شيء من سيرة فوزية حسن اليمني (كردفانية)

لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.

اقرأ المزيد
معرض الصور
No items found.
Pointing at Speaker
نُشر بتاريخ
12/11/24
المؤلف:
د. ناهد محمد الحسن
المحرر:
سارة النقر
المحرر:
سارة النقر
مأمون التلب
المترجم:
المترجم:
سارة النقر
النتيجة

  /  

العب مرة أخرى

  /   الاجابات

هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية  لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).

لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.

 

سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.

في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب  سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.

أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.

 

-----

*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م

المؤلّفة:  د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.

 

 

No items found.
نُشر بتاريخ
12/11/24
المؤلف:
د. ناهد محمد الحسن
Editor
سارة النقر
مأمون التلب
المحرر:
سارة النقر
مأمون التلب
المترجم:
Translator
سارة النقر

هي فوزية حسن اليمني عثمان عربي؛ تدرَّجَ والدها الشّيخ حسن اليمني في السّلك القضائي حتّى عُيِّن قاضي قضاة السّودان في فترة ما بعد الاستقلال. وُلدت بمدينة الأبيض في أبريل من عام ١٩٣٤، ورَحلت عن عالمنا بعد حياة مليئة بالبذل والعطاء في الخامس عشر من مارس منعام ٢٠٠٥ بالخرطوم. تزوّجت من الدّكتور الطّاهر عبد الباسط، ولها ثلاثة من الأبناء وبنت واحدة. تلقّت تعليمها الأوّلي والأوسط بالأبيض والمرحلة الثّانوية بمدرسة أمدرمان الثّانوية، ثم التَحَقت بالمعهد الفني -حالياً جامعة السّودان (كلية الفنون الجميلة)- وتخرَّجت في العام ١٩٥٦ بدرجة دبلوم. ابتُعِثت في العام ١٩٦٣ للولايات المتحدة الأمريكية  لتكملة البكالاريوس بجامعة فريزنو، وتخرّجت في العام ١٩٦٤. التحقت للعمل بوزارة التّربية والتّعليم كمعلمة فنون بالمدارس الثّانوية في العام ١٩٥٩. وعملت بعدَّة مؤسّسات تعليميّة(معهد تدريب المعلمات بأم درمان، مدرسة مدني الثّانوية للبنات، المدرسة الفنية أمدرمان، مدارس التّقدّم للبنات، وكيلة مدرسة أم درمان الثّانوية للبنات، مديرة مدرسة بحري القديمة للبنات حتّى أُحيلت للصّالح العام في ١٩٨٩).

لا شكّ أنّ فوزية يمني كانت من القِلَّة المحظوظة من بنات السّودان اللّاتي حصَّلن تعليماً وتثقيفاً راقياً، لم يعزلهنَّ عن هموم بيئتهنَّ بقدر ما ضاعف مسؤولياتهنَّ تجاهها.

 

سَمَحت الحكومة الإنجليزية للسّيّد بابكر بدري بافتتاح أوّل مدرسة للبنات في ١٩٠٧، ولما كانت الحكومة ليست حسنة النّيّة تماماً، فقد سارت حركة التّعليم ببطءٍ شديد، الشّيء الذي تعكسه القفزة الكبيرة في ارتفاع معدلات التّعليم بعد خمس سنوات فقط من السَّودنة. وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيمأ نشطة المرأة الاقتصادية، وخاصّة في سوق أم درمان. عَمِلت النّساء في صناعة الملابس القطنية والحريريّة والصّوفيّة في مناطق الجزيرة، وكردفان والشّمالية، ثم بدأ الوعي السّياسي في الظّهور متمثلاً في "العازة" زوجة المناضل علي عبد اللطّيف، والحاجّة نفيسة سرور التي خاطت علم اللّواء الأبيض على ماكينتها. ثم ظَهَرت رابطة النّساء السّودانيات بقيادة خالدة زاهر ١٩٤٦م، وجمعية نساء المهدي ١٩٤٧م، ونقابة الممرضين والممرضات ١٩٤٨م، والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في ١٩٥٥م. ونقابة المدرسات ١٩٤٩، الجمعية الخيرية بالأبيض ١٩٥١ برئاسة نفيسة كامل،ثم الاتِّحاد النّسائي في ١٩٥٢م، والذي كافح رغم المعوّقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدّكتاتورية، إذ كانت غالباً ما تجّمد نشاطه أو تحدّ منه. وقد كانت فوزيّة يمني عضواً فاعلاً ونشطاً بالاتِّحاد.

في السّنوات الأخيرة من الاستعمار الإنجليزي للسّودان وقيام مؤتمر الخريجين، لم تحصل المرأة إلّا على حقوق انتخابية محدودة في انتخابات عام ١٩٥٣م؛ حينما تجاوب  سوكو مارسن الهندي،رئيس اللّجنة الدّولية التي أشرفت على تلك الانتخابات، مع تظلّمات بعض المستنيرات وسمح لهنَّ بالمشاركة في الاقتراع لاختيار نّواب دوائر الخرّيجين. مع ثورة أكتوبر الشّعبية ١٩٦٤م، منح قانون انتخابات الجمعية التّأسيسية لسنة 1١٩٦٥م المرأة السّودانية الحقّ في المشاركة فيها ناخبة في كُلِّ الدّوائر، ومُرَشَّحة في دوائر الخرّيجين، ودخلت فاطمة أحمد إبراهيم الجمعية التّأسيسية كأوّل امرأة سودانيّة في إنجاز تاريخي سبقت به المرأة السّودانية الكثير من رصيفاتها في العالم، ثم نالت المرأة السّودانية حقّها الانتخابي كاملاً؛ التّرشيح والتّصويت في كُلِّ الدّوائر (حصلا لاتِّحاد النّسائي للمرأة على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في ١٨٦٨م، وأقرّ الخدمة المَعاشية للنّساء، وكان السّودان واحداً من الدّول التي صادقت على اتفاقية منظّمة العمل الدّولية في 22 يناير ١٩٧٠م.

أصدر الاتِّحاد النّسائي السّوداني مجلة (صوت المرأة) في١٩٥٥م. وقد كانت فوزية يمني كما قالت عنها فاطمة بابكر (رائدة كاريكاتيورات المجلة، وسَجَّلت إبان الحكم العسكري رسومات ساخرة جَذَبت العديد من القرّاء للمجلّة، كمادفعت النّظام إلى التّهديد بوقف المجلّة والإيقاف أحياناً). والأمر الذي يحتاج لبحثٍ جديد: هل هنالك من سَبَق أو سَبَقَت فوزية يمني في ريادة فن الكاريكاتير بالسّودان؟ الحقيقة أنّني بحثت عن مراجع ولم أجد، وسألت بعض العاملين بالحقل وأفادوني أنّ هذا الفن ارتبط بالرّاحل عز الدّين عثمان، وحين سألت شقيقه الأستاذ هاشم عن تاريخ ممارسة عز الدّين لفن الكاريكاتير، أفاد أنّه بصحيفة الأخبار في أواخر الخمسينات، وهو غير متأكّد من التّاريخ بالضّبط. وعلى كُلٍّ، فإن فوزية من المؤكّد أنّها أوّل سودانية تعالج بالكاريكاتير قضايا وطنها وقضايا نوعها للّمزيد من فهم البيئة الثّقافية والاجتماعية التي تبلورت فيها أحلام فوزية يمني والكثير منا لشّابات السّودانيات في ذلك الوقت.

 

-----

*النص مُجتزأ ومدخل لدراسة تحليليَّة مطوّلة في حياة وعوالم الفنانة فوزية يمني، يجد القارئ الدراسة كاملة بذات العنوان في كتاب المؤلّفة"حكايتهنّ حكايتي – الكرّاسة الثانية"، صدر عن دار رفيقي للنشر عام ٢٠١٧م

المؤلّفة:  د. ناهد محمد الحسن كاتبة مهتمة بقضايا المرأة والطفل، استشارية الطب النفسي بمستشفى الأمل – دبي.