روح الأماكن

تعمل السينما السودانية ببراعة على تحويل المناظر الطبيعية إلى أدوات سردية عميقة. من الصحاري الشاسعة التي لا تنضب إلى الآثار الحضرية المتحللة، يصبح كل إطار أكثر من مجرد خلفية - يصبح شخصية.

اقرأ المزيد
معرض الصور
No items found.
Pointing at Speaker
نُشر بتاريخ
3/3/25
المؤلف:
رفاء ريناس
المحرر:
سارة النقر
المحرر:
سارة النقر
مأمون التلب
المترجم:
خالدة محمد نور
المترجم:
النتيجة

  /  

العب مرة أخرى

  /   الاجابات

روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية

لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.

الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"

في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.

بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار

في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.

ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني

يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.

مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود

حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.

تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.

الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني

في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.

من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.

يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.

استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان

يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.

No items found.
نُشر بتاريخ
3/3/25
المؤلف:
رفاء ريناس
Editor
سارة النقر
مأمون التلب
المحرر:
سارة النقر
مأمون التلب
المترجم:
خالدة محمد نور
Translator

روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية

لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.

الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"

في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.

بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار

في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.

ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني

يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.

مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود

حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.

تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.

الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني

في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.

من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.

يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.

استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان

يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.