلفه هي أن الطب الشعبي واسع الانتشار في الدول النامية ومنها السودان بسبب ارتفاع فاتورة العلاج في المستشفيات، ولابد من تنظيم عمل الممارسون الشعبيون. ويتواصل هم واهتمامه أحمد بطرحه في ٢٠٠٥ مشروعاً توثيقياً أسماه ثلاثية الصحة في السودان يشتمل على ثلاثة أجزاء: تاريخ الطب وسير الرواد في السودان، موسوعة الأطباء السودانيين، ببلوغرافيا الدراسات الطبية السودانية في القرن العشرين.
ومما يلفت النظر في هذا الكتاب غزارة المادة التي اعتمد عليها الكتاب، فقد زار أحمد خلال العقود الأربعة الماضية التي استغرقها تأليف الكتاب أغلب مراكز العلاج الشعبي في السودان، وراجع كل ما يمكن مراجعته من الأدبيات المتاحة مسموعة أو مكتوبة أو مرئية. ورُصدتْ ٣٥ صفحة للمصادر والمراجع التي اعتمد عليها الكتاب. ولم يترك المؤلف معلومة دون توثيقها عند ذكرها.
تسمية الكتاب “الحكيم” اختيرت بعناية فائقة، فالكلمة التي يذكر المؤلف أنها في أغلب الظن جاءت إلينا من المصريين في عهد الحكم التركي المصري جاذبة جدا. فالمصطلح لم يطلق فقط على الطبيب الخريج بل على معظم من يداوي. يأخذني المؤلف بهذا الاسم بعيداً إلى ذكريات الطفولة و “حسن الحكيم” كما كان يعرف المساعد الطبي “حسن” الذي جاء لمداواة الناس من أقصى الشمال في ناوا إلى أربجي في الجزيرة. وأناشيد لعب الطفولة “أنا حكيم بداوي الناس من الحمى ووجع الراس”. ويضرب الكتاب على وتر حساس هو العافية “ومن حلف بالعافية ما خلى شي)، ولأهميتها فقد حاول الناس كل ما هو ممكن للطبابة وهو ما يفصل فيه الكتاب.
كتاب “الحكيم” الذي يصفه المؤلف في تواضع جم بأنه مقدمة في التاريخ الاجتماعي للطب والصحة في السودان، موسوعي وشمولي التناول، ويأتي عصارة لجهد متعاظم وشائك. هنيئا للدكتور أحمد الصافي بهذا الإنجاز الضخم الفخم الذي رفد المكتبة السودانية بسفر مرجعي أكاديمي رصين كانت تفتقده وتتعطش إليه.
صورة الغلاف: غلاف كتب الدكتور أحمد الصافي الرقمية © الدكتور أحمد الصافي، يمكن شراء الكتب على موقع أمازون
عرض لكتاب دكتور أحمد الصافي: الحكيم، من أجل أطباء أعمق فهماً لمهنتهم ولثقافات مجتمعاتهم وأكثر وعياً ببيئتهم وأحوال أهلهم. بقلم: بروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه
يشمل الكتاب التصدير، ومقدمة وتسعة فصول:
١. صحة السودان عبر القرون
٢. العقد بين الطبيب والمريض والمجتمع
٣. مفاهيم الصحة والمرض
٤. أسباب المرض والإصابة
٥. وسائل تشخيص المرض والإصابة
٦. المعالجون وطرق العلاج والوقاية
٧. العلاجات والممارسات الشعبية
٨. حصاد السنين
٩. الأفعال الطبية الضارة والطبابة الرشيدة،
وجاء في خلاصة الكتاب سرداً لما يحتويه. وذيل الكتاب بملاحق حوت أسماء الشهور السودانية، العامية الطبية وما يقابلها بالإنجليزية، معجم أهم النباتات المستعملة في الطب الشعبي، بعض الأدوية الحديثة ذات الأصول النباتية، بعض الأطباء الأجانب الذين خدموا في السودان، أهم القوانين الصحية السارية في السودان.
بدأ المؤلف في تصدير الكتاب بحديث شيق ممتع عن نفسه، رابطاً ذلك الحديث بما جرب فيه من عادات وتقاليد وطب شعبي خلال طفولته وشبابه. وتحدث في المقدمة عن أنواع ونماذج الطب، نماذج الطب البيولوجي والطب الشمولي والطب الشعبي. وأفرد الفصل الأول لصحة السودان عبر القرون اعتمد فيه على ما ورد في كتب الرحالة والجغرافيين والمستكشفين الأوائل، وفي كتب السيرة وكتابات بعض علماء الدين والمؤرخين وأطباء ومنسوبي جيوش الاحتلال التركي المصري والإنجليزي المصري وعلماء الأجناس وما جاء في كتب ومخطوطات الطب الشعبي المحلية. وقدم نماذج لكتابات الرحالة والعلماء تحديداً ما ذكروه عن الطب والصحة، مثل جون لويس بوركهارت الذي وصف صحة السودان وأمراضه، وجورج هوسكنز عالم الآثار الإنجليزي الذي زار السودان عام 1833م. وأورد المؤلف مقتطفات من الكتب التاريخية مثل كتاب نعوم شقير “جغرافية وتاريخ السودان” الذي يصفه الكاتب بأنه مصدر لا غنى عنه للباحثين في شئون صحة السودان في القرن التاسع عشر. وبهذا يورد أهمية أخرى لهذا الكتاب أغفلتُ الإشارة إليها في تعدادي لمواطن أهمية هذا الكتاب في تقديمي للطبعة التي صدرت عن دار عزة للنشر عام 2006.
أفُرد فصل للعقد بين الطبيب والمريض والمجتمع تحدث فيه المؤلف ضمن ما تحدث عنه عن أخلاقيات المهنة، وأن الأخلاقيات الطبية علم عملي وفرع من فروع فلسفة الأخلاق وفرع من فروع علم الطب وجزء أصيل من الممارسة الطبية الجيدة. وأن مهنة الطب هي المهنة الوحيدة التي كان لها منذ فجر التاريخ وبداية حضارة الإنسان آداب للممارسة تبلورت في إطار قسم يلتزم المعالجون بأدائه قبل أن يسمح لهم بالاقتراب من المرضى هو قسم أبقراط. وأمن فيه على ضرورة تواضع الطبيب والبعد عن حب الظهور.
تناول الفصل الثالث مفاهيم الصحة والمرض وتعرض للطب في ذهن العامة وفي اللغة ومفهوم المرض في الذهن الشعبي والطقوس، والرموز التي على الطبيب أن يكون ملماً بها وكيف أن الطقوس تحتل حيزاً هاماً في نسيج أي مجتمع.
بيِّن الفصل الرابع أسباب المرض والإصابة وارتباط ذلك بعوامل البيئة الطبيعة وظواهرها وعادات الناس. وتحدث عن مغزى كسوف الشمس عند الناس، وعن قوى ما بعد الطبيعة والجن والشياطين والزار وأصله والسحر والعين الحارة.
خصص الفصل الخامس لوسائل تشخيص المرض والإصابة وأوضح الفرق بين تشخيص الطبيب الحديث للمرض الذي يعتمد فيه على طرق مبنية ومستندة على البراهين العلمية، وعند عامة الناس الذين استندوا في تشخيص المرض في أغلب الأحيان على استجداء قوى الغيب وطلب عونها. ولم يترك المؤلف في هذا الفصل شيئاً لم يذكره مثلا: خت الودع وخط الرمل والرؤى الصادقة والمكاشفة والاستخارة وتفسير الأحلام والتنجيم.
أشار الفصل السادس: المعالجون وطرق العلاج والوقاية إلى أن قائمة المعالجين الذين يعنون بصحة الناس طويلة وأن لكل جماعة عرقية في السودان طبيبها أو حكيمها، وأن السودانيين عرفوا عدداً كبيراً من المعالجين الشعبيين الماهرين واستنجدوا بهم مثل الفقرا والفكيا والشيوخ والأوليا. وأعطى أمثلة لأنواع العلاج مثل الرقية والبخرة والمحاية. ولم يفت على المؤلف في هذا الفصل أن يذكر دور ربة البيت كمعاونة صحية واجتماعية ترعى أغلب شئون الأسرة بكفاءة واقتدار، وكيف أن أدوار المرأة كمعاون اجتماعي في الأسرة عديدة.
تحدث الفصل السابع: العلاجات والممارسات الشعبية عن الجراحة الشعبية ومخاطرها وختان الإناث بأنواعه والحجامة والوشم والفصد والأطراف الصناعية الشعبية وعن علي ود قيامة الذي كان طبيباً بلدياً بشرياً وبيطرياً ومنجماً، وعلاج الجروح والتخدير والحمل والولادة والأدوية الشعبية والصيدلية الشعبية التي حوت وصفات مختلفة استخدمها الناس في علاج الأمراض. والطعام والاعتقادات الخاطئة التي أثرت على صحة الناس خصوصاً الأطفال.
يتحدث المؤلف في الفصل الثامن الذي عنونه، حصاد السنين، عن مسيرة السودانيين في رعاية صحتهم خلال النصف الثاني من القرن العشرين ويرسم صورة قاتمة مبيناً فشل السودان منذ الاستقلال في إنجاز خطة تنمية شاملة ومستدامة تحقق النهضة والتقدم وتلبي حاجات الإنسان الأساسية والمادية وغير المادية، وتواصل الارتقاء بصحة البلاد. ويبين الفصل أن ازدياد عدد الأطباء والكوادر الطبية المساعدة لم يفد كثيراً لأن معدلات هجرتهم خارج البلاد كانت كبيرة ومن تبقى في الداخل هاجر للقطاع الخاص. وانتقد سياسة الإنفاق على الصحة من قبل الدولة والتي تضع الصحة في ذيل أولوياتها وأمن على ضرورة رفعها إلى أعلى القائمة إن كان الإنسان هو ما تستثمر فيه.
تحدث الفصل الثامن أيضاً عن شح الأدبيات الطبية التي يمكن أن يرجع إليها الباحث في تاريخ الطب وتراث السودان، وأن العلماء السودانيين عموماً والأطباء خصوصاً عازفون عن توثيق أعمالهم ومحجمون عن توثيق تاريخ الطب في السودان، مما نتج عن ذلك من قلة في الدراسات الطبية التاريخية والاجتماعية. لاحظ أيضاً أن التدريس في أغلب كليات الطب ما زال منبتاً لا يربط ممارسة الطب بتاريخ السودان الممتد عبر القرون ولا بموروثاته الطبية. وأن واحداً من أسباب هذا القصور هو قلة المادة الموثقة التي تعين المدرس والتلميذ. وينبه المؤلف بذلك إلى ضعف الحس الوثائقي السائد عندنا في السودان، وإهمال أوعية حفظ المعلومات الذي ضرب له المؤلف مثلاً بتآكل مكتبة المعمل القومي الصحي ومكتبة معامل استاك وتبعثر كتبها ومجلاتها التي بدأ جمعها في ١٩٠٢ وهدم المتحف التصويري في ١٩٦٣ ؟ ١٩٦٤ الذي افتتح عام ١٩٤٤. وأبان المؤلف ضرورة حفظ سجلات المهنة وتوثيق تراثها.
يتناول الفصل التاسع الأفعال الطبية الضارة والطبابة الرشيدة شرح المؤلف فيه أنواع الأفعال الطبية الضارة وما هو الفعل الطبي الضار واحتمال حدوث الفعل الطبي الضار، وأن الأفعال الطبية الضارة من علامات وأعراض مرض النظام الصحي، ومؤشر لعيوب وثغرات في النظام الصحي بأكمله، وأن إصلاح النظام الصحي يحتاج ضمن ما ذكره المؤلف لجهد متكامل مترابط ولقيادات مقنعة ومؤهلة في كل مستوى ولوعي وثقافة جديدة. أن السودان في تقدير المؤلف لن يستطيع أن يجعل حدوث الفعل الطبي الضار أقرب للمستحيل إلا بتبني واتباع نهج الطبابة الرشيدة التي شرح المؤلف معناها وبرنامجها الذي يتكون من ثلاثة محاور.
مساهمة أحمد لا تقتصر فقط على تأليف هذا الكتاب الذي أتى من تجربة، فقد بادر وأسهم في دراسات الطب الشعبي فقام معهد أبحاث الطب الشعبي بالمجلس القومي للبحوث في العام ١٩٨٢ بمبادرة منه، وذلك بغرض دراسة التراث الطبي بطريقة منهجية منظمة. وتقديرا وتثميناً لهذا الجهد وافقت منظمة الصحة العالمية على تخصيصه مركزا متعاونا معها في العام ١٩٤٨ تحت اسم (مركز منظمة الصحة العالمية المتعاون في أبحاث الطب الشعبي). كما أسس في العام ٢٠٠٤ (المؤسسة السودانية للتراث الطبي) كمنظمة أهلية تعنى بأبحاث نظم الطب وتاريخ الطب والمحافظة على التراث الصحي ورصد تطور الخدمات الطبية في السودان. وينبع اهتمامه من حقيقة أكدها في مؤلفه هي أن الطب الشعبي واسع الانتشار في الدول النامية ومنها السودان بسبب ارتفاع فاتورة العلاج في المستشفيات، ولابد من تنظيم عمل الممارسون الشعبيون. ويتواصل هم واهتمامه أحمد بطرحه في ٢٠٠٥ مشروعاً توثيقياً أسماه ثلاثية الصحة في السودان يشتمل على ثلاثة أجزاء: تاريخ الطب وسير الرواد في السودان، موسوعة الأطباء السودانيين، ببلوغرافيا الدراسات الطبية السودانية في القرن العشرين.
ومما يلفت النظر في هذا الكتاب غزارة المادة التي اعتمد عليها الكتاب، فقد زار أحمد خلال العقود الأربعة الماضية التي استغرقها تأليف الكتاب أغلب مراكز العلاج الشعبي في السودان، وراجع كل ما يمكن مراجعته من الأدبيات المتاحة مسموعة أو مكتوبة أو مرئية. ورُصدتْ ٣٥ صفحة للمصادر والمراجع التي اعتمد عليها الكتاب. ولم يترك المؤلف معلومة دون توثيقها عند ذكرها.
تسمية الكتاب “الحكيم” اختيرت بعناية فائقة، فالكلمة التي يذكر المؤلف أنها في أغلب الظن جاءت إلينا من المصريين في عهد الحكم التركي المصري جاذبة جدا. فالمصطلح لم يطلق فقط على الطبيب الخريج بل على معظم من يداوي. يأخذني المؤلف بهذا الاسم بعيداً إلى ذكريات الطفولة و “حسن الحكيم” كما كان يعرف المساعد الطبي “حسن” الذي جاء لمداواة الناس من أقصى الشمال في ناوا إلى أربجي في الجزيرة. وأناشيد لعب الطفولة “أنا حكيم بداوي الناس من الحمى ووجع الراس”. ويضرب الكتاب على وتر حساس هو العافية “ومن حلف بالعافية ما خلى شي)، ولأهميتها فقد حاول الناس كل ما هو ممكن للطبابة وهو ما يفصل فيه الكتاب.
كتاب “الحكيم” الذي يصفه المؤلف في تواضع جم بأنه مقدمة في التاريخ الاجتماعي للطب والصحة في السودان، موسوعي وشمولي التناول، ويأتي عصارة لجهد متعاظم وشائك. هنيئا للدكتور أحمد الصافي بهذا الإنجاز الضخم الفخم الذي رفد المكتبة السودانية بسفر مرجعي أكاديمي رصين كانت تفتقده وتتعطش إليه.
صورة الغلاف: غلاف كتب الدكتور أحمد الصافي الرقمية © الدكتور أحمد الصافي، يمكن شراء الكتب على موقع أمازون
طعامهم من الذرة والقمح وأكثره من الذرة، مناطق زراعتهم ضَيِّقة في شاطئ النيل. سَمَحت لهم الحكومة الإنجليزية بزراعة ضرب من التبغ يُسمَّى (قَمْشَه) gamsha، يبيعونها جنوباً و شمالاً واقتصادهم منها. إضافة إلى النخيل. من طعامهم:
وقد استخدموا الجِمَال النوبيَّة في أسفارهم لبيع القَمشَة جنوباً وشمالاً، وكلّ عائلة كان لها جملها. ولها غنمها وضأنها. وذبحهم منهما كثير. والضأن النوبي صغير الحجم، يصبر على الجوع والعطش ولحمه طيب. وكذلك الجمال النوبية أصغر من الجمال الأخرى، قوية في حُمُولها، سريعة في السير، وإذا شاخ الجمل ذبحوه، وتقاسموا لحمه. ويتركون لبنها لصغارها، ولبنهم من الماعز والضأن.
ومن طعامهم كل ما في النيل من الأسماك والتماسيح والسلاحف والورل، وقد يصطادون الأرانب بحيل لا يعرفها غيرهم. كما يصطادون الطيور كالقمري والطيور المهاجرة إلى ديارهم في فصل الشتاء، وهذا شغل صغارهم.
ومن أهمها العرقي. وهم يستوردونها من دنقلا، وأهل دنقلا يصنعونه باحترافية عالية على أيدي نسائهم.
استخرج مواطنوها الخمور من محاصيلهم المحلية، وشربوها في أوقات الفراغ خاصة في المساء، وكان -ومازال- لكلّ فصل نوع معين من الخمر؛ النبيت في الشتاء، والدكَّاي في الصيف. وقد تحدّثنا -في أشربة أهل بطن الحجر- كيفية صنع النبيت والدكاي.
وقد ينهض جماعة من الشباب لعمل العرقي على شاطئ النيل. يستفيدون من برودة شاطئ النيل. يكون البلح مُخمَّراً لثلاثة أيام تقريباً. يُوضع البلح المُخَمَّر على ماعون يرفع على النار. ولو وصل إلى مرحلة الغليان أزالوا من تحته الوقود، فكلّما قلَّ الوقود هبط الغليان. هنا يؤتى بخرطوش مُخصَّص يُلَفّ على ماسورة الماعون بشرط أن يوضع ثلج أو ماء بارد في مسار الخرطوش لغرض التَكَثُّف والسّيولة. وهناك زجاجات جاهزة لاستقبال ما يَسِيل. وأدوات صناعة العرقي يصنعها الشباب عند الحدادين.
صورة الغلاف: حجر الطحن "محراكة" © متحف دارفور، نيالا
طعامهم من الذرة والقمح وأكثره من الذرة، مناطق زراعتهم ضَيِّقة في شاطئ النيل. سَمَحت لهم الحكومة الإنجليزية بزراعة ضرب من التبغ يُسمَّى (قَمْشَه) gamsha، يبيعونها جنوباً و شمالاً واقتصادهم منها. إضافة إلى النخيل. من طعامهم:
وقد استخدموا الجِمَال النوبيَّة في أسفارهم لبيع القَمشَة جنوباً وشمالاً، وكلّ عائلة كان لها جملها. ولها غنمها وضأنها. وذبحهم منهما كثير. والضأن النوبي صغير الحجم، يصبر على الجوع والعطش ولحمه طيب. وكذلك الجمال النوبية أصغر من الجمال الأخرى، قوية في حُمُولها، سريعة في السير، وإذا شاخ الجمل ذبحوه، وتقاسموا لحمه. ويتركون لبنها لصغارها، ولبنهم من الماعز والضأن.
ومن طعامهم كل ما في النيل من الأسماك والتماسيح والسلاحف والورل، وقد يصطادون الأرانب بحيل لا يعرفها غيرهم. كما يصطادون الطيور كالقمري والطيور المهاجرة إلى ديارهم في فصل الشتاء، وهذا شغل صغارهم.
ومن أهمها العرقي. وهم يستوردونها من دنقلا، وأهل دنقلا يصنعونه باحترافية عالية على أيدي نسائهم.
استخرج مواطنوها الخمور من محاصيلهم المحلية، وشربوها في أوقات الفراغ خاصة في المساء، وكان -ومازال- لكلّ فصل نوع معين من الخمر؛ النبيت في الشتاء، والدكَّاي في الصيف. وقد تحدّثنا -في أشربة أهل بطن الحجر- كيفية صنع النبيت والدكاي.
وقد ينهض جماعة من الشباب لعمل العرقي على شاطئ النيل. يستفيدون من برودة شاطئ النيل. يكون البلح مُخمَّراً لثلاثة أيام تقريباً. يُوضع البلح المُخَمَّر على ماعون يرفع على النار. ولو وصل إلى مرحلة الغليان أزالوا من تحته الوقود، فكلّما قلَّ الوقود هبط الغليان. هنا يؤتى بخرطوش مُخصَّص يُلَفّ على ماسورة الماعون بشرط أن يوضع ثلج أو ماء بارد في مسار الخرطوش لغرض التَكَثُّف والسّيولة. وهناك زجاجات جاهزة لاستقبال ما يَسِيل. وأدوات صناعة العرقي يصنعها الشباب عند الحدادين.
صورة الغلاف: حجر الطحن "محراكة" © متحف دارفور، نيالا
طعامهم من الذرة والقمح وأكثره من الذرة، مناطق زراعتهم ضَيِّقة في شاطئ النيل. سَمَحت لهم الحكومة الإنجليزية بزراعة ضرب من التبغ يُسمَّى (قَمْشَه) gamsha، يبيعونها جنوباً و شمالاً واقتصادهم منها. إضافة إلى النخيل. من طعامهم:
وقد استخدموا الجِمَال النوبيَّة في أسفارهم لبيع القَمشَة جنوباً وشمالاً، وكلّ عائلة كان لها جملها. ولها غنمها وضأنها. وذبحهم منهما كثير. والضأن النوبي صغير الحجم، يصبر على الجوع والعطش ولحمه طيب. وكذلك الجمال النوبية أصغر من الجمال الأخرى، قوية في حُمُولها، سريعة في السير، وإذا شاخ الجمل ذبحوه، وتقاسموا لحمه. ويتركون لبنها لصغارها، ولبنهم من الماعز والضأن.
ومن طعامهم كل ما في النيل من الأسماك والتماسيح والسلاحف والورل، وقد يصطادون الأرانب بحيل لا يعرفها غيرهم. كما يصطادون الطيور كالقمري والطيور المهاجرة إلى ديارهم في فصل الشتاء، وهذا شغل صغارهم.
ومن أهمها العرقي. وهم يستوردونها من دنقلا، وأهل دنقلا يصنعونه باحترافية عالية على أيدي نسائهم.
استخرج مواطنوها الخمور من محاصيلهم المحلية، وشربوها في أوقات الفراغ خاصة في المساء، وكان -ومازال- لكلّ فصل نوع معين من الخمر؛ النبيت في الشتاء، والدكَّاي في الصيف. وقد تحدّثنا -في أشربة أهل بطن الحجر- كيفية صنع النبيت والدكاي.
وقد ينهض جماعة من الشباب لعمل العرقي على شاطئ النيل. يستفيدون من برودة شاطئ النيل. يكون البلح مُخمَّراً لثلاثة أيام تقريباً. يُوضع البلح المُخَمَّر على ماعون يرفع على النار. ولو وصل إلى مرحلة الغليان أزالوا من تحته الوقود، فكلّما قلَّ الوقود هبط الغليان. هنا يؤتى بخرطوش مُخصَّص يُلَفّ على ماسورة الماعون بشرط أن يوضع ثلج أو ماء بارد في مسار الخرطوش لغرض التَكَثُّف والسّيولة. وهناك زجاجات جاهزة لاستقبال ما يَسِيل. وأدوات صناعة العرقي يصنعها الشباب عند الحدادين.
صورة الغلاف: حجر الطحن "محراكة" © متحف دارفور، نيالا
مُقدّمة
في دِرَاساتنا نُفَرِّق بين (قبائل) السودان و(شُعُوبه). فألفاظ (قبيلة - قبائل) تُطلَق -لغوياً وتاريخياً- على العرب فقط. وألفاظ (شعب - شعوب)، تُطلَق على غير العرب. ذلك في قياس ثنائية الهُوِيَّة في السودان بين الأفارقة والعرب. على ذلك فالفور شعب من شعوب السودان، في جنوبه الغربي.
تَعَرَّفنا على شعب الفور بعد هجرة النوبيين لسهل أرض البطانة. كان مشروع حلفا الجديدة الزراعي قد قام في عام ١٩٦٣م تقريباً. للعمل في هذا المشروع هاجر كثيرون إليه من غرب السودان ومنهم الفور. عملوا كعمال أولاً، ثم مؤجري حواشات١، وسكنوا داخل المشروع. دخلوا بيوتنا ودخلنا بيوتهم وعرفناهم عن قُرب، وشاركناهم طعامهم وشرابهم.
حَوَّاشَات المشروع تَجِد فيه الفئرانُ أماكنَ طَيِّبة لهم في شُقُوق أرضها. فئرانٌ كبيرةُ الحجم. يصطادها الفور بأساليب عديدة. ومن كَثَرَتِها يَكُون للواحد منهم عدداً مُعتَبَراً يوميّاً، بعد اصطيادها نجد للواحد منهم حبلاً يمتدُّ في راكوبته٢ تُعلَّق فيه الفئران من أذنانها مسلوخةً حتى تنشف. هنا تُدَقُّ في مَدَقٍّ ثم يُخَزَّن حرزٍ حريز، فهو لحمٌ نافعٌ في الطعام.
طعامهم من الذرة فقط يصنعون منها العصيدة، عرفنا منهم العصيدة، وحمام الشقوق والمولاص. العصيدة من الذرة، دقيقهاً يُعجَن ويُوضَع في إناء يوضع على نار. تحركه المرأة حتى تتلبك وتتماسك، ثم يُضاف لها مسحوق لحم وعظام الفئران الهَشَّان. وهذا هو مسحوق (حَمام الشقوق) اسماً للفئران عندهم، ومع الملح يأتي هذا الطعام ليس مثله طعام، أبداً.
المولاص moˉlaˉs بإمالة الميم واللام، طعام وشراب. فإذا خَرَج الرجل للعمل في الحوَّاشة زوَّدته زوجته به في إناء غير صغير. ذَكَرَهُ الباحث الزاكي عبد الحميد أحمد في كتابٍ له وأخطأ. قال: (المريسة نقع الشيء كالتمر والعجين في الماء ثم تحريكه حتى يَنمَاص، والعجين الذي يُمَاص ويُصفَّى هو المريسة٣. هذا هو المولاص لا المريسة التي سنأتي لسيرتها. قلتُ إن المولاص تزوِّد به الزوجة زوجها، وهو من الذرة فقط.
يخرج الجميع إلى الحوَّاشة: الرجل والمرأة والأولاد والبنات للعمل، هذا ديدنهم حتى في (الجُبرَاكَات) في بلادهم٤، والمولاص هنا طعامهم وشرابهم طول يوم عملهم. ولا يقرب الفور القمح رغم أنهم يزرعونه في المشروع، ويزعم النوبيون والعرب في حلفا الجديدة أنه من النادر جداً أن تَجِدَ مريضاً منهم في مستشفاها، فطعامهم -كما يرون- الذرة والدخن والعصيدة مع مسحوق حمام الشقوق اللذيذ الطاعم.
***
ما قُلناه من قبل، كان للفور في مشروع حلفا للجديدة فحسب. وكُنَّا شهوداً له، أما في بلادهم، الآن، فقد لخَّصه المؤرخ محمد بن عمر التونسي في كتابه (تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد السودان) أو (بسيرة بلاد العرب والسودان). قال ما قال، داخلاً إلى الموضوع مَدخَلاً وقفنا عنده كثيراً. قال: (ومعيشتهم في غاية الانحطاط، لو تناول منها أحد من بلادنا مرةً واحدةً لذَهَبَ منه النشاط لأنَّ أَكثَر مأكلهم إما مُرَّةٌ أو مُتَعَفِّنة، ويرون أن هذه هي النعمة المُستَحسَنَة)٥: وهو يعني بلفظ بلادنا (تونس). فهو منها.
كان التونسيّ هذا قريباً من سلطان دارفور، وقد عاف ما يأكل أهل دارفور، خاصة الويكة weka بإمالة الواو وفَتح الكاف. شأنه في ذلك شأن الغريب العربي الحكيم المُتدَيِّن الذي يُكرِّمه أهل البلاد، لكن، أن يعاف طعام البلد الذي صَار فيه، ليس من الدين في شيء. لكن مستضيفوه كانوا يتخيَّرون له طعاماً غير طعامهم٦.
وهو -التونسي- قد ذَكَر (الويكة). وهي في الأصل البامية الناشفة، يدقُّونها في مدقٍّ ويغربلونها ويستخدمونها إداماً للعصيدة. لكن هناك أنواع أخرى من الويكة عنده:
ويكة الهجليج تؤخذ من صَفَق شجر الهجليج أو ثمرها. يجب أن يكون الصفق (الورق) طريّاً وجديداً، يدقّونه كما هو ويوضع في قدرٍ على النار مع تحريكه بالمِسوَاط حتى يمتزج مع ما فيه من الماء والدهن. وإن كانت الويكة من الثمر، ينقعون الثمر في الماء ويصفُّونَه في قِدرٍ فيُضاف عليها لحم ثم يكون إداماً للعصيدة.
وويكة الدودري تُؤخد من عظام الغنم والبقر وسائر الحيوانات، خاصة عظم الرُكبة والصدر، يُجَرِّدونها من اللّحم ويضعون العظام في ماعونٍ يقفلونه لزمن، ثم يهرسون ما في الماعون مع اللحم ويصنعون منه كُرات في حجم البرتقال ويأكلونه.
وإذا أرادوا طبخة، أخذوا من هذه الكرات ما أرادوا، وذوَّبوها في الماء وصفُّوها ورَفَعُوها على النار مع زيادة البصل والسمن والملح والفلفل، وهذا طعامٌ طَيِّب عندهم. من طعام المُوسرين.
غالب طعام الفور من النباتات في بلادهم. يزرعون الدخن. وهو أساس في إدام العصيدة به أو يصنعون منه العصيدة ذاتها. كما يزرعون الذرة. وفي معقلهم في جبل مَرَّة، المعروفة بكل فواكه الدنيا، يزرعون القمح ولا يأكلول منه بل يُصدِّرُونه لأسواقٍ أخرى. وأشجار الفواكه في جبل مرة تتجدَّد مع توافر الماء وجريانه. للفور أسماء لبعض مكوّنات طعامهم، مثل:
• نيلمو: niyalmo. وهو ورق شجر الهجليج الطريّ.
عنقلو: angalo، وهو ثمر الهجليج الأخضر.
كَوَل: Kawal، ويكون تكويراً لنباتات عفنة، تُدفَن في الأرض لزمنٍ يسودّ لونها ومسحوقه يُرَشُّ في الطعام كبهار.
كنبو: Kanbo. وهو رماد يُستَخدم في الطعام بدلاً عن الملح لنُدرته عندهم.
***
فيما يختصّ بالصيد والقنص -لتوفير اللحوم لأنفسهم وللآخرين- ينقسم الفور إلى قسمين:
ا - صَيَّادون قَنَّاصة.
- صيادون محترفون.
الصيادون القناصة من يخرجون فرادى للصيد والقنص معتمدين على قدراتهم الخاصة وشجاعتهم ومعرفتهم بأمور الحيوانات بالخبرة، سواءً كانت وحشيةً أو غير وحشية. والصيادون المحترفون من يخرجون جماعةً يدعوهم للخروج كل يوم سبت الوَرنَانِيح warnanih، وهو القائد ضارب طَبْل مخصوص يَجمعهم.
يقول محمد بن عمر التونسي في صيدهم: (منهم من يصطاد ذوات الأربع، كالغزال وبقر الوحش والجاموس والفيل والضباع والسباع والخرتيت وحيد القرن، والأرانب وأبو الحصين (الثعالب)٧.
الغزلان والأرانب يصطادونها بالكلاب (كلاب الصيد المُربَّاة للصيد)، ومنهم من يصطادها بالسَفَرُوق safarug٨. وفي مناطق السافنا الغنية، دَرَج الناس على الصيد -صيد هذه الحيوانات بطُرق مختلفة:
* الفيل دائماً - في جماعة تَرِد الماء. يحفرون حفرةً واسعة عميقة في مسارها، هذه الحفرة سقفها من الحشائش ونَثرٌ قليلٌ من التراب. ويغرزون في قَعْر الحُفرة عَصا سنينة قائمة طوليَّاً. قَطعَاً يقع الفيل في الحفرة، ويأتي الأفراد أصحاب الحفرة، يقتلونه بالحراب، وبِرفعه بالحبال يخلّصونه من العصا السنينة المُنغَرزة في لحمه. وهكذا صيد السباع وبقر الوحش والجاموس والخرتيت. يجعلون من لَحمِهَا شَرَامِيط٩ يأكلونها نيِّئةً وناشفة، ويبيعون منها لمن أراد.
ومن صيد الفور الطيور. وأهمها الحبارى. وفيهم من هو مُتَخَصِّصٌ في صيدها. وطُعم صيدها دود أو حشرات. ومن جنس الطيور عندهم ما يسمونه أبو منظرة، أكبر من الحبارى. ولصيدهما يعقدون تيلاً كحبل، ويضعون في عقدته دوداً أو حشرة يراها الطائر من بعيد، فيسرع إليها ليبتلعها بعقدتها، ثم يُقبض عليهما، ولحمهما من اللحوم المستطابة عندهم.
و يصطادون الطيور الصغيرة بشباك في أركانها عِصِي مستقيمة تصيرُ بها مربعة أو مستطيلة. الشبكة تُرفَع مسنودةً بعصا في رأسها حبل، ينشرون الحَب في ظِلها والحبل في يد الصائد بعيداً، عندما تتجمَّع الطيور في ظل الشبكة لتأكل الحَب، يجذب الصائد الحبل فتقع الشبكة على الطيور فقد اصطادها. يزيلون عنها الريش ثم يَشوونَها على النار ويأكلونها لحماً هَشَّاً لذيذاً١٠١٠.
لِمَعلومات عن أكل الفور لحوم الأفيال والضباع والسباع والخرتيت وغيرها من الحيوانات الوحشية، جلسنا مع رجل منهم هو محمد آدم صالح محمد في وادي حلفا، هل يأكلون لحومها كما قال التونسي؟ كانت إجابته: قد يأكلها بعضهم كالدرامدة daramda والفقراء. لكن الآخرين يأخذون منها جلودها كسياط (مفردها سوط) ومن يصنعون من جلودها أحذية والدرق (مفردها دَرَقَة) يبيعونها للعساكر والدواس١١١١. والفاشر عاصمة دارفور مشهورة بالأحذية الفاشرية من جلود النمور وغيرها)١٢.
***
المريسة marisa عند الفور طعام وشراب، الشراب للسُّكر والاجتماع مع الندامى الأصدقاء والطعام للطاقة والنشاط. وهي من الذرة. يوضع تيراب الذرة زراعةً ويُغطّى بجوال مبلول بالماء، وفي حدود ثلاثة أيام تنبُت الذرة. وتُسَمَّى هنا الذرِّيعة. تنشف الذريعة وتُطحَن وتُوضَع مع الماء في مواعين نظيفة كبيرة حتى تعلوها الرغوة. فَتَسُوغ للشراب. ومقدار شرب الفرد منها عَبَار abar. ولمن أراد السكر عباران وأكثر. ولمن أراد الطاقة والنشاط عبار يَشرَبه على عجل ويذهب نشيطاً، وعلى الرغم من أنها مسكرة، فإنها ليست حراماً فيما يرون.
صورة الغلاف: أدوات الطبخ © متحف المرأة، نيالا
مُقدّمة
في دِرَاساتنا نُفَرِّق بين (قبائل) السودان و(شُعُوبه). فألفاظ (قبيلة - قبائل) تُطلَق -لغوياً وتاريخياً- على العرب فقط. وألفاظ (شعب - شعوب)، تُطلَق على غير العرب. ذلك في قياس ثنائية الهُوِيَّة في السودان بين الأفارقة والعرب. على ذلك فالفور شعب من شعوب السودان، في جنوبه الغربي.
تَعَرَّفنا على شعب الفور بعد هجرة النوبيين لسهل أرض البطانة. كان مشروع حلفا الجديدة الزراعي قد قام في عام ١٩٦٣م تقريباً. للعمل في هذا المشروع هاجر كثيرون إليه من غرب السودان ومنهم الفور. عملوا كعمال أولاً، ثم مؤجري حواشات١، وسكنوا داخل المشروع. دخلوا بيوتنا ودخلنا بيوتهم وعرفناهم عن قُرب، وشاركناهم طعامهم وشرابهم.
حَوَّاشَات المشروع تَجِد فيه الفئرانُ أماكنَ طَيِّبة لهم في شُقُوق أرضها. فئرانٌ كبيرةُ الحجم. يصطادها الفور بأساليب عديدة. ومن كَثَرَتِها يَكُون للواحد منهم عدداً مُعتَبَراً يوميّاً، بعد اصطيادها نجد للواحد منهم حبلاً يمتدُّ في راكوبته٢ تُعلَّق فيه الفئران من أذنانها مسلوخةً حتى تنشف. هنا تُدَقُّ في مَدَقٍّ ثم يُخَزَّن حرزٍ حريز، فهو لحمٌ نافعٌ في الطعام.
طعامهم من الذرة فقط يصنعون منها العصيدة، عرفنا منهم العصيدة، وحمام الشقوق والمولاص. العصيدة من الذرة، دقيقهاً يُعجَن ويُوضَع في إناء يوضع على نار. تحركه المرأة حتى تتلبك وتتماسك، ثم يُضاف لها مسحوق لحم وعظام الفئران الهَشَّان. وهذا هو مسحوق (حَمام الشقوق) اسماً للفئران عندهم، ومع الملح يأتي هذا الطعام ليس مثله طعام، أبداً.
المولاص moˉlaˉs بإمالة الميم واللام، طعام وشراب. فإذا خَرَج الرجل للعمل في الحوَّاشة زوَّدته زوجته به في إناء غير صغير. ذَكَرَهُ الباحث الزاكي عبد الحميد أحمد في كتابٍ له وأخطأ. قال: (المريسة نقع الشيء كالتمر والعجين في الماء ثم تحريكه حتى يَنمَاص، والعجين الذي يُمَاص ويُصفَّى هو المريسة٣. هذا هو المولاص لا المريسة التي سنأتي لسيرتها. قلتُ إن المولاص تزوِّد به الزوجة زوجها، وهو من الذرة فقط.
يخرج الجميع إلى الحوَّاشة: الرجل والمرأة والأولاد والبنات للعمل، هذا ديدنهم حتى في (الجُبرَاكَات) في بلادهم٤، والمولاص هنا طعامهم وشرابهم طول يوم عملهم. ولا يقرب الفور القمح رغم أنهم يزرعونه في المشروع، ويزعم النوبيون والعرب في حلفا الجديدة أنه من النادر جداً أن تَجِدَ مريضاً منهم في مستشفاها، فطعامهم -كما يرون- الذرة والدخن والعصيدة مع مسحوق حمام الشقوق اللذيذ الطاعم.
***
ما قُلناه من قبل، كان للفور في مشروع حلفا للجديدة فحسب. وكُنَّا شهوداً له، أما في بلادهم، الآن، فقد لخَّصه المؤرخ محمد بن عمر التونسي في كتابه (تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد السودان) أو (بسيرة بلاد العرب والسودان). قال ما قال، داخلاً إلى الموضوع مَدخَلاً وقفنا عنده كثيراً. قال: (ومعيشتهم في غاية الانحطاط، لو تناول منها أحد من بلادنا مرةً واحدةً لذَهَبَ منه النشاط لأنَّ أَكثَر مأكلهم إما مُرَّةٌ أو مُتَعَفِّنة، ويرون أن هذه هي النعمة المُستَحسَنَة)٥: وهو يعني بلفظ بلادنا (تونس). فهو منها.
كان التونسيّ هذا قريباً من سلطان دارفور، وقد عاف ما يأكل أهل دارفور، خاصة الويكة weka بإمالة الواو وفَتح الكاف. شأنه في ذلك شأن الغريب العربي الحكيم المُتدَيِّن الذي يُكرِّمه أهل البلاد، لكن، أن يعاف طعام البلد الذي صَار فيه، ليس من الدين في شيء. لكن مستضيفوه كانوا يتخيَّرون له طعاماً غير طعامهم٦.
وهو -التونسي- قد ذَكَر (الويكة). وهي في الأصل البامية الناشفة، يدقُّونها في مدقٍّ ويغربلونها ويستخدمونها إداماً للعصيدة. لكن هناك أنواع أخرى من الويكة عنده:
ويكة الهجليج تؤخذ من صَفَق شجر الهجليج أو ثمرها. يجب أن يكون الصفق (الورق) طريّاً وجديداً، يدقّونه كما هو ويوضع في قدرٍ على النار مع تحريكه بالمِسوَاط حتى يمتزج مع ما فيه من الماء والدهن. وإن كانت الويكة من الثمر، ينقعون الثمر في الماء ويصفُّونَه في قِدرٍ فيُضاف عليها لحم ثم يكون إداماً للعصيدة.
وويكة الدودري تُؤخد من عظام الغنم والبقر وسائر الحيوانات، خاصة عظم الرُكبة والصدر، يُجَرِّدونها من اللّحم ويضعون العظام في ماعونٍ يقفلونه لزمن، ثم يهرسون ما في الماعون مع اللحم ويصنعون منه كُرات في حجم البرتقال ويأكلونه.
وإذا أرادوا طبخة، أخذوا من هذه الكرات ما أرادوا، وذوَّبوها في الماء وصفُّوها ورَفَعُوها على النار مع زيادة البصل والسمن والملح والفلفل، وهذا طعامٌ طَيِّب عندهم. من طعام المُوسرين.
غالب طعام الفور من النباتات في بلادهم. يزرعون الدخن. وهو أساس في إدام العصيدة به أو يصنعون منه العصيدة ذاتها. كما يزرعون الذرة. وفي معقلهم في جبل مَرَّة، المعروفة بكل فواكه الدنيا، يزرعون القمح ولا يأكلول منه بل يُصدِّرُونه لأسواقٍ أخرى. وأشجار الفواكه في جبل مرة تتجدَّد مع توافر الماء وجريانه. للفور أسماء لبعض مكوّنات طعامهم، مثل:
• نيلمو: niyalmo. وهو ورق شجر الهجليج الطريّ.
عنقلو: angalo، وهو ثمر الهجليج الأخضر.
كَوَل: Kawal، ويكون تكويراً لنباتات عفنة، تُدفَن في الأرض لزمنٍ يسودّ لونها ومسحوقه يُرَشُّ في الطعام كبهار.
كنبو: Kanbo. وهو رماد يُستَخدم في الطعام بدلاً عن الملح لنُدرته عندهم.
***
فيما يختصّ بالصيد والقنص -لتوفير اللحوم لأنفسهم وللآخرين- ينقسم الفور إلى قسمين:
ا - صَيَّادون قَنَّاصة.
- صيادون محترفون.
الصيادون القناصة من يخرجون فرادى للصيد والقنص معتمدين على قدراتهم الخاصة وشجاعتهم ومعرفتهم بأمور الحيوانات بالخبرة، سواءً كانت وحشيةً أو غير وحشية. والصيادون المحترفون من يخرجون جماعةً يدعوهم للخروج كل يوم سبت الوَرنَانِيح warnanih، وهو القائد ضارب طَبْل مخصوص يَجمعهم.
يقول محمد بن عمر التونسي في صيدهم: (منهم من يصطاد ذوات الأربع، كالغزال وبقر الوحش والجاموس والفيل والضباع والسباع والخرتيت وحيد القرن، والأرانب وأبو الحصين (الثعالب)٧.
الغزلان والأرانب يصطادونها بالكلاب (كلاب الصيد المُربَّاة للصيد)، ومنهم من يصطادها بالسَفَرُوق safarug٨. وفي مناطق السافنا الغنية، دَرَج الناس على الصيد -صيد هذه الحيوانات بطُرق مختلفة:
* الفيل دائماً - في جماعة تَرِد الماء. يحفرون حفرةً واسعة عميقة في مسارها، هذه الحفرة سقفها من الحشائش ونَثرٌ قليلٌ من التراب. ويغرزون في قَعْر الحُفرة عَصا سنينة قائمة طوليَّاً. قَطعَاً يقع الفيل في الحفرة، ويأتي الأفراد أصحاب الحفرة، يقتلونه بالحراب، وبِرفعه بالحبال يخلّصونه من العصا السنينة المُنغَرزة في لحمه. وهكذا صيد السباع وبقر الوحش والجاموس والخرتيت. يجعلون من لَحمِهَا شَرَامِيط٩ يأكلونها نيِّئةً وناشفة، ويبيعون منها لمن أراد.
ومن صيد الفور الطيور. وأهمها الحبارى. وفيهم من هو مُتَخَصِّصٌ في صيدها. وطُعم صيدها دود أو حشرات. ومن جنس الطيور عندهم ما يسمونه أبو منظرة، أكبر من الحبارى. ولصيدهما يعقدون تيلاً كحبل، ويضعون في عقدته دوداً أو حشرة يراها الطائر من بعيد، فيسرع إليها ليبتلعها بعقدتها، ثم يُقبض عليهما، ولحمهما من اللحوم المستطابة عندهم.
و يصطادون الطيور الصغيرة بشباك في أركانها عِصِي مستقيمة تصيرُ بها مربعة أو مستطيلة. الشبكة تُرفَع مسنودةً بعصا في رأسها حبل، ينشرون الحَب في ظِلها والحبل في يد الصائد بعيداً، عندما تتجمَّع الطيور في ظل الشبكة لتأكل الحَب، يجذب الصائد الحبل فتقع الشبكة على الطيور فقد اصطادها. يزيلون عنها الريش ثم يَشوونَها على النار ويأكلونها لحماً هَشَّاً لذيذاً١٠١٠.
لِمَعلومات عن أكل الفور لحوم الأفيال والضباع والسباع والخرتيت وغيرها من الحيوانات الوحشية، جلسنا مع رجل منهم هو محمد آدم صالح محمد في وادي حلفا، هل يأكلون لحومها كما قال التونسي؟ كانت إجابته: قد يأكلها بعضهم كالدرامدة daramda والفقراء. لكن الآخرين يأخذون منها جلودها كسياط (مفردها سوط) ومن يصنعون من جلودها أحذية والدرق (مفردها دَرَقَة) يبيعونها للعساكر والدواس١١١١. والفاشر عاصمة دارفور مشهورة بالأحذية الفاشرية من جلود النمور وغيرها)١٢.
***
المريسة marisa عند الفور طعام وشراب، الشراب للسُّكر والاجتماع مع الندامى الأصدقاء والطعام للطاقة والنشاط. وهي من الذرة. يوضع تيراب الذرة زراعةً ويُغطّى بجوال مبلول بالماء، وفي حدود ثلاثة أيام تنبُت الذرة. وتُسَمَّى هنا الذرِّيعة. تنشف الذريعة وتُطحَن وتُوضَع مع الماء في مواعين نظيفة كبيرة حتى تعلوها الرغوة. فَتَسُوغ للشراب. ومقدار شرب الفرد منها عَبَار abar. ولمن أراد السكر عباران وأكثر. ولمن أراد الطاقة والنشاط عبار يَشرَبه على عجل ويذهب نشيطاً، وعلى الرغم من أنها مسكرة، فإنها ليست حراماً فيما يرون.
صورة الغلاف: أدوات الطبخ © متحف المرأة، نيالا
مُقدّمة
في دِرَاساتنا نُفَرِّق بين (قبائل) السودان و(شُعُوبه). فألفاظ (قبيلة - قبائل) تُطلَق -لغوياً وتاريخياً- على العرب فقط. وألفاظ (شعب - شعوب)، تُطلَق على غير العرب. ذلك في قياس ثنائية الهُوِيَّة في السودان بين الأفارقة والعرب. على ذلك فالفور شعب من شعوب السودان، في جنوبه الغربي.
تَعَرَّفنا على شعب الفور بعد هجرة النوبيين لسهل أرض البطانة. كان مشروع حلفا الجديدة الزراعي قد قام في عام ١٩٦٣م تقريباً. للعمل في هذا المشروع هاجر كثيرون إليه من غرب السودان ومنهم الفور. عملوا كعمال أولاً، ثم مؤجري حواشات١، وسكنوا داخل المشروع. دخلوا بيوتنا ودخلنا بيوتهم وعرفناهم عن قُرب، وشاركناهم طعامهم وشرابهم.
حَوَّاشَات المشروع تَجِد فيه الفئرانُ أماكنَ طَيِّبة لهم في شُقُوق أرضها. فئرانٌ كبيرةُ الحجم. يصطادها الفور بأساليب عديدة. ومن كَثَرَتِها يَكُون للواحد منهم عدداً مُعتَبَراً يوميّاً، بعد اصطيادها نجد للواحد منهم حبلاً يمتدُّ في راكوبته٢ تُعلَّق فيه الفئران من أذنانها مسلوخةً حتى تنشف. هنا تُدَقُّ في مَدَقٍّ ثم يُخَزَّن حرزٍ حريز، فهو لحمٌ نافعٌ في الطعام.
طعامهم من الذرة فقط يصنعون منها العصيدة، عرفنا منهم العصيدة، وحمام الشقوق والمولاص. العصيدة من الذرة، دقيقهاً يُعجَن ويُوضَع في إناء يوضع على نار. تحركه المرأة حتى تتلبك وتتماسك، ثم يُضاف لها مسحوق لحم وعظام الفئران الهَشَّان. وهذا هو مسحوق (حَمام الشقوق) اسماً للفئران عندهم، ومع الملح يأتي هذا الطعام ليس مثله طعام، أبداً.
المولاص moˉlaˉs بإمالة الميم واللام، طعام وشراب. فإذا خَرَج الرجل للعمل في الحوَّاشة زوَّدته زوجته به في إناء غير صغير. ذَكَرَهُ الباحث الزاكي عبد الحميد أحمد في كتابٍ له وأخطأ. قال: (المريسة نقع الشيء كالتمر والعجين في الماء ثم تحريكه حتى يَنمَاص، والعجين الذي يُمَاص ويُصفَّى هو المريسة٣. هذا هو المولاص لا المريسة التي سنأتي لسيرتها. قلتُ إن المولاص تزوِّد به الزوجة زوجها، وهو من الذرة فقط.
يخرج الجميع إلى الحوَّاشة: الرجل والمرأة والأولاد والبنات للعمل، هذا ديدنهم حتى في (الجُبرَاكَات) في بلادهم٤، والمولاص هنا طعامهم وشرابهم طول يوم عملهم. ولا يقرب الفور القمح رغم أنهم يزرعونه في المشروع، ويزعم النوبيون والعرب في حلفا الجديدة أنه من النادر جداً أن تَجِدَ مريضاً منهم في مستشفاها، فطعامهم -كما يرون- الذرة والدخن والعصيدة مع مسحوق حمام الشقوق اللذيذ الطاعم.
***
ما قُلناه من قبل، كان للفور في مشروع حلفا للجديدة فحسب. وكُنَّا شهوداً له، أما في بلادهم، الآن، فقد لخَّصه المؤرخ محمد بن عمر التونسي في كتابه (تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد السودان) أو (بسيرة بلاد العرب والسودان). قال ما قال، داخلاً إلى الموضوع مَدخَلاً وقفنا عنده كثيراً. قال: (ومعيشتهم في غاية الانحطاط، لو تناول منها أحد من بلادنا مرةً واحدةً لذَهَبَ منه النشاط لأنَّ أَكثَر مأكلهم إما مُرَّةٌ أو مُتَعَفِّنة، ويرون أن هذه هي النعمة المُستَحسَنَة)٥: وهو يعني بلفظ بلادنا (تونس). فهو منها.
كان التونسيّ هذا قريباً من سلطان دارفور، وقد عاف ما يأكل أهل دارفور، خاصة الويكة weka بإمالة الواو وفَتح الكاف. شأنه في ذلك شأن الغريب العربي الحكيم المُتدَيِّن الذي يُكرِّمه أهل البلاد، لكن، أن يعاف طعام البلد الذي صَار فيه، ليس من الدين في شيء. لكن مستضيفوه كانوا يتخيَّرون له طعاماً غير طعامهم٦.
وهو -التونسي- قد ذَكَر (الويكة). وهي في الأصل البامية الناشفة، يدقُّونها في مدقٍّ ويغربلونها ويستخدمونها إداماً للعصيدة. لكن هناك أنواع أخرى من الويكة عنده:
ويكة الهجليج تؤخذ من صَفَق شجر الهجليج أو ثمرها. يجب أن يكون الصفق (الورق) طريّاً وجديداً، يدقّونه كما هو ويوضع في قدرٍ على النار مع تحريكه بالمِسوَاط حتى يمتزج مع ما فيه من الماء والدهن. وإن كانت الويكة من الثمر، ينقعون الثمر في الماء ويصفُّونَه في قِدرٍ فيُضاف عليها لحم ثم يكون إداماً للعصيدة.
وويكة الدودري تُؤخد من عظام الغنم والبقر وسائر الحيوانات، خاصة عظم الرُكبة والصدر، يُجَرِّدونها من اللّحم ويضعون العظام في ماعونٍ يقفلونه لزمن، ثم يهرسون ما في الماعون مع اللحم ويصنعون منه كُرات في حجم البرتقال ويأكلونه.
وإذا أرادوا طبخة، أخذوا من هذه الكرات ما أرادوا، وذوَّبوها في الماء وصفُّوها ورَفَعُوها على النار مع زيادة البصل والسمن والملح والفلفل، وهذا طعامٌ طَيِّب عندهم. من طعام المُوسرين.
غالب طعام الفور من النباتات في بلادهم. يزرعون الدخن. وهو أساس في إدام العصيدة به أو يصنعون منه العصيدة ذاتها. كما يزرعون الذرة. وفي معقلهم في جبل مَرَّة، المعروفة بكل فواكه الدنيا، يزرعون القمح ولا يأكلول منه بل يُصدِّرُونه لأسواقٍ أخرى. وأشجار الفواكه في جبل مرة تتجدَّد مع توافر الماء وجريانه. للفور أسماء لبعض مكوّنات طعامهم، مثل:
• نيلمو: niyalmo. وهو ورق شجر الهجليج الطريّ.
عنقلو: angalo، وهو ثمر الهجليج الأخضر.
كَوَل: Kawal، ويكون تكويراً لنباتات عفنة، تُدفَن في الأرض لزمنٍ يسودّ لونها ومسحوقه يُرَشُّ في الطعام كبهار.
كنبو: Kanbo. وهو رماد يُستَخدم في الطعام بدلاً عن الملح لنُدرته عندهم.
***
فيما يختصّ بالصيد والقنص -لتوفير اللحوم لأنفسهم وللآخرين- ينقسم الفور إلى قسمين:
ا - صَيَّادون قَنَّاصة.
- صيادون محترفون.
الصيادون القناصة من يخرجون فرادى للصيد والقنص معتمدين على قدراتهم الخاصة وشجاعتهم ومعرفتهم بأمور الحيوانات بالخبرة، سواءً كانت وحشيةً أو غير وحشية. والصيادون المحترفون من يخرجون جماعةً يدعوهم للخروج كل يوم سبت الوَرنَانِيح warnanih، وهو القائد ضارب طَبْل مخصوص يَجمعهم.
يقول محمد بن عمر التونسي في صيدهم: (منهم من يصطاد ذوات الأربع، كالغزال وبقر الوحش والجاموس والفيل والضباع والسباع والخرتيت وحيد القرن، والأرانب وأبو الحصين (الثعالب)٧.
الغزلان والأرانب يصطادونها بالكلاب (كلاب الصيد المُربَّاة للصيد)، ومنهم من يصطادها بالسَفَرُوق safarug٨. وفي مناطق السافنا الغنية، دَرَج الناس على الصيد -صيد هذه الحيوانات بطُرق مختلفة:
* الفيل دائماً - في جماعة تَرِد الماء. يحفرون حفرةً واسعة عميقة في مسارها، هذه الحفرة سقفها من الحشائش ونَثرٌ قليلٌ من التراب. ويغرزون في قَعْر الحُفرة عَصا سنينة قائمة طوليَّاً. قَطعَاً يقع الفيل في الحفرة، ويأتي الأفراد أصحاب الحفرة، يقتلونه بالحراب، وبِرفعه بالحبال يخلّصونه من العصا السنينة المُنغَرزة في لحمه. وهكذا صيد السباع وبقر الوحش والجاموس والخرتيت. يجعلون من لَحمِهَا شَرَامِيط٩ يأكلونها نيِّئةً وناشفة، ويبيعون منها لمن أراد.
ومن صيد الفور الطيور. وأهمها الحبارى. وفيهم من هو مُتَخَصِّصٌ في صيدها. وطُعم صيدها دود أو حشرات. ومن جنس الطيور عندهم ما يسمونه أبو منظرة، أكبر من الحبارى. ولصيدهما يعقدون تيلاً كحبل، ويضعون في عقدته دوداً أو حشرة يراها الطائر من بعيد، فيسرع إليها ليبتلعها بعقدتها، ثم يُقبض عليهما، ولحمهما من اللحوم المستطابة عندهم.
و يصطادون الطيور الصغيرة بشباك في أركانها عِصِي مستقيمة تصيرُ بها مربعة أو مستطيلة. الشبكة تُرفَع مسنودةً بعصا في رأسها حبل، ينشرون الحَب في ظِلها والحبل في يد الصائد بعيداً، عندما تتجمَّع الطيور في ظل الشبكة لتأكل الحَب، يجذب الصائد الحبل فتقع الشبكة على الطيور فقد اصطادها. يزيلون عنها الريش ثم يَشوونَها على النار ويأكلونها لحماً هَشَّاً لذيذاً١٠١٠.
لِمَعلومات عن أكل الفور لحوم الأفيال والضباع والسباع والخرتيت وغيرها من الحيوانات الوحشية، جلسنا مع رجل منهم هو محمد آدم صالح محمد في وادي حلفا، هل يأكلون لحومها كما قال التونسي؟ كانت إجابته: قد يأكلها بعضهم كالدرامدة daramda والفقراء. لكن الآخرين يأخذون منها جلودها كسياط (مفردها سوط) ومن يصنعون من جلودها أحذية والدرق (مفردها دَرَقَة) يبيعونها للعساكر والدواس١١١١. والفاشر عاصمة دارفور مشهورة بالأحذية الفاشرية من جلود النمور وغيرها)١٢.
***
المريسة marisa عند الفور طعام وشراب، الشراب للسُّكر والاجتماع مع الندامى الأصدقاء والطعام للطاقة والنشاط. وهي من الذرة. يوضع تيراب الذرة زراعةً ويُغطّى بجوال مبلول بالماء، وفي حدود ثلاثة أيام تنبُت الذرة. وتُسَمَّى هنا الذرِّيعة. تنشف الذريعة وتُطحَن وتُوضَع مع الماء في مواعين نظيفة كبيرة حتى تعلوها الرغوة. فَتَسُوغ للشراب. ومقدار شرب الفرد منها عَبَار abar. ولمن أراد السكر عباران وأكثر. ولمن أراد الطاقة والنشاط عبار يَشرَبه على عجل ويذهب نشيطاً، وعلى الرغم من أنها مسكرة، فإنها ليست حراماً فيما يرون.
صورة الغلاف: أدوات الطبخ © متحف المرأة، نيالا
يَتتبَّع الفيلم الوثائقي "مصيدة القمح" للمخرج محمد فاوي، ومن إنتاج قناة العربي التلفزيونية، حياة العديد من المزارعين وأسرهم في قرية "الكمر الجعليين"، وهي جزء من مشروع الجزيرة الزراعي في وسط السودان. تم تصوير الفيلم على خلفية تدهور الظروف الاقتصادية بسبب نقص الوقود والخبز وعدم الاستقرار السياسي. كما يُصوّر الفيلم الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي بلغت ذروتها في ثورة ٢٠١٩م التي أطاحت بعمر البشير، والتي اندلعت بسبب احتجاج في عطبرة بسبب زيادة أسعار الخبز.
الموضوع الرئيسي لفيلم "مصيدة القمح" هو التساؤل عن كيفية ولماذا ابتعد السودانيون عن الأطعمة التقليدية مثل الكسرة والعصيدة المصنوعة من الذرة الرفيعة والدخن، إلى أرغفة الخبز المصنوعة من القمح. غالبًا ما تتم الإشارة إلى أهمية الأطعمة التقليدية في الماضي. وتنتشر في القرية حكايات وروايات مثل كيف كانت الشابات في الماضي لا يُعتَبَرنَ مؤهلات للزواج إلا إذا كن قادرات على صنع كومة كبيرة من الكسرة ذات النوعية الجيدة، واليوم، لا تستمر في هذه العادة سوى النساء الأكبر سناً في القرية. وتقول إحدى النساء عن زوجها، وهي تجلس بالقرب من طبق صاج ساخن وتسكب عليه مغرفة من عجينة الكسرة: "أستيقظ مبكراً في الصباح، حتى لو كان ذلك في الساعة السادسة صباحاً لصنع الكسرة، وأقول له إذا لم تأكل فلن أسمح لك بالخروج".
أثناء الغداء وتناول كومة الكسرة الطازجة والملاح الساخن، يناقش الرجال الأسباب التي تجعلهم يعتقدون أن الناس أصبحوا يبتعدون بشكل متزايد عن الحياة "البسيطة" في الماضي لصالح القمح والخبز. ويقول أحد المزارعين إن المنح المجانية من القمح والسلع الأساسية الأخرى التي قدمتها إدارة المعونة الأمريكية في أواخر الخمسينيات، والتي تم إرسالها "كرمز للصداقة"، كانت تعني انتشار شهية أرغفة الخبز المصنوعة من القمح إلى المناطق الريفية. ويؤكد المزارع أن هذا التحول الاجتماعي في تفضيل المجتمع للقمح هو أداة "الاستعمار الحديث". ويصف المصيدة، الموجودة في عنوان الفيلم، بعادة الاستهلاك التي تطورت نتيجة للقمح المجاني وفقدان الشهية للحبوب التقليدية مثل الذرة الرفيعة والدخن.
ويشرح مزارع آخر كيف أن أنماط الحياة المتغيرة، مع اختيار الفتيات والنساء لمواصلة تعليمهن والحصول على وظائف، يعني أنهنَّ لم يعد لديهن الوقت لإعداد وصنع الكسرة والعصيدة لكل وجبة. وبدلاً من ذلك، أصبح من الأسهل بكثير شراء الخبز الجاهز من المخابز بينما تحظى المنتجات الجديدة، مثل البيتزا والمعجنات المصنوعة من القمح، بشعبية كبيرة أيضاً. ويوضّح أن المزارعين أنفسهم تحولوا إلى المحاصيل النقدية مع مثال أن محصول فدانين من البصل أكثر ربحية من زراعة الذرة الرفيعة غير المرغوب فيها.
منذ الاستيراد المجاني في الماضي، كانت الواردات التجارية من القمح في ارتفاعٍ مستمر، خاصَّةً وأن مناخ السودان أقل ملاءمة لزراعة القمح مقارنة بالذرة الرفيعة. ولقد وجدت الحكومات السودانية نفسها دائماً في موقف محاولة الحفاظ على أسعار معقولة من خلال الدعم المتزايد باستمرار. وفي الفيلم، يتحول المزارعون في مشروع الجزيرة تدريجيَّاً إلى زراعة القمح كمنتج أكثر ربحية، لكن السودان لا يزال يستورد حوالي ستين في المائة من احتياجاته من القمح.
وتنتهي الخيوط التي تجري عبر الفيلم في المشاهد الأخيرة. ففي حين كان حصاد القمح سخيَّاً وسُمِحَ لأحد المزارعين أخيراً بالزواج من خطيبته، يرفض المحتجون في موقع الاعتصام أمام مقر الجيش -أثناء الثورة- قبول التبرعات التي قدمتها الدول الأجنبية لدعم المخيم. وتشير اللقطة الختامية إلى أن الشكل الأول من المساعدات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر للمجلس العسكري، الذي تولى السلطة بعد عزل البشير، كان يتكون من القمح.
صور المعرض من فيلم مصيدة القمح، جميع الحقوق محفوظة لمحمد فاوي.
يَتتبَّع الفيلم الوثائقي "مصيدة القمح" للمخرج محمد فاوي، ومن إنتاج قناة العربي التلفزيونية، حياة العديد من المزارعين وأسرهم في قرية "الكمر الجعليين"، وهي جزء من مشروع الجزيرة الزراعي في وسط السودان. تم تصوير الفيلم على خلفية تدهور الظروف الاقتصادية بسبب نقص الوقود والخبز وعدم الاستقرار السياسي. كما يُصوّر الفيلم الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي بلغت ذروتها في ثورة ٢٠١٩م التي أطاحت بعمر البشير، والتي اندلعت بسبب احتجاج في عطبرة بسبب زيادة أسعار الخبز.
الموضوع الرئيسي لفيلم "مصيدة القمح" هو التساؤل عن كيفية ولماذا ابتعد السودانيون عن الأطعمة التقليدية مثل الكسرة والعصيدة المصنوعة من الذرة الرفيعة والدخن، إلى أرغفة الخبز المصنوعة من القمح. غالبًا ما تتم الإشارة إلى أهمية الأطعمة التقليدية في الماضي. وتنتشر في القرية حكايات وروايات مثل كيف كانت الشابات في الماضي لا يُعتَبَرنَ مؤهلات للزواج إلا إذا كن قادرات على صنع كومة كبيرة من الكسرة ذات النوعية الجيدة، واليوم، لا تستمر في هذه العادة سوى النساء الأكبر سناً في القرية. وتقول إحدى النساء عن زوجها، وهي تجلس بالقرب من طبق صاج ساخن وتسكب عليه مغرفة من عجينة الكسرة: "أستيقظ مبكراً في الصباح، حتى لو كان ذلك في الساعة السادسة صباحاً لصنع الكسرة، وأقول له إذا لم تأكل فلن أسمح لك بالخروج".
أثناء الغداء وتناول كومة الكسرة الطازجة والملاح الساخن، يناقش الرجال الأسباب التي تجعلهم يعتقدون أن الناس أصبحوا يبتعدون بشكل متزايد عن الحياة "البسيطة" في الماضي لصالح القمح والخبز. ويقول أحد المزارعين إن المنح المجانية من القمح والسلع الأساسية الأخرى التي قدمتها إدارة المعونة الأمريكية في أواخر الخمسينيات، والتي تم إرسالها "كرمز للصداقة"، كانت تعني انتشار شهية أرغفة الخبز المصنوعة من القمح إلى المناطق الريفية. ويؤكد المزارع أن هذا التحول الاجتماعي في تفضيل المجتمع للقمح هو أداة "الاستعمار الحديث". ويصف المصيدة، الموجودة في عنوان الفيلم، بعادة الاستهلاك التي تطورت نتيجة للقمح المجاني وفقدان الشهية للحبوب التقليدية مثل الذرة الرفيعة والدخن.
ويشرح مزارع آخر كيف أن أنماط الحياة المتغيرة، مع اختيار الفتيات والنساء لمواصلة تعليمهن والحصول على وظائف، يعني أنهنَّ لم يعد لديهن الوقت لإعداد وصنع الكسرة والعصيدة لكل وجبة. وبدلاً من ذلك، أصبح من الأسهل بكثير شراء الخبز الجاهز من المخابز بينما تحظى المنتجات الجديدة، مثل البيتزا والمعجنات المصنوعة من القمح، بشعبية كبيرة أيضاً. ويوضّح أن المزارعين أنفسهم تحولوا إلى المحاصيل النقدية مع مثال أن محصول فدانين من البصل أكثر ربحية من زراعة الذرة الرفيعة غير المرغوب فيها.
منذ الاستيراد المجاني في الماضي، كانت الواردات التجارية من القمح في ارتفاعٍ مستمر، خاصَّةً وأن مناخ السودان أقل ملاءمة لزراعة القمح مقارنة بالذرة الرفيعة. ولقد وجدت الحكومات السودانية نفسها دائماً في موقف محاولة الحفاظ على أسعار معقولة من خلال الدعم المتزايد باستمرار. وفي الفيلم، يتحول المزارعون في مشروع الجزيرة تدريجيَّاً إلى زراعة القمح كمنتج أكثر ربحية، لكن السودان لا يزال يستورد حوالي ستين في المائة من احتياجاته من القمح.
وتنتهي الخيوط التي تجري عبر الفيلم في المشاهد الأخيرة. ففي حين كان حصاد القمح سخيَّاً وسُمِحَ لأحد المزارعين أخيراً بالزواج من خطيبته، يرفض المحتجون في موقع الاعتصام أمام مقر الجيش -أثناء الثورة- قبول التبرعات التي قدمتها الدول الأجنبية لدعم المخيم. وتشير اللقطة الختامية إلى أن الشكل الأول من المساعدات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر للمجلس العسكري، الذي تولى السلطة بعد عزل البشير، كان يتكون من القمح.
صور المعرض من فيلم مصيدة القمح، جميع الحقوق محفوظة لمحمد فاوي.
يَتتبَّع الفيلم الوثائقي "مصيدة القمح" للمخرج محمد فاوي، ومن إنتاج قناة العربي التلفزيونية، حياة العديد من المزارعين وأسرهم في قرية "الكمر الجعليين"، وهي جزء من مشروع الجزيرة الزراعي في وسط السودان. تم تصوير الفيلم على خلفية تدهور الظروف الاقتصادية بسبب نقص الوقود والخبز وعدم الاستقرار السياسي. كما يُصوّر الفيلم الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي بلغت ذروتها في ثورة ٢٠١٩م التي أطاحت بعمر البشير، والتي اندلعت بسبب احتجاج في عطبرة بسبب زيادة أسعار الخبز.
الموضوع الرئيسي لفيلم "مصيدة القمح" هو التساؤل عن كيفية ولماذا ابتعد السودانيون عن الأطعمة التقليدية مثل الكسرة والعصيدة المصنوعة من الذرة الرفيعة والدخن، إلى أرغفة الخبز المصنوعة من القمح. غالبًا ما تتم الإشارة إلى أهمية الأطعمة التقليدية في الماضي. وتنتشر في القرية حكايات وروايات مثل كيف كانت الشابات في الماضي لا يُعتَبَرنَ مؤهلات للزواج إلا إذا كن قادرات على صنع كومة كبيرة من الكسرة ذات النوعية الجيدة، واليوم، لا تستمر في هذه العادة سوى النساء الأكبر سناً في القرية. وتقول إحدى النساء عن زوجها، وهي تجلس بالقرب من طبق صاج ساخن وتسكب عليه مغرفة من عجينة الكسرة: "أستيقظ مبكراً في الصباح، حتى لو كان ذلك في الساعة السادسة صباحاً لصنع الكسرة، وأقول له إذا لم تأكل فلن أسمح لك بالخروج".
أثناء الغداء وتناول كومة الكسرة الطازجة والملاح الساخن، يناقش الرجال الأسباب التي تجعلهم يعتقدون أن الناس أصبحوا يبتعدون بشكل متزايد عن الحياة "البسيطة" في الماضي لصالح القمح والخبز. ويقول أحد المزارعين إن المنح المجانية من القمح والسلع الأساسية الأخرى التي قدمتها إدارة المعونة الأمريكية في أواخر الخمسينيات، والتي تم إرسالها "كرمز للصداقة"، كانت تعني انتشار شهية أرغفة الخبز المصنوعة من القمح إلى المناطق الريفية. ويؤكد المزارع أن هذا التحول الاجتماعي في تفضيل المجتمع للقمح هو أداة "الاستعمار الحديث". ويصف المصيدة، الموجودة في عنوان الفيلم، بعادة الاستهلاك التي تطورت نتيجة للقمح المجاني وفقدان الشهية للحبوب التقليدية مثل الذرة الرفيعة والدخن.
ويشرح مزارع آخر كيف أن أنماط الحياة المتغيرة، مع اختيار الفتيات والنساء لمواصلة تعليمهن والحصول على وظائف، يعني أنهنَّ لم يعد لديهن الوقت لإعداد وصنع الكسرة والعصيدة لكل وجبة. وبدلاً من ذلك، أصبح من الأسهل بكثير شراء الخبز الجاهز من المخابز بينما تحظى المنتجات الجديدة، مثل البيتزا والمعجنات المصنوعة من القمح، بشعبية كبيرة أيضاً. ويوضّح أن المزارعين أنفسهم تحولوا إلى المحاصيل النقدية مع مثال أن محصول فدانين من البصل أكثر ربحية من زراعة الذرة الرفيعة غير المرغوب فيها.
منذ الاستيراد المجاني في الماضي، كانت الواردات التجارية من القمح في ارتفاعٍ مستمر، خاصَّةً وأن مناخ السودان أقل ملاءمة لزراعة القمح مقارنة بالذرة الرفيعة. ولقد وجدت الحكومات السودانية نفسها دائماً في موقف محاولة الحفاظ على أسعار معقولة من خلال الدعم المتزايد باستمرار. وفي الفيلم، يتحول المزارعون في مشروع الجزيرة تدريجيَّاً إلى زراعة القمح كمنتج أكثر ربحية، لكن السودان لا يزال يستورد حوالي ستين في المائة من احتياجاته من القمح.
وتنتهي الخيوط التي تجري عبر الفيلم في المشاهد الأخيرة. ففي حين كان حصاد القمح سخيَّاً وسُمِحَ لأحد المزارعين أخيراً بالزواج من خطيبته، يرفض المحتجون في موقع الاعتصام أمام مقر الجيش -أثناء الثورة- قبول التبرعات التي قدمتها الدول الأجنبية لدعم المخيم. وتشير اللقطة الختامية إلى أن الشكل الأول من المساعدات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر للمجلس العسكري، الذي تولى السلطة بعد عزل البشير، كان يتكون من القمح.
صور المعرض من فيلم مصيدة القمح، جميع الحقوق محفوظة لمحمد فاوي.
هذا الوعاء "القدح" مصنوع من قطعة واحدة من الخشب، بما في ذلك أربعة مقابض في شكل حَلَقات صغيرة تُستَخدَم للتقليل من مُلاَمسة الوعاء والطعام. استُخدِمَ يوميّاً لتقديم الطعام للأمراء في الفناء عند البوابة الأمامية لبيت الخليفة عبد الله. مصنوع من الخشب مع مقابض معدنية. وعاء مُشابِه، ولكنه أكبر، به اثنتي عشرَ حلقة، كان في الأصل مُلكَاً لوَد زِيد من الدبينية، وقد أخذه الخليفة منه.
تم تقديمه بواسطة حضرة: إيرل كرومر.
الفترة المهدية: (1885-1898)
قطعة المتحف:KHM-00045
هذا الوعاء "القدح" مصنوع من قطعة واحدة من الخشب، بما في ذلك أربعة مقابض في شكل حَلَقات صغيرة تُستَخدَم للتقليل من مُلاَمسة الوعاء والطعام. استُخدِمَ يوميّاً لتقديم الطعام للأمراء في الفناء عند البوابة الأمامية لبيت الخليفة عبد الله. مصنوع من الخشب مع مقابض معدنية. وعاء مُشابِه، ولكنه أكبر، به اثنتي عشرَ حلقة، كان في الأصل مُلكَاً لوَد زِيد من الدبينية، وقد أخذه الخليفة منه.
تم تقديمه بواسطة حضرة: إيرل كرومر.
الفترة المهدية: (1885-1898)
قطعة المتحف:KHM-00045
هذا الوعاء "القدح" مصنوع من قطعة واحدة من الخشب، بما في ذلك أربعة مقابض في شكل حَلَقات صغيرة تُستَخدَم للتقليل من مُلاَمسة الوعاء والطعام. استُخدِمَ يوميّاً لتقديم الطعام للأمراء في الفناء عند البوابة الأمامية لبيت الخليفة عبد الله. مصنوع من الخشب مع مقابض معدنية. وعاء مُشابِه، ولكنه أكبر، به اثنتي عشرَ حلقة، كان في الأصل مُلكَاً لوَد زِيد من الدبينية، وقد أخذه الخليفة منه.
تم تقديمه بواسطة حضرة: إيرل كرومر.
الفترة المهدية: (1885-1898)
قطعة المتحف:KHM-00045
عائشة علي محمد نور تعد عصيدة في دارفور، وهو طبق سوداني تقليدي.
العصيدة أو اللقمة هي طعام أساسي يتناوله الناس في جميع أنحاء السودان مع أنواع مختلفة من الملاح أو الآدام.
تم انتاج هذا الفلم من قبل مارك واتمور ويوهو ميديا
ماء
الدقيق: يمكن أن يكون الذرة الرفيعة أو الدخن
خمار (عجينة مخمرة)
السمن
بصل مفروم
لحم بقري مجفف مفروم (شرموط)
ملح
الفلفل
زيت الطهي
ماء
زبادي حامض (روب)
معجون الطماطم
ثوم
خلطة بهارات سودانية
البامية المجففة (ويكة)
بصل مفروم
لحم بقري مجفف مفروم (شرموط)
ملح
الفلفل
زيت الطهي
ماء ومعجون طماطم أو عصير طماطم طازجة.
ثوم
خلطة بهارات سودانية
البامية المجففة (ويكة)
⎯
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ
عائشة علي محمد نور تعد عصيدة في دارفور، وهو طبق سوداني تقليدي.
العصيدة أو اللقمة هي طعام أساسي يتناوله الناس في جميع أنحاء السودان مع أنواع مختلفة من الملاح أو الآدام.
تم انتاج هذا الفلم من قبل مارك واتمور ويوهو ميديا
ماء
الدقيق: يمكن أن يكون الذرة الرفيعة أو الدخن
خمار (عجينة مخمرة)
السمن
بصل مفروم
لحم بقري مجفف مفروم (شرموط)
ملح
الفلفل
زيت الطهي
ماء
زبادي حامض (روب)
معجون الطماطم
ثوم
خلطة بهارات سودانية
البامية المجففة (ويكة)
بصل مفروم
لحم بقري مجفف مفروم (شرموط)
ملح
الفلفل
زيت الطهي
ماء ومعجون طماطم أو عصير طماطم طازجة.
ثوم
خلطة بهارات سودانية
البامية المجففة (ويكة)
⎯
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ
عائشة علي محمد نور تعد عصيدة في دارفور، وهو طبق سوداني تقليدي.
العصيدة أو اللقمة هي طعام أساسي يتناوله الناس في جميع أنحاء السودان مع أنواع مختلفة من الملاح أو الآدام.
تم انتاج هذا الفلم من قبل مارك واتمور ويوهو ميديا
ماء
الدقيق: يمكن أن يكون الذرة الرفيعة أو الدخن
خمار (عجينة مخمرة)
السمن
بصل مفروم
لحم بقري مجفف مفروم (شرموط)
ملح
الفلفل
زيت الطهي
ماء
زبادي حامض (روب)
معجون الطماطم
ثوم
خلطة بهارات سودانية
البامية المجففة (ويكة)
بصل مفروم
لحم بقري مجفف مفروم (شرموط)
ملح
الفلفل
زيت الطهي
ماء ومعجون طماطم أو عصير طماطم طازجة.
ثوم
خلطة بهارات سودانية
البامية المجففة (ويكة)
⎯
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ
يُمكن النَظر للعلاَقَة بين مفهومي الحركة والطعام من زوايا مُختلفة؛ فتقليديَّاً، كان الحِفَاظ على الطعام هو أساس أسلوب الطهي في السودان، فنظراً لارتفاع درجات الحرارة وتباعد مواسم الزراعة كان لابدّ من حِفظ الطعام لفترات طويلة، كذلك تُعتَبَر الحركة جانباً مهمّاً للعديد من الثقافات السودانية؛ مثل الرعاة البدو والتجار، ولكن أيضاً فإن العديد من المجموعات المستقرة كانت في الأصل من البدو الرحل.
وقد طوَّرت المجموعات المستقرّة طُرقاً جديدة لحفظ الطعام، مثل التخمير الذي لا يُعد شائعاً لدى القبائل البدوية، حيث يُعتبر طعاماً مُصَنَّعاً. لكن لا تزال هنالك أطباق محدَّدة مُرتبطة بالسفر؛ مثل القراصة بالتمر في شمال السودان وهي عبارة عن خبز أفطح يُصنع عادة من القمح، ولكن في هذه الحالة يُصنع من التمر لغرض السفر لأنه سهل التعبئة، ويمكن للسكّر أن يمنحك دفعة من الطاقة التي تحتاجها بشدة.
في غرب السودان، هناك طعام سفرٍ آخر مليء بالطاقة وهو الدمسورو، أو خميس طويرة، وهو عبارة عن مزيج من السمسم والفول السوداني والسمن والكسرة (خبز الذرة الرفيعة) والتمر المُجفَّف والتوابل، ثم يُحوّلونه إلى مسحوق خشن يؤكل جافّاً، أو مع الحليب أو الماء. منتجات الحليب، مثل اللبن الرائب أو الروب، هي طعام سفر معروف أكثر بين البدو، وتتم إضافة حبة البركة والملح للحفاظ عليها. الغباشة والفرصة هي أشكال أخرى من مشروبات الحليب.
من المعروف أن اللحوم تتم معالجتها بثلاثة طرق مختلفة للسفر: "اللحمة الناشفة"، وهي لحم يُطهى ببطء لفترة طويلة حتى يجف، وتُجرى عملية مماثلة للدهون "الربيت" وتُستَخدم لأغراض مختلفة غير الطعام، بما في ذلك العلاج ومُنتَجَات التجميل. اللحوم المُجَفَّفة تكون إما شرائح صغيرة من اللحم تُجفَّف بالشمس تُسمى شرموط وتؤكل في اليخنات، أو الشقاق، وهو مصطلح يُستخدم لوصف جذع معين من الحيوانات الصغيرة أو الحيوانات البرية، حيث يُشقّ الحيوان طولياً إلى أربعة أو ستة أو ثمانية أجزاء ويُجَفَّف بالكامل. وأخيراً اللحوم المُمَلَّحة.
ومن أنواع طعام السفر الحديثة، بعد أن أصبح السفر آمناً وقصير الزمن، هي السندويشات، خاصة الفول والبيض المسلوق والطعمية (الفلافل). هذا المزيج الثلاثي شائع، ويوجد على موائد طعام عدة أو حتى في طبق واحد.
خلال الفترة القصيرة التي كانت القطارات تعمل فيها بكامل فعاليتها ارتبط طعام السفر بالمطاعم المتنقلة، التي تُقدِّم بشكل أساسي قوائم غربية للإفطار والغداء والعشاء والشاي، والمعروفة أيضاً بوجود طعامها المُعبَّأ الخاص مثل عصير الليمون (الليمونادة) المُطعَّمة.
كان هناك صورة لقائمة طعام تم تداولها على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، وهي قائمة الطعام لافتتاح خط الأبيض مكتوبة باللغة الفرنسية، وتحتوي على أطباق مثل الكافيار.
لم تكن هذه تجربة شائعة، ولكن أسلوب التقديم على أطباق الخزف الأبيض المحاطة بالأخضر مع الخدمة على الطريقة الغربية، سواءً في غرفتك أو في المطعم، كانت خدمة تُقدَّم فقط لركاب الدرجة الأولى والثانية.
الآن بعد أن توقفت القطارات عن تقديم الطعام، أصبح طعام السفر عبارة عن شطيرة بسيطة من البيض أو الطعمية أو الفول، تُقدَّم في المحطات المزدحمة بين الباعة الصاخبين والمودعين البَاكِين.
صورة العنوان وصور المعرض © عصام أحمد عبد الحفيظ
يُمكن النَظر للعلاَقَة بين مفهومي الحركة والطعام من زوايا مُختلفة؛ فتقليديَّاً، كان الحِفَاظ على الطعام هو أساس أسلوب الطهي في السودان، فنظراً لارتفاع درجات الحرارة وتباعد مواسم الزراعة كان لابدّ من حِفظ الطعام لفترات طويلة، كذلك تُعتَبَر الحركة جانباً مهمّاً للعديد من الثقافات السودانية؛ مثل الرعاة البدو والتجار، ولكن أيضاً فإن العديد من المجموعات المستقرة كانت في الأصل من البدو الرحل.
وقد طوَّرت المجموعات المستقرّة طُرقاً جديدة لحفظ الطعام، مثل التخمير الذي لا يُعد شائعاً لدى القبائل البدوية، حيث يُعتبر طعاماً مُصَنَّعاً. لكن لا تزال هنالك أطباق محدَّدة مُرتبطة بالسفر؛ مثل القراصة بالتمر في شمال السودان وهي عبارة عن خبز أفطح يُصنع عادة من القمح، ولكن في هذه الحالة يُصنع من التمر لغرض السفر لأنه سهل التعبئة، ويمكن للسكّر أن يمنحك دفعة من الطاقة التي تحتاجها بشدة.
في غرب السودان، هناك طعام سفرٍ آخر مليء بالطاقة وهو الدمسورو، أو خميس طويرة، وهو عبارة عن مزيج من السمسم والفول السوداني والسمن والكسرة (خبز الذرة الرفيعة) والتمر المُجفَّف والتوابل، ثم يُحوّلونه إلى مسحوق خشن يؤكل جافّاً، أو مع الحليب أو الماء. منتجات الحليب، مثل اللبن الرائب أو الروب، هي طعام سفر معروف أكثر بين البدو، وتتم إضافة حبة البركة والملح للحفاظ عليها. الغباشة والفرصة هي أشكال أخرى من مشروبات الحليب.
من المعروف أن اللحوم تتم معالجتها بثلاثة طرق مختلفة للسفر: "اللحمة الناشفة"، وهي لحم يُطهى ببطء لفترة طويلة حتى يجف، وتُجرى عملية مماثلة للدهون "الربيت" وتُستَخدم لأغراض مختلفة غير الطعام، بما في ذلك العلاج ومُنتَجَات التجميل. اللحوم المُجَفَّفة تكون إما شرائح صغيرة من اللحم تُجفَّف بالشمس تُسمى شرموط وتؤكل في اليخنات، أو الشقاق، وهو مصطلح يُستخدم لوصف جذع معين من الحيوانات الصغيرة أو الحيوانات البرية، حيث يُشقّ الحيوان طولياً إلى أربعة أو ستة أو ثمانية أجزاء ويُجَفَّف بالكامل. وأخيراً اللحوم المُمَلَّحة.
ومن أنواع طعام السفر الحديثة، بعد أن أصبح السفر آمناً وقصير الزمن، هي السندويشات، خاصة الفول والبيض المسلوق والطعمية (الفلافل). هذا المزيج الثلاثي شائع، ويوجد على موائد طعام عدة أو حتى في طبق واحد.
خلال الفترة القصيرة التي كانت القطارات تعمل فيها بكامل فعاليتها ارتبط طعام السفر بالمطاعم المتنقلة، التي تُقدِّم بشكل أساسي قوائم غربية للإفطار والغداء والعشاء والشاي، والمعروفة أيضاً بوجود طعامها المُعبَّأ الخاص مثل عصير الليمون (الليمونادة) المُطعَّمة.
كان هناك صورة لقائمة طعام تم تداولها على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، وهي قائمة الطعام لافتتاح خط الأبيض مكتوبة باللغة الفرنسية، وتحتوي على أطباق مثل الكافيار.
لم تكن هذه تجربة شائعة، ولكن أسلوب التقديم على أطباق الخزف الأبيض المحاطة بالأخضر مع الخدمة على الطريقة الغربية، سواءً في غرفتك أو في المطعم، كانت خدمة تُقدَّم فقط لركاب الدرجة الأولى والثانية.
الآن بعد أن توقفت القطارات عن تقديم الطعام، أصبح طعام السفر عبارة عن شطيرة بسيطة من البيض أو الطعمية أو الفول، تُقدَّم في المحطات المزدحمة بين الباعة الصاخبين والمودعين البَاكِين.
صورة العنوان وصور المعرض © عصام أحمد عبد الحفيظ
يُمكن النَظر للعلاَقَة بين مفهومي الحركة والطعام من زوايا مُختلفة؛ فتقليديَّاً، كان الحِفَاظ على الطعام هو أساس أسلوب الطهي في السودان، فنظراً لارتفاع درجات الحرارة وتباعد مواسم الزراعة كان لابدّ من حِفظ الطعام لفترات طويلة، كذلك تُعتَبَر الحركة جانباً مهمّاً للعديد من الثقافات السودانية؛ مثل الرعاة البدو والتجار، ولكن أيضاً فإن العديد من المجموعات المستقرة كانت في الأصل من البدو الرحل.
وقد طوَّرت المجموعات المستقرّة طُرقاً جديدة لحفظ الطعام، مثل التخمير الذي لا يُعد شائعاً لدى القبائل البدوية، حيث يُعتبر طعاماً مُصَنَّعاً. لكن لا تزال هنالك أطباق محدَّدة مُرتبطة بالسفر؛ مثل القراصة بالتمر في شمال السودان وهي عبارة عن خبز أفطح يُصنع عادة من القمح، ولكن في هذه الحالة يُصنع من التمر لغرض السفر لأنه سهل التعبئة، ويمكن للسكّر أن يمنحك دفعة من الطاقة التي تحتاجها بشدة.
في غرب السودان، هناك طعام سفرٍ آخر مليء بالطاقة وهو الدمسورو، أو خميس طويرة، وهو عبارة عن مزيج من السمسم والفول السوداني والسمن والكسرة (خبز الذرة الرفيعة) والتمر المُجفَّف والتوابل، ثم يُحوّلونه إلى مسحوق خشن يؤكل جافّاً، أو مع الحليب أو الماء. منتجات الحليب، مثل اللبن الرائب أو الروب، هي طعام سفر معروف أكثر بين البدو، وتتم إضافة حبة البركة والملح للحفاظ عليها. الغباشة والفرصة هي أشكال أخرى من مشروبات الحليب.
من المعروف أن اللحوم تتم معالجتها بثلاثة طرق مختلفة للسفر: "اللحمة الناشفة"، وهي لحم يُطهى ببطء لفترة طويلة حتى يجف، وتُجرى عملية مماثلة للدهون "الربيت" وتُستَخدم لأغراض مختلفة غير الطعام، بما في ذلك العلاج ومُنتَجَات التجميل. اللحوم المُجَفَّفة تكون إما شرائح صغيرة من اللحم تُجفَّف بالشمس تُسمى شرموط وتؤكل في اليخنات، أو الشقاق، وهو مصطلح يُستخدم لوصف جذع معين من الحيوانات الصغيرة أو الحيوانات البرية، حيث يُشقّ الحيوان طولياً إلى أربعة أو ستة أو ثمانية أجزاء ويُجَفَّف بالكامل. وأخيراً اللحوم المُمَلَّحة.
ومن أنواع طعام السفر الحديثة، بعد أن أصبح السفر آمناً وقصير الزمن، هي السندويشات، خاصة الفول والبيض المسلوق والطعمية (الفلافل). هذا المزيج الثلاثي شائع، ويوجد على موائد طعام عدة أو حتى في طبق واحد.
خلال الفترة القصيرة التي كانت القطارات تعمل فيها بكامل فعاليتها ارتبط طعام السفر بالمطاعم المتنقلة، التي تُقدِّم بشكل أساسي قوائم غربية للإفطار والغداء والعشاء والشاي، والمعروفة أيضاً بوجود طعامها المُعبَّأ الخاص مثل عصير الليمون (الليمونادة) المُطعَّمة.
كان هناك صورة لقائمة طعام تم تداولها على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، وهي قائمة الطعام لافتتاح خط الأبيض مكتوبة باللغة الفرنسية، وتحتوي على أطباق مثل الكافيار.
لم تكن هذه تجربة شائعة، ولكن أسلوب التقديم على أطباق الخزف الأبيض المحاطة بالأخضر مع الخدمة على الطريقة الغربية، سواءً في غرفتك أو في المطعم، كانت خدمة تُقدَّم فقط لركاب الدرجة الأولى والثانية.
الآن بعد أن توقفت القطارات عن تقديم الطعام، أصبح طعام السفر عبارة عن شطيرة بسيطة من البيض أو الطعمية أو الفول، تُقدَّم في المحطات المزدحمة بين الباعة الصاخبين والمودعين البَاكِين.
صورة العنوان وصور المعرض © عصام أحمد عبد الحفيظ
تَخَرَّجت د. زين حيدر عبيد في كلية الجغرافيا بجامعة دمشق، ودار بحثها لنيل درجة الدبلوم في التخطيط العمراني بقسم الإنمائية بجامعة الخرطوم، عن "تجربة إزالة سوق الخرطوم القديم". في مقابلة مع ستوديو إيربان تحكي د. زين عن السوق المركزي القديم الذي شُيِّد عام ١٩٠٣ ليَفِي بأغراض التبادل السلعيّ المرتبط بحياة الناس اليومية، و قد لَعِبَ دوراً كبيراً في استيعاب إنتاج مختلف المناطق الزراعية بالخرطوم. تُحَدِّثنا أيضاً عن مساوئ ومحاسن السوق القديم، وتَبِعَات قرار إزالته، وعن ذكريات طفولتها في السوق القديم حيث كانت تَحضُر مع والدها لشراء مستلزمات العائلة.
تتحدث الدكتورة زين في بحثها بالتفصيل عن السوق القديم وقيمته الاجتماعية والاقتصادية لوسط الخرطوم، وتصف كيف تَكوَّن السوق من ثمانية قطاعات، بعضها كان من المناطق السياحية. كما تَصف أسباب إزالة السوق، مثل حل مشاكل المرور، التلوّث، والوعود بتطوير الفضاء الحضريّ.
تُوضِّح الدكتورة زين في بحثها، أن قرار إزالة السوق لم يكن بالضرورة قراراً سيِّئاً، إلا أن المشاكل كانت في التنفيذ. في الواقع، فالإشكالية هي أنه لم يتم الوفاء بمعظم الحلول الموعودة. يسرد البحث جميع اللوائح والسياسات التي نَصَّت على إشراك تجار سوق الخرطوم في التطوير الجديد، وضَمَان وجود الأسواق الجديدة في مواقعٍ وعادلة ومنطقيّة. في مقابلتها، بعد ثلاثين عاماً من إزالة السوق، تتأمَّل الدكتورة زين الوعود التي قُطعت؛ مثل تطوير الفضاء العام الحضري في الخرطوم، وتخصيص مكاتب للاستخدام الحكومي، وإيجاد حلول لمشكلة المرور. وتُشير إلى "المركز التجاري الفاخر ذي الخمس نجوم: الواحة مول"، كمثال على الوعد المُحطَّم واستخدام الأرض -وقد كانت جزءً من السوق القديم- لبناء مَنفَذ يستهدف الأغنياء، ويُبعِد أولئك القادمين من خلفيات اقتصادية أدنى، والذين كانوا يرتادون السوق القديم.
وأخيراً، تستعرض الدراسة الأسواق البديلة في الأحياء، والتي تم بناؤها في جميع أنحاء الخرطوم، وكيف فَشَلت معظمها نتيجةً لتصميمها الأوليّ، ووضعها في أماكن عامة مفتوحة، كما أنها افتقدت للتأثير الاجتماعي والثقافي الذي تمتَّع بهما سوق الخرطوم، حيث ظلَّت معزولة، ولا تعمل إلا لبضع ساعات كلّ يوم. ومع ذلك، تُقدِّم الدكتورة زين مثالاً لحالة ناجحة لسوق حيّ في غرب الخرطوم. وتقول إن التركيبة السكانية للمنطقة وثقافة الاستهلاك والعدد الكبير من السكان، وكذلك الافتقار إلى الوصول إلى أسواق المواد الغذائية في المنطقة والقرب من وسائل النقل العام، ساهمت جميعها في ازدهاره.
تُرَافِق هذه المقابلة بعض الصور والمقتطفات من الوثيقة الأصلية.
أجرى "ستوديو إيربان" هذه المقابلة في محاولة "لتوثيق السرديات المكانية" في الخرطوم كجزء من مجموعة من المقابلات مع مجموعة متنوعة من سكان الخرطوم، حيث يشارك كل منهم ذكرياته ورؤاه حول الأماكن الشهيرة في الخرطوم.
بودكاست عن مكان هو سلسلة فرعية من بودكاست الخرطوم.
صورة الغلاف© عزة محمد، ستوديو إيربان
صور المعرض © د. زين حيدر عبيد، مقتطفات من أطروحة بعنوان تجربة إزالة سوق الخرطوم القديم
تَخَرَّجت د. زين حيدر عبيد في كلية الجغرافيا بجامعة دمشق، ودار بحثها لنيل درجة الدبلوم في التخطيط العمراني بقسم الإنمائية بجامعة الخرطوم، عن "تجربة إزالة سوق الخرطوم القديم". في مقابلة مع ستوديو إيربان تحكي د. زين عن السوق المركزي القديم الذي شُيِّد عام ١٩٠٣ ليَفِي بأغراض التبادل السلعيّ المرتبط بحياة الناس اليومية، و قد لَعِبَ دوراً كبيراً في استيعاب إنتاج مختلف المناطق الزراعية بالخرطوم. تُحَدِّثنا أيضاً عن مساوئ ومحاسن السوق القديم، وتَبِعَات قرار إزالته، وعن ذكريات طفولتها في السوق القديم حيث كانت تَحضُر مع والدها لشراء مستلزمات العائلة.
تتحدث الدكتورة زين في بحثها بالتفصيل عن السوق القديم وقيمته الاجتماعية والاقتصادية لوسط الخرطوم، وتصف كيف تَكوَّن السوق من ثمانية قطاعات، بعضها كان من المناطق السياحية. كما تَصف أسباب إزالة السوق، مثل حل مشاكل المرور، التلوّث، والوعود بتطوير الفضاء الحضريّ.
تُوضِّح الدكتورة زين في بحثها، أن قرار إزالة السوق لم يكن بالضرورة قراراً سيِّئاً، إلا أن المشاكل كانت في التنفيذ. في الواقع، فالإشكالية هي أنه لم يتم الوفاء بمعظم الحلول الموعودة. يسرد البحث جميع اللوائح والسياسات التي نَصَّت على إشراك تجار سوق الخرطوم في التطوير الجديد، وضَمَان وجود الأسواق الجديدة في مواقعٍ وعادلة ومنطقيّة. في مقابلتها، بعد ثلاثين عاماً من إزالة السوق، تتأمَّل الدكتورة زين الوعود التي قُطعت؛ مثل تطوير الفضاء العام الحضري في الخرطوم، وتخصيص مكاتب للاستخدام الحكومي، وإيجاد حلول لمشكلة المرور. وتُشير إلى "المركز التجاري الفاخر ذي الخمس نجوم: الواحة مول"، كمثال على الوعد المُحطَّم واستخدام الأرض -وقد كانت جزءً من السوق القديم- لبناء مَنفَذ يستهدف الأغنياء، ويُبعِد أولئك القادمين من خلفيات اقتصادية أدنى، والذين كانوا يرتادون السوق القديم.
وأخيراً، تستعرض الدراسة الأسواق البديلة في الأحياء، والتي تم بناؤها في جميع أنحاء الخرطوم، وكيف فَشَلت معظمها نتيجةً لتصميمها الأوليّ، ووضعها في أماكن عامة مفتوحة، كما أنها افتقدت للتأثير الاجتماعي والثقافي الذي تمتَّع بهما سوق الخرطوم، حيث ظلَّت معزولة، ولا تعمل إلا لبضع ساعات كلّ يوم. ومع ذلك، تُقدِّم الدكتورة زين مثالاً لحالة ناجحة لسوق حيّ في غرب الخرطوم. وتقول إن التركيبة السكانية للمنطقة وثقافة الاستهلاك والعدد الكبير من السكان، وكذلك الافتقار إلى الوصول إلى أسواق المواد الغذائية في المنطقة والقرب من وسائل النقل العام، ساهمت جميعها في ازدهاره.
تُرَافِق هذه المقابلة بعض الصور والمقتطفات من الوثيقة الأصلية.
أجرى "ستوديو إيربان" هذه المقابلة في محاولة "لتوثيق السرديات المكانية" في الخرطوم كجزء من مجموعة من المقابلات مع مجموعة متنوعة من سكان الخرطوم، حيث يشارك كل منهم ذكرياته ورؤاه حول الأماكن الشهيرة في الخرطوم.
بودكاست عن مكان هو سلسلة فرعية من بودكاست الخرطوم.
صورة الغلاف© عزة محمد، ستوديو إيربان
صور المعرض © د. زين حيدر عبيد، مقتطفات من أطروحة بعنوان تجربة إزالة سوق الخرطوم القديم
تَخَرَّجت د. زين حيدر عبيد في كلية الجغرافيا بجامعة دمشق، ودار بحثها لنيل درجة الدبلوم في التخطيط العمراني بقسم الإنمائية بجامعة الخرطوم، عن "تجربة إزالة سوق الخرطوم القديم". في مقابلة مع ستوديو إيربان تحكي د. زين عن السوق المركزي القديم الذي شُيِّد عام ١٩٠٣ ليَفِي بأغراض التبادل السلعيّ المرتبط بحياة الناس اليومية، و قد لَعِبَ دوراً كبيراً في استيعاب إنتاج مختلف المناطق الزراعية بالخرطوم. تُحَدِّثنا أيضاً عن مساوئ ومحاسن السوق القديم، وتَبِعَات قرار إزالته، وعن ذكريات طفولتها في السوق القديم حيث كانت تَحضُر مع والدها لشراء مستلزمات العائلة.
تتحدث الدكتورة زين في بحثها بالتفصيل عن السوق القديم وقيمته الاجتماعية والاقتصادية لوسط الخرطوم، وتصف كيف تَكوَّن السوق من ثمانية قطاعات، بعضها كان من المناطق السياحية. كما تَصف أسباب إزالة السوق، مثل حل مشاكل المرور، التلوّث، والوعود بتطوير الفضاء الحضريّ.
تُوضِّح الدكتورة زين في بحثها، أن قرار إزالة السوق لم يكن بالضرورة قراراً سيِّئاً، إلا أن المشاكل كانت في التنفيذ. في الواقع، فالإشكالية هي أنه لم يتم الوفاء بمعظم الحلول الموعودة. يسرد البحث جميع اللوائح والسياسات التي نَصَّت على إشراك تجار سوق الخرطوم في التطوير الجديد، وضَمَان وجود الأسواق الجديدة في مواقعٍ وعادلة ومنطقيّة. في مقابلتها، بعد ثلاثين عاماً من إزالة السوق، تتأمَّل الدكتورة زين الوعود التي قُطعت؛ مثل تطوير الفضاء العام الحضري في الخرطوم، وتخصيص مكاتب للاستخدام الحكومي، وإيجاد حلول لمشكلة المرور. وتُشير إلى "المركز التجاري الفاخر ذي الخمس نجوم: الواحة مول"، كمثال على الوعد المُحطَّم واستخدام الأرض -وقد كانت جزءً من السوق القديم- لبناء مَنفَذ يستهدف الأغنياء، ويُبعِد أولئك القادمين من خلفيات اقتصادية أدنى، والذين كانوا يرتادون السوق القديم.
وأخيراً، تستعرض الدراسة الأسواق البديلة في الأحياء، والتي تم بناؤها في جميع أنحاء الخرطوم، وكيف فَشَلت معظمها نتيجةً لتصميمها الأوليّ، ووضعها في أماكن عامة مفتوحة، كما أنها افتقدت للتأثير الاجتماعي والثقافي الذي تمتَّع بهما سوق الخرطوم، حيث ظلَّت معزولة، ولا تعمل إلا لبضع ساعات كلّ يوم. ومع ذلك، تُقدِّم الدكتورة زين مثالاً لحالة ناجحة لسوق حيّ في غرب الخرطوم. وتقول إن التركيبة السكانية للمنطقة وثقافة الاستهلاك والعدد الكبير من السكان، وكذلك الافتقار إلى الوصول إلى أسواق المواد الغذائية في المنطقة والقرب من وسائل النقل العام، ساهمت جميعها في ازدهاره.
تُرَافِق هذه المقابلة بعض الصور والمقتطفات من الوثيقة الأصلية.
أجرى "ستوديو إيربان" هذه المقابلة في محاولة "لتوثيق السرديات المكانية" في الخرطوم كجزء من مجموعة من المقابلات مع مجموعة متنوعة من سكان الخرطوم، حيث يشارك كل منهم ذكرياته ورؤاه حول الأماكن الشهيرة في الخرطوم.
بودكاست عن مكان هو سلسلة فرعية من بودكاست الخرطوم.
صورة الغلاف© عزة محمد، ستوديو إيربان
صور المعرض © د. زين حيدر عبيد، مقتطفات من أطروحة بعنوان تجربة إزالة سوق الخرطوم القديم
وَصفات الطعام تحوي الكثير من المنتوج التراثي والثقافي، وقد تُدرك ذلك عندما تتذوق طبقاً مطبوخاً بوصفةٍ بعينها، أو عندما تُحاول طبخ طبقٍ بذات وصفة ووالدتك، أو حتى وعندما تأخذك الذكريات إلى سفرة جدتك التي كانت تجمع العائلة في المناسبات.
ما نأكله من أطباق وكيفية إعدادها، ومن نتشاركها معهم، هي مسارات للأنشطة الثقافية والتقاليد التي تَكمُن في العمليَّة بأكملها؛ من الوصفة نفسها إلى إعدادها وتقديمها وحتى وتناولها.
الإجابة على هذا السؤال لها أوجه عدّة، فبالتأكيد هي تُحفظ باستمرارية طبخ الوصفات المحددة وتناقلها من جيلٍ إلى جيل. ولكن هناك إجابة أكثر عملية للسؤال الآنف، ألا وهي: بحفظها في باطن كتب الطبخ وطُرق الأرشفة الأخرى الأكثر حداثة.
إحدى هذه الطرق هي الفضاء الإلكتروني الذي أصبح أداة أساسية للحفظ والأرشفة، خاصةً ما يتعلق منها بالموسيقى والثقافة الحية. ورغم أن العديد من المنصات لم تُنشأ بغرض الأرشفة، إلا أنها تخدم هذا الغرض الآن. وأصبح الكثير من السودانيين يلجأون إليها، خاصة في ظل أزمة النزوح المستمرّة والصعوبات المتزايدة في طهي الوصفات الأصلية التي نشأوا على تناولها.
لا يكفي تناول الطعام دون النظر إلى جودته، وللبقاء بصحة جيدة جسديّاً وعقليّاً؛ فالحصول على الغذاء الجيّد حق إنساني أصيل، وبهذا المبدأ والشعار تعمل المطابخ الأهلية أو التَّكايا منذ اندلاع الحرب على توفير وجبات مجانية للمتضررين والمحتاجين في مناطق الحرب، وهي إحدى طرق التكافل الاجتماعي المعروفة عن المجتمع السوداني.
و بالعودة إلى الفضاء الإلكتروني، سنلاحظ أن هنالك عدداً كبيراً من المدونات التي تختصّ بالمطبخ والطعام السوداني: كيفية إعداده والبدائل الممكنة للمكونات التي يصعب الحصول عليها للمغتربين، أو لاستبدالها لأسباب ودواعٍ صحية.
أحد الأمثلة الحيّة لهذه المدونات هي مدونة "مطبخ سمسماية”.
هذه إحدى أوائل المدونات التي اتجهت للاهتمام بالمطبخ السوداني، واكتسبت شعبية كبيرة، خاصة بسبب وصفتها المُبسَّطة لطَبَق العصيدة السوداني، حيث عَدّلت مكوّناتها ليتم تحضيرها من دقيق الأرز والزبادي، مما سَهَّل عملية إعدادها كثيراً. وقد بدأت سمسماية مدوّنتها في العام ٢٠٠٨م، بعد أن لاقت تشجيعاً من أصدقائها في منصّات عديدة لإعادة وصفات والدتها المتوفاة، ومساعدة الشابات والشباب للحصول عليها بسهولة.
ثم هناك تطور آخر في نشر الثقافة الغذائية عبر الإنترنت بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع فيسبوك، إذ لا تزال المنصة الأكثر شعبية بين المستخدمين السودانيين. واحدة من أكبر هذه المجموعات هي "المطبخ السوداني التقليدي والمعاصر"، وهي مجموعة أنشأها طهاة/يات سودانيون/ات في مايو ٢٠١٥م، واكتسبت شعبية بين ربات المنازل، وتضم الآن أكثر من مليون ونصف عضو. تعتبر هذه المنصة أكبر منصة طبخ سودانية، حيث يتم تشجيع الأعضاء على مشاركة الوصفات مع تفاصيل جميع الخطوات والمكونات. تتميز المنصة بثقافة إيجابية وداعمة، ويحظر فيها أي تعليقات تعتبر مسيئة للمهارات أو الثقافة. حتى بالنسبة لعملي على هذا الموضوع في المدونة، كانت هذه المنصة واحدة من الموارد الرئيسية التي استخدمتها لتعلم الوصفات، ولكن الأهم من ذلك للإطلاع على مختلف الثقافات. من خلال النقاشات يقوم العديد من الأعضاء بشرح الأعراف الثقافية المرتبطة بالطبق، والاسم الذي يستخدمونه لطبق معين، والعديد من الجوانب التي تُثري النقاش بين مختلف أعضاء المجموعة حول الوصفة أو الطبق.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت المزيد من الشخصيّات على وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة مقاطع فيديو، ومحتوى خاص بالأطعمة الغذائية عبر الإنترنت باستخدام منصّات مختلفة وبتنسيقات مختلفة. على سبيل المثال، حساب Habi Makes على منصة إنستغرام، حيث تُركّز صاحبة الحساب على جانب تصوير الطعام، وبدأت بنشرها عام ٢٠١٧م، بعدها تطوّر الحساب إلى محتوى يعرض وصفات مُقَدَّمة بطريقة فنية. اكتسب منشئو المحتوى الآخرون على تيك توك أو يوتيوب أيضاً شعبية عن طريق مشاركة وصفات قصيرة وسهلة المتابعة، منهم أحمد عابدين، الذي لديه أكثر من ٢٥٠ ألف متابع على تيك توك وحده. وقد اكتسبت مقاطع الفيديو القصيرة، والتي بدأ نشرها في أوائل عام ٢٠٢٠ شعبية سريعة جداً. وفيما يتعلق بالجانب الثقافي للطعام، فقد بدأت منصات بالظهور كذلك مثل صفحة المطبخ السوداني والموقع الإلكتروني، ويقوم الآن صاحب الموقع بجمع المواد الخاصة بالمطبخ السوداني، من أجل إصدار كتاب.
وأخيراً مجلة مذاق خاص وهي مجلة إلكترونية مختصة في مجال الطعام السوداني.
صورة الغلاف © يوسف الشيخ، الخرطوم، ٢٠٢٢
وَصفات الطعام تحوي الكثير من المنتوج التراثي والثقافي، وقد تُدرك ذلك عندما تتذوق طبقاً مطبوخاً بوصفةٍ بعينها، أو عندما تُحاول طبخ طبقٍ بذات وصفة ووالدتك، أو حتى وعندما تأخذك الذكريات إلى سفرة جدتك التي كانت تجمع العائلة في المناسبات.
ما نأكله من أطباق وكيفية إعدادها، ومن نتشاركها معهم، هي مسارات للأنشطة الثقافية والتقاليد التي تَكمُن في العمليَّة بأكملها؛ من الوصفة نفسها إلى إعدادها وتقديمها وحتى وتناولها.
الإجابة على هذا السؤال لها أوجه عدّة، فبالتأكيد هي تُحفظ باستمرارية طبخ الوصفات المحددة وتناقلها من جيلٍ إلى جيل. ولكن هناك إجابة أكثر عملية للسؤال الآنف، ألا وهي: بحفظها في باطن كتب الطبخ وطُرق الأرشفة الأخرى الأكثر حداثة.
إحدى هذه الطرق هي الفضاء الإلكتروني الذي أصبح أداة أساسية للحفظ والأرشفة، خاصةً ما يتعلق منها بالموسيقى والثقافة الحية. ورغم أن العديد من المنصات لم تُنشأ بغرض الأرشفة، إلا أنها تخدم هذا الغرض الآن. وأصبح الكثير من السودانيين يلجأون إليها، خاصة في ظل أزمة النزوح المستمرّة والصعوبات المتزايدة في طهي الوصفات الأصلية التي نشأوا على تناولها.
لا يكفي تناول الطعام دون النظر إلى جودته، وللبقاء بصحة جيدة جسديّاً وعقليّاً؛ فالحصول على الغذاء الجيّد حق إنساني أصيل، وبهذا المبدأ والشعار تعمل المطابخ الأهلية أو التَّكايا منذ اندلاع الحرب على توفير وجبات مجانية للمتضررين والمحتاجين في مناطق الحرب، وهي إحدى طرق التكافل الاجتماعي المعروفة عن المجتمع السوداني.
و بالعودة إلى الفضاء الإلكتروني، سنلاحظ أن هنالك عدداً كبيراً من المدونات التي تختصّ بالمطبخ والطعام السوداني: كيفية إعداده والبدائل الممكنة للمكونات التي يصعب الحصول عليها للمغتربين، أو لاستبدالها لأسباب ودواعٍ صحية.
أحد الأمثلة الحيّة لهذه المدونات هي مدونة "مطبخ سمسماية”.
هذه إحدى أوائل المدونات التي اتجهت للاهتمام بالمطبخ السوداني، واكتسبت شعبية كبيرة، خاصة بسبب وصفتها المُبسَّطة لطَبَق العصيدة السوداني، حيث عَدّلت مكوّناتها ليتم تحضيرها من دقيق الأرز والزبادي، مما سَهَّل عملية إعدادها كثيراً. وقد بدأت سمسماية مدوّنتها في العام ٢٠٠٨م، بعد أن لاقت تشجيعاً من أصدقائها في منصّات عديدة لإعادة وصفات والدتها المتوفاة، ومساعدة الشابات والشباب للحصول عليها بسهولة.
ثم هناك تطور آخر في نشر الثقافة الغذائية عبر الإنترنت بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع فيسبوك، إذ لا تزال المنصة الأكثر شعبية بين المستخدمين السودانيين. واحدة من أكبر هذه المجموعات هي "المطبخ السوداني التقليدي والمعاصر"، وهي مجموعة أنشأها طهاة/يات سودانيون/ات في مايو ٢٠١٥م، واكتسبت شعبية بين ربات المنازل، وتضم الآن أكثر من مليون ونصف عضو. تعتبر هذه المنصة أكبر منصة طبخ سودانية، حيث يتم تشجيع الأعضاء على مشاركة الوصفات مع تفاصيل جميع الخطوات والمكونات. تتميز المنصة بثقافة إيجابية وداعمة، ويحظر فيها أي تعليقات تعتبر مسيئة للمهارات أو الثقافة. حتى بالنسبة لعملي على هذا الموضوع في المدونة، كانت هذه المنصة واحدة من الموارد الرئيسية التي استخدمتها لتعلم الوصفات، ولكن الأهم من ذلك للإطلاع على مختلف الثقافات. من خلال النقاشات يقوم العديد من الأعضاء بشرح الأعراف الثقافية المرتبطة بالطبق، والاسم الذي يستخدمونه لطبق معين، والعديد من الجوانب التي تُثري النقاش بين مختلف أعضاء المجموعة حول الوصفة أو الطبق.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت المزيد من الشخصيّات على وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة مقاطع فيديو، ومحتوى خاص بالأطعمة الغذائية عبر الإنترنت باستخدام منصّات مختلفة وبتنسيقات مختلفة. على سبيل المثال، حساب Habi Makes على منصة إنستغرام، حيث تُركّز صاحبة الحساب على جانب تصوير الطعام، وبدأت بنشرها عام ٢٠١٧م، بعدها تطوّر الحساب إلى محتوى يعرض وصفات مُقَدَّمة بطريقة فنية. اكتسب منشئو المحتوى الآخرون على تيك توك أو يوتيوب أيضاً شعبية عن طريق مشاركة وصفات قصيرة وسهلة المتابعة، منهم أحمد عابدين، الذي لديه أكثر من ٢٥٠ ألف متابع على تيك توك وحده. وقد اكتسبت مقاطع الفيديو القصيرة، والتي بدأ نشرها في أوائل عام ٢٠٢٠ شعبية سريعة جداً. وفيما يتعلق بالجانب الثقافي للطعام، فقد بدأت منصات بالظهور كذلك مثل صفحة المطبخ السوداني والموقع الإلكتروني، ويقوم الآن صاحب الموقع بجمع المواد الخاصة بالمطبخ السوداني، من أجل إصدار كتاب.
وأخيراً مجلة مذاق خاص وهي مجلة إلكترونية مختصة في مجال الطعام السوداني.
صورة الغلاف © يوسف الشيخ، الخرطوم، ٢٠٢٢
وَصفات الطعام تحوي الكثير من المنتوج التراثي والثقافي، وقد تُدرك ذلك عندما تتذوق طبقاً مطبوخاً بوصفةٍ بعينها، أو عندما تُحاول طبخ طبقٍ بذات وصفة ووالدتك، أو حتى وعندما تأخذك الذكريات إلى سفرة جدتك التي كانت تجمع العائلة في المناسبات.
ما نأكله من أطباق وكيفية إعدادها، ومن نتشاركها معهم، هي مسارات للأنشطة الثقافية والتقاليد التي تَكمُن في العمليَّة بأكملها؛ من الوصفة نفسها إلى إعدادها وتقديمها وحتى وتناولها.
الإجابة على هذا السؤال لها أوجه عدّة، فبالتأكيد هي تُحفظ باستمرارية طبخ الوصفات المحددة وتناقلها من جيلٍ إلى جيل. ولكن هناك إجابة أكثر عملية للسؤال الآنف، ألا وهي: بحفظها في باطن كتب الطبخ وطُرق الأرشفة الأخرى الأكثر حداثة.
إحدى هذه الطرق هي الفضاء الإلكتروني الذي أصبح أداة أساسية للحفظ والأرشفة، خاصةً ما يتعلق منها بالموسيقى والثقافة الحية. ورغم أن العديد من المنصات لم تُنشأ بغرض الأرشفة، إلا أنها تخدم هذا الغرض الآن. وأصبح الكثير من السودانيين يلجأون إليها، خاصة في ظل أزمة النزوح المستمرّة والصعوبات المتزايدة في طهي الوصفات الأصلية التي نشأوا على تناولها.
لا يكفي تناول الطعام دون النظر إلى جودته، وللبقاء بصحة جيدة جسديّاً وعقليّاً؛ فالحصول على الغذاء الجيّد حق إنساني أصيل، وبهذا المبدأ والشعار تعمل المطابخ الأهلية أو التَّكايا منذ اندلاع الحرب على توفير وجبات مجانية للمتضررين والمحتاجين في مناطق الحرب، وهي إحدى طرق التكافل الاجتماعي المعروفة عن المجتمع السوداني.
و بالعودة إلى الفضاء الإلكتروني، سنلاحظ أن هنالك عدداً كبيراً من المدونات التي تختصّ بالمطبخ والطعام السوداني: كيفية إعداده والبدائل الممكنة للمكونات التي يصعب الحصول عليها للمغتربين، أو لاستبدالها لأسباب ودواعٍ صحية.
أحد الأمثلة الحيّة لهذه المدونات هي مدونة "مطبخ سمسماية”.
هذه إحدى أوائل المدونات التي اتجهت للاهتمام بالمطبخ السوداني، واكتسبت شعبية كبيرة، خاصة بسبب وصفتها المُبسَّطة لطَبَق العصيدة السوداني، حيث عَدّلت مكوّناتها ليتم تحضيرها من دقيق الأرز والزبادي، مما سَهَّل عملية إعدادها كثيراً. وقد بدأت سمسماية مدوّنتها في العام ٢٠٠٨م، بعد أن لاقت تشجيعاً من أصدقائها في منصّات عديدة لإعادة وصفات والدتها المتوفاة، ومساعدة الشابات والشباب للحصول عليها بسهولة.
ثم هناك تطور آخر في نشر الثقافة الغذائية عبر الإنترنت بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع فيسبوك، إذ لا تزال المنصة الأكثر شعبية بين المستخدمين السودانيين. واحدة من أكبر هذه المجموعات هي "المطبخ السوداني التقليدي والمعاصر"، وهي مجموعة أنشأها طهاة/يات سودانيون/ات في مايو ٢٠١٥م، واكتسبت شعبية بين ربات المنازل، وتضم الآن أكثر من مليون ونصف عضو. تعتبر هذه المنصة أكبر منصة طبخ سودانية، حيث يتم تشجيع الأعضاء على مشاركة الوصفات مع تفاصيل جميع الخطوات والمكونات. تتميز المنصة بثقافة إيجابية وداعمة، ويحظر فيها أي تعليقات تعتبر مسيئة للمهارات أو الثقافة. حتى بالنسبة لعملي على هذا الموضوع في المدونة، كانت هذه المنصة واحدة من الموارد الرئيسية التي استخدمتها لتعلم الوصفات، ولكن الأهم من ذلك للإطلاع على مختلف الثقافات. من خلال النقاشات يقوم العديد من الأعضاء بشرح الأعراف الثقافية المرتبطة بالطبق، والاسم الذي يستخدمونه لطبق معين، والعديد من الجوانب التي تُثري النقاش بين مختلف أعضاء المجموعة حول الوصفة أو الطبق.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت المزيد من الشخصيّات على وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة مقاطع فيديو، ومحتوى خاص بالأطعمة الغذائية عبر الإنترنت باستخدام منصّات مختلفة وبتنسيقات مختلفة. على سبيل المثال، حساب Habi Makes على منصة إنستغرام، حيث تُركّز صاحبة الحساب على جانب تصوير الطعام، وبدأت بنشرها عام ٢٠١٧م، بعدها تطوّر الحساب إلى محتوى يعرض وصفات مُقَدَّمة بطريقة فنية. اكتسب منشئو المحتوى الآخرون على تيك توك أو يوتيوب أيضاً شعبية عن طريق مشاركة وصفات قصيرة وسهلة المتابعة، منهم أحمد عابدين، الذي لديه أكثر من ٢٥٠ ألف متابع على تيك توك وحده. وقد اكتسبت مقاطع الفيديو القصيرة، والتي بدأ نشرها في أوائل عام ٢٠٢٠ شعبية سريعة جداً. وفيما يتعلق بالجانب الثقافي للطعام، فقد بدأت منصات بالظهور كذلك مثل صفحة المطبخ السوداني والموقع الإلكتروني، ويقوم الآن صاحب الموقع بجمع المواد الخاصة بالمطبخ السوداني، من أجل إصدار كتاب.
وأخيراً مجلة مذاق خاص وهي مجلة إلكترونية مختصة في مجال الطعام السوداني.
صورة الغلاف © يوسف الشيخ، الخرطوم، ٢٠٢٢
اللوحة من رسم شروق إدريس
يُزرع القمح بصورة أساسية في شمال ووسط السودان، لذلك نجد أغلب أنواع الرغيف المصنوع منه من شمال السودان.
١. الرغيف النوبي (عيش أرقو، دنقلا، البصاولة): وهو رغيف مصنوع من أقراص كبيرة ويُخبز في أفران محلية، وعادة يكون كبير الحجم، قاسٍ من الخارج ولَيِّن من الداخل، كثير اللب نسبة لاستخدام "بدرة العيش" وهي نوع من أنواع الخميرة.
٢. الرغيف البلدي (عيش الطابونة): وهو الخبز المتعارف عليه أكثر حول السودان، ويُخبز أيضاً بأفران كبيرة أو في المنزل، ويُصنع من الدقيق الأسمر أو دقيق القمح غير المقشور، وقد تختلف طريقة صنعه من مكان لآخر، فيكون قليل اللُّب أو كَثِيرَه.
٣. العيش الفينو: وهو رغيف حديث، ظهر في السودان بعد الاستعمار ويُصنع من الدقيق الأبيض، أو الدقيق المقشور، ويُصنع بآليات مستحدثة وأفران حديثة.
هناك عدة طرق ووصفات مُختلفة لتناول الفتة من الرغيف المخبوز، وأكثرها شهرةً هي:
١. فتة شوربة اللحم: وتُؤكل غالباً في المناسبات الكبيرة، كما تُوزَّع ككرامة، ولها عدة طرق ووصفات، وقد يضاف إليها الأرز والكسرة.
٢. فتة شوربة الدجاج: وهي وصفة مُستَحدَثة بعض الشيء، وتُشبِه شوربة اللحم في التقديم.
٣. فتة الفول أو "البوش”: وهي طعام يُؤكل عادة في الشارع، وهي حديثة. يضاف ماء الفول المصري إلى العيش وتُضاف إليه أطعمة مختلفة، مثل الطعمية والجبن الأبيض والعدس والسلطة والزبادي والمِش وغيرها، والأساس هو إضافة ما هو متاح، لذا يُنظَر إليها كوجبة رخيصة يَسهل عملها ومشاركتها. هناك عدة روايات عن أصل الاسم، الأولى هي أن كلمة البوش تَعني تجمّع الناس، والثانية أن صحن الطلس الكبير اسمه في الأصل بوش، ورواية أخرى ان الاسم جاء من جورج بوش الأب الرئيس السابق للولايات المتحدة.
٤. السخينة: تختلف طريقة عمل السخينة من منطقة لأخرى، وهي شوربة نباتية أساسها البصل والطماطم، تُضاف إليها الدكوة أو زبدة الفول السوداني في كثير من الأحيان.
٥. فتة العدس: هنالك كثير من أنواع الطبائخ والمُلاحات أو الإدام التي يمكن أكلها كفتة، إلا أن أشهرها هو شوربة العدس، وأيضاً تأتي أهميتها من قلة تكلفتها.
رغيف دقيق القمح الأفطح أو المفرود: تختلف سماكته من مكان لآخر في شمال السودان، وهو عادة يُفرد "أو يُعاس" على صاج، أو سطح ساخن، ويُصنع بالمنزل من دقيق القمح الأسمر، وفي بعض الوصفات الحديثة يُضاف إليه دقيق أبيض لتسهيل فَردِهِ، خصوصاً في الأنواع الأقلّ سَمَاكة.
القرَّاصة: وتُسمَّى أيضاً كابيد أو كابيدة، وهي أكثر نوع معروف، والأكثر سماكة، لذلك يسهل فرده وطبخه يومياً، عادة يُؤكل مع الدمعة أو الملاح الأحمر وأساسه دمعة، والأخضر وأساسه الشوربة، والويكة وغيرها من المأكولات، حتى السكريات مثل السمن والسكر وغيره.
١. كوردتاد: فتة الكبكبي أو اللوبيا.
٢. جكاسوريد: فتة البصل والزيت.
الطبطاب وسناسن الفطير وسلاب/سلاّبية أو ايدوير وتعني اليد الواحدة، وهي أنواع مختلفة من الرغيف الأفطح، والمفرود وهو أقل سماكة. يختلف سمكه، والوصفات، وحتى طُرُق الأكل من مكانٍ لآخر في شمال السودان، ويؤكل أيضاً مع بعض أنواع الملاحات الأثقل في القوام، وأيضاً كفتة. بعض الوصفات للفتة هي:
١. شوربة اللحم: مثلها مثل فتة الرغيف المخبوز في بعض مناطق شمال السودان، يؤكل الفطير مع الشوربة في المناسبات الكبيرة.
٢. الفطير باللبن أو الروب أو الزبادي: عادة يؤكل كوجبة خفيفة في العشاء.
٣. السخينة: وهي واحدة من الوجبات التي تؤكل تقريباً مع كل أنواع الخبز المختلفة.
٤. المخبازة: تُصنع من خبز قمح يُشبه القراصة أو الفطير، وفي كثير من الأحيان يُحشى بالموز، أو يُقَطَّع إلى قطع صغيرة ويضاف إليه الموز وبقية المكوّنات.
تُزرع الذرة البيضاء في أغلب مناطق السودان، وهي الأكثر انتشاراً، كما تزرع بالزراعة المطرية، لذلك هي النوع التقليدي للطعام في السودان؛ فرغيف القمح لم ينتشر إلا بعد تغيُّر العادات الغذائية في القرن العشرين، ونسبة لأن الذرة ليس بها غلوتين فإنها لا تُخبز بالفرن، بل تُفرد فقط أو يُصنع منها العصيدة.
هنالك أنواع مختلفة من الذرة مثل ود عكر أو الفتريته إلا أن الاختلاف الأساسي للرغيف أو الخبز ويسمى في هذه الحالة كسرة هو درجة تقشير الذرة وبالتالي للكسرة نوعان:
كسرة بيضاء: تُصنَع من الذرة المقشورة، وتُؤكل أكثر في مناطق وسط السودان. كسرة الفتريتَه (في بعض الأحيان يُطلق اسم فتريته على الذرة غير المقشورة) وتُؤكل أكثر في مناطق غرب السودان.
هناك أيضاً كسرة الدخن أو الكسرة الحمراء.
تؤكل الكسرة مع أنواع مختلفة من الأطعمة، مثل الملاح والتبيخ، حسب المشهور في كلّ منطقة.
١. السخينة: مثلها مثل باقي أنواع الرغيف، السخينة أيضاً تُؤكل بالكسرة.
٢. كسرة بمْويَه: وهي كسرة مع بعض البهارات والماء أو الروب، وتُعتبر وجبة خفيفة ورخيصة.
٣. فَتَّة من الدقيق المسلوق: ود لوبا والاسم أو دان واكي (واحد واحد) وهي كرات من عجين دقيق القمح، تُرمَى في ماء مغليّ وتُطهَى وبعدها تؤكل مع طعام نباتي يُشبه السخينة.
عادة يؤكل الدخن كاملاًً أو على شكل مديدة أو عصيدة، وفي بعض الحالات يُصنع منه خبز من الكسرة والقُرَّاصة، أو يُقطَّع إلى كُرات من العجين التي تُغلَى وتُؤكل بشكلٍ مُشابه للفَتَّة، وغالباً يُؤكل مع الحليب أو السكّر.
١. الكاراكو: وتُصنع من دقيق الدخن، وتؤكل مع الحليب أو الروب والسكر.
٢. القُدُوقُدُو وال قوقر: ويُصنع من دقيق الدخن المقشور، ويُقدَّم كشراب وكوجبة، ويُعدّ بعدِّة طُرُق.
اللوحة من رسم شروق إدريس
يُزرع القمح بصورة أساسية في شمال ووسط السودان، لذلك نجد أغلب أنواع الرغيف المصنوع منه من شمال السودان.
١. الرغيف النوبي (عيش أرقو، دنقلا، البصاولة): وهو رغيف مصنوع من أقراص كبيرة ويُخبز في أفران محلية، وعادة يكون كبير الحجم، قاسٍ من الخارج ولَيِّن من الداخل، كثير اللب نسبة لاستخدام "بدرة العيش" وهي نوع من أنواع الخميرة.
٢. الرغيف البلدي (عيش الطابونة): وهو الخبز المتعارف عليه أكثر حول السودان، ويُخبز أيضاً بأفران كبيرة أو في المنزل، ويُصنع من الدقيق الأسمر أو دقيق القمح غير المقشور، وقد تختلف طريقة صنعه من مكان لآخر، فيكون قليل اللُّب أو كَثِيرَه.
٣. العيش الفينو: وهو رغيف حديث، ظهر في السودان بعد الاستعمار ويُصنع من الدقيق الأبيض، أو الدقيق المقشور، ويُصنع بآليات مستحدثة وأفران حديثة.
هناك عدة طرق ووصفات مُختلفة لتناول الفتة من الرغيف المخبوز، وأكثرها شهرةً هي:
١. فتة شوربة اللحم: وتُؤكل غالباً في المناسبات الكبيرة، كما تُوزَّع ككرامة، ولها عدة طرق ووصفات، وقد يضاف إليها الأرز والكسرة.
٢. فتة شوربة الدجاج: وهي وصفة مُستَحدَثة بعض الشيء، وتُشبِه شوربة اللحم في التقديم.
٣. فتة الفول أو "البوش”: وهي طعام يُؤكل عادة في الشارع، وهي حديثة. يضاف ماء الفول المصري إلى العيش وتُضاف إليه أطعمة مختلفة، مثل الطعمية والجبن الأبيض والعدس والسلطة والزبادي والمِش وغيرها، والأساس هو إضافة ما هو متاح، لذا يُنظَر إليها كوجبة رخيصة يَسهل عملها ومشاركتها. هناك عدة روايات عن أصل الاسم، الأولى هي أن كلمة البوش تَعني تجمّع الناس، والثانية أن صحن الطلس الكبير اسمه في الأصل بوش، ورواية أخرى ان الاسم جاء من جورج بوش الأب الرئيس السابق للولايات المتحدة.
٤. السخينة: تختلف طريقة عمل السخينة من منطقة لأخرى، وهي شوربة نباتية أساسها البصل والطماطم، تُضاف إليها الدكوة أو زبدة الفول السوداني في كثير من الأحيان.
٥. فتة العدس: هنالك كثير من أنواع الطبائخ والمُلاحات أو الإدام التي يمكن أكلها كفتة، إلا أن أشهرها هو شوربة العدس، وأيضاً تأتي أهميتها من قلة تكلفتها.
رغيف دقيق القمح الأفطح أو المفرود: تختلف سماكته من مكان لآخر في شمال السودان، وهو عادة يُفرد "أو يُعاس" على صاج، أو سطح ساخن، ويُصنع بالمنزل من دقيق القمح الأسمر، وفي بعض الوصفات الحديثة يُضاف إليه دقيق أبيض لتسهيل فَردِهِ، خصوصاً في الأنواع الأقلّ سَمَاكة.
القرَّاصة: وتُسمَّى أيضاً كابيد أو كابيدة، وهي أكثر نوع معروف، والأكثر سماكة، لذلك يسهل فرده وطبخه يومياً، عادة يُؤكل مع الدمعة أو الملاح الأحمر وأساسه دمعة، والأخضر وأساسه الشوربة، والويكة وغيرها من المأكولات، حتى السكريات مثل السمن والسكر وغيره.
١. كوردتاد: فتة الكبكبي أو اللوبيا.
٢. جكاسوريد: فتة البصل والزيت.
الطبطاب وسناسن الفطير وسلاب/سلاّبية أو ايدوير وتعني اليد الواحدة، وهي أنواع مختلفة من الرغيف الأفطح، والمفرود وهو أقل سماكة. يختلف سمكه، والوصفات، وحتى طُرُق الأكل من مكانٍ لآخر في شمال السودان، ويؤكل أيضاً مع بعض أنواع الملاحات الأثقل في القوام، وأيضاً كفتة. بعض الوصفات للفتة هي:
١. شوربة اللحم: مثلها مثل فتة الرغيف المخبوز في بعض مناطق شمال السودان، يؤكل الفطير مع الشوربة في المناسبات الكبيرة.
٢. الفطير باللبن أو الروب أو الزبادي: عادة يؤكل كوجبة خفيفة في العشاء.
٣. السخينة: وهي واحدة من الوجبات التي تؤكل تقريباً مع كل أنواع الخبز المختلفة.
٤. المخبازة: تُصنع من خبز قمح يُشبه القراصة أو الفطير، وفي كثير من الأحيان يُحشى بالموز، أو يُقَطَّع إلى قطع صغيرة ويضاف إليه الموز وبقية المكوّنات.
تُزرع الذرة البيضاء في أغلب مناطق السودان، وهي الأكثر انتشاراً، كما تزرع بالزراعة المطرية، لذلك هي النوع التقليدي للطعام في السودان؛ فرغيف القمح لم ينتشر إلا بعد تغيُّر العادات الغذائية في القرن العشرين، ونسبة لأن الذرة ليس بها غلوتين فإنها لا تُخبز بالفرن، بل تُفرد فقط أو يُصنع منها العصيدة.
هنالك أنواع مختلفة من الذرة مثل ود عكر أو الفتريته إلا أن الاختلاف الأساسي للرغيف أو الخبز ويسمى في هذه الحالة كسرة هو درجة تقشير الذرة وبالتالي للكسرة نوعان:
كسرة بيضاء: تُصنَع من الذرة المقشورة، وتُؤكل أكثر في مناطق وسط السودان. كسرة الفتريتَه (في بعض الأحيان يُطلق اسم فتريته على الذرة غير المقشورة) وتُؤكل أكثر في مناطق غرب السودان.
هناك أيضاً كسرة الدخن أو الكسرة الحمراء.
تؤكل الكسرة مع أنواع مختلفة من الأطعمة، مثل الملاح والتبيخ، حسب المشهور في كلّ منطقة.
١. السخينة: مثلها مثل باقي أنواع الرغيف، السخينة أيضاً تُؤكل بالكسرة.
٢. كسرة بمْويَه: وهي كسرة مع بعض البهارات والماء أو الروب، وتُعتبر وجبة خفيفة ورخيصة.
٣. فَتَّة من الدقيق المسلوق: ود لوبا والاسم أو دان واكي (واحد واحد) وهي كرات من عجين دقيق القمح، تُرمَى في ماء مغليّ وتُطهَى وبعدها تؤكل مع طعام نباتي يُشبه السخينة.
عادة يؤكل الدخن كاملاًً أو على شكل مديدة أو عصيدة، وفي بعض الحالات يُصنع منه خبز من الكسرة والقُرَّاصة، أو يُقطَّع إلى كُرات من العجين التي تُغلَى وتُؤكل بشكلٍ مُشابه للفَتَّة، وغالباً يُؤكل مع الحليب أو السكّر.
١. الكاراكو: وتُصنع من دقيق الدخن، وتؤكل مع الحليب أو الروب والسكر.
٢. القُدُوقُدُو وال قوقر: ويُصنع من دقيق الدخن المقشور، ويُقدَّم كشراب وكوجبة، ويُعدّ بعدِّة طُرُق.
اللوحة من رسم شروق إدريس
يُزرع القمح بصورة أساسية في شمال ووسط السودان، لذلك نجد أغلب أنواع الرغيف المصنوع منه من شمال السودان.
١. الرغيف النوبي (عيش أرقو، دنقلا، البصاولة): وهو رغيف مصنوع من أقراص كبيرة ويُخبز في أفران محلية، وعادة يكون كبير الحجم، قاسٍ من الخارج ولَيِّن من الداخل، كثير اللب نسبة لاستخدام "بدرة العيش" وهي نوع من أنواع الخميرة.
٢. الرغيف البلدي (عيش الطابونة): وهو الخبز المتعارف عليه أكثر حول السودان، ويُخبز أيضاً بأفران كبيرة أو في المنزل، ويُصنع من الدقيق الأسمر أو دقيق القمح غير المقشور، وقد تختلف طريقة صنعه من مكان لآخر، فيكون قليل اللُّب أو كَثِيرَه.
٣. العيش الفينو: وهو رغيف حديث، ظهر في السودان بعد الاستعمار ويُصنع من الدقيق الأبيض، أو الدقيق المقشور، ويُصنع بآليات مستحدثة وأفران حديثة.
هناك عدة طرق ووصفات مُختلفة لتناول الفتة من الرغيف المخبوز، وأكثرها شهرةً هي:
١. فتة شوربة اللحم: وتُؤكل غالباً في المناسبات الكبيرة، كما تُوزَّع ككرامة، ولها عدة طرق ووصفات، وقد يضاف إليها الأرز والكسرة.
٢. فتة شوربة الدجاج: وهي وصفة مُستَحدَثة بعض الشيء، وتُشبِه شوربة اللحم في التقديم.
٣. فتة الفول أو "البوش”: وهي طعام يُؤكل عادة في الشارع، وهي حديثة. يضاف ماء الفول المصري إلى العيش وتُضاف إليه أطعمة مختلفة، مثل الطعمية والجبن الأبيض والعدس والسلطة والزبادي والمِش وغيرها، والأساس هو إضافة ما هو متاح، لذا يُنظَر إليها كوجبة رخيصة يَسهل عملها ومشاركتها. هناك عدة روايات عن أصل الاسم، الأولى هي أن كلمة البوش تَعني تجمّع الناس، والثانية أن صحن الطلس الكبير اسمه في الأصل بوش، ورواية أخرى ان الاسم جاء من جورج بوش الأب الرئيس السابق للولايات المتحدة.
٤. السخينة: تختلف طريقة عمل السخينة من منطقة لأخرى، وهي شوربة نباتية أساسها البصل والطماطم، تُضاف إليها الدكوة أو زبدة الفول السوداني في كثير من الأحيان.
٥. فتة العدس: هنالك كثير من أنواع الطبائخ والمُلاحات أو الإدام التي يمكن أكلها كفتة، إلا أن أشهرها هو شوربة العدس، وأيضاً تأتي أهميتها من قلة تكلفتها.
رغيف دقيق القمح الأفطح أو المفرود: تختلف سماكته من مكان لآخر في شمال السودان، وهو عادة يُفرد "أو يُعاس" على صاج، أو سطح ساخن، ويُصنع بالمنزل من دقيق القمح الأسمر، وفي بعض الوصفات الحديثة يُضاف إليه دقيق أبيض لتسهيل فَردِهِ، خصوصاً في الأنواع الأقلّ سَمَاكة.
القرَّاصة: وتُسمَّى أيضاً كابيد أو كابيدة، وهي أكثر نوع معروف، والأكثر سماكة، لذلك يسهل فرده وطبخه يومياً، عادة يُؤكل مع الدمعة أو الملاح الأحمر وأساسه دمعة، والأخضر وأساسه الشوربة، والويكة وغيرها من المأكولات، حتى السكريات مثل السمن والسكر وغيره.
١. كوردتاد: فتة الكبكبي أو اللوبيا.
٢. جكاسوريد: فتة البصل والزيت.
الطبطاب وسناسن الفطير وسلاب/سلاّبية أو ايدوير وتعني اليد الواحدة، وهي أنواع مختلفة من الرغيف الأفطح، والمفرود وهو أقل سماكة. يختلف سمكه، والوصفات، وحتى طُرُق الأكل من مكانٍ لآخر في شمال السودان، ويؤكل أيضاً مع بعض أنواع الملاحات الأثقل في القوام، وأيضاً كفتة. بعض الوصفات للفتة هي:
١. شوربة اللحم: مثلها مثل فتة الرغيف المخبوز في بعض مناطق شمال السودان، يؤكل الفطير مع الشوربة في المناسبات الكبيرة.
٢. الفطير باللبن أو الروب أو الزبادي: عادة يؤكل كوجبة خفيفة في العشاء.
٣. السخينة: وهي واحدة من الوجبات التي تؤكل تقريباً مع كل أنواع الخبز المختلفة.
٤. المخبازة: تُصنع من خبز قمح يُشبه القراصة أو الفطير، وفي كثير من الأحيان يُحشى بالموز، أو يُقَطَّع إلى قطع صغيرة ويضاف إليه الموز وبقية المكوّنات.
تُزرع الذرة البيضاء في أغلب مناطق السودان، وهي الأكثر انتشاراً، كما تزرع بالزراعة المطرية، لذلك هي النوع التقليدي للطعام في السودان؛ فرغيف القمح لم ينتشر إلا بعد تغيُّر العادات الغذائية في القرن العشرين، ونسبة لأن الذرة ليس بها غلوتين فإنها لا تُخبز بالفرن، بل تُفرد فقط أو يُصنع منها العصيدة.
هنالك أنواع مختلفة من الذرة مثل ود عكر أو الفتريته إلا أن الاختلاف الأساسي للرغيف أو الخبز ويسمى في هذه الحالة كسرة هو درجة تقشير الذرة وبالتالي للكسرة نوعان:
كسرة بيضاء: تُصنَع من الذرة المقشورة، وتُؤكل أكثر في مناطق وسط السودان. كسرة الفتريتَه (في بعض الأحيان يُطلق اسم فتريته على الذرة غير المقشورة) وتُؤكل أكثر في مناطق غرب السودان.
هناك أيضاً كسرة الدخن أو الكسرة الحمراء.
تؤكل الكسرة مع أنواع مختلفة من الأطعمة، مثل الملاح والتبيخ، حسب المشهور في كلّ منطقة.
١. السخينة: مثلها مثل باقي أنواع الرغيف، السخينة أيضاً تُؤكل بالكسرة.
٢. كسرة بمْويَه: وهي كسرة مع بعض البهارات والماء أو الروب، وتُعتبر وجبة خفيفة ورخيصة.
٣. فَتَّة من الدقيق المسلوق: ود لوبا والاسم أو دان واكي (واحد واحد) وهي كرات من عجين دقيق القمح، تُرمَى في ماء مغليّ وتُطهَى وبعدها تؤكل مع طعام نباتي يُشبه السخينة.
عادة يؤكل الدخن كاملاًً أو على شكل مديدة أو عصيدة، وفي بعض الحالات يُصنع منه خبز من الكسرة والقُرَّاصة، أو يُقطَّع إلى كُرات من العجين التي تُغلَى وتُؤكل بشكلٍ مُشابه للفَتَّة، وغالباً يُؤكل مع الحليب أو السكّر.
١. الكاراكو: وتُصنع من دقيق الدخن، وتؤكل مع الحليب أو الروب والسكر.
٢. القُدُوقُدُو وال قوقر: ويُصنع من دقيق الدخن المقشور، ويُقدَّم كشراب وكوجبة، ويُعدّ بعدِّة طُرُق.