عاملات النور والظلام
الغرف: كـ(عاملات)، (عناصر)، (أقمار) ظلام ونور، يمكن أن يكون قرار الحرب أو السلام في يد امرأةٍ سودانية. على مرّ التاريخ، كانت هناك أمثلة لنساء سودانيات يدافعن عن الحرب أو السلام. سندرس في هذا القسم مشاركة المرأة في المشهد السياسي.
شيء من سيرة فوزية حسن اليمني (كردفانية)
شيء من سيرة فوزية حسن اليمني (كردفانية)
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
تأمُّلات حول الأثر الاجتماعي للحَكَّمات
تأمُّلات حول الأثر الاجتماعي للحَكَّمات
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
المرأة في المهدية
المرأة في المهدية
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
المرأة والتعليم
المرأة والتعليم
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
قائمة للقراءة
قائمة للقراءة
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.
عاملات النور والظلام
الغرف: كـ(عاملات)، (عناصر)، (أقمار) ظلام ونور، يمكن أن يكون قرار الحرب أو السلام في يد امرأةٍ سودانية. على مرّ التاريخ، كانت هناك أمثلة لنساء سودانيات يدافعن عن الحرب أو السلام. سندرس في هذا القسم مشاركة المرأة في المشهد السياسي.
شيء من سيرة فوزية حسن اليمني (كردفانية)
شيء من سيرة فوزية حسن اليمني (كردفانية)
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).
لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.
سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.
في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.
أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.
-----
*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م
المؤلّفة: د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.
تأمُّلات حول الأثر الاجتماعي للحَكَّمات
تأمُّلات حول الأثر الاجتماعي للحَكَّمات
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
الحَكَّمات -جمع حكَّامة- هنَّ شاعرات ومغنيات ينحدرن من مجموعات مُحدَّدة تُصنَّف "عربية" (بدوية/ رعوية) في أقاليم دارفور وكردفان. ومن الممكن أن يُورَّث دور الحَكَّامة، ويمكن أن تناله المرأة بالاعتماد على موهبتها أو التمتع بشخصيّة كاريزميّة، على أن تحظى بالاحترام داخل مجتمعاتهنّ. ويُمنح لقب الحكَّامة رسميَّاً من خلال مراسم احتفاليّة.
تُعبّر أشعار وعروض الحكَّامات عن تعليقات وآراء حول أحداثٍ مجتمعيّة آنيَّة، وتَسعى لحَلِّها.
ومن خلال أدائهنَّ الاستعراضي، تمارس "الحَكَّمات" تأثيراً اجتماعيّاً كبيراً لأنهنَّ يحافظن على القيم الثقافية ويُعزّزنها بناءً على فهمٍ جَندَري للشرف والعار ضمن سياقات محددة. إنهنّ يُبرِزنَ قدرة الشعر والأغاني على دفع الرجال للانخراط في الحرب من خلال تمجيد فضائل المحارب الشرس الذي لا يَلِين، وبناءً على معايير ثقافية مجسّدة، تحثّ الرجال والفتيان الصغار الشجاعة والثبات في مواجهة الموت، لأجل الحصول على الأرض والسلطة والثروة. كذلك فإنّ الحكامات يتوسّطن في عمليات السلام بين القبائل، ويقترحن تحالفات عن طريق المصاهرة لضمان استمراريّتها، وتعود هذه التحالفات بالفائدة للقبائل المتنوعة داخل الهياكل "العربية" في دارفور وكردفان.
تُعتبر كلمات الحكَّامات الشفهيّة دليلاً ومُرشداً للرجالَ والنساء لسَنِّ الأعراف والأدوار الاجتماعية، وتعتبر بمثابة تعزيز للحياة الجماعية. ومع ذلك، ظلَّ تأثيرهنَّ الاجتماعي غير مرئيٍّ للعديد من السودانيين الذين ليسوا على دراية بالتراث الثقافي لواقع غرب السودان من حيث تنحدر الحكّامات في الأصل، وقد ساهمت هيمنة ثقافة وادي النيل وتمركز السلطة السياسية داخل العاصمة الخرطوم في هذا الوضع.
لقد سلط الصراع في دارفور عام ٢٠٠٣ الضوء على دور هؤلاء النسوة باعتبارهنّ فاعلات اجتماعيّات قويّات. ففي الماضي، كان يُنظَر إليهنَّ على نطاق واسع -من قبل ثقافة وادي النيل والمجتمع الدولي الساعي لبناء السلام- على أنهنّ مثيرات شغب ومشجّعات للصراع.
أصبحت أهمية الحكَّمات في تعزيز الوئام الوطني أكثر وضوحاً بعد عام ٢٠٠٤م. ففي الخرطوم، طلبت منهنَّ المنظمات الدولية (التي اعتمدتها الدولة السودانية) استخدام انخراطهنّ داخل مجتمعات بعينها للوصول لعوالمهنَّ المحلية التي يُهيمن عليها الذكور، وتحويل رسائلهنّ إلى رسائل مُنَاصِرَة للسلام.
لم يتم الإعلان عن دورهنّ النشط هذا في السعي لبناء هوية وطنية قوية. وإن أصبحت الحَكَّمات في الآونة الأخيرة أكثر شهرة داخل العاصمة، فذلك لأنها رؤية أتاحتها منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عدسة فولوكلورية غير مُسَيَّسة. وذلك لا يعكس إلا القليل جداً من ارتباط كلمات الحكَّمات الوثيق بالواقع الثقافي المُعَاش، وسعيهنّ وقوّة تأثيرهنّ على الأنظمة الاجتماعية.
في الوقت الحاضر، تقف حَكَّمات متنوّعات ومُتعدِّدات على أعتاب صراعٍ ثقافيٍّ وسياسيّ غير مُجدٍ، والذي أصبح واضحاً اليوم بين السودان النهري ودارفور في غرب السودان. أدت الحرب، التي بدأت في أبريل ٢٠٢٣، إلى تفاقم المظالم الموجودة سَلَفاً بين الدولة المركزية وأطرافها؛ فقيادة قوات الدعم السريع المتحاربة مع القوات المسلحة السودانية تنحدر من مجموعة المعاليا، وهي من بطون قبيلة الرزيقات، إحدى المجموعات الدارفورية التي تلعب فيها الحَكَّمات دوراً مؤثراً. وفي هذه الحرب المُستَعِرة، عادت إلى الواجهة مرةً أخرى صورة سلبيّة للحكَّامات؛ حيث تم الترويج على نطاق واسع أنَّهنَّ يُشجِّعن المقاتلين والرجال على العودة من العاصمة محمّلين بالغنائم، كعلامة على الشرف والنصر الذكوري المنشود.
إن سرديَّة "الحكَّامة" عبر الغناء والشعر ليست خَيِّرة أو شريرة، فهي مكتوبة وفقاً للحكاية التي يرويها السودان. إن كلمات "الحَكَّامات" تعكس شقاءَ أمّةٍ في حالةِ حربٍ مع نَفسِها.
سورة الغاب © صحبة كندنت علي - نذير حسن أحمد، ٢٠١٢
المرأة في المهدية
المرأة في المهدية
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
هذا النص عن المرأة في فترة المهدية في السودان، كُتب كجزء من معرض المرأة الذي أُقِيم في متحف بيت الخليفة بأم درمان، والذي تم افتتاحه، بعد أعمال صيانة مُكثَّفة، في عام ٢٠٢٣ قبل اندلاع الحرب بشهرين فقط.
حُوّل منزل الخليفة إلى متحف مجتمعيّ، مما استلزم تلبية احتياجات المجتمع المحلي واهتماماته. ولعكس صورة معاصرة حول تاريخ المهدية، أُدرِجَت أقسام للعرض عن المدينة والأسواق والاقتصاد كوسيلة لخلق منظور للحياة خلال تلك الفترة. كما تتبَّع تسلسل وطريقة العرض الأغراض الأصلية لغُرَف المنزل، والذي كان مسكناً للخليفة ومبنى الإدارة. بذلك خُصِّصَ قسم النساء في المنزل لعَرض أدوات النساء وقصصهنّ من تلك الفترة.
مَثَّل هذا العمل تحدياً كبيراً لأنه كان يستلزم الإجابة على مجموعة أسئلة؛ مثل تعريف ما هي الأدوات النسائية في فترة المهدية؟ وكيف نُفَرِّق بينها وبين الأدوات المنزلية المُستَخدَمة في الحياة اليومية؟. كذلك واجه المشروع صعوبات أخرى كالتعريف بالنساء اللائي لَعِبنَ دوراً في تلك الحقبة، إذ لم تحتوِ المراجع والمدونات على أسماءٍ لهنّ، واكتفت بالإشارة إليهنَّ كإبنة فلان أو أُخت فلان وهكذا.
دفعنا ذلك لتأسيس معرضٍ موازٍ خاصّ بالمرأة، واتّباع ذات نسق الأقسام الأخرى بإضافة قسم للمرأة والاقتصاد والأزياء، والدور الذي لَعِبته في المدينة واستفهاماتها السياسيّة. وحاول المعرض إبراز أهميّة الأدوات المنزلية كجزء من النظام الاقتصادي.
إحدى الطرق المتبعة لسد فجوة المعلومات كانت محاولة رسم صورة خيالية للمرأة في تلك الفترة بناءً على الكمال شحيح من المعلومات والحقائق المتوفّرة. وهذا ما فعلته الكاتبة السودانية ليلى أبوالعلا في كتابها الأخير "روح النهر"؛ ألَّفت رواية خياليّة تدور أحداثها في فترة المهدية، بوحيٍ من شخصيات معروفة في تلك الفترة.
نجح الكتاب في تصوير تلكالفترة بصورة إيجابية، وأبرز المرأة ككيان فاعل في المجتمع وذو تأثير على الأحداثوالرجال.
المرأة في الثورة المهدية
مشاركة المرأة في الثورة المهدية (١٨٨٨-١٨٩٩) اتخذت أشكالاً عدة؛ حيث أنها ارتدت الجبّة المُرَقَّعة وخاضت المعارك جنباً إلى جنب مع الرجال، كما أنَّهنّ سِرنَ خلف الجيش الرئيسي بالماء والزاد، وكُنَّ يسقين العطشى ويداوين الجرحى ويساعدن في التخلّص من المصابين من جيش العدو. ومن الشخصيات التي تُذكر: سِت البنات أم سيف، خديجة بت سوركتي وفاطمة أم الحسن.
في مسيرة المهدي إلى قدير من الأُبيض، ثم إلى الخرطوم، سارت أعداد مقدرة من النساء، وكانت لهنَّ إسهامات كبيرة في انتصاراته من خلال العمليات الاستخباراتية؛ حيث كُنَّ يجمعن سرّاً المعلومات عن عدد قوّات العدو وإعداداتهم الدفاعية، وأبرز مثال لهنّ رابحة الكنانية، حيث أنها ركضت من جبل فنقر إلى جبل قدير -مسافة أطول من الماراثون- وذلك لإخبار المهدي عن كمين رشيد بِك أيمن.
في عام ١٨٨٥م، وخلالمعركة تحرير الخرطوم، كشفت النساء خطط دفاع غردون باشا للمهدي، وساعدن في تحقيق الانتصار.
سوق النساء
كانت الأنشطة التجارية واحدة من أبرز الأنشطة خلال فترة المهدية في أم درمان. وكانت البلاد في حالة حرب مستمرة، حيث كان الرجال خارج المدينة إما للحرب أو التجارة، وبذلك أصبحت أمدرمان تعجب النساء وأغلبهنّ في حاجةٍ اقتصادية مما أجبَرَهنّ على الخروج للعمل في السوق.
سمحت الحكومة بعمل النساء، اللائي ذهب أزواجهن إلى الحرب، بالسوق لكسب العيش. وتم تخصيص أماكن لكبيرات السن، وكنّ يَبِعنَ المواد الغذائية كالزيوت والفواكه والتمر والذرة والبهارات والفول.
نساء دارفور ماهرات في حياكة المفارش من الخرز، وكان لها بريق مميَّز. النساء من بربر والجزيرة ودنقلا كنَّ ماهرات في إنتاج الأقمشة والسجاد والفخار.
المرأة والتعليم
المرأة والتعليم
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
كان دور المرأة في التعليم معروفًا قبل الثورة المهدية. المدارس القرآنية، التي تسمى الخلاوي، كانت منتشرة في معظم أنحاء البلاد، وكثيراً ما كان يُسمح للنساء من عائلات علماء المسلمين أو الشيوخ، الذين تلقوا تعليماً بالقرآن، بالتدريس هناك. إحدى هذه النساء كانت فاطمة بنت جابر من كوترانج بالقرب من كريمة في شمال السودان والتي اشتهرت بتعليم القرآن مع إخوتها. في بعض المناطق، مثل منطقة البجا في شرق السودان، الخلاوي أصبح النظام يعتمد على المعلمات. أصبحت بعض النساء شيخات بارزات في حد ذاتها وكانت على دراية جيدة بالإسلام، لدرجة أنهن تمكنن من تأسيس مشائخ خاصة بهن خلوة، تمامًا مثل خالوس في مناطق قبائل الفور و بارغو و و ماساليت. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الشيخة الشهيرة عائشة بنت القدال التي علمت الطلاب فيها خلوة في جبل أولياء، على المشارف الجنوبية للخرطوم.
استمر هذا التقليد خلال الفترة المهدية واستمرت النساء في تعلم وتعليم القرآن والدراسات القرآنية في مسجد خليفة في أم درمان وفي النساء الخلاوي، مثل الشيخة خديجة بنت الفكي علي خلوة والشيخة فاطمة أم النصر بنت أبي رحالة خلوة. سيتم عقد الدروس في الصباح والمساء وتم استخدام الترانيم الرنانة كأداة لمساعدة الطلاب على حفظ الآيات. عند الانتهاء من الدروس، تم منح الطالب شهادة تسمى الشرافة (الشرف). خلال الاحتفال، يقوم الطلاب الآخرون بتنظيف رأس الطالب المكرم بعد تناول وجبة من مولاه روب، وهو طبق سوداني أساسي مصنوع من الزبادي المطبوخ.
وكان بعض الشيوخ يتجولون في زيارة المنازل شخصياً لتعليم الفتيات والنساء، ومن أشهرهن خديجة بنت الشيخ وأبو صفية، التي قامت بتوجيه أول مفتشة للتعليم في السودان، وأول امرأة سودانية تنشئ مدرسة ليلية للنساء في أم درمان والمعلمة المحترمة المدينة عبد الله عبد القادر.
الشريفة مريم المرغنية، التي أبدت الكثير من الاهتمام بتعليم المرأة وإنشاء المساجد الخلاوي (مع تخصيص أقسام لتعليم المرأة) في هيا وسنكات وجبيت في شرق السودان، هي أحدث مثال للمرأة في مجال التعليم. حتى وفاتها عام 1952، ساهمت المرغنية في دعم المدارس والإشراف عليها، ودفع رواتب بعض الموظفين، وتشجيع تعليم الفتيات بشكل عام.
قائمة للقراءة
قائمة للقراءة
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.
"فم مملوء بالملح" للروائية ريم جعفر
(كتب الساقي، ٢٠٢٤)
تدور أحداث هذه الرواية في الثمانينيات، وتحكي قصةثلاث نساء في شمال السودان ترتبط قصصهنَّ بسلسلة من الأحداث المؤسفة التي تتكشَّفبشكلٍ غامض بدءاً من غرق طفل. تعطي القصة لمحة عن نمط حياة القرى الواقعة على ضفافنهر النيل في ذلك الوقت، وكيف تتحرّك النساء في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية.تتناول القصة أيضاً قضايا العنصريّة وأدوار الجنسين في المجتمع.
"الوطن ليس دولة ما" للروائية صافية الحلو
(اجعلني عالماً، ٢٠٢١)
في هذه الرواية ذات اللغة الشِّعريّة، تستكشف صفيّةمفاهيم الوطن والانتماء من خلال عدسة "نعمة"، وهي فتاة تبلغ من العمرأربعة عشر عاماً من أصل سوداني وتعيش في الولايات المتحدة الأمريكيّة. يدور الكتابحول سؤال رئيسي موجَّه للشباب، وهو ما إذا كنا نشعر بأننا جزء من مكانٍ لَم نَعِشفيه من قبل، مكان نتواصل معه فقط من خلال ذكريات والدينا وبعض القطع التذكارية؟.
"نايل بلوز" للروائيّة مها أيوب
(ناشر مستقل، ٢٠١٢)
هذه قصة مجموعة من النساء السودانيات، من خلفيات اجتماعيةواقتصادية ودينية متنوّعة جداً، يتنقلن في حيواتهنَّ أثناء الفترة التي انقسم فيهاالسودان إلى دولتين. إن دِقَّة ملاحظة مها للتفاصيل الصغيرة في الحياة السودانيةاليومية، وقدرتها على نسجها في حبكة قصصيَّة جذابة، تخلق رواية مثيرة وغالباً ماتكون فُكاهية خلال نصفيّة حسابات وأزمنةٍ عصيبةٍ تعيشها الأمة.
"الطاقيّة: التشكيل في أعمال الإبرة فيأمدرمان
الفترة ١٨٨٥-١٩٤٠"
المؤلّفة: د. بقيع بدوي محمد عبد الرحمن
(دار جامعة الخرطوم للنشر، ٢٠٠٨)
الكتاب عبارة عن دراسة في أعمال الإبرة بصورة عامة،و"الطاقية" على وجه الخصوص، وهو نشاط تميَّز به مجتمع مدينة أم درمانالنسائي نهايات القرن التاسع عشر وإلى منتصف القرن العشرين. تناولت المؤلفة فيالكتاب موضوع "خياطة الطاقية" من منظور تاريخي واجتماعي واقتصادي وفني.واعتمدت على خبرة حياتيّة مُكتسبة من انتمائها لمجتمع أمدرمان في حقبةٍ كانتالإبرة فيها مؤثّرة على نطاق واسع، إضافةً طبعاً لخبرتها كفنانة تشكيليَّة.