مصدر النمو
القاعدة: الأمومة كمصدر للنموّ هي العمود الفقري للمجتمع؛ المرأة ترعى وتهتمّ بالأطفال والضعفاء. هذا الدور الحيويّ هو مصدر قوَّة لا يمكن التقليلُ من شأنه.
مطابخ الشفاء
مطابخ الشفاء
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
طلاء أظافر أحمر
طلاء أظافر أحمر
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
مصدر النمو
القاعدة: الأمومة كمصدر للنموّ هي العمود الفقري للمجتمع؛ المرأة ترعى وتهتمّ بالأطفال والضعفاء. هذا الدور الحيويّ هو مصدر قوَّة لا يمكن التقليلُ من شأنه.
مطابخ الشفاء
مطابخ الشفاء
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع على نحو متزايد رؤية الباعة المتجولين يجلسون على الأرض الغبراء بمحاذاة الطرق في أسواق السودان المزدحمة. يفرشون قطعًا من البلاستيك بجانبهم، مغطاة بأكوام من الأحواض والأنابيب والأكياس الصغيرة الملأى بما يُسمَّى بالعلاجات التقليدية. من السرطان إلى الإيدز،ومن ارتفاع ضغط الدم إلى العجز الجنسي، يصرخ الباعة الذين نَصَّبُوا أنفسهم معالجين لجذب المارة، ويطلقون وعوداً بشفاءٍ يشبه المعجزات. وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، غالباً ما يتوقف العديد من الأشخاص المرهقين أمام التجار لمناقشة هذه العلاجات أو شرائها، متعجبين من تكلفتها المنخفضة بالمقارنة بتكلفة الأدوية الصيدلانية واستشارات الأطباء الباهظة. وحتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً بفعاليتها، فإنهم يُقنِعُون أنفسهم بأنها تستحق المحاولة.
يُعدّ الاستخدام التجاري الحالي للأعشاب والجرعات التقليدية بعيداً كلّ البعد عن كيفية استخدام وتوزيع هذه العلاجات في الماضي. كاستخدام الشاي بالنعناع لعلاج آلام المعدة، والحرجل أو الحلبة لعلاج الغثيان، وجرعة غزيرة من زيت السمسم تُفرك بقوة على الجذع لعلاج آلام الصدر. كانت هذه العلاجات جزءاً لا يتجزَّأ من "خزانة الأدوية" الخاصة بالأم السودانية -موجودة في مطبخها- محفوظة في أكياس بلاستيكية موضوعة بين برطمانات الأعشاب في الجزء الخلفي من حجرة المؤن،أو تحت شريحة الليمون في حجرة البيض في رفٍّ بباب الثلاجة. معرفة أي عشب أو ورقة أو زيت أو دخان ضرورية لعلاج المرض الذي ينتقل من الأم إلى الإبنة أو بين نساء الحي. خلال جائحة الكورونا عام ٢٠١٩ م، لجأ العديد من السودانيين إلى حرق قرون القَرَضْ (السنط العربي) كشكل من أشكال الوقاية والعلاج من المرض، حسب اعتقادهم.كانت هذه الممارسة مبنية على الحكمة المتوارثة القائلة بأن القَرَضْ يُعالج مشاكل الجهاز التنفسي.
وتتميَّز العلاجات التقليدية أيضاً بطريقة إعدادها وإعطائها بصبرٍ وعناية، والتي تُعدُّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التعافي بأكملها. وهكذا، يتم تحضير مغلي زهور نبات الكركديه الدافئ لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا، أو يُقدَّم كمشروب بارد لخفض ضغط الدم، وأوراق شجرة الجوافة لوقف الإسهال، ويتم إعطاؤهم تحت مراقبة الأم حتى يتعافى الطفل. كان هذا العلاج الشخصي تقريباً هو الملاذ الأول عندما يصاب الطفل بالمرض، ولا يتم طلب آراء الأطباء وزيارات المستشفى إلا إذا استمرت المشكلة. ويلعب الإيمان بفعالية هذه العلاجات دوراً مهماً في استخدام الأدوية التقليدية، مقروناً بطريقة الرعاية الشخصية التي تقدمها الأمهات، فلا عجب أن تستمر هذه المعرفة.
واليوم، أصبحت المعرفة بالأدوية التقليدية -التي تم تناقلها بصورة طبيعية- معرضةً لخطر الفقدان والضياع. إن النزوح الجماعي للناس في جميع أنحاء السودان يعني احتمالية تعطل شبكات نقل المعرفة. علاوة على ذلك، قد لاتكون الأعشاب والأوراق والزيوت المستخدمة تقليدياً متاحة في الأماكن التي اضطر الناس للانتقال إليها. ومع ذلك، فإن الأمر المؤكد هو أن مرونة الأمهات أينما وجدت،ستكون قادرة على تكييف المكونات الطبيعية المحلية كعلاجات لأمراض أطفالهن.
طلاء أظافر أحمر
طلاء أظافر أحمر
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.
الصندوق
على ظهر صينيّة كبيرة ومستديرة وثقيلة، مُخصَّصة عادةً للاستخدام في المناسبات المهمة، تمت كتابة الأحرف الأولى من اسم المالكة بطلاء أظافر أحمر فاقع، ليُثبِتَ بفخر ملكيّتها للصينية ويُسَهِّل عمليّة تحديد ملكيتها إذا ما أصبحت محلّ نزاعٍ مع جارٍ أو قريب.مع مرور الوقت، اشتَرَت خمس صَوانٍ إضافية، ضمتها إلى مجموعتها الهائلة من أطباق وأوعية التقديم البيضاء، فأصبحت جاهزة للمشاركة في جميع المناسبات والتجمعات الكبيرة. حالياً، يتم استخدام الصواني والأواني الفاخرة في حفل زفاف ابنة عمها،حيث يتم ترتيبها حول الفناء المعاد استخدامه حيث تشغل كل امرأة زاويتها بالقرب من موقد الفحم الخاص بها، وتقوم بإعداد الأطباق التي تتقنها بحماسٍ بالغ. غالباً مايجد الشباب -المكلّفون بشراء مكونات الطبخ- أنفسهم يبحرون في متاهة المشهد الفوضويّ،ذهاباً وإياباً، محاولين جلب كل شيء في القوائم العديدة.
إلى جانب صواني التقديم والأواني الفخارية، تفتخر المالكة ببقية القدور والمقالي وأدوات الطبخ التي تمكَّنت من شرائها من خلال مبادرة الادخار النقدي التي كانت جزءاً منها لسنوات عديدة. نظَّمت المرأة الجالسة في زاوية الفناء خطّة الادخار النقدي لأجل حفل زفاف ابنتها، والمعروف باسم "الصندوق"، حيث تضع كل امرأة مبلغاً محدداً من المال في وعاء الادخار، وتتلقى امرأة واحدة كل شهر كل الأموال مقابل أشياء أو نفقات كبيرة. في بعض الأحيان يتم استخدام الأموال لشراء سلع مجتمعية ضرورية لمناسبات الحي، والتي يتم تخزينها في مخزن المسجد المحلي. بالنسبة للنساء السودانيات، فإن فعل الادخار والاقتصاد يشبه امتلاك حاسّة سادسة. هؤلاء النسوة سوف يدّخرن ويحفظن أيّ أموال يمكنهنّ الوصول إليها، وغالباً ما يقدّمن نصائحَ غير مرغوب فيها حول طرق الادخار للمستقبل لكلّ من حولهن.
لقد أثبت "الصندوق"أنه لا يُقدَّر بثمن، لا سيما في الأوقات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى الأموال، كدفع الرسوم الجامعية للأطفال أو لتغطية النفقات الطبية على سبيل المثال.وبينما تعرف كل امرأة تقريباً متى سيحين دورها لتلقّي الأموال النقدية، هناك تفاهم بين المجموعة على أنه إذا دعت الحاجة، فإن المرأة سوف تتخلَّى عن دورها لمساعدة أخرى. هذا الشعور بالتضامن بين النساء هو الغراء الذي يلصق مجتمعاتهن، وكذلك جلسات شرب الشاي المُفعمة بالحيوية، حيث يتم تبادل القِيل والقَال والشكاوى، هذه الجلسات هي المكان الذي يزدهر فيه هذا النوع من الارتباط العميق.
إن مالكة الصينية التي تعمل بحكم الأمر الواقع كبنك منزلي، وتُكَيِّف سلوكها بدقة مع اقتصاد السوق. بالإضافة إلى الصندوق، تقوم بجدية بوضع أي أموال فائضة جانباً واستثمارها،على سبيل المثال، عن طريق شراء الذهب من سوق أم درمان، من أجل الحفاظ على قيمة الأموال لاستخدامها في المستقبل. قد يبدو السوار الذهبي السمين الذي اختارته واشترته بعناية بمثابة عرضٍ للتباهي بالثروة؛ ولكنه في الواقع احتياطيٌّ قَيِّم،يتم صرفه بسهولة وعلى عجل عند ظهور حاجة حقيقية.