مصدر النمو
القاعدة: الأمومة كمصدر للنموّ هي العمود الفقري للمجتمع؛ المرأة ترعى وتهتمّ بالأطفال والضعفاء. هذا الدور الحيويّ هو مصدر قوَّة لا يمكن التقليلُ من شأنه.
المرأة السودانية هي القوة الرئيسيَّة وراء العديد من الحركات الاجتماعية والسياسية في بلدها، وبالتالي فهي عُنصر مهم للتغيير؛ من النساء في فترة المهدية –تمّ حَذفُ تاريخهنّ في الغالب- إلى اللائي سِرنَ خلال ثورة ٢٠١٨م. من خلال الترميز بمبنَى البيت، سنَفحَص دور المرأة السودانية في مجتمعها وتأثير معرفتها وأفعالها على الحياة اليومية، وكيفيَّة تسجيل ذلك بمرور الوقت.
المرأة السودانية هي القوة الرئيسيَّة وراء العديد من الحركات الاجتماعية والسياسية في بلدها، وبالتالي فهي عُنصر مهم للتغيير؛ من النساء في فترة المهدية –تمّ حَذفُ تاريخهنّ في الغالب- إلى اللائي سِرنَ خلال ثورة ٢٠١٨م. من خلال الترميز بمبنَى البيت، سنَفحَص دور المرأة السودانية في مجتمعها وتأثير معرفتها وأفعالها على الحياة اليومية، وكيفيَّة تسجيل ذلك بمرور الوقت.
الغرف: كـ(عاملات)، (عناصر)، (أقمار) ظلام ونور، يمكن أن يكون قرار الحرب أو السلام في يد امرأةٍ سودانية. على مرّ التاريخ، كانت هناك أمثلة لنساء سودانيات يدافعن عن الحرب أو السلام. سندرس في هذا القسم مشاركة المرأة في المشهد السياسي.
المُرتَكَزات: بصفتها حارسةً للتقاليد والتراث، تُعتَبر المرأة وعاءً للتراث، ومُمارسة أصيلة له في المجتمع السوداني، كما أنها تَعمل بلا كللٍ على حمايته والمُحافظةِ عليه.
الديكور: خلق اتجاهات جديدة في مجالات عدة من الموسيقى إلى الموضة والأدب، أثرت النساء في العديد من المجالات وأسسن اتجاهات جديدة غالبًا ما تغير التصورات حول الجمال. يشكلن النساء أيضًا نوعًا من الأرشيف الذي يوثق الكثير من الأحداث الاجتماعية والتاريخية الهامة.
القاعدة: الأمومة كمصدر للنموّ هي العمود الفقري للمجتمع؛ المرأة ترعى وتهتمّ بالأطفال والضعفاء. هذا الدور الحيويّ هو مصدر قوَّة لا يمكن التقليلُ من شأنه.
تُعدّ مناسبة الزواج إحدى أهم التقاليد في ثقافات المجتمع السوداني، معإرثٍ ممتدّ من العادات التي تتنوَّع من منطقة لأخرى.
تغيَّرت وتبدَّلت واختَفت بعض الطقوس المرتبطة بالزواج، كمثال، كانت مناسبة الزواج (قطع الرحط، الصُبحِيَّة والجرتق) في الماضي تمتدُّ لأربعين يوماً،الآن تقتصر على ثلاثة أيام، والبعض أصبح يختصرها في يومٍ واحد.
قديماً كان من النادر أن يُسمح للفتيات غير المتزوجات بالخروج من المنزل والتدخّل في عملية اختيار وترشيح الشريك. كان يقوم بالمهمّة أشخاص غير العريس والعروس، حيث تقوم الخاطبات أو بعض النساء في الغالب بتقديم اقتراحات للارتباط بين الشبان والفتيات. وكان من الشائع في الماضي أن البنت أوْلَى أن يتزوجها ابن عمها المباشر.
عندما يتم التواصل والقبول بين العائلتين يقوم أهل العريس بزيارة بيت العروس للطلب الرسمي وقراءة الفاتحة، تليها زيارة "قولة الخير"، حيث تذهب النساء من أهل العريس لزيارة بيت العروس حاملات الهدايا للتعارف وزيادة التقارب، حيث تتم استضافتهم بكل كرم ومحبة.
عندما يتم تحديد موعد الزواج يُقدِّم العريس ما يسمى بـ"الشيلة"،وهي عبارة عن مستلزمات العروس من لبس وعطور ومجوهرات وغيره من احتياجات العروس. ومن ثم تبتدئ تجهيزات الزفاف والعرس وتدخل العروس في "الحَبْسَة"، وهو نوع من العزل لتتفرغ للاستعداد ليوم الزفاف.
في الماضي كانت العروس أثناء الحبسة تقوم بتجهيز احتياجاتها للبيت الجديد، من تطريز وحياكة وتجهيز الشراشف وكذلك بعض احتياجات الخطيب من ملابس. تحضير وتجهيز المنزل الجديد بالفَرْش والأثاث كانت من ضمن مسؤوليات والد العروس للدلالة على مكانتها، كما كانت تقوم أم العروس بتجهيز أواني المطبخ والأطباق والبهارات وما يُسمَّى بالشرموط، وهو لحم مُجَفَّف ومحفوظ،وكذلك البصل والويكا (بامية مجفَّفَة ومطحونة).
أثناء فترة الحبسة تجلس العروس يوميّاً للدخان، وهي جلسة بُخار تتم بخشب عطري يُسمَّى الطلح أو الشاف، ويكون هذا تحت إشراف إحدى القريبات، ويُشترط أن تكون سعيدة في حياتها لتكون فأل خير لحياة العروس المقبلة.
قبل موعد الزفاف بيوم أو اثنين يقام للعريس حفل الحناء، حيث تُخضَّب يداه ورجلاه بمعجون من الحنة وعطور زيتية، مثل المحلبية والسرتية، وتُوضَع في إناء يُسمَّى كروان النجمة والهلال الأزرق، وتُزَيَّن بالشموع وتُقدَّم في صينية مع الحلويات والمخبوزات والتمر والموالح رمزاً لثبات الزواج أمام تقلّبات الحياة،كذلك بخور التيمان لصدّ العين والحسد.
كذلك إحدى العادات القديمة في ليالي حفل الحناء للعريس هي الشوباش، حيث يبدأ واحد من الأهل أو الأصدقاء بالتبرع بمبلغ مالي أو بذهب أو ماشية، ومن ثم يتنافس بقيّة الحضور في التبرع وذلك كمساهمة في تكاليف الزواج، ويكون الشخص الذي يقوم بجمع التبرعات عادة والإعلان عن المبلغ الكلي أحد الوجهاء أو شخصية معروفة. الآن تمّ استبدال هذه العادة بما يُسمَّى "الكشِف"، حيث تُكتَب في ورقة أسماء الأشخاص ومشاركاتهم المالية ويتم تسليمها للعريس.
للاحتفال بالزفاف تُنظَّم وليمتان، إحداهما في ليلة الحناء للعريس، والأخرى يقوم بتنظيمها أهل العروس بعد عقد القران في بيت العروس أو في المسجد؛ حيث يكون جميع الحضور للعقد مدعوون لتناول الوجبة في بيت أهل العروس.
"السيرة" هي إحدى مظاهر الزواج في السودان، حيث يسير أهل العريس في موكب لبيت أهل العروس. في التقليد يكون العريس على رأس الموكب على حصان وبيده سيف وبجانبه أهله والأصدقاء المقرّبون، كما كان السير في الماضي على الأرجل. وفي مقدمة الموكب أيضاً زعيم أو كبير العائلة، تليهم النساء يدقون على الدف (الدلوكة) ويتغنون بأغاني السيرة التقليدية مع تصاعد أبخرة البخور والعطور الساحرة.
قديماً كان الموكب قبل الوصول لبيت العروس يعرّج لضريح شيخ الصوفية لتلقي البركة. وعند وصول السيرة لبيت العروس يخرج أهل العروس في مقدمتهم أم العروس لاستقبالهم بالزغاريد والأغاني ورش الماء.
بعد الانتهاء من الوليمة تخرج العروس في كامل زينتها وتُزَفّ للعريس وبجانبها أخواتها وصديقاتها المقرّبات، ويكون بجانبهنّ بعض من القريبات كبيرات السن، يقمن بتوصية العروسين على قداسة الحياة الزوجية وأهمية الحفاظ عليها.
في الماضي كانت العروس ترتدي ثوباً أبيض ووجهها مغطى بقماش حرير يُسمَّى القرمصيص، ليكشف العريس عنه ويراه وأهله ربما لأول مرة. بعد كشف وجهها يتم قطع الرحط من حول خصر العروس، ويكون بداخله بعض الحلوى يتم تفريقها على الفتيات كفئل خير لهنّ باقتراب دورهن للزواج، ويُخرِج بعده العريس مبلغاً ماليّاً يعطيه للسيدة التي تستلم الرحط وتعطيه لأم العروس.
يلي ذلك "رقيص العروس"، وقد كان من أهم الطقوس في الزواج السوداني، حيث ترقص العروس أمام العريس ويلعبان لعبة، حيث يجب ألا يتركها تسقط لتسجّل عليه نقطة في كلّ رقصة.
الطقس الأخير في ليلة الزفاف هو "الجرتق"، وهو إلى يومنا هذا يحتلّ مكانة كبيرة في الثقافة السودانية، حيث يُعتَقد أنه يجلب الحظ والذرية للعروسين،وكلمة جرتق اصلها "جرت" من اللغة النوبية، وهي زينة تُلبَس عند الطهور أو الزواج.
آخر طقوس الزواج التقليدي هو "الرحول"، حيث تُزفّ العروس إلى بيتها الجديد برفقة القريبات والصديقات وبعضاً منهن يقضين معها أسبوعاً لخدمة العروس والضيوف المهنئين.
تُعدّ مناسبة الزواج إحدى أهم التقاليد في ثقافات المجتمع السوداني، معإرثٍ ممتدّ من العادات التي تتنوَّع من منطقة لأخرى.
تغيَّرت وتبدَّلت واختَفت بعض الطقوس المرتبطة بالزواج، كمثال، كانت مناسبة الزواج (قطع الرحط، الصُبحِيَّة والجرتق) في الماضي تمتدُّ لأربعين يوماً،الآن تقتصر على ثلاثة أيام، والبعض أصبح يختصرها في يومٍ واحد.
قديماً كان من النادر أن يُسمح للفتيات غير المتزوجات بالخروج من المنزل والتدخّل في عملية اختيار وترشيح الشريك. كان يقوم بالمهمّة أشخاص غير العريس والعروس، حيث تقوم الخاطبات أو بعض النساء في الغالب بتقديم اقتراحات للارتباط بين الشبان والفتيات. وكان من الشائع في الماضي أن البنت أوْلَى أن يتزوجها ابن عمها المباشر.
عندما يتم التواصل والقبول بين العائلتين يقوم أهل العريس بزيارة بيت العروس للطلب الرسمي وقراءة الفاتحة، تليها زيارة "قولة الخير"، حيث تذهب النساء من أهل العريس لزيارة بيت العروس حاملات الهدايا للتعارف وزيادة التقارب، حيث تتم استضافتهم بكل كرم ومحبة.
عندما يتم تحديد موعد الزواج يُقدِّم العريس ما يسمى بـ"الشيلة"،وهي عبارة عن مستلزمات العروس من لبس وعطور ومجوهرات وغيره من احتياجات العروس. ومن ثم تبتدئ تجهيزات الزفاف والعرس وتدخل العروس في "الحَبْسَة"، وهو نوع من العزل لتتفرغ للاستعداد ليوم الزفاف.
في الماضي كانت العروس أثناء الحبسة تقوم بتجهيز احتياجاتها للبيت الجديد، من تطريز وحياكة وتجهيز الشراشف وكذلك بعض احتياجات الخطيب من ملابس. تحضير وتجهيز المنزل الجديد بالفَرْش والأثاث كانت من ضمن مسؤوليات والد العروس للدلالة على مكانتها، كما كانت تقوم أم العروس بتجهيز أواني المطبخ والأطباق والبهارات وما يُسمَّى بالشرموط، وهو لحم مُجَفَّف ومحفوظ،وكذلك البصل والويكا (بامية مجفَّفَة ومطحونة).
أثناء فترة الحبسة تجلس العروس يوميّاً للدخان، وهي جلسة بُخار تتم بخشب عطري يُسمَّى الطلح أو الشاف، ويكون هذا تحت إشراف إحدى القريبات، ويُشترط أن تكون سعيدة في حياتها لتكون فأل خير لحياة العروس المقبلة.
قبل موعد الزفاف بيوم أو اثنين يقام للعريس حفل الحناء، حيث تُخضَّب يداه ورجلاه بمعجون من الحنة وعطور زيتية، مثل المحلبية والسرتية، وتُوضَع في إناء يُسمَّى كروان النجمة والهلال الأزرق، وتُزَيَّن بالشموع وتُقدَّم في صينية مع الحلويات والمخبوزات والتمر والموالح رمزاً لثبات الزواج أمام تقلّبات الحياة،كذلك بخور التيمان لصدّ العين والحسد.
كذلك إحدى العادات القديمة في ليالي حفل الحناء للعريس هي الشوباش، حيث يبدأ واحد من الأهل أو الأصدقاء بالتبرع بمبلغ مالي أو بذهب أو ماشية، ومن ثم يتنافس بقيّة الحضور في التبرع وذلك كمساهمة في تكاليف الزواج، ويكون الشخص الذي يقوم بجمع التبرعات عادة والإعلان عن المبلغ الكلي أحد الوجهاء أو شخصية معروفة. الآن تمّ استبدال هذه العادة بما يُسمَّى "الكشِف"، حيث تُكتَب في ورقة أسماء الأشخاص ومشاركاتهم المالية ويتم تسليمها للعريس.
للاحتفال بالزفاف تُنظَّم وليمتان، إحداهما في ليلة الحناء للعريس، والأخرى يقوم بتنظيمها أهل العروس بعد عقد القران في بيت العروس أو في المسجد؛ حيث يكون جميع الحضور للعقد مدعوون لتناول الوجبة في بيت أهل العروس.
"السيرة" هي إحدى مظاهر الزواج في السودان، حيث يسير أهل العريس في موكب لبيت أهل العروس. في التقليد يكون العريس على رأس الموكب على حصان وبيده سيف وبجانبه أهله والأصدقاء المقرّبون، كما كان السير في الماضي على الأرجل. وفي مقدمة الموكب أيضاً زعيم أو كبير العائلة، تليهم النساء يدقون على الدف (الدلوكة) ويتغنون بأغاني السيرة التقليدية مع تصاعد أبخرة البخور والعطور الساحرة.
قديماً كان الموكب قبل الوصول لبيت العروس يعرّج لضريح شيخ الصوفية لتلقي البركة. وعند وصول السيرة لبيت العروس يخرج أهل العروس في مقدمتهم أم العروس لاستقبالهم بالزغاريد والأغاني ورش الماء.
بعد الانتهاء من الوليمة تخرج العروس في كامل زينتها وتُزَفّ للعريس وبجانبها أخواتها وصديقاتها المقرّبات، ويكون بجانبهنّ بعض من القريبات كبيرات السن، يقمن بتوصية العروسين على قداسة الحياة الزوجية وأهمية الحفاظ عليها.
في الماضي كانت العروس ترتدي ثوباً أبيض ووجهها مغطى بقماش حرير يُسمَّى القرمصيص، ليكشف العريس عنه ويراه وأهله ربما لأول مرة. بعد كشف وجهها يتم قطع الرحط من حول خصر العروس، ويكون بداخله بعض الحلوى يتم تفريقها على الفتيات كفئل خير لهنّ باقتراب دورهن للزواج، ويُخرِج بعده العريس مبلغاً ماليّاً يعطيه للسيدة التي تستلم الرحط وتعطيه لأم العروس.
يلي ذلك "رقيص العروس"، وقد كان من أهم الطقوس في الزواج السوداني، حيث ترقص العروس أمام العريس ويلعبان لعبة، حيث يجب ألا يتركها تسقط لتسجّل عليه نقطة في كلّ رقصة.
الطقس الأخير في ليلة الزفاف هو "الجرتق"، وهو إلى يومنا هذا يحتلّ مكانة كبيرة في الثقافة السودانية، حيث يُعتَقد أنه يجلب الحظ والذرية للعروسين،وكلمة جرتق اصلها "جرت" من اللغة النوبية، وهي زينة تُلبَس عند الطهور أو الزواج.
آخر طقوس الزواج التقليدي هو "الرحول"، حيث تُزفّ العروس إلى بيتها الجديد برفقة القريبات والصديقات وبعضاً منهن يقضين معها أسبوعاً لخدمة العروس والضيوف المهنئين.
تُعدّ مناسبة الزواج إحدى أهم التقاليد في ثقافات المجتمع السوداني، معإرثٍ ممتدّ من العادات التي تتنوَّع من منطقة لأخرى.
تغيَّرت وتبدَّلت واختَفت بعض الطقوس المرتبطة بالزواج، كمثال، كانت مناسبة الزواج (قطع الرحط، الصُبحِيَّة والجرتق) في الماضي تمتدُّ لأربعين يوماً،الآن تقتصر على ثلاثة أيام، والبعض أصبح يختصرها في يومٍ واحد.
قديماً كان من النادر أن يُسمح للفتيات غير المتزوجات بالخروج من المنزل والتدخّل في عملية اختيار وترشيح الشريك. كان يقوم بالمهمّة أشخاص غير العريس والعروس، حيث تقوم الخاطبات أو بعض النساء في الغالب بتقديم اقتراحات للارتباط بين الشبان والفتيات. وكان من الشائع في الماضي أن البنت أوْلَى أن يتزوجها ابن عمها المباشر.
عندما يتم التواصل والقبول بين العائلتين يقوم أهل العريس بزيارة بيت العروس للطلب الرسمي وقراءة الفاتحة، تليها زيارة "قولة الخير"، حيث تذهب النساء من أهل العريس لزيارة بيت العروس حاملات الهدايا للتعارف وزيادة التقارب، حيث تتم استضافتهم بكل كرم ومحبة.
عندما يتم تحديد موعد الزواج يُقدِّم العريس ما يسمى بـ"الشيلة"،وهي عبارة عن مستلزمات العروس من لبس وعطور ومجوهرات وغيره من احتياجات العروس. ومن ثم تبتدئ تجهيزات الزفاف والعرس وتدخل العروس في "الحَبْسَة"، وهو نوع من العزل لتتفرغ للاستعداد ليوم الزفاف.
في الماضي كانت العروس أثناء الحبسة تقوم بتجهيز احتياجاتها للبيت الجديد، من تطريز وحياكة وتجهيز الشراشف وكذلك بعض احتياجات الخطيب من ملابس. تحضير وتجهيز المنزل الجديد بالفَرْش والأثاث كانت من ضمن مسؤوليات والد العروس للدلالة على مكانتها، كما كانت تقوم أم العروس بتجهيز أواني المطبخ والأطباق والبهارات وما يُسمَّى بالشرموط، وهو لحم مُجَفَّف ومحفوظ،وكذلك البصل والويكا (بامية مجفَّفَة ومطحونة).
أثناء فترة الحبسة تجلس العروس يوميّاً للدخان، وهي جلسة بُخار تتم بخشب عطري يُسمَّى الطلح أو الشاف، ويكون هذا تحت إشراف إحدى القريبات، ويُشترط أن تكون سعيدة في حياتها لتكون فأل خير لحياة العروس المقبلة.
قبل موعد الزفاف بيوم أو اثنين يقام للعريس حفل الحناء، حيث تُخضَّب يداه ورجلاه بمعجون من الحنة وعطور زيتية، مثل المحلبية والسرتية، وتُوضَع في إناء يُسمَّى كروان النجمة والهلال الأزرق، وتُزَيَّن بالشموع وتُقدَّم في صينية مع الحلويات والمخبوزات والتمر والموالح رمزاً لثبات الزواج أمام تقلّبات الحياة،كذلك بخور التيمان لصدّ العين والحسد.
كذلك إحدى العادات القديمة في ليالي حفل الحناء للعريس هي الشوباش، حيث يبدأ واحد من الأهل أو الأصدقاء بالتبرع بمبلغ مالي أو بذهب أو ماشية، ومن ثم يتنافس بقيّة الحضور في التبرع وذلك كمساهمة في تكاليف الزواج، ويكون الشخص الذي يقوم بجمع التبرعات عادة والإعلان عن المبلغ الكلي أحد الوجهاء أو شخصية معروفة. الآن تمّ استبدال هذه العادة بما يُسمَّى "الكشِف"، حيث تُكتَب في ورقة أسماء الأشخاص ومشاركاتهم المالية ويتم تسليمها للعريس.
للاحتفال بالزفاف تُنظَّم وليمتان، إحداهما في ليلة الحناء للعريس، والأخرى يقوم بتنظيمها أهل العروس بعد عقد القران في بيت العروس أو في المسجد؛ حيث يكون جميع الحضور للعقد مدعوون لتناول الوجبة في بيت أهل العروس.
"السيرة" هي إحدى مظاهر الزواج في السودان، حيث يسير أهل العريس في موكب لبيت أهل العروس. في التقليد يكون العريس على رأس الموكب على حصان وبيده سيف وبجانبه أهله والأصدقاء المقرّبون، كما كان السير في الماضي على الأرجل. وفي مقدمة الموكب أيضاً زعيم أو كبير العائلة، تليهم النساء يدقون على الدف (الدلوكة) ويتغنون بأغاني السيرة التقليدية مع تصاعد أبخرة البخور والعطور الساحرة.
قديماً كان الموكب قبل الوصول لبيت العروس يعرّج لضريح شيخ الصوفية لتلقي البركة. وعند وصول السيرة لبيت العروس يخرج أهل العروس في مقدمتهم أم العروس لاستقبالهم بالزغاريد والأغاني ورش الماء.
بعد الانتهاء من الوليمة تخرج العروس في كامل زينتها وتُزَفّ للعريس وبجانبها أخواتها وصديقاتها المقرّبات، ويكون بجانبهنّ بعض من القريبات كبيرات السن، يقمن بتوصية العروسين على قداسة الحياة الزوجية وأهمية الحفاظ عليها.
في الماضي كانت العروس ترتدي ثوباً أبيض ووجهها مغطى بقماش حرير يُسمَّى القرمصيص، ليكشف العريس عنه ويراه وأهله ربما لأول مرة. بعد كشف وجهها يتم قطع الرحط من حول خصر العروس، ويكون بداخله بعض الحلوى يتم تفريقها على الفتيات كفئل خير لهنّ باقتراب دورهن للزواج، ويُخرِج بعده العريس مبلغاً ماليّاً يعطيه للسيدة التي تستلم الرحط وتعطيه لأم العروس.
يلي ذلك "رقيص العروس"، وقد كان من أهم الطقوس في الزواج السوداني، حيث ترقص العروس أمام العريس ويلعبان لعبة، حيث يجب ألا يتركها تسقط لتسجّل عليه نقطة في كلّ رقصة.
الطقس الأخير في ليلة الزفاف هو "الجرتق"، وهو إلى يومنا هذا يحتلّ مكانة كبيرة في الثقافة السودانية، حيث يُعتَقد أنه يجلب الحظ والذرية للعروسين،وكلمة جرتق اصلها "جرت" من اللغة النوبية، وهي زينة تُلبَس عند الطهور أو الزواج.
آخر طقوس الزواج التقليدي هو "الرحول"، حيث تُزفّ العروس إلى بيتها الجديد برفقة القريبات والصديقات وبعضاً منهن يقضين معها أسبوعاً لخدمة العروس والضيوف المهنئين.
انتَقلت الفنانة التشكيلية غريزيلدا الطيب للحياة في السودان أوائل الخمسينيات، برفقة زوجها العَلاَّمة البارز في الدراسات العربية والإسلامية البروفيسور عبد الله الطيب. كان الزوجان عائدين ليتولى عبد الله منصب التدريس بعد حصوله على درجة الدكتوراه في لندن. خلال حياتها في السودان، تولَّت غريزيلدا نفسها مناصب تعليمية مختلفة متخصّصةً في الفن، وصياغة مناهج فنّية مدرسية. وهكذا شكَّل الفن والرسم جزءاً مهماً من حياة غريزيلدا، وكان تترسم معظم الأماكن التي زارتها والعديد من الشخصيات التي رأتها. على هذا النحو،أصبحت الكثير من أعمالها الفنية سجلاً قيّماً للعصور الماضية والتراث المندثر،خاصةً فيما يتعلَّق بالزي السوداني التقليدي. شجَّعت غريزيلدا دائماً وطوال حياتها كل من حولها على الإبداع والرسم، أو تقديم العروض أو الانخراط في أي شكلٍ من أنواع الحرَف اليدويّة.
في هذا المقطع الصوتي، يصف الأشقاء (دعاء ١٣ عاماً، وأسامة ١٥ عاماً، وآية ١٢ عاماً) علاقتهم بجارتهم التي يسمّونها "حبوبة غريزيلدا".تم تسجيل هذه المقابلة غير الرسمية مع الأطفال في منزل غريزيلدا في مساكن جامعة الخرطوم بحي بري بالخرطوم، بعد وقت قصير من وفاتها عن عمرٍ يناهز ٩٧ عاماً.
من خلال الاستماع إلى الأطفال وهم يتحدثون عن كل ما فعلوه سويةً، يتَّضح مدى ما نَقلته غريزيلدا إلى الأطفال من الحب وحماسها للفن والأنشطة الإبداعية. في المقطع الصوتي، يقدم الأطفال أمثلة على الأشياء التي علَّمَتهم غريزيلدا رَسمَها وتلوينها؛ مثل الأزياء السودانية التقليدية، واستخدام البطاطس كقوالب "استنسل" لصنع ورق التغليف الخاص بهم، وتصميم زينة رمضان. ويحكي الأطفال أيضاً عن الأوقات التي ساعدتهم فيها غريزيلدا على تمثيل حكاية شعبية سودانية قديمة؛ الأزياء ومقاطع التي أدّوها (بمن في ذلك غريزيلدا نفسها في دور الغول!)، وكيف لاقى عرضهم المفاجئ استحسان الجمهور.
من خلال تشجيع الشباب السوداني على مراقبة وإعادة خلق، والاحتفال بمحيطهم وتراثهم الثقافي، لَعِبَت غريزيلدا دوراً مهمّاً في الحفاظ على هذا التراث للأجيال القادمة.
انتَقلت الفنانة التشكيلية غريزيلدا الطيب للحياة في السودان أوائل الخمسينيات، برفقة زوجها العَلاَّمة البارز في الدراسات العربية والإسلامية البروفيسور عبد الله الطيب. كان الزوجان عائدين ليتولى عبد الله منصب التدريس بعد حصوله على درجة الدكتوراه في لندن. خلال حياتها في السودان، تولَّت غريزيلدا نفسها مناصب تعليمية مختلفة متخصّصةً في الفن، وصياغة مناهج فنّية مدرسية. وهكذا شكَّل الفن والرسم جزءاً مهماً من حياة غريزيلدا، وكان تترسم معظم الأماكن التي زارتها والعديد من الشخصيات التي رأتها. على هذا النحو،أصبحت الكثير من أعمالها الفنية سجلاً قيّماً للعصور الماضية والتراث المندثر،خاصةً فيما يتعلَّق بالزي السوداني التقليدي. شجَّعت غريزيلدا دائماً وطوال حياتها كل من حولها على الإبداع والرسم، أو تقديم العروض أو الانخراط في أي شكلٍ من أنواع الحرَف اليدويّة.
في هذا المقطع الصوتي، يصف الأشقاء (دعاء ١٣ عاماً، وأسامة ١٥ عاماً، وآية ١٢ عاماً) علاقتهم بجارتهم التي يسمّونها "حبوبة غريزيلدا".تم تسجيل هذه المقابلة غير الرسمية مع الأطفال في منزل غريزيلدا في مساكن جامعة الخرطوم بحي بري بالخرطوم، بعد وقت قصير من وفاتها عن عمرٍ يناهز ٩٧ عاماً.
من خلال الاستماع إلى الأطفال وهم يتحدثون عن كل ما فعلوه سويةً، يتَّضح مدى ما نَقلته غريزيلدا إلى الأطفال من الحب وحماسها للفن والأنشطة الإبداعية. في المقطع الصوتي، يقدم الأطفال أمثلة على الأشياء التي علَّمَتهم غريزيلدا رَسمَها وتلوينها؛ مثل الأزياء السودانية التقليدية، واستخدام البطاطس كقوالب "استنسل" لصنع ورق التغليف الخاص بهم، وتصميم زينة رمضان. ويحكي الأطفال أيضاً عن الأوقات التي ساعدتهم فيها غريزيلدا على تمثيل حكاية شعبية سودانية قديمة؛ الأزياء ومقاطع التي أدّوها (بمن في ذلك غريزيلدا نفسها في دور الغول!)، وكيف لاقى عرضهم المفاجئ استحسان الجمهور.
من خلال تشجيع الشباب السوداني على مراقبة وإعادة خلق، والاحتفال بمحيطهم وتراثهم الثقافي، لَعِبَت غريزيلدا دوراً مهمّاً في الحفاظ على هذا التراث للأجيال القادمة.
انتَقلت الفنانة التشكيلية غريزيلدا الطيب للحياة في السودان أوائل الخمسينيات، برفقة زوجها العَلاَّمة البارز في الدراسات العربية والإسلامية البروفيسور عبد الله الطيب. كان الزوجان عائدين ليتولى عبد الله منصب التدريس بعد حصوله على درجة الدكتوراه في لندن. خلال حياتها في السودان، تولَّت غريزيلدا نفسها مناصب تعليمية مختلفة متخصّصةً في الفن، وصياغة مناهج فنّية مدرسية. وهكذا شكَّل الفن والرسم جزءاً مهماً من حياة غريزيلدا، وكان تترسم معظم الأماكن التي زارتها والعديد من الشخصيات التي رأتها. على هذا النحو،أصبحت الكثير من أعمالها الفنية سجلاً قيّماً للعصور الماضية والتراث المندثر،خاصةً فيما يتعلَّق بالزي السوداني التقليدي. شجَّعت غريزيلدا دائماً وطوال حياتها كل من حولها على الإبداع والرسم، أو تقديم العروض أو الانخراط في أي شكلٍ من أنواع الحرَف اليدويّة.
في هذا المقطع الصوتي، يصف الأشقاء (دعاء ١٣ عاماً، وأسامة ١٥ عاماً، وآية ١٢ عاماً) علاقتهم بجارتهم التي يسمّونها "حبوبة غريزيلدا".تم تسجيل هذه المقابلة غير الرسمية مع الأطفال في منزل غريزيلدا في مساكن جامعة الخرطوم بحي بري بالخرطوم، بعد وقت قصير من وفاتها عن عمرٍ يناهز ٩٧ عاماً.
من خلال الاستماع إلى الأطفال وهم يتحدثون عن كل ما فعلوه سويةً، يتَّضح مدى ما نَقلته غريزيلدا إلى الأطفال من الحب وحماسها للفن والأنشطة الإبداعية. في المقطع الصوتي، يقدم الأطفال أمثلة على الأشياء التي علَّمَتهم غريزيلدا رَسمَها وتلوينها؛ مثل الأزياء السودانية التقليدية، واستخدام البطاطس كقوالب "استنسل" لصنع ورق التغليف الخاص بهم، وتصميم زينة رمضان. ويحكي الأطفال أيضاً عن الأوقات التي ساعدتهم فيها غريزيلدا على تمثيل حكاية شعبية سودانية قديمة؛ الأزياء ومقاطع التي أدّوها (بمن في ذلك غريزيلدا نفسها في دور الغول!)، وكيف لاقى عرضهم المفاجئ استحسان الجمهور.
من خلال تشجيع الشباب السوداني على مراقبة وإعادة خلق، والاحتفال بمحيطهم وتراثهم الثقافي، لَعِبَت غريزيلدا دوراً مهمّاً في الحفاظ على هذا التراث للأجيال القادمة.
بَرَزَت فاطمة محمد الحسن كمدافعة قوية عن حقوق الإنسان والمرأة في دارفور، مع اهتمامها الكبير بالتراث السوداني والحرف اليدوية.
في عام ٢٠١٠ م، ألقي القبض عليها كردٍّ على كتابتها التي شَبَّهت فيها ما عاناه سكان قريتي كايلي وشتاي على أيدي السلطات الحكومية، في جنوب دارفور، بانتهاكات سجن أبو غريب العراقي الشهير. كما احتُجِزت لفترة وجيزة بتهمة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي كانت تُحقّق في جرائم دارفور.
إن مواقف فاطمة القوية الداعمة لشعب دارفور، وخاصة النساء، أكسبتها مقعداً ضمن العديد من الوفود المشاركة في محادثات السلام حول دارفور في الدوحة وأبوجا. وامتدَّ تمثيلها لدارفور ونسائها ليشمل ورش عملٍ ومؤتمرات عديدة شاركت فيها محليَّاً وخارجياً. ونتيجة لذلك، شغلت فاطمة، التي بدأت حياتها المهنية كمعلمة، عدة مناصب حكومية مثل مدير عام السياحة والتراث بوزارة الشؤون الاجتماعية والثقافية بولاية جنوب دارفور عام ١٩٩٤ م، ورئيسة قسم الحرف اليدوية التقليدية في وزارة الشؤون الاقتصادية عام ١٩٩٩ م، ووزيرة للشباب والرياضة والبيئة والسياحة عام ٢٠١٢ م.
وإلى جانب عملها الرسمي، لعبت فاطمة دوراً بارزاً في حقل العمل التطوّعي والخيري في دارفور؛ حيث أنشأت دار مندولا للتراث والثقافة والفنون عام ١٩٨٧ م، وترأست منظمة بخيتة الخيرية لتنمية المرأة وحماية الطفل بجنوب دارفور عام ١٩٨٨ م، وأسَّست نادي المرأة الثقافي والرياضي بنيالا عام ٢٠٠٧ م. كما قدَّمت فاطمة برنامجاً إذاعياً عن الفولكلور الشعبي على إذاعة نيالا التي تُبثّ من جنوب دارفور.
مثَّلَت المحافظة على التراث الثقافي والحرف اليدوية التقليدية وعرضهما؛ ركناً أساسيّاً لرؤية فاطمة للتعايش السلمي وتوحيد الأطراف المتحاربة في صراع دارفور. ولأجل تحقيق عمليَّة سلام ناجحة، كانت تؤكّد وتركّز على تقدّم وسيادة اللغة الشعبية والتقليدية والثقافية في محادثات السلام.
في عام ١٩٨٥ م، أسَّست فاطمة أول مساحة مخصصة للنساء في متحف نساء دارفور في نيالا. وعلى مر السنين، نما المتحف ليضم آلاف القطع الأثرية الثقافية، ويستضيف العديد من الفعاليات المتعلقة بالتراث، ويُعتبر، بالتالي، إرثاً كبيراً بقامة امرأةٍ شُجاعة، عَمِلَت بلا كللٍ من أجل دارفور، إلى أن وافتها المنية في العام ٢٠٢٣ م.
بَرَزَت فاطمة محمد الحسن كمدافعة قوية عن حقوق الإنسان والمرأة في دارفور، مع اهتمامها الكبير بالتراث السوداني والحرف اليدوية.
في عام ٢٠١٠ م، ألقي القبض عليها كردٍّ على كتابتها التي شَبَّهت فيها ما عاناه سكان قريتي كايلي وشتاي على أيدي السلطات الحكومية، في جنوب دارفور، بانتهاكات سجن أبو غريب العراقي الشهير. كما احتُجِزت لفترة وجيزة بتهمة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي كانت تُحقّق في جرائم دارفور.
إن مواقف فاطمة القوية الداعمة لشعب دارفور، وخاصة النساء، أكسبتها مقعداً ضمن العديد من الوفود المشاركة في محادثات السلام حول دارفور في الدوحة وأبوجا. وامتدَّ تمثيلها لدارفور ونسائها ليشمل ورش عملٍ ومؤتمرات عديدة شاركت فيها محليَّاً وخارجياً. ونتيجة لذلك، شغلت فاطمة، التي بدأت حياتها المهنية كمعلمة، عدة مناصب حكومية مثل مدير عام السياحة والتراث بوزارة الشؤون الاجتماعية والثقافية بولاية جنوب دارفور عام ١٩٩٤ م، ورئيسة قسم الحرف اليدوية التقليدية في وزارة الشؤون الاقتصادية عام ١٩٩٩ م، ووزيرة للشباب والرياضة والبيئة والسياحة عام ٢٠١٢ م.
وإلى جانب عملها الرسمي، لعبت فاطمة دوراً بارزاً في حقل العمل التطوّعي والخيري في دارفور؛ حيث أنشأت دار مندولا للتراث والثقافة والفنون عام ١٩٨٧ م، وترأست منظمة بخيتة الخيرية لتنمية المرأة وحماية الطفل بجنوب دارفور عام ١٩٨٨ م، وأسَّست نادي المرأة الثقافي والرياضي بنيالا عام ٢٠٠٧ م. كما قدَّمت فاطمة برنامجاً إذاعياً عن الفولكلور الشعبي على إذاعة نيالا التي تُبثّ من جنوب دارفور.
مثَّلَت المحافظة على التراث الثقافي والحرف اليدوية التقليدية وعرضهما؛ ركناً أساسيّاً لرؤية فاطمة للتعايش السلمي وتوحيد الأطراف المتحاربة في صراع دارفور. ولأجل تحقيق عمليَّة سلام ناجحة، كانت تؤكّد وتركّز على تقدّم وسيادة اللغة الشعبية والتقليدية والثقافية في محادثات السلام.
في عام ١٩٨٥ م، أسَّست فاطمة أول مساحة مخصصة للنساء في متحف نساء دارفور في نيالا. وعلى مر السنين، نما المتحف ليضم آلاف القطع الأثرية الثقافية، ويستضيف العديد من الفعاليات المتعلقة بالتراث، ويُعتبر، بالتالي، إرثاً كبيراً بقامة امرأةٍ شُجاعة، عَمِلَت بلا كللٍ من أجل دارفور، إلى أن وافتها المنية في العام ٢٠٢٣ م.
بَرَزَت فاطمة محمد الحسن كمدافعة قوية عن حقوق الإنسان والمرأة في دارفور، مع اهتمامها الكبير بالتراث السوداني والحرف اليدوية.
في عام ٢٠١٠ م، ألقي القبض عليها كردٍّ على كتابتها التي شَبَّهت فيها ما عاناه سكان قريتي كايلي وشتاي على أيدي السلطات الحكومية، في جنوب دارفور، بانتهاكات سجن أبو غريب العراقي الشهير. كما احتُجِزت لفترة وجيزة بتهمة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي كانت تُحقّق في جرائم دارفور.
إن مواقف فاطمة القوية الداعمة لشعب دارفور، وخاصة النساء، أكسبتها مقعداً ضمن العديد من الوفود المشاركة في محادثات السلام حول دارفور في الدوحة وأبوجا. وامتدَّ تمثيلها لدارفور ونسائها ليشمل ورش عملٍ ومؤتمرات عديدة شاركت فيها محليَّاً وخارجياً. ونتيجة لذلك، شغلت فاطمة، التي بدأت حياتها المهنية كمعلمة، عدة مناصب حكومية مثل مدير عام السياحة والتراث بوزارة الشؤون الاجتماعية والثقافية بولاية جنوب دارفور عام ١٩٩٤ م، ورئيسة قسم الحرف اليدوية التقليدية في وزارة الشؤون الاقتصادية عام ١٩٩٩ م، ووزيرة للشباب والرياضة والبيئة والسياحة عام ٢٠١٢ م.
وإلى جانب عملها الرسمي، لعبت فاطمة دوراً بارزاً في حقل العمل التطوّعي والخيري في دارفور؛ حيث أنشأت دار مندولا للتراث والثقافة والفنون عام ١٩٨٧ م، وترأست منظمة بخيتة الخيرية لتنمية المرأة وحماية الطفل بجنوب دارفور عام ١٩٨٨ م، وأسَّست نادي المرأة الثقافي والرياضي بنيالا عام ٢٠٠٧ م. كما قدَّمت فاطمة برنامجاً إذاعياً عن الفولكلور الشعبي على إذاعة نيالا التي تُبثّ من جنوب دارفور.
مثَّلَت المحافظة على التراث الثقافي والحرف اليدوية التقليدية وعرضهما؛ ركناً أساسيّاً لرؤية فاطمة للتعايش السلمي وتوحيد الأطراف المتحاربة في صراع دارفور. ولأجل تحقيق عمليَّة سلام ناجحة، كانت تؤكّد وتركّز على تقدّم وسيادة اللغة الشعبية والتقليدية والثقافية في محادثات السلام.
في عام ١٩٨٥ م، أسَّست فاطمة أول مساحة مخصصة للنساء في متحف نساء دارفور في نيالا. وعلى مر السنين، نما المتحف ليضم آلاف القطع الأثرية الثقافية، ويستضيف العديد من الفعاليات المتعلقة بالتراث، ويُعتبر، بالتالي، إرثاً كبيراً بقامة امرأةٍ شُجاعة، عَمِلَت بلا كللٍ من أجل دارفور، إلى أن وافتها المنية في العام ٢٠٢٣ م.
يَعلَم كل من يعرف السودان أن مناسبة الزواج في كافة أنحائه غنية بمزيج من العادات التي تُبهِج جميع الحواس بالروائح والموسيقى والأطعمة والرقص. وهو مهرجان تتصاعد وتيرته خلال أسابيع إلى يوم العرس والجرتق، ويَخفُت تدريجياً في الأيام التالية.
بعد نهاية الاحتفالات يجلس الأقارب للتحدث حول مجريات المناسبة وكيف تمت إدارتها، من حضر ومن لم غاب، وماذا ارتدى الناس، والأهم هل تم إكرام الجميع بالضيافة؟ كل ذلك وهم مستلقون على عناقريبهم (أَسِرَّة) وهم يحتسون القهوة. وبالرغم من أن هذه الموجة من الأفراح والمشاعر هي مرتبطة بجميع طقوس الزواج السوداني، إلا أنها تغيّرت وربما اختفت بمرور الزمن.
إحدى هذه العادات المندثرة هو قطع الرحط، والذي كانت ترتديه العروس في رقيص العروس، وهي إحدى أهم فعاليات العرس السوداني؛ حيث ترقص العروس وهي ترتدي الرحط وهو يتألَّف من شرائط رفيعة مجمعة ومتصلة بحزام في الخصر ويتدلى حتى الركبتين، وتكون عارية الصدر أمام العريس والأهل والجيران. وكانت هذه ممارسة مُتعَارَف عليها حتى أواخر القرن التاسع عشر. في منتصف القرن العشرين اختفى الرحط تدريجياً حتى أصبح يوضع تحت فستان قصير ترتديه العروس، بحيث يكون الصدر غير مكشوف.
بحلول عام ١٩٨٣م، ومع صدور قوانين الشريعة الإسلامية، اقتصر حضور رقيص العروس على النساء فقط، واختفى الرحط كلياً من مستلزمات لبس العروس.
ابتكرت العروسات حديثاً مختلف أشكال اللبس الجريء والذي يُظهِر جمال مفاتنهنّ. وأصبحت مناسبة رقيص العروس محصورة على عدد معروف من المدعوات، ويتم حراسته أمنياً وتُسحب أجهزة التصوير والهواتف لتجنب نشر خصوصيات الحفل في وسائل الميديا المختلفة.
واختفى الرحط التقليدي كلياً من ثقافة الزواج وأصبح لبس العروس ومدى تعريته أو حشمته يتأثر بعوامل مختلفة اجتماعية وسياسية واقتصادية.
ولكنفي حال الانقطاع الكلي بين الإنسان السوداني وعاداته، كما يحدث في الحرب الدائرة اليوم، كيف سيتم نقل مثل هذا التراث السوداني الحي وكيف سيكون تأثير هذا على عادات مثل الصبحية ورقيص العروس؟ هل ستستمر أم سيتم استبدالها بعادات أخرى؟ وهل ستكون لدى المجتمعات النازحة الرصيد الكافي من المعرفة لنقل هذا التراث؟.
وإلى أن نجد الإجابة على تساؤلاتنا هذه بمرور الزمن، يجب علينا توثيق وتدوين كل مايتوفر لدينا من معرفة عن كل هذا التراث الغني بالجمال والإبداع.
يَعلَم كل من يعرف السودان أن مناسبة الزواج في كافة أنحائه غنية بمزيج من العادات التي تُبهِج جميع الحواس بالروائح والموسيقى والأطعمة والرقص. وهو مهرجان تتصاعد وتيرته خلال أسابيع إلى يوم العرس والجرتق، ويَخفُت تدريجياً في الأيام التالية.
بعد نهاية الاحتفالات يجلس الأقارب للتحدث حول مجريات المناسبة وكيف تمت إدارتها، من حضر ومن لم غاب، وماذا ارتدى الناس، والأهم هل تم إكرام الجميع بالضيافة؟ كل ذلك وهم مستلقون على عناقريبهم (أَسِرَّة) وهم يحتسون القهوة. وبالرغم من أن هذه الموجة من الأفراح والمشاعر هي مرتبطة بجميع طقوس الزواج السوداني، إلا أنها تغيّرت وربما اختفت بمرور الزمن.
إحدى هذه العادات المندثرة هو قطع الرحط، والذي كانت ترتديه العروس في رقيص العروس، وهي إحدى أهم فعاليات العرس السوداني؛ حيث ترقص العروس وهي ترتدي الرحط وهو يتألَّف من شرائط رفيعة مجمعة ومتصلة بحزام في الخصر ويتدلى حتى الركبتين، وتكون عارية الصدر أمام العريس والأهل والجيران. وكانت هذه ممارسة مُتعَارَف عليها حتى أواخر القرن التاسع عشر. في منتصف القرن العشرين اختفى الرحط تدريجياً حتى أصبح يوضع تحت فستان قصير ترتديه العروس، بحيث يكون الصدر غير مكشوف.
بحلول عام ١٩٨٣م، ومع صدور قوانين الشريعة الإسلامية، اقتصر حضور رقيص العروس على النساء فقط، واختفى الرحط كلياً من مستلزمات لبس العروس.
ابتكرت العروسات حديثاً مختلف أشكال اللبس الجريء والذي يُظهِر جمال مفاتنهنّ. وأصبحت مناسبة رقيص العروس محصورة على عدد معروف من المدعوات، ويتم حراسته أمنياً وتُسحب أجهزة التصوير والهواتف لتجنب نشر خصوصيات الحفل في وسائل الميديا المختلفة.
واختفى الرحط التقليدي كلياً من ثقافة الزواج وأصبح لبس العروس ومدى تعريته أو حشمته يتأثر بعوامل مختلفة اجتماعية وسياسية واقتصادية.
ولكنفي حال الانقطاع الكلي بين الإنسان السوداني وعاداته، كما يحدث في الحرب الدائرة اليوم، كيف سيتم نقل مثل هذا التراث السوداني الحي وكيف سيكون تأثير هذا على عادات مثل الصبحية ورقيص العروس؟ هل ستستمر أم سيتم استبدالها بعادات أخرى؟ وهل ستكون لدى المجتمعات النازحة الرصيد الكافي من المعرفة لنقل هذا التراث؟.
وإلى أن نجد الإجابة على تساؤلاتنا هذه بمرور الزمن، يجب علينا توثيق وتدوين كل مايتوفر لدينا من معرفة عن كل هذا التراث الغني بالجمال والإبداع.
يَعلَم كل من يعرف السودان أن مناسبة الزواج في كافة أنحائه غنية بمزيج من العادات التي تُبهِج جميع الحواس بالروائح والموسيقى والأطعمة والرقص. وهو مهرجان تتصاعد وتيرته خلال أسابيع إلى يوم العرس والجرتق، ويَخفُت تدريجياً في الأيام التالية.
بعد نهاية الاحتفالات يجلس الأقارب للتحدث حول مجريات المناسبة وكيف تمت إدارتها، من حضر ومن لم غاب، وماذا ارتدى الناس، والأهم هل تم إكرام الجميع بالضيافة؟ كل ذلك وهم مستلقون على عناقريبهم (أَسِرَّة) وهم يحتسون القهوة. وبالرغم من أن هذه الموجة من الأفراح والمشاعر هي مرتبطة بجميع طقوس الزواج السوداني، إلا أنها تغيّرت وربما اختفت بمرور الزمن.
إحدى هذه العادات المندثرة هو قطع الرحط، والذي كانت ترتديه العروس في رقيص العروس، وهي إحدى أهم فعاليات العرس السوداني؛ حيث ترقص العروس وهي ترتدي الرحط وهو يتألَّف من شرائط رفيعة مجمعة ومتصلة بحزام في الخصر ويتدلى حتى الركبتين، وتكون عارية الصدر أمام العريس والأهل والجيران. وكانت هذه ممارسة مُتعَارَف عليها حتى أواخر القرن التاسع عشر. في منتصف القرن العشرين اختفى الرحط تدريجياً حتى أصبح يوضع تحت فستان قصير ترتديه العروس، بحيث يكون الصدر غير مكشوف.
بحلول عام ١٩٨٣م، ومع صدور قوانين الشريعة الإسلامية، اقتصر حضور رقيص العروس على النساء فقط، واختفى الرحط كلياً من مستلزمات لبس العروس.
ابتكرت العروسات حديثاً مختلف أشكال اللبس الجريء والذي يُظهِر جمال مفاتنهنّ. وأصبحت مناسبة رقيص العروس محصورة على عدد معروف من المدعوات، ويتم حراسته أمنياً وتُسحب أجهزة التصوير والهواتف لتجنب نشر خصوصيات الحفل في وسائل الميديا المختلفة.
واختفى الرحط التقليدي كلياً من ثقافة الزواج وأصبح لبس العروس ومدى تعريته أو حشمته يتأثر بعوامل مختلفة اجتماعية وسياسية واقتصادية.
ولكنفي حال الانقطاع الكلي بين الإنسان السوداني وعاداته، كما يحدث في الحرب الدائرة اليوم، كيف سيتم نقل مثل هذا التراث السوداني الحي وكيف سيكون تأثير هذا على عادات مثل الصبحية ورقيص العروس؟ هل ستستمر أم سيتم استبدالها بعادات أخرى؟ وهل ستكون لدى المجتمعات النازحة الرصيد الكافي من المعرفة لنقل هذا التراث؟.
وإلى أن نجد الإجابة على تساؤلاتنا هذه بمرور الزمن، يجب علينا توثيق وتدوين كل مايتوفر لدينا من معرفة عن كل هذا التراث الغني بالجمال والإبداع.
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
تستعصي الفنانة عائشة موسى أحمد إدريس المعروفة بعائشة الفلاتية على الحصر، فهي تتجدَّد في ذاكرة السودانيين مع تبدُّل أحوالهم يُسراً وعُسراً. الآن، والسودان يتمزَّق في اقتتال عنيف، تتخذ أغاني الفلاتية معانٍ جديدة لم يكن لنا أن نخترعها إلا انزلاقاً في هاوية، فيأتينا "سمسم قضارف" الفلاتية في عبوة جديدة؛ تذكاراً لحياة آفلة.
وحسب الباحث الأستاذ معاوية ياسين، فقد وُلدت عائشة موسى في مدينة كسلا، ويصعب تحديد العام الذي وُلِدت فيه على الدقّة، وتوفّيت في أم درمان شهر فبراير ١٩٧٤. نشأت الفلاتية في كنف أسرة يشملها التدين والعلم. وكان والدها الحاج موسى أحمد شيخاً قارئاً يُعلِّم الطلاب في خلوة. وذكر باحثون مختلفون أن عائشة كانت تتسلَّل إلى بيوت اللعبة تسترق السمع إلى أغاني ذلك الزمان، تحفظها بسرعة وتعود لتؤديها أمام صديقاتها. و في إشارة حسَّاسة ذكرت الأستاذة خالدة الجنيد أن صديقات عائشة الصغيرات هنَّ جمهورها الأول([i]).وفي ذلك مدعاة للتفكير في الأشياء التي نخسرها دون أن نعي وجودها؛ التواريخ غير الرسمية المُغفَلة التي تُنزع عنها الجدارة عند تأريخ النجاح بمعناه الرأسمالي.
في ١٩٣٦ م التقت موهبة الفلاتية مع موهبة الموسيقار العظيم إسماعيل عبد المعين في القاهرة عند تسجيل الأسطوانات العشر الأولى، والتي كانت كلّها من ألحانه، لكن ضاعت أغانيها واستدرك بعضاً منها الشاعر محمد عوض الكريم القرشي،ومن ضمن ما استدرك "خداري الما بَدَاري"، و"حبيتو ما حبَّاني"،و"الزهور والوردي" التي تغنَّى بها لاحقاً الفنان عثمان الشفيع، وهي من أغاني الفلاتية الباكرة في الأصل. وعبد المعين لحظة كبيرة في زمن عائشة الفلاتية، حيث تعاون معها مرة أخرى عام ١٩٤١ وأنتَجا معاً خمس أغاني إضافية ([ii]). ويبدو أن عبد المعين وجد فيها رفيقة في تأسيسه لفنّ ملتحم في الثقافة. فعبد المعين استقى جلَّ أعماله من جلوسه تحت أقدام الأمهات والجارات. زوجة أبيه، السيدة فاطمة فور، لقَّنته أهزوجة "يا أم قرقدى" في (مقام الزنجران) المصور على جنس (مقام الحجاز)، وأخذ "كندروا مندروا" عن "أم الفقرا حبوبة زيتونة" التي جالسها وهو طفل في السابعة، بينما كانت تنسج الأطباق في منقلا بجنوب السودان، طراه الله بالخير ([iii]).وحسب الباحث عوض بابكر، فقد أخذ عبدالمعين إيقاع السيرة عن السَيَّارَات شريفة بتبلال، ونَجَف، وقَطَّاعة الخشوم وبِت العَقَاب، كما أخذ عن رابحة خوجلي إيقاع الـ"تُمتُم" الذي أخذته رابحة عن مُساعِدي اللَّواري ([iv]).وغنَّت عائشة الفلاتية إيقاع الـ"تُم تُم" في أغانيها المبكرة، لذلك جاءالإنتاج الباكر للفلاتية طَلِيقاً مَرِحاً مشحوناً بالأرض. في أعمالها اللاحقة،ربما لدواعي السوق، دخلت الفلاتية في الجزالة والبلاغة الذكورية التي ضرَبت نَسلَها من الشاعرات إلى يومنا هذا، فغنَّت في إيقاعات وأشعار تتفاوض مع الحداثة من موقع المُرتَاب. لكن عائشة كانت قلقة، وظلَّت ترواح، مع الشاعر محمود التنقاري، بين تلك الطلاقة الباكرة في "عَنِّي مالهم صَدُّوا واتوارُوا" وبين أشواق الطبقة الوسطى الجَنِينِيَّة الصاعدة في "ألحان الربيع" وأغانٍ أخرى جَزِلة.
ومن لحظات الفلاتية الفارقة أيضاً دخولها في مفاوضات القومية السودانية، واختراع الوجدان المشترك عبر أغانيها التي استأنَس بها السودانيون في معظم نواحي السودان تأتيهم من إذاعة أمدرمان. في تلك الأغاني التيدخلت الحيشان في التوقيت نفسه، وتسلَّلت إلى أرواح الناس بالتزامن، تحقَّق جزء من ملامح ذلك الفضاء السحري الضروري للتوسّط في عملية تَخيُّل الأمة كياناً واحداً، وهي عملية عسيرة وعنيفة بالطبيعة. قال "بنديكت أندرسون" إن خيال الأمة الواحدة لم يبدأ إلا عندما تمكَّنت الشعوب الأوربية من قراءة الصحف اليومية في توقيت واحد، يومياً. فتشكَّلت فيهم لغة روحية جامعة جرَّاء ذلك الطقس المادي. وسَهم الفلاتية في اختراع الوجدان أعلى من كثيرين وصفوا أنفسهم بـ"الحركة الوطنية"،فبينما انشغل الأفندية في إدانة الثقافة على صفحات المجلات، مُوبِّخين أهلهم على عادات وتقاليد سمّوها رجعية، اصطفَّت الفلاتية مع الناس ومع الثقافة، وفاوضت مظالمها بالفن والإرادة الصلبة. وجاء في شرح معاوية ياسين أن والد الفلاتية ظلّ غاضباً من اندراج ابنته في عالم الغناء زمناً. وكان في الحلاوين، حيث تتذكر جَدية موسى شقيقةعائشة أنهم سمعوا في الحلاوين ولأول مرة صوت ابنتهم ينبعث من الأسطوانة. وذابالغضب بالكلّية عندما عاد الأب إلى أمدرمان ووجد أن ابنته ذاع صيتها وملأت شهرتهاالآفاق، فبارك مسعاها ([v]).
ودخلت عائشة في التاريخ القومي بجولات فنية دعمت فيها المجهود الحربي لقوات دفاع السودان في جبهتي القتال الشرقية والغربية، محاربين ضمن جيوش العرش البريطاني ضد المحور النازي في الحرب العالمية الثانية، مرغماً أخاك وبَطل. وغاب عن التأريخ المنتصر في الحرب العالمية الثانية الاعتراف بتضحيات المستعمرات، حيث حاربت قوات هندية وسودانية وسنغالية ومغربية ونيجرية وغانية وكاريبية في صف فرنسا وبريطانيا، كما موَّلت المستعمرات المجهود الحربي بوصفها جزءاً من اقتصاد الإمبراطوريتين وقتها. لكن نذراً يسيراً من هذا التاريخ المُضام ظلَّ محفوظاً في أغاني عائشة الفلاتية، عندما غنَّت لجنود قوات دفاع السودان في مدينتي خشم القربة وكَرن الحدودية داعية بسلامة العودة. وسمَّت عائشة هتلر وموسليني "ريالاً برَّانياً"أي عملة مُنتهية الصلاحية، ولم تقم للرجلين بعدها قائمة.
مع ذلك، لم تُنصِف الحركة النسائية السودانية عائشة الفلاتية، ولم تحوّلها إلى رمز نسوي. والفلاتية حقَّقت أحلام الحركة قبل تكوّنها وكانت في علم الغيب. فمنذ منتصف الثلاثينيات كانت "عشوش" تُسافر في مهام مهنية، وكانت تتلقَّى أجراً مقابل أعمالها. وفي نضجها الفني ظلَّت تتحرك بحرية بين مدن السودان تحيي الحفلات، وتتجول بين دول العالم ممثلةً للسودان في مناسبات فنية،كما شاركت في تأسيس رابطة الفنانين السودانيين وهي كيان يحمي مصالح الفنانين ويتفاوض في حماية أجورهم وحقوقهم المادية والمعنوية حاله حال النقابة. كانت الفلاتية ملء السمع والبصر في الفضاء العام، رمزاً فنياً وجزءاً عزيزاً من ذاكرتنا الوطنية، فكيف أغفلتها الحركة؟.
[i] مقابلة تلفزيونية مع خالدة الجنيد (النيل الأزرق على يوتيوب).
[ii] مقابلة خاصّة أجريتها مع الباحث الأستاذ معاوية ياسين.
[iii] مقابلة تلفزيونية مع إسماعيل عبد المعين بقناة تلفزيون السودان.
[iv] مقابلة تلفزيونية مع الأستاذ عوض بابكر (تلفزيون السودان، منشورة على يوتيوب)
[v] ترجمة معاوية ياسين لعائشة الفلاتية الصادرة في كتاب (من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان)، الجزءالأول. الترجمة وصلتني في اتصال خاص مع الباحث.
تستعصي الفنانة عائشة موسى أحمد إدريس المعروفة بعائشة الفلاتية على الحصر، فهي تتجدَّد في ذاكرة السودانيين مع تبدُّل أحوالهم يُسراً وعُسراً. الآن، والسودان يتمزَّق في اقتتال عنيف، تتخذ أغاني الفلاتية معانٍ جديدة لم يكن لنا أن نخترعها إلا انزلاقاً في هاوية، فيأتينا "سمسم قضارف" الفلاتية في عبوة جديدة؛ تذكاراً لحياة آفلة.
وحسب الباحث الأستاذ معاوية ياسين، فقد وُلدت عائشة موسى في مدينة كسلا، ويصعب تحديد العام الذي وُلِدت فيه على الدقّة، وتوفّيت في أم درمان شهر فبراير ١٩٧٤. نشأت الفلاتية في كنف أسرة يشملها التدين والعلم. وكان والدها الحاج موسى أحمد شيخاً قارئاً يُعلِّم الطلاب في خلوة. وذكر باحثون مختلفون أن عائشة كانت تتسلَّل إلى بيوت اللعبة تسترق السمع إلى أغاني ذلك الزمان، تحفظها بسرعة وتعود لتؤديها أمام صديقاتها. و في إشارة حسَّاسة ذكرت الأستاذة خالدة الجنيد أن صديقات عائشة الصغيرات هنَّ جمهورها الأول([i]).وفي ذلك مدعاة للتفكير في الأشياء التي نخسرها دون أن نعي وجودها؛ التواريخ غير الرسمية المُغفَلة التي تُنزع عنها الجدارة عند تأريخ النجاح بمعناه الرأسمالي.
في ١٩٣٦ م التقت موهبة الفلاتية مع موهبة الموسيقار العظيم إسماعيل عبد المعين في القاهرة عند تسجيل الأسطوانات العشر الأولى، والتي كانت كلّها من ألحانه، لكن ضاعت أغانيها واستدرك بعضاً منها الشاعر محمد عوض الكريم القرشي،ومن ضمن ما استدرك "خداري الما بَدَاري"، و"حبيتو ما حبَّاني"،و"الزهور والوردي" التي تغنَّى بها لاحقاً الفنان عثمان الشفيع، وهي من أغاني الفلاتية الباكرة في الأصل. وعبد المعين لحظة كبيرة في زمن عائشة الفلاتية، حيث تعاون معها مرة أخرى عام ١٩٤١ وأنتَجا معاً خمس أغاني إضافية ([ii]). ويبدو أن عبد المعين وجد فيها رفيقة في تأسيسه لفنّ ملتحم في الثقافة. فعبد المعين استقى جلَّ أعماله من جلوسه تحت أقدام الأمهات والجارات. زوجة أبيه، السيدة فاطمة فور، لقَّنته أهزوجة "يا أم قرقدى" في (مقام الزنجران) المصور على جنس (مقام الحجاز)، وأخذ "كندروا مندروا" عن "أم الفقرا حبوبة زيتونة" التي جالسها وهو طفل في السابعة، بينما كانت تنسج الأطباق في منقلا بجنوب السودان، طراه الله بالخير ([iii]).وحسب الباحث عوض بابكر، فقد أخذ عبدالمعين إيقاع السيرة عن السَيَّارَات شريفة بتبلال، ونَجَف، وقَطَّاعة الخشوم وبِت العَقَاب، كما أخذ عن رابحة خوجلي إيقاع الـ"تُمتُم" الذي أخذته رابحة عن مُساعِدي اللَّواري ([iv]).وغنَّت عائشة الفلاتية إيقاع الـ"تُم تُم" في أغانيها المبكرة، لذلك جاءالإنتاج الباكر للفلاتية طَلِيقاً مَرِحاً مشحوناً بالأرض. في أعمالها اللاحقة،ربما لدواعي السوق، دخلت الفلاتية في الجزالة والبلاغة الذكورية التي ضرَبت نَسلَها من الشاعرات إلى يومنا هذا، فغنَّت في إيقاعات وأشعار تتفاوض مع الحداثة من موقع المُرتَاب. لكن عائشة كانت قلقة، وظلَّت ترواح، مع الشاعر محمود التنقاري، بين تلك الطلاقة الباكرة في "عَنِّي مالهم صَدُّوا واتوارُوا" وبين أشواق الطبقة الوسطى الجَنِينِيَّة الصاعدة في "ألحان الربيع" وأغانٍ أخرى جَزِلة.
ومن لحظات الفلاتية الفارقة أيضاً دخولها في مفاوضات القومية السودانية، واختراع الوجدان المشترك عبر أغانيها التي استأنَس بها السودانيون في معظم نواحي السودان تأتيهم من إذاعة أمدرمان. في تلك الأغاني التيدخلت الحيشان في التوقيت نفسه، وتسلَّلت إلى أرواح الناس بالتزامن، تحقَّق جزء من ملامح ذلك الفضاء السحري الضروري للتوسّط في عملية تَخيُّل الأمة كياناً واحداً، وهي عملية عسيرة وعنيفة بالطبيعة. قال "بنديكت أندرسون" إن خيال الأمة الواحدة لم يبدأ إلا عندما تمكَّنت الشعوب الأوربية من قراءة الصحف اليومية في توقيت واحد، يومياً. فتشكَّلت فيهم لغة روحية جامعة جرَّاء ذلك الطقس المادي. وسَهم الفلاتية في اختراع الوجدان أعلى من كثيرين وصفوا أنفسهم بـ"الحركة الوطنية"،فبينما انشغل الأفندية في إدانة الثقافة على صفحات المجلات، مُوبِّخين أهلهم على عادات وتقاليد سمّوها رجعية، اصطفَّت الفلاتية مع الناس ومع الثقافة، وفاوضت مظالمها بالفن والإرادة الصلبة. وجاء في شرح معاوية ياسين أن والد الفلاتية ظلّ غاضباً من اندراج ابنته في عالم الغناء زمناً. وكان في الحلاوين، حيث تتذكر جَدية موسى شقيقةعائشة أنهم سمعوا في الحلاوين ولأول مرة صوت ابنتهم ينبعث من الأسطوانة. وذابالغضب بالكلّية عندما عاد الأب إلى أمدرمان ووجد أن ابنته ذاع صيتها وملأت شهرتهاالآفاق، فبارك مسعاها ([v]).
ودخلت عائشة في التاريخ القومي بجولات فنية دعمت فيها المجهود الحربي لقوات دفاع السودان في جبهتي القتال الشرقية والغربية، محاربين ضمن جيوش العرش البريطاني ضد المحور النازي في الحرب العالمية الثانية، مرغماً أخاك وبَطل. وغاب عن التأريخ المنتصر في الحرب العالمية الثانية الاعتراف بتضحيات المستعمرات، حيث حاربت قوات هندية وسودانية وسنغالية ومغربية ونيجرية وغانية وكاريبية في صف فرنسا وبريطانيا، كما موَّلت المستعمرات المجهود الحربي بوصفها جزءاً من اقتصاد الإمبراطوريتين وقتها. لكن نذراً يسيراً من هذا التاريخ المُضام ظلَّ محفوظاً في أغاني عائشة الفلاتية، عندما غنَّت لجنود قوات دفاع السودان في مدينتي خشم القربة وكَرن الحدودية داعية بسلامة العودة. وسمَّت عائشة هتلر وموسليني "ريالاً برَّانياً"أي عملة مُنتهية الصلاحية، ولم تقم للرجلين بعدها قائمة.
مع ذلك، لم تُنصِف الحركة النسائية السودانية عائشة الفلاتية، ولم تحوّلها إلى رمز نسوي. والفلاتية حقَّقت أحلام الحركة قبل تكوّنها وكانت في علم الغيب. فمنذ منتصف الثلاثينيات كانت "عشوش" تُسافر في مهام مهنية، وكانت تتلقَّى أجراً مقابل أعمالها. وفي نضجها الفني ظلَّت تتحرك بحرية بين مدن السودان تحيي الحفلات، وتتجول بين دول العالم ممثلةً للسودان في مناسبات فنية،كما شاركت في تأسيس رابطة الفنانين السودانيين وهي كيان يحمي مصالح الفنانين ويتفاوض في حماية أجورهم وحقوقهم المادية والمعنوية حاله حال النقابة. كانت الفلاتية ملء السمع والبصر في الفضاء العام، رمزاً فنياً وجزءاً عزيزاً من ذاكرتنا الوطنية، فكيف أغفلتها الحركة؟.
[i] مقابلة تلفزيونية مع خالدة الجنيد (النيل الأزرق على يوتيوب).
[ii] مقابلة خاصّة أجريتها مع الباحث الأستاذ معاوية ياسين.
[iii] مقابلة تلفزيونية مع إسماعيل عبد المعين بقناة تلفزيون السودان.
[iv] مقابلة تلفزيونية مع الأستاذ عوض بابكر (تلفزيون السودان، منشورة على يوتيوب)
[v] ترجمة معاوية ياسين لعائشة الفلاتية الصادرة في كتاب (من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان)، الجزءالأول. الترجمة وصلتني في اتصال خاص مع الباحث.
تستعصي الفنانة عائشة موسى أحمد إدريس المعروفة بعائشة الفلاتية على الحصر، فهي تتجدَّد في ذاكرة السودانيين مع تبدُّل أحوالهم يُسراً وعُسراً. الآن، والسودان يتمزَّق في اقتتال عنيف، تتخذ أغاني الفلاتية معانٍ جديدة لم يكن لنا أن نخترعها إلا انزلاقاً في هاوية، فيأتينا "سمسم قضارف" الفلاتية في عبوة جديدة؛ تذكاراً لحياة آفلة.
وحسب الباحث الأستاذ معاوية ياسين، فقد وُلدت عائشة موسى في مدينة كسلا، ويصعب تحديد العام الذي وُلِدت فيه على الدقّة، وتوفّيت في أم درمان شهر فبراير ١٩٧٤. نشأت الفلاتية في كنف أسرة يشملها التدين والعلم. وكان والدها الحاج موسى أحمد شيخاً قارئاً يُعلِّم الطلاب في خلوة. وذكر باحثون مختلفون أن عائشة كانت تتسلَّل إلى بيوت اللعبة تسترق السمع إلى أغاني ذلك الزمان، تحفظها بسرعة وتعود لتؤديها أمام صديقاتها. و في إشارة حسَّاسة ذكرت الأستاذة خالدة الجنيد أن صديقات عائشة الصغيرات هنَّ جمهورها الأول([i]).وفي ذلك مدعاة للتفكير في الأشياء التي نخسرها دون أن نعي وجودها؛ التواريخ غير الرسمية المُغفَلة التي تُنزع عنها الجدارة عند تأريخ النجاح بمعناه الرأسمالي.
في ١٩٣٦ م التقت موهبة الفلاتية مع موهبة الموسيقار العظيم إسماعيل عبد المعين في القاهرة عند تسجيل الأسطوانات العشر الأولى، والتي كانت كلّها من ألحانه، لكن ضاعت أغانيها واستدرك بعضاً منها الشاعر محمد عوض الكريم القرشي،ومن ضمن ما استدرك "خداري الما بَدَاري"، و"حبيتو ما حبَّاني"،و"الزهور والوردي" التي تغنَّى بها لاحقاً الفنان عثمان الشفيع، وهي من أغاني الفلاتية الباكرة في الأصل. وعبد المعين لحظة كبيرة في زمن عائشة الفلاتية، حيث تعاون معها مرة أخرى عام ١٩٤١ وأنتَجا معاً خمس أغاني إضافية ([ii]). ويبدو أن عبد المعين وجد فيها رفيقة في تأسيسه لفنّ ملتحم في الثقافة. فعبد المعين استقى جلَّ أعماله من جلوسه تحت أقدام الأمهات والجارات. زوجة أبيه، السيدة فاطمة فور، لقَّنته أهزوجة "يا أم قرقدى" في (مقام الزنجران) المصور على جنس (مقام الحجاز)، وأخذ "كندروا مندروا" عن "أم الفقرا حبوبة زيتونة" التي جالسها وهو طفل في السابعة، بينما كانت تنسج الأطباق في منقلا بجنوب السودان، طراه الله بالخير ([iii]).وحسب الباحث عوض بابكر، فقد أخذ عبدالمعين إيقاع السيرة عن السَيَّارَات شريفة بتبلال، ونَجَف، وقَطَّاعة الخشوم وبِت العَقَاب، كما أخذ عن رابحة خوجلي إيقاع الـ"تُمتُم" الذي أخذته رابحة عن مُساعِدي اللَّواري ([iv]).وغنَّت عائشة الفلاتية إيقاع الـ"تُم تُم" في أغانيها المبكرة، لذلك جاءالإنتاج الباكر للفلاتية طَلِيقاً مَرِحاً مشحوناً بالأرض. في أعمالها اللاحقة،ربما لدواعي السوق، دخلت الفلاتية في الجزالة والبلاغة الذكورية التي ضرَبت نَسلَها من الشاعرات إلى يومنا هذا، فغنَّت في إيقاعات وأشعار تتفاوض مع الحداثة من موقع المُرتَاب. لكن عائشة كانت قلقة، وظلَّت ترواح، مع الشاعر محمود التنقاري، بين تلك الطلاقة الباكرة في "عَنِّي مالهم صَدُّوا واتوارُوا" وبين أشواق الطبقة الوسطى الجَنِينِيَّة الصاعدة في "ألحان الربيع" وأغانٍ أخرى جَزِلة.
ومن لحظات الفلاتية الفارقة أيضاً دخولها في مفاوضات القومية السودانية، واختراع الوجدان المشترك عبر أغانيها التي استأنَس بها السودانيون في معظم نواحي السودان تأتيهم من إذاعة أمدرمان. في تلك الأغاني التيدخلت الحيشان في التوقيت نفسه، وتسلَّلت إلى أرواح الناس بالتزامن، تحقَّق جزء من ملامح ذلك الفضاء السحري الضروري للتوسّط في عملية تَخيُّل الأمة كياناً واحداً، وهي عملية عسيرة وعنيفة بالطبيعة. قال "بنديكت أندرسون" إن خيال الأمة الواحدة لم يبدأ إلا عندما تمكَّنت الشعوب الأوربية من قراءة الصحف اليومية في توقيت واحد، يومياً. فتشكَّلت فيهم لغة روحية جامعة جرَّاء ذلك الطقس المادي. وسَهم الفلاتية في اختراع الوجدان أعلى من كثيرين وصفوا أنفسهم بـ"الحركة الوطنية"،فبينما انشغل الأفندية في إدانة الثقافة على صفحات المجلات، مُوبِّخين أهلهم على عادات وتقاليد سمّوها رجعية، اصطفَّت الفلاتية مع الناس ومع الثقافة، وفاوضت مظالمها بالفن والإرادة الصلبة. وجاء في شرح معاوية ياسين أن والد الفلاتية ظلّ غاضباً من اندراج ابنته في عالم الغناء زمناً. وكان في الحلاوين، حيث تتذكر جَدية موسى شقيقةعائشة أنهم سمعوا في الحلاوين ولأول مرة صوت ابنتهم ينبعث من الأسطوانة. وذابالغضب بالكلّية عندما عاد الأب إلى أمدرمان ووجد أن ابنته ذاع صيتها وملأت شهرتهاالآفاق، فبارك مسعاها ([v]).
ودخلت عائشة في التاريخ القومي بجولات فنية دعمت فيها المجهود الحربي لقوات دفاع السودان في جبهتي القتال الشرقية والغربية، محاربين ضمن جيوش العرش البريطاني ضد المحور النازي في الحرب العالمية الثانية، مرغماً أخاك وبَطل. وغاب عن التأريخ المنتصر في الحرب العالمية الثانية الاعتراف بتضحيات المستعمرات، حيث حاربت قوات هندية وسودانية وسنغالية ومغربية ونيجرية وغانية وكاريبية في صف فرنسا وبريطانيا، كما موَّلت المستعمرات المجهود الحربي بوصفها جزءاً من اقتصاد الإمبراطوريتين وقتها. لكن نذراً يسيراً من هذا التاريخ المُضام ظلَّ محفوظاً في أغاني عائشة الفلاتية، عندما غنَّت لجنود قوات دفاع السودان في مدينتي خشم القربة وكَرن الحدودية داعية بسلامة العودة. وسمَّت عائشة هتلر وموسليني "ريالاً برَّانياً"أي عملة مُنتهية الصلاحية، ولم تقم للرجلين بعدها قائمة.
مع ذلك، لم تُنصِف الحركة النسائية السودانية عائشة الفلاتية، ولم تحوّلها إلى رمز نسوي. والفلاتية حقَّقت أحلام الحركة قبل تكوّنها وكانت في علم الغيب. فمنذ منتصف الثلاثينيات كانت "عشوش" تُسافر في مهام مهنية، وكانت تتلقَّى أجراً مقابل أعمالها. وفي نضجها الفني ظلَّت تتحرك بحرية بين مدن السودان تحيي الحفلات، وتتجول بين دول العالم ممثلةً للسودان في مناسبات فنية،كما شاركت في تأسيس رابطة الفنانين السودانيين وهي كيان يحمي مصالح الفنانين ويتفاوض في حماية أجورهم وحقوقهم المادية والمعنوية حاله حال النقابة. كانت الفلاتية ملء السمع والبصر في الفضاء العام، رمزاً فنياً وجزءاً عزيزاً من ذاكرتنا الوطنية، فكيف أغفلتها الحركة؟.
[i] مقابلة تلفزيونية مع خالدة الجنيد (النيل الأزرق على يوتيوب).
[ii] مقابلة خاصّة أجريتها مع الباحث الأستاذ معاوية ياسين.
[iii] مقابلة تلفزيونية مع إسماعيل عبد المعين بقناة تلفزيون السودان.
[iv] مقابلة تلفزيونية مع الأستاذ عوض بابكر (تلفزيون السودان، منشورة على يوتيوب)
[v] ترجمة معاوية ياسين لعائشة الفلاتية الصادرة في كتاب (من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان)، الجزءالأول. الترجمة وصلتني في اتصال خاص مع الباحث.
لقد اعتدنا أن نقرأ عن الأحداث الماضية والشخصيات الشهيرة في الكتب، أو رؤية قصصهم تتكَّشف على الشاشة في الأفلام الوثائقية، أو حتى من خلال التلاوات الشفاهية التي يرويها كبارنا. ومع ذلك، يمكن أيضاً تسجيل تاريخنا بطرق عديدة أخرى، بما في ذلك بعض الطرق غيرا لتقليدية للغاية. إحدى هذه الطرق هي من خلال ربط هذه الأحداث أو الأشخاص بالأشياء الموجودة في محيطنا، وهي ممارسة "التسمية"، وهي شائعة جداً في السودان.وتتراوح هذه النماذج بين السيارات الجديدة، كإطلاق اسم ليلى علوي (ممثلة مصرية)على سيارة تويوتا ذات الدفع الرباعي الواسعة والمنحنية بسخاء، إلى محطة حافلات"داعش" بالقرب من جامعة خاصة يُزعم أنه تم تجنيد عددٍ من طُلاَّبها للانضمام إلى الجماعة المتطرفة. هذه الأسماء سياسية وثقافية واجتماعية محمَّلة بمرجعيات يفهمها المجتمع.
في السودان، يمتدّ تقليد التسمية هذا إلى قطع الملابس، وفي هذه الحالة، إلى الزي النسائي التقليدي السوداني المعروف باسم التوب، وهو عبارة عن خامة قماش طويلة تشبه الساري، يتمّ لفّها حول جسد المرأة كطَبَقة خارجية. ومن خلال أسماء التياب يمكنك التعرُّف على بعض الأحداث والشخصيات المهمة في تاريخ السودان الحديث. من الطباعة الواضحة للوجوه أو الشعارات على أقمشة التياب المختلفة، إلى تمثيلات مجازية أكثر للحالات المزاجية أوالارتباطات؛ فإن أسماء هذه التياب ذكيّة وغالباً ما تكون فكاهية.
كيف يتم اختراع هذه الأسماء ومن يفكر فيها؟ كما هو الحال مع وسائل التواصل الاجتماعي في يومنا هذا، قديكون من الممكن تتبع أصل منشور انتشر بسرعة كبيرة، ولكن على الأرجح ستجذب ملاحظة أو وصف معيَّن انتباه المستخدمين، ثم يبدؤون في تطويره ومن ثم مشاركته ونشره.فمربط الفرس هنا هو أن الناس تمكنوا من الارتباط به. وعلى نفس المنوال، فإن أسماء التياب، التي كانت في يوم من الأيام حيلة تسويقية من قبل التجار الذين يسعون إلى خلق صيحات موضة وبالتالي زيادة المبيعات؛ قد تتلقَّى التياب أسماءها أيضاً بسبب ارتباطات ذكية بينها وبين الأشخاص أو الأحداث التي سُمّيت تيمُّناً بها؛ مثل توب "عيون زرّوق" والمقصود هو رئيس الوزراء الأسبق المشهور بعينيه الجميلتين، وهو توب مُزيَّن بأشكال دائرية لامعة. أما توب "الخرطوم بالليل"، فهو توب يُجسِّد مشهداً ليليَّاً للعاصمة الخرطوم تنتشر فيه نقاط متلألئة تُشبه أضواء العاصمة المتلألئة.وللنساء أنفسهن أيضاً الحق في تسمية التياب، مثلاً توب "يوم المرأة"، أو ندى القلعة على اسم المطربة الشهيرة التي ترتديه. ويمكن أيضاً إطلاق أسماء على التياب لأنها تُشبِع ظاهرة استحوذت على خيال الجمهور مثل توب "أبو القنفذ"،وهو توب مغطى بخيوط دائرية، سُمّي التوب بهذا الاسم نسبة إلى انتشار شائعات في ذلك الوقت حول اكتشاف الاستخدامات الطبيّة للقنافذ.
وبينما قد تحل تصميمات وأزياء أحدث محل هذه الموضات وارتباطاتها بالحياة اليومية، فإن حقيقة تسميتها في وقت معيّن ستظل شكلاً من أشكال الأرشيف السوداني غير الرسمي. هل ستؤدي الحرب والتمزق الذي أحدثته إلى تعطيل هذا التقليد في تسمية التياب أم سيستمر استخدامه؟ يتضمن إعلان تيك توك الأخير لأحد بائعي التياب توباً يسمى "القوات المسلحة"،وهي إشارة ربما لأسماء التياب القادمة وارتباطها بهذا الحدث المأساوي في تاريخ السودان.
لقد اعتدنا أن نقرأ عن الأحداث الماضية والشخصيات الشهيرة في الكتب، أو رؤية قصصهم تتكَّشف على الشاشة في الأفلام الوثائقية، أو حتى من خلال التلاوات الشفاهية التي يرويها كبارنا. ومع ذلك، يمكن أيضاً تسجيل تاريخنا بطرق عديدة أخرى، بما في ذلك بعض الطرق غيرا لتقليدية للغاية. إحدى هذه الطرق هي من خلال ربط هذه الأحداث أو الأشخاص بالأشياء الموجودة في محيطنا، وهي ممارسة "التسمية"، وهي شائعة جداً في السودان.وتتراوح هذه النماذج بين السيارات الجديدة، كإطلاق اسم ليلى علوي (ممثلة مصرية)على سيارة تويوتا ذات الدفع الرباعي الواسعة والمنحنية بسخاء، إلى محطة حافلات"داعش" بالقرب من جامعة خاصة يُزعم أنه تم تجنيد عددٍ من طُلاَّبها للانضمام إلى الجماعة المتطرفة. هذه الأسماء سياسية وثقافية واجتماعية محمَّلة بمرجعيات يفهمها المجتمع.
في السودان، يمتدّ تقليد التسمية هذا إلى قطع الملابس، وفي هذه الحالة، إلى الزي النسائي التقليدي السوداني المعروف باسم التوب، وهو عبارة عن خامة قماش طويلة تشبه الساري، يتمّ لفّها حول جسد المرأة كطَبَقة خارجية. ومن خلال أسماء التياب يمكنك التعرُّف على بعض الأحداث والشخصيات المهمة في تاريخ السودان الحديث. من الطباعة الواضحة للوجوه أو الشعارات على أقمشة التياب المختلفة، إلى تمثيلات مجازية أكثر للحالات المزاجية أوالارتباطات؛ فإن أسماء هذه التياب ذكيّة وغالباً ما تكون فكاهية.
كيف يتم اختراع هذه الأسماء ومن يفكر فيها؟ كما هو الحال مع وسائل التواصل الاجتماعي في يومنا هذا، قديكون من الممكن تتبع أصل منشور انتشر بسرعة كبيرة، ولكن على الأرجح ستجذب ملاحظة أو وصف معيَّن انتباه المستخدمين، ثم يبدؤون في تطويره ومن ثم مشاركته ونشره.فمربط الفرس هنا هو أن الناس تمكنوا من الارتباط به. وعلى نفس المنوال، فإن أسماء التياب، التي كانت في يوم من الأيام حيلة تسويقية من قبل التجار الذين يسعون إلى خلق صيحات موضة وبالتالي زيادة المبيعات؛ قد تتلقَّى التياب أسماءها أيضاً بسبب ارتباطات ذكية بينها وبين الأشخاص أو الأحداث التي سُمّيت تيمُّناً بها؛ مثل توب "عيون زرّوق" والمقصود هو رئيس الوزراء الأسبق المشهور بعينيه الجميلتين، وهو توب مُزيَّن بأشكال دائرية لامعة. أما توب "الخرطوم بالليل"، فهو توب يُجسِّد مشهداً ليليَّاً للعاصمة الخرطوم تنتشر فيه نقاط متلألئة تُشبه أضواء العاصمة المتلألئة.وللنساء أنفسهن أيضاً الحق في تسمية التياب، مثلاً توب "يوم المرأة"، أو ندى القلعة على اسم المطربة الشهيرة التي ترتديه. ويمكن أيضاً إطلاق أسماء على التياب لأنها تُشبِع ظاهرة استحوذت على خيال الجمهور مثل توب "أبو القنفذ"،وهو توب مغطى بخيوط دائرية، سُمّي التوب بهذا الاسم نسبة إلى انتشار شائعات في ذلك الوقت حول اكتشاف الاستخدامات الطبيّة للقنافذ.
وبينما قد تحل تصميمات وأزياء أحدث محل هذه الموضات وارتباطاتها بالحياة اليومية، فإن حقيقة تسميتها في وقت معيّن ستظل شكلاً من أشكال الأرشيف السوداني غير الرسمي. هل ستؤدي الحرب والتمزق الذي أحدثته إلى تعطيل هذا التقليد في تسمية التياب أم سيستمر استخدامه؟ يتضمن إعلان تيك توك الأخير لأحد بائعي التياب توباً يسمى "القوات المسلحة"،وهي إشارة ربما لأسماء التياب القادمة وارتباطها بهذا الحدث المأساوي في تاريخ السودان.
لقد اعتدنا أن نقرأ عن الأحداث الماضية والشخصيات الشهيرة في الكتب، أو رؤية قصصهم تتكَّشف على الشاشة في الأفلام الوثائقية، أو حتى من خلال التلاوات الشفاهية التي يرويها كبارنا. ومع ذلك، يمكن أيضاً تسجيل تاريخنا بطرق عديدة أخرى، بما في ذلك بعض الطرق غيرا لتقليدية للغاية. إحدى هذه الطرق هي من خلال ربط هذه الأحداث أو الأشخاص بالأشياء الموجودة في محيطنا، وهي ممارسة "التسمية"، وهي شائعة جداً في السودان.وتتراوح هذه النماذج بين السيارات الجديدة، كإطلاق اسم ليلى علوي (ممثلة مصرية)على سيارة تويوتا ذات الدفع الرباعي الواسعة والمنحنية بسخاء، إلى محطة حافلات"داعش" بالقرب من جامعة خاصة يُزعم أنه تم تجنيد عددٍ من طُلاَّبها للانضمام إلى الجماعة المتطرفة. هذه الأسماء سياسية وثقافية واجتماعية محمَّلة بمرجعيات يفهمها المجتمع.
في السودان، يمتدّ تقليد التسمية هذا إلى قطع الملابس، وفي هذه الحالة، إلى الزي النسائي التقليدي السوداني المعروف باسم التوب، وهو عبارة عن خامة قماش طويلة تشبه الساري، يتمّ لفّها حول جسد المرأة كطَبَقة خارجية. ومن خلال أسماء التياب يمكنك التعرُّف على بعض الأحداث والشخصيات المهمة في تاريخ السودان الحديث. من الطباعة الواضحة للوجوه أو الشعارات على أقمشة التياب المختلفة، إلى تمثيلات مجازية أكثر للحالات المزاجية أوالارتباطات؛ فإن أسماء هذه التياب ذكيّة وغالباً ما تكون فكاهية.
كيف يتم اختراع هذه الأسماء ومن يفكر فيها؟ كما هو الحال مع وسائل التواصل الاجتماعي في يومنا هذا، قديكون من الممكن تتبع أصل منشور انتشر بسرعة كبيرة، ولكن على الأرجح ستجذب ملاحظة أو وصف معيَّن انتباه المستخدمين، ثم يبدؤون في تطويره ومن ثم مشاركته ونشره.فمربط الفرس هنا هو أن الناس تمكنوا من الارتباط به. وعلى نفس المنوال، فإن أسماء التياب، التي كانت في يوم من الأيام حيلة تسويقية من قبل التجار الذين يسعون إلى خلق صيحات موضة وبالتالي زيادة المبيعات؛ قد تتلقَّى التياب أسماءها أيضاً بسبب ارتباطات ذكية بينها وبين الأشخاص أو الأحداث التي سُمّيت تيمُّناً بها؛ مثل توب "عيون زرّوق" والمقصود هو رئيس الوزراء الأسبق المشهور بعينيه الجميلتين، وهو توب مُزيَّن بأشكال دائرية لامعة. أما توب "الخرطوم بالليل"، فهو توب يُجسِّد مشهداً ليليَّاً للعاصمة الخرطوم تنتشر فيه نقاط متلألئة تُشبه أضواء العاصمة المتلألئة.وللنساء أنفسهن أيضاً الحق في تسمية التياب، مثلاً توب "يوم المرأة"، أو ندى القلعة على اسم المطربة الشهيرة التي ترتديه. ويمكن أيضاً إطلاق أسماء على التياب لأنها تُشبِع ظاهرة استحوذت على خيال الجمهور مثل توب "أبو القنفذ"،وهو توب مغطى بخيوط دائرية، سُمّي التوب بهذا الاسم نسبة إلى انتشار شائعات في ذلك الوقت حول اكتشاف الاستخدامات الطبيّة للقنافذ.
وبينما قد تحل تصميمات وأزياء أحدث محل هذه الموضات وارتباطاتها بالحياة اليومية، فإن حقيقة تسميتها في وقت معيّن ستظل شكلاً من أشكال الأرشيف السوداني غير الرسمي. هل ستؤدي الحرب والتمزق الذي أحدثته إلى تعطيل هذا التقليد في تسمية التياب أم سيستمر استخدامه؟ يتضمن إعلان تيك توك الأخير لأحد بائعي التياب توباً يسمى "القوات المسلحة"،وهي إشارة ربما لأسماء التياب القادمة وارتباطها بهذا الحدث المأساوي في تاريخ السودان.
د. نعمات رجب
باحثة في مجال الأنثربولوجيا الثقافية والاجتماعية والفولكلور
تعمل نعمات كأستاذة مساعدة، حيث تتمتع بخبرة تزيد عن 25 عاماً في مجال تدريس علم الاجتماع والأنثربولوجيا الاجتماعية في جامعات السودان والإمارات العربية المتحدة. شاركت في تأسيس قسم علم الاجتماع بجامعة النيلين. تشمل مجالات اهتمامها الخاصة علم الاجتماع، والنظرية الاجتماعية، وطُرُق البحث الاجتماعي، وعلم الاجتماع الطبي، والأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم الاجتماع الحضري، ودراسات المجتمعات المحلية، ودراسات الأسرة والمرأة، والفولكلور، والدراسات الأفروآسيوية، وتاريخ المجتمع الإماراتي.
تماضر شيخ الدين جبريل
ممثلة ومخرجة وطبيبة صحة نفسية
ممثلة، ومخرجة، ومؤلفة، وشاعرة، ورسّامة. تحصلت تماضر شيخ الدين على درجة البكالاريوس في التمثيل والإخراج من جامعة السودان كلية الموسيقى والدراما. لها العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية. وفي أوائل التسعينيات، انتقلت إلى الولايات المتحدة وشكّلت فرقة "عرايس النيل" لمكافحة العنصرية. كما أنها فنانة كوميدية. وخلال فترة كوفيد قامت بعمل عروض مسرحية على منصة Zoom.
نادية الضو
مقدّمة برامج تلفزيونية/إذاعية
تخصَّصت في الإعلام والعلاقات العامة، وأجرت أبحاثاً حول حضور اللغة والتراث في الإذاعات السودانية. تتركَّز أبحاثها التراثية على قبائل البقارة في كردفان، وخاصة الحوازمة. ناقشت برامجها الإذاعية المجتمعات البدوية. كما أنها توثّق عناصر التراث البدوي. وفي قنوات تلفزيونية وإذاعية متعددة كانت نادية ضيفة كباحثة في التراث السوداني.
أمنية شوكت
صحفية
صحفية وكاتبة قصص رقمية ومعدة. أمنيّة هي العضوة المؤسسة المشاركة ومديرة المنصة الثقافية الإلكترونية "أندريا"، ومقرها في السودان وجنوب السودان ودول أخرى في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي. عملت أمنية في مجال البيئة والتنمية لمدة ست سنوات قبل إطلاق المنصة. تم ترشيحها من بين أفضل تسع نساء مبتكرات في مجال التكنولوجيا في إفريقيا من قبل أخبار تكنولوجيا المعلومات، ومن بين أفضل عشر نساء رائدات في مجال التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من قبل OpenLETR.
نبأ صلاح
نسوية/ ناشطة في مجال حقوق النوع الاجتماعي
نبأ هي منسقة مبادرة "فوطة تسد الخانة". كما أنها مدافعة وناشطة لإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي. وقد طورت نبأ اهتماماً عميقاً بالتقاليد والعادات والفولكلور وأغاني البنات والأمثال المحلية، وربطت هذا التراث بمنظور نسوي. تقوم نبأ حاليًا بتوثيق الأمثال السودانية المحلية بالتصميمات الغرافيكية ونشرها عبر الإنترنت لإشراك الأصدقاء والمتابعين في محادثات حول أصول ومعاني هذه الأمثال والأقوال.
د. نعمات رجب
باحثة في مجال الأنثربولوجيا الثقافية والاجتماعية والفولكلور
تعمل نعمات كأستاذة مساعدة، حيث تتمتع بخبرة تزيد عن 25 عاماً في مجال تدريس علم الاجتماع والأنثربولوجيا الاجتماعية في جامعات السودان والإمارات العربية المتحدة. شاركت في تأسيس قسم علم الاجتماع بجامعة النيلين. تشمل مجالات اهتمامها الخاصة علم الاجتماع، والنظرية الاجتماعية، وطُرُق البحث الاجتماعي، وعلم الاجتماع الطبي، والأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم الاجتماع الحضري، ودراسات المجتمعات المحلية، ودراسات الأسرة والمرأة، والفولكلور، والدراسات الأفروآسيوية، وتاريخ المجتمع الإماراتي.
تماضر شيخ الدين جبريل
ممثلة ومخرجة وطبيبة صحة نفسية
ممثلة، ومخرجة، ومؤلفة، وشاعرة، ورسّامة. تحصلت تماضر شيخ الدين على درجة البكالاريوس في التمثيل والإخراج من جامعة السودان كلية الموسيقى والدراما. لها العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية. وفي أوائل التسعينيات، انتقلت إلى الولايات المتحدة وشكّلت فرقة "عرايس النيل" لمكافحة العنصرية. كما أنها فنانة كوميدية. وخلال فترة كوفيد قامت بعمل عروض مسرحية على منصة Zoom.
نادية الضو
مقدّمة برامج تلفزيونية/إذاعية
تخصَّصت في الإعلام والعلاقات العامة، وأجرت أبحاثاً حول حضور اللغة والتراث في الإذاعات السودانية. تتركَّز أبحاثها التراثية على قبائل البقارة في كردفان، وخاصة الحوازمة. ناقشت برامجها الإذاعية المجتمعات البدوية. كما أنها توثّق عناصر التراث البدوي. وفي قنوات تلفزيونية وإذاعية متعددة كانت نادية ضيفة كباحثة في التراث السوداني.
أمنية شوكت
صحفية
صحفية وكاتبة قصص رقمية ومعدة. أمنيّة هي العضوة المؤسسة المشاركة ومديرة المنصة الثقافية الإلكترونية "أندريا"، ومقرها في السودان وجنوب السودان ودول أخرى في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي. عملت أمنية في مجال البيئة والتنمية لمدة ست سنوات قبل إطلاق المنصة. تم ترشيحها من بين أفضل تسع نساء مبتكرات في مجال التكنولوجيا في إفريقيا من قبل أخبار تكنولوجيا المعلومات، ومن بين أفضل عشر نساء رائدات في مجال التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من قبل OpenLETR.
نبأ صلاح
نسوية/ ناشطة في مجال حقوق النوع الاجتماعي
نبأ هي منسقة مبادرة "فوطة تسد الخانة". كما أنها مدافعة وناشطة لإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي. وقد طورت نبأ اهتماماً عميقاً بالتقاليد والعادات والفولكلور وأغاني البنات والأمثال المحلية، وربطت هذا التراث بمنظور نسوي. تقوم نبأ حاليًا بتوثيق الأمثال السودانية المحلية بالتصميمات الغرافيكية ونشرها عبر الإنترنت لإشراك الأصدقاء والمتابعين في محادثات حول أصول ومعاني هذه الأمثال والأقوال.
د. نعمات رجب
باحثة في مجال الأنثربولوجيا الثقافية والاجتماعية والفولكلور
تعمل نعمات كأستاذة مساعدة، حيث تتمتع بخبرة تزيد عن 25 عاماً في مجال تدريس علم الاجتماع والأنثربولوجيا الاجتماعية في جامعات السودان والإمارات العربية المتحدة. شاركت في تأسيس قسم علم الاجتماع بجامعة النيلين. تشمل مجالات اهتمامها الخاصة علم الاجتماع، والنظرية الاجتماعية، وطُرُق البحث الاجتماعي، وعلم الاجتماع الطبي، والأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم الاجتماع الحضري، ودراسات المجتمعات المحلية، ودراسات الأسرة والمرأة، والفولكلور، والدراسات الأفروآسيوية، وتاريخ المجتمع الإماراتي.
تماضر شيخ الدين جبريل
ممثلة ومخرجة وطبيبة صحة نفسية
ممثلة، ومخرجة، ومؤلفة، وشاعرة، ورسّامة. تحصلت تماضر شيخ الدين على درجة البكالاريوس في التمثيل والإخراج من جامعة السودان كلية الموسيقى والدراما. لها العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية. وفي أوائل التسعينيات، انتقلت إلى الولايات المتحدة وشكّلت فرقة "عرايس النيل" لمكافحة العنصرية. كما أنها فنانة كوميدية. وخلال فترة كوفيد قامت بعمل عروض مسرحية على منصة Zoom.
نادية الضو
مقدّمة برامج تلفزيونية/إذاعية
تخصَّصت في الإعلام والعلاقات العامة، وأجرت أبحاثاً حول حضور اللغة والتراث في الإذاعات السودانية. تتركَّز أبحاثها التراثية على قبائل البقارة في كردفان، وخاصة الحوازمة. ناقشت برامجها الإذاعية المجتمعات البدوية. كما أنها توثّق عناصر التراث البدوي. وفي قنوات تلفزيونية وإذاعية متعددة كانت نادية ضيفة كباحثة في التراث السوداني.
أمنية شوكت
صحفية
صحفية وكاتبة قصص رقمية ومعدة. أمنيّة هي العضوة المؤسسة المشاركة ومديرة المنصة الثقافية الإلكترونية "أندريا"، ومقرها في السودان وجنوب السودان ودول أخرى في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي. عملت أمنية في مجال البيئة والتنمية لمدة ست سنوات قبل إطلاق المنصة. تم ترشيحها من بين أفضل تسع نساء مبتكرات في مجال التكنولوجيا في إفريقيا من قبل أخبار تكنولوجيا المعلومات، ومن بين أفضل عشر نساء رائدات في مجال التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من قبل OpenLETR.
نبأ صلاح
نسوية/ ناشطة في مجال حقوق النوع الاجتماعي
نبأ هي منسقة مبادرة "فوطة تسد الخانة". كما أنها مدافعة وناشطة لإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي. وقد طورت نبأ اهتماماً عميقاً بالتقاليد والعادات والفولكلور وأغاني البنات والأمثال المحلية، وربطت هذا التراث بمنظور نسوي. تقوم نبأ حاليًا بتوثيق الأمثال السودانية المحلية بالتصميمات الغرافيكية ونشرها عبر الإنترنت لإشراك الأصدقاء والمتابعين في محادثات حول أصول ومعاني هذه الأمثال والأقوال.
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.