المناظر الطبيعية التأملية/الشاعرية
تستحضر الطبيعة المشاعر المختلطة كمصدر للسعادة والخوف والجمال والقبح. كيف تنعكس هذه المشاعر في الثقافة؟ كيف تُستخدم الطبيعة لتمثيل العواطف؟ الاستعارات بشكل عام مليئة بالمقارنات الطبيعية. كما نستحضر المشاعر المشتركة من خلال الاحتفالات التي تلعب فيها الطبيعة دورًا رئيسيًا.

غطاء رأس

غطاء رأس
غطاء رأس مصنوع من قرني بقرة متصلين بقطعة من جلد البقر، يرتديه النوبة في إحتفالات الكمبلا. وهي إحتفالات تزامن
وقت الحصاد الناجح. هذه القطعة مرتبط بثقافة قبيلة النوبة والفصول
والمناظر الطبيعية المتغيرة.
Af1936,0715.1
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة بموجب ترخيص المشاع الإبداعي المنسوب-
غير تجاري- الترخيص بالمثل 4.0 الدولي (CC BY-NC-SA 4.0).
غطاء رأس مصنوع من قرني بقرة متصلين بقطعة من جلد البقر، يرتديه النوبة في إحتفالات الكمبلا. وهي إحتفالات تزامن
وقت الحصاد الناجح. هذه القطعة مرتبط بثقافة قبيلة النوبة والفصول
والمناظر الطبيعية المتغيرة.
Af1936,0715.1
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة بموجب ترخيص المشاع الإبداعي المنسوب-
غير تجاري- الترخيص بالمثل 4.0 الدولي (CC BY-NC-SA 4.0).

غطاء رأس مصنوع من قرني بقرة متصلين بقطعة من جلد البقر، يرتديه النوبة في إحتفالات الكمبلا. وهي إحتفالات تزامن
وقت الحصاد الناجح. هذه القطعة مرتبط بثقافة قبيلة النوبة والفصول
والمناظر الطبيعية المتغيرة.
Af1936,0715.1
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة بموجب ترخيص المشاع الإبداعي المنسوب-
غير تجاري- الترخيص بالمثل 4.0 الدولي (CC BY-NC-SA 4.0).

فنانون سودانيون يستلهمون البيئة الطبيعية

فنانون سودانيون يستلهمون البيئة الطبيعية
استوحى العديد من الفنانين السودانيين أعمالهم من البيئة الطبيعية المُحِيطَة بهم. يستخدم فنانون، مثل معتز الفاتح، حبوب البُن المطحونة وأوراق الشاي والنباتات وقشور الفاكهة لإنشاء الألوان، والتي يستخدمونها في لوحاتهم. ويصور آخرون، مثل صلاح المر، ذكريات الطفولة مثل “يوم عائلي” في غابة السنط. وفي الوقت نفسه، ابتكر الفنان العالمي إبراهيم الصَلَحي سِلسلَةً من الأعمال الفنية المُستَنِدَة إلى شجرة الحَراز. بالنسبة للصلحي فإن الحراز، والذي يجفّ في موسم الأمطار ويتحوَّل إلى اللون الأخضر أثناء الجفاف، شَجَرٌ فريدٌ من نوعه وله شخصية، ويُمَثِّل أيضاً الارتباط الروحي من جذوره ويصل إلى السماء.
صلاح المُر “يوم عائلي”، ٢٠١٦.

أكريليك على قماش
موقعة ومؤرخة بـ «S.ELMUR.2016" في أسفل اليسار
٨٩ × ١١٩ سم
حقوق الصورة © بياسا
معتز محمد الفاتح. "أشكال نسائية بالتوب السوداني". ٢٠١٩

قهوة على ورق.
محاط بمشهد قرية من المباني الطينية المنخفضة والمآذن.
حقوق الصورة © محو أمية النساء في السودان
إبراهيم الصلحي. الشجرة، ٢٠٠٣

أحبار ملونة على لوحة بريستول
76.5 × 76.5 سم
حقوق الصورة © artsy.net
استوحى العديد من الفنانين السودانيين أعمالهم من البيئة الطبيعية المُحِيطَة بهم. يستخدم فنانون، مثل معتز الفاتح، حبوب البُن المطحونة وأوراق الشاي والنباتات وقشور الفاكهة لإنشاء الألوان، والتي يستخدمونها في لوحاتهم. ويصور آخرون، مثل صلاح المر، ذكريات الطفولة مثل “يوم عائلي” في غابة السنط. وفي الوقت نفسه، ابتكر الفنان العالمي إبراهيم الصَلَحي سِلسلَةً من الأعمال الفنية المُستَنِدَة إلى شجرة الحَراز. بالنسبة للصلحي فإن الحراز، والذي يجفّ في موسم الأمطار ويتحوَّل إلى اللون الأخضر أثناء الجفاف، شَجَرٌ فريدٌ من نوعه وله شخصية، ويُمَثِّل أيضاً الارتباط الروحي من جذوره ويصل إلى السماء.
صلاح المُر “يوم عائلي”، ٢٠١٦.

أكريليك على قماش
موقعة ومؤرخة بـ «S.ELMUR.2016" في أسفل اليسار
٨٩ × ١١٩ سم
حقوق الصورة © بياسا
معتز محمد الفاتح. "أشكال نسائية بالتوب السوداني". ٢٠١٩

قهوة على ورق.
محاط بمشهد قرية من المباني الطينية المنخفضة والمآذن.
حقوق الصورة © محو أمية النساء في السودان
إبراهيم الصلحي. الشجرة، ٢٠٠٣

أحبار ملونة على لوحة بريستول
76.5 × 76.5 سم
حقوق الصورة © artsy.net

استوحى العديد من الفنانين السودانيين أعمالهم من البيئة الطبيعية المُحِيطَة بهم. يستخدم فنانون، مثل معتز الفاتح، حبوب البُن المطحونة وأوراق الشاي والنباتات وقشور الفاكهة لإنشاء الألوان، والتي يستخدمونها في لوحاتهم. ويصور آخرون، مثل صلاح المر، ذكريات الطفولة مثل “يوم عائلي” في غابة السنط. وفي الوقت نفسه، ابتكر الفنان العالمي إبراهيم الصَلَحي سِلسلَةً من الأعمال الفنية المُستَنِدَة إلى شجرة الحَراز. بالنسبة للصلحي فإن الحراز، والذي يجفّ في موسم الأمطار ويتحوَّل إلى اللون الأخضر أثناء الجفاف، شَجَرٌ فريدٌ من نوعه وله شخصية، ويُمَثِّل أيضاً الارتباط الروحي من جذوره ويصل إلى السماء.
صلاح المُر “يوم عائلي”، ٢٠١٦.

أكريليك على قماش
موقعة ومؤرخة بـ «S.ELMUR.2016" في أسفل اليسار
٨٩ × ١١٩ سم
حقوق الصورة © بياسا
معتز محمد الفاتح. "أشكال نسائية بالتوب السوداني". ٢٠١٩

قهوة على ورق.
محاط بمشهد قرية من المباني الطينية المنخفضة والمآذن.
حقوق الصورة © محو أمية النساء في السودان
إبراهيم الصلحي. الشجرة، ٢٠٠٣

أحبار ملونة على لوحة بريستول
76.5 × 76.5 سم
حقوق الصورة © artsy.net
.pdf.jpg)
الأماكن والبيئات في رواية "مناجاة النهر"
.pdf.jpg)
الأماكن والبيئات في رواية "مناجاة النهر"
تدور أحداث كتاب "مناجاة النهر" -وهي رواية تاريخية خيالية من تأليف ليلى أبو العلا- في ثمانينيات القرن التاسع عشر خلال الثورة المهدية. سُردت الرواية من خلال منظور ثماني شخصيات، ويتناول هذا المقال منظور شخصية "كواني"؛ حيث تَعكِس الأماكن والبيئات في "مناجاة النهر" تفاعلاً ديناميكياً بين جغرافيا كل موقع والسياق التاريخي والثقافي الذي يُشكِّل شخصية أكواني. الأماكن والبيئات التي تقابلها ليست مجرد خلفيات لرحلتها، بل هي شخصيات ديناميكية ساهمت في تشكيل ذاتها كما شُكِّلت من قِبَل القوى الثقافية والتاريخية في عالمها. عند النظر عن كثب، نتعلم أن قريتها الأصلية، ملكال، والأبيض وأم درمان، لم تتحول فقط، بل أثَّرت أيضاً على إحساسها بذاتها.
قرية أكواني على ضفاف نهر النيل الأبيض
بالنسبة لأكواني فإن النهر في قريتها ليس مجرد ماءٍ جارٍ، النهر هو لغتها وروحها والملاذ. تتميز قرية أكواني بجمالها الريفي الحميم، حيث الطين اللزج، والعشب الذي يتمايل مع النسيم والماء الحريري.فهنا مكان لعبها واستراحتها.
النهر هو الحياة. إنه مصدر الرزق والأمان، ومكان للطقوس والإيقاع اليومي. ولكن هذا الارتباط المتناغم يتحطم عندما يهاجم الغزاة القرية، تاركين وراءهم الدمار والحزن. هذا التحول في المشهد -من ملاذ هادئ إلى ساحة للمآسي- يعكس التحوّل الجذري في حياة أكواني. يصبح وطنها مجرد ذكرى، مكانًا لا تستطيع العودة إليه، حتى في أحلامها.
ملكال، الواقعة على ضفاف النيل، هي مدينة صاخبة، تنبض بالحياة بفضل التجارة والأجانب.
بالنسبة لأكواني، ملكال عالم مليء بالتناقضات. وهي تختلف عن قريتها الهادئة بسبب التأثيرات التجارية والاجتماعية التي يجلبها التجار والقوى الاستعمارية. هذه المدينة تذكرها بأن العالم أوسع وأكثر تعقيداً من قريتها التي تركتها وراءها. إنها مكان يفتح أمامها آفاقاً جديدة، لكنه يحمل أيضاً تغييرات مُقلقة. في ملكال، تبدأ أكواني في إدراك حقائق السلطة والنزوح لتكون هذه المدينة المنطلق لرحلتها بعيداً عن البراءة.
الأُبيّض
مدينة الأبيض، بسهولها الرملية ذات الألوان البنية المحمرة والبيئة القاسية والمتطلبة، تختلف كثيراً عن منشأ أكوان ذو الطبيعة السهلة؛ فالماء هنا يُستَخرَج من الآبار وليس متوفراً من مصدر النهر الذي كان دائم الوجود والعطاء، كما أن أسواقها دائبة بالنشاط والحركة.
تعدّ الأبيض مثالاً حيَّاً لتأثير الاستعمار والمقاومة في آن.
وبينما تشق أكواني طريقها في هذه المساحة، فإنها تواجه اضطرابات الثورة المهدية وثقل قلق التوقعات المجتمعية الجديدة، فإحساس عدم الارتياح يلقي بظلاله على حيويّة المدينة، حيث تتأرجح على حافة التغيير.
الأبيّض تُمثل لأكواني بوتقة للتعلم والتحدي والمكان الذي بدأت فيه بالوعي بتحديات البقاء في الحياة بعيداً عن عالم طفولتها.
و ختاماً أم درمان
أم درمان هي الفوضى والطاقة في آن.
أزقتها المتداخلة وبيوتها الطينية تعكس الاستعجال والحماسة لمدينة في قلب الثورة. لكونها معقل المهدي، تصبح أم درمان مسرحًا للمعارك الآيديولوجية والتغيرات الثقافية، حيث يتصادم القمع والمقاومة.
بالنسبة لأكواني، تمثل أم درمان مفارقة. فهي مدينة الفقدان -تذكير بما سُلب منها- ولكنها أيضًا رمز للصمود. في هذا المشهد الواسع والمضطرب، تجد شظايا من ذاتها، محاولة إعادة بناء هويتها وسط التحولات المتلاحقة.
من خلال عيون أكواني، تنبض الأماكن في "مناجاة النهر" بالحياة، لتصبح أكثر من مجرد خلفيات للأحداث.
قريتها الأصلية، ملكال، الأبيض، وأم درمان ليست مجرد أماكن، بل شخصيات في قصتها، تؤثر عليها تمامًا كما يفعل الأشخاص الذين تلتقي بهم. كل مكان يشكلها—يتحداها، يعلمها، ويدفعها للنمو. وكما تتغير هذه الأماكن تحت ثقل التاريخ، تتغير أكواني أيضاً، حاملةً معها أجزاءً من كل مكان مرّت به.
تمثّل هذه الأماكن والبيئات مراحل التحول في حياتها: من براءة قريتها إلى تعقيدات النجاة في مدن تشكلت بالتجارة، الاستعمار، والثورة.
صورة الغلاف: غلاف رواية "مناجاة النهر
تدور أحداث كتاب "مناجاة النهر" -وهي رواية تاريخية خيالية من تأليف ليلى أبو العلا- في ثمانينيات القرن التاسع عشر خلال الثورة المهدية. سُردت الرواية من خلال منظور ثماني شخصيات، ويتناول هذا المقال منظور شخصية "كواني"؛ حيث تَعكِس الأماكن والبيئات في "مناجاة النهر" تفاعلاً ديناميكياً بين جغرافيا كل موقع والسياق التاريخي والثقافي الذي يُشكِّل شخصية أكواني. الأماكن والبيئات التي تقابلها ليست مجرد خلفيات لرحلتها، بل هي شخصيات ديناميكية ساهمت في تشكيل ذاتها كما شُكِّلت من قِبَل القوى الثقافية والتاريخية في عالمها. عند النظر عن كثب، نتعلم أن قريتها الأصلية، ملكال، والأبيض وأم درمان، لم تتحول فقط، بل أثَّرت أيضاً على إحساسها بذاتها.
قرية أكواني على ضفاف نهر النيل الأبيض
بالنسبة لأكواني فإن النهر في قريتها ليس مجرد ماءٍ جارٍ، النهر هو لغتها وروحها والملاذ. تتميز قرية أكواني بجمالها الريفي الحميم، حيث الطين اللزج، والعشب الذي يتمايل مع النسيم والماء الحريري.فهنا مكان لعبها واستراحتها.
النهر هو الحياة. إنه مصدر الرزق والأمان، ومكان للطقوس والإيقاع اليومي. ولكن هذا الارتباط المتناغم يتحطم عندما يهاجم الغزاة القرية، تاركين وراءهم الدمار والحزن. هذا التحول في المشهد -من ملاذ هادئ إلى ساحة للمآسي- يعكس التحوّل الجذري في حياة أكواني. يصبح وطنها مجرد ذكرى، مكانًا لا تستطيع العودة إليه، حتى في أحلامها.
ملكال، الواقعة على ضفاف النيل، هي مدينة صاخبة، تنبض بالحياة بفضل التجارة والأجانب.
بالنسبة لأكواني، ملكال عالم مليء بالتناقضات. وهي تختلف عن قريتها الهادئة بسبب التأثيرات التجارية والاجتماعية التي يجلبها التجار والقوى الاستعمارية. هذه المدينة تذكرها بأن العالم أوسع وأكثر تعقيداً من قريتها التي تركتها وراءها. إنها مكان يفتح أمامها آفاقاً جديدة، لكنه يحمل أيضاً تغييرات مُقلقة. في ملكال، تبدأ أكواني في إدراك حقائق السلطة والنزوح لتكون هذه المدينة المنطلق لرحلتها بعيداً عن البراءة.
الأُبيّض
مدينة الأبيض، بسهولها الرملية ذات الألوان البنية المحمرة والبيئة القاسية والمتطلبة، تختلف كثيراً عن منشأ أكوان ذو الطبيعة السهلة؛ فالماء هنا يُستَخرَج من الآبار وليس متوفراً من مصدر النهر الذي كان دائم الوجود والعطاء، كما أن أسواقها دائبة بالنشاط والحركة.
تعدّ الأبيض مثالاً حيَّاً لتأثير الاستعمار والمقاومة في آن.
وبينما تشق أكواني طريقها في هذه المساحة، فإنها تواجه اضطرابات الثورة المهدية وثقل قلق التوقعات المجتمعية الجديدة، فإحساس عدم الارتياح يلقي بظلاله على حيويّة المدينة، حيث تتأرجح على حافة التغيير.
الأبيّض تُمثل لأكواني بوتقة للتعلم والتحدي والمكان الذي بدأت فيه بالوعي بتحديات البقاء في الحياة بعيداً عن عالم طفولتها.
و ختاماً أم درمان
أم درمان هي الفوضى والطاقة في آن.
أزقتها المتداخلة وبيوتها الطينية تعكس الاستعجال والحماسة لمدينة في قلب الثورة. لكونها معقل المهدي، تصبح أم درمان مسرحًا للمعارك الآيديولوجية والتغيرات الثقافية، حيث يتصادم القمع والمقاومة.
بالنسبة لأكواني، تمثل أم درمان مفارقة. فهي مدينة الفقدان -تذكير بما سُلب منها- ولكنها أيضًا رمز للصمود. في هذا المشهد الواسع والمضطرب، تجد شظايا من ذاتها، محاولة إعادة بناء هويتها وسط التحولات المتلاحقة.
من خلال عيون أكواني، تنبض الأماكن في "مناجاة النهر" بالحياة، لتصبح أكثر من مجرد خلفيات للأحداث.
قريتها الأصلية، ملكال، الأبيض، وأم درمان ليست مجرد أماكن، بل شخصيات في قصتها، تؤثر عليها تمامًا كما يفعل الأشخاص الذين تلتقي بهم. كل مكان يشكلها—يتحداها، يعلمها، ويدفعها للنمو. وكما تتغير هذه الأماكن تحت ثقل التاريخ، تتغير أكواني أيضاً، حاملةً معها أجزاءً من كل مكان مرّت به.
تمثّل هذه الأماكن والبيئات مراحل التحول في حياتها: من براءة قريتها إلى تعقيدات النجاة في مدن تشكلت بالتجارة، الاستعمار، والثورة.
صورة الغلاف: غلاف رواية "مناجاة النهر
.pdf.jpg)
تدور أحداث كتاب "مناجاة النهر" -وهي رواية تاريخية خيالية من تأليف ليلى أبو العلا- في ثمانينيات القرن التاسع عشر خلال الثورة المهدية. سُردت الرواية من خلال منظور ثماني شخصيات، ويتناول هذا المقال منظور شخصية "كواني"؛ حيث تَعكِس الأماكن والبيئات في "مناجاة النهر" تفاعلاً ديناميكياً بين جغرافيا كل موقع والسياق التاريخي والثقافي الذي يُشكِّل شخصية أكواني. الأماكن والبيئات التي تقابلها ليست مجرد خلفيات لرحلتها، بل هي شخصيات ديناميكية ساهمت في تشكيل ذاتها كما شُكِّلت من قِبَل القوى الثقافية والتاريخية في عالمها. عند النظر عن كثب، نتعلم أن قريتها الأصلية، ملكال، والأبيض وأم درمان، لم تتحول فقط، بل أثَّرت أيضاً على إحساسها بذاتها.
قرية أكواني على ضفاف نهر النيل الأبيض
بالنسبة لأكواني فإن النهر في قريتها ليس مجرد ماءٍ جارٍ، النهر هو لغتها وروحها والملاذ. تتميز قرية أكواني بجمالها الريفي الحميم، حيث الطين اللزج، والعشب الذي يتمايل مع النسيم والماء الحريري.فهنا مكان لعبها واستراحتها.
النهر هو الحياة. إنه مصدر الرزق والأمان، ومكان للطقوس والإيقاع اليومي. ولكن هذا الارتباط المتناغم يتحطم عندما يهاجم الغزاة القرية، تاركين وراءهم الدمار والحزن. هذا التحول في المشهد -من ملاذ هادئ إلى ساحة للمآسي- يعكس التحوّل الجذري في حياة أكواني. يصبح وطنها مجرد ذكرى، مكانًا لا تستطيع العودة إليه، حتى في أحلامها.
ملكال، الواقعة على ضفاف النيل، هي مدينة صاخبة، تنبض بالحياة بفضل التجارة والأجانب.
بالنسبة لأكواني، ملكال عالم مليء بالتناقضات. وهي تختلف عن قريتها الهادئة بسبب التأثيرات التجارية والاجتماعية التي يجلبها التجار والقوى الاستعمارية. هذه المدينة تذكرها بأن العالم أوسع وأكثر تعقيداً من قريتها التي تركتها وراءها. إنها مكان يفتح أمامها آفاقاً جديدة، لكنه يحمل أيضاً تغييرات مُقلقة. في ملكال، تبدأ أكواني في إدراك حقائق السلطة والنزوح لتكون هذه المدينة المنطلق لرحلتها بعيداً عن البراءة.
الأُبيّض
مدينة الأبيض، بسهولها الرملية ذات الألوان البنية المحمرة والبيئة القاسية والمتطلبة، تختلف كثيراً عن منشأ أكوان ذو الطبيعة السهلة؛ فالماء هنا يُستَخرَج من الآبار وليس متوفراً من مصدر النهر الذي كان دائم الوجود والعطاء، كما أن أسواقها دائبة بالنشاط والحركة.
تعدّ الأبيض مثالاً حيَّاً لتأثير الاستعمار والمقاومة في آن.
وبينما تشق أكواني طريقها في هذه المساحة، فإنها تواجه اضطرابات الثورة المهدية وثقل قلق التوقعات المجتمعية الجديدة، فإحساس عدم الارتياح يلقي بظلاله على حيويّة المدينة، حيث تتأرجح على حافة التغيير.
الأبيّض تُمثل لأكواني بوتقة للتعلم والتحدي والمكان الذي بدأت فيه بالوعي بتحديات البقاء في الحياة بعيداً عن عالم طفولتها.
و ختاماً أم درمان
أم درمان هي الفوضى والطاقة في آن.
أزقتها المتداخلة وبيوتها الطينية تعكس الاستعجال والحماسة لمدينة في قلب الثورة. لكونها معقل المهدي، تصبح أم درمان مسرحًا للمعارك الآيديولوجية والتغيرات الثقافية، حيث يتصادم القمع والمقاومة.
بالنسبة لأكواني، تمثل أم درمان مفارقة. فهي مدينة الفقدان -تذكير بما سُلب منها- ولكنها أيضًا رمز للصمود. في هذا المشهد الواسع والمضطرب، تجد شظايا من ذاتها، محاولة إعادة بناء هويتها وسط التحولات المتلاحقة.
من خلال عيون أكواني، تنبض الأماكن في "مناجاة النهر" بالحياة، لتصبح أكثر من مجرد خلفيات للأحداث.
قريتها الأصلية، ملكال، الأبيض، وأم درمان ليست مجرد أماكن، بل شخصيات في قصتها، تؤثر عليها تمامًا كما يفعل الأشخاص الذين تلتقي بهم. كل مكان يشكلها—يتحداها، يعلمها، ويدفعها للنمو. وكما تتغير هذه الأماكن تحت ثقل التاريخ، تتغير أكواني أيضاً، حاملةً معها أجزاءً من كل مكان مرّت به.
تمثّل هذه الأماكن والبيئات مراحل التحول في حياتها: من براءة قريتها إلى تعقيدات النجاة في مدن تشكلت بالتجارة، الاستعمار، والثورة.
صورة الغلاف: غلاف رواية "مناجاة النهر
.pdf-2.jpg)
تراث قبيلة النوبة في المتحف البريطاني
.pdf-3.jpg)
تراث قبيلة النوبة في المتحف البريطاني
يقوم قسم إفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين في المتحف البريطاني بالعناية بحوالي ٢٠٠ قطعة مرتبطة بشعب قبيلة النوبة. معظم هذه القطع تم التبرع بها للمتحف من قبل متبرعين اثنين، كلاهما كانت له صلة بالحكومة البريطانية في السودان (١٨٩٨-١٩٥٦). هذان المُتبرّعان هما نورمان كوركيل – طبيب عمل في كادقلي بين عامي ١٩٣١ و١٩٣٧ – وسيغفريد نادل – الذي عمل كعالم أنثروبولوجيا حكومي وكتب كتابًا بعنوان "النوبة: دراسة أنثروبولوجية لقبائل الجبال في كردفان" بناءً على أبحاث ميدانية أجراها في عامي ١٩٣٨ و١٩٣٩.
هذه المقالة القصيرة تُقدِّم لمحة موجزة عن هذه المجموعات. المعلومات المقدمة هنا قليلة وغير مكتملة، وهي تعتمد كليًا على أوصاف قصيرة قدمها كل متبرع. هذه الأوصاف لا تعكس الثقافات الغنية وأنظمة المعرفة التي كانت هذه القطع جزءًا منها. ومع ذلك، نأمل أن مشاركة هذه المعلومات على نطاق أوسع قد تفتح أبوابًا لحوارات تُعزِّز طريقة عرض هذه القطع في المتحف وتزيد من الوعي بهذه المجموعات.
مجموعة نورمان كوركيل
المجموعة الأولى من القطع تم تجميعها من قبل الطبيب نورمان كوركيل من منطقة كادقلي في مقال نشره عن احتفالات الكَمْبَلا في عام ١٩٣٩، ويبدو أن كوركيل رأى تغيرات في ثقافة مجتمعات النوبة في جبال كادقلي وميري بسبب انتشار الثقافات الحضرية والإسلامية والاستعمارية. رأى كوركيل أن التغيرات في مظاهر احتفالات الكمبلا كانت مثالًا رئيسيًا على هذه التغييرات.
ليس من قبيل الصدفة أنه قام بتجميع والتبرع للمتحف البريطاني بزي كامل كان يرتديه المشاركون في طقوس الكمبلا في أوائل الثلاثينيات (كان يوجد زي مشابه في مجموعة المتحف الإثنوغرافي في الخرطوم). هذا الزي يشمل أجراسًا للقدمين مصنوعة من أوراق النخيل المُجفَّفة مع حجارة صغيرة، وزينة للكوع، وتنورة من العشب، وحزام من ذيل الثور الذي كان يرتديه المشاركون، وحتى غطاء الرأس الشهير وأمثلة من سوط النخيل و"عصا" من ذيل البقر التي كان يلوح بها المشاركون في مراسم الكمبلا.
.jpg)
تتضمن المجموعة أيضًا ثلاثة أحزمة للمصارعين. هذا الحزام مصنوع من جذر نبات ملفوف بجلد حيوان زاحف ومثبَّت بالصمغ العربي. أصبحت مصارعة النوبة نشاطًا مشهورًا في الخرطوم، ومن المثير رؤية أزياء المصارعين من الماضي.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
الحياة الثقافية الإبداعية في المجموعة
توثق المجموعة جوانب أخرى من الحياة الثقافية الإبداعية. فعلى سبيل المثال، تضم أحد عشر ختمًا للجسم مصنوعة من قطع القرع، وهي تمثل سجلاً لتصاميم فن الجسد وكيف كانت تُصنع في الثلاثينيات. ويبدو أن بعضها قد تم استخدامه بالفعل، حيث يمكن رؤية آثار الطلاء أو الصبغة عليها.
.pdf.png)
مجموعة سيغفريد نادل
تم التبرع بمجموعة أخرى من قبل عالم الأنثروبولوجيا والإداري الاستعماري سيغفريد فريدريك نادل. تم تجميع هذه المجموعة بشكل رئيسي في سياق البحث الأنثروبولوجي بين عامي ١٩٣٨ و١٩٤٠. تم تكليف هذا البحث من قبل حكومة السودان بهدف واضح وهو إعلام الإدارة الاستعمارية عن الحياة الاقتصادية والسياسية في جبال النوبة. درس نادل عشر مجموعات مختلفة من النوبة وجمع قطعًا من كل مجموعة: التيرا، اتورو، المساكين، تولشي، المورو، الهيبان ( الايبانق)، الدلنج، الكدرو، الكرنقو، والكواليب، بالإضافة إلى مجموعات كاو والداجو. وصلت هذه القطع إلى المتحف في مجموعتين – مجموعة كبيرة في عام ١٩٣٩، ومجموعة أخرى في عام ١٩٤٨.
نظرًا لأن تركيز بحثه كان على العلاقات السياسية والتغييرات، فقد كتب القليل جدًا عن القطع التي تم التبرع بها للمتحف، تاركًا فقط بعض الانعكاسات على الثقافة المادية. ومع ذلك، فإن هذه القطع تُشكِّل سجلًا قيّمًا لفن النوبة والحياة اليومية في الثلاثينيات.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).



© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
يقوم قسم إفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين في المتحف البريطاني بالعناية بحوالي ٢٠٠ قطعة مرتبطة بشعب قبيلة النوبة. معظم هذه القطع تم التبرع بها للمتحف من قبل متبرعين اثنين، كلاهما كانت له صلة بالحكومة البريطانية في السودان (١٨٩٨-١٩٥٦). هذان المُتبرّعان هما نورمان كوركيل – طبيب عمل في كادقلي بين عامي ١٩٣١ و١٩٣٧ – وسيغفريد نادل – الذي عمل كعالم أنثروبولوجيا حكومي وكتب كتابًا بعنوان "النوبة: دراسة أنثروبولوجية لقبائل الجبال في كردفان" بناءً على أبحاث ميدانية أجراها في عامي ١٩٣٨ و١٩٣٩.
هذه المقالة القصيرة تُقدِّم لمحة موجزة عن هذه المجموعات. المعلومات المقدمة هنا قليلة وغير مكتملة، وهي تعتمد كليًا على أوصاف قصيرة قدمها كل متبرع. هذه الأوصاف لا تعكس الثقافات الغنية وأنظمة المعرفة التي كانت هذه القطع جزءًا منها. ومع ذلك، نأمل أن مشاركة هذه المعلومات على نطاق أوسع قد تفتح أبوابًا لحوارات تُعزِّز طريقة عرض هذه القطع في المتحف وتزيد من الوعي بهذه المجموعات.
مجموعة نورمان كوركيل
المجموعة الأولى من القطع تم تجميعها من قبل الطبيب نورمان كوركيل من منطقة كادقلي في مقال نشره عن احتفالات الكَمْبَلا في عام ١٩٣٩، ويبدو أن كوركيل رأى تغيرات في ثقافة مجتمعات النوبة في جبال كادقلي وميري بسبب انتشار الثقافات الحضرية والإسلامية والاستعمارية. رأى كوركيل أن التغيرات في مظاهر احتفالات الكمبلا كانت مثالًا رئيسيًا على هذه التغييرات.
ليس من قبيل الصدفة أنه قام بتجميع والتبرع للمتحف البريطاني بزي كامل كان يرتديه المشاركون في طقوس الكمبلا في أوائل الثلاثينيات (كان يوجد زي مشابه في مجموعة المتحف الإثنوغرافي في الخرطوم). هذا الزي يشمل أجراسًا للقدمين مصنوعة من أوراق النخيل المُجفَّفة مع حجارة صغيرة، وزينة للكوع، وتنورة من العشب، وحزام من ذيل الثور الذي كان يرتديه المشاركون، وحتى غطاء الرأس الشهير وأمثلة من سوط النخيل و"عصا" من ذيل البقر التي كان يلوح بها المشاركون في مراسم الكمبلا.
.jpg)
تتضمن المجموعة أيضًا ثلاثة أحزمة للمصارعين. هذا الحزام مصنوع من جذر نبات ملفوف بجلد حيوان زاحف ومثبَّت بالصمغ العربي. أصبحت مصارعة النوبة نشاطًا مشهورًا في الخرطوم، ومن المثير رؤية أزياء المصارعين من الماضي.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
الحياة الثقافية الإبداعية في المجموعة
توثق المجموعة جوانب أخرى من الحياة الثقافية الإبداعية. فعلى سبيل المثال، تضم أحد عشر ختمًا للجسم مصنوعة من قطع القرع، وهي تمثل سجلاً لتصاميم فن الجسد وكيف كانت تُصنع في الثلاثينيات. ويبدو أن بعضها قد تم استخدامه بالفعل، حيث يمكن رؤية آثار الطلاء أو الصبغة عليها.
.pdf.png)
مجموعة سيغفريد نادل
تم التبرع بمجموعة أخرى من قبل عالم الأنثروبولوجيا والإداري الاستعماري سيغفريد فريدريك نادل. تم تجميع هذه المجموعة بشكل رئيسي في سياق البحث الأنثروبولوجي بين عامي ١٩٣٨ و١٩٤٠. تم تكليف هذا البحث من قبل حكومة السودان بهدف واضح وهو إعلام الإدارة الاستعمارية عن الحياة الاقتصادية والسياسية في جبال النوبة. درس نادل عشر مجموعات مختلفة من النوبة وجمع قطعًا من كل مجموعة: التيرا، اتورو، المساكين، تولشي، المورو، الهيبان ( الايبانق)، الدلنج، الكدرو، الكرنقو، والكواليب، بالإضافة إلى مجموعات كاو والداجو. وصلت هذه القطع إلى المتحف في مجموعتين – مجموعة كبيرة في عام ١٩٣٩، ومجموعة أخرى في عام ١٩٤٨.
نظرًا لأن تركيز بحثه كان على العلاقات السياسية والتغييرات، فقد كتب القليل جدًا عن القطع التي تم التبرع بها للمتحف، تاركًا فقط بعض الانعكاسات على الثقافة المادية. ومع ذلك، فإن هذه القطع تُشكِّل سجلًا قيّمًا لفن النوبة والحياة اليومية في الثلاثينيات.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).



© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
.pdf-3.jpg)
يقوم قسم إفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين في المتحف البريطاني بالعناية بحوالي ٢٠٠ قطعة مرتبطة بشعب قبيلة النوبة. معظم هذه القطع تم التبرع بها للمتحف من قبل متبرعين اثنين، كلاهما كانت له صلة بالحكومة البريطانية في السودان (١٨٩٨-١٩٥٦). هذان المُتبرّعان هما نورمان كوركيل – طبيب عمل في كادقلي بين عامي ١٩٣١ و١٩٣٧ – وسيغفريد نادل – الذي عمل كعالم أنثروبولوجيا حكومي وكتب كتابًا بعنوان "النوبة: دراسة أنثروبولوجية لقبائل الجبال في كردفان" بناءً على أبحاث ميدانية أجراها في عامي ١٩٣٨ و١٩٣٩.
هذه المقالة القصيرة تُقدِّم لمحة موجزة عن هذه المجموعات. المعلومات المقدمة هنا قليلة وغير مكتملة، وهي تعتمد كليًا على أوصاف قصيرة قدمها كل متبرع. هذه الأوصاف لا تعكس الثقافات الغنية وأنظمة المعرفة التي كانت هذه القطع جزءًا منها. ومع ذلك، نأمل أن مشاركة هذه المعلومات على نطاق أوسع قد تفتح أبوابًا لحوارات تُعزِّز طريقة عرض هذه القطع في المتحف وتزيد من الوعي بهذه المجموعات.
مجموعة نورمان كوركيل
المجموعة الأولى من القطع تم تجميعها من قبل الطبيب نورمان كوركيل من منطقة كادقلي في مقال نشره عن احتفالات الكَمْبَلا في عام ١٩٣٩، ويبدو أن كوركيل رأى تغيرات في ثقافة مجتمعات النوبة في جبال كادقلي وميري بسبب انتشار الثقافات الحضرية والإسلامية والاستعمارية. رأى كوركيل أن التغيرات في مظاهر احتفالات الكمبلا كانت مثالًا رئيسيًا على هذه التغييرات.
ليس من قبيل الصدفة أنه قام بتجميع والتبرع للمتحف البريطاني بزي كامل كان يرتديه المشاركون في طقوس الكمبلا في أوائل الثلاثينيات (كان يوجد زي مشابه في مجموعة المتحف الإثنوغرافي في الخرطوم). هذا الزي يشمل أجراسًا للقدمين مصنوعة من أوراق النخيل المُجفَّفة مع حجارة صغيرة، وزينة للكوع، وتنورة من العشب، وحزام من ذيل الثور الذي كان يرتديه المشاركون، وحتى غطاء الرأس الشهير وأمثلة من سوط النخيل و"عصا" من ذيل البقر التي كان يلوح بها المشاركون في مراسم الكمبلا.
.jpg)
تتضمن المجموعة أيضًا ثلاثة أحزمة للمصارعين. هذا الحزام مصنوع من جذر نبات ملفوف بجلد حيوان زاحف ومثبَّت بالصمغ العربي. أصبحت مصارعة النوبة نشاطًا مشهورًا في الخرطوم، ومن المثير رؤية أزياء المصارعين من الماضي.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
الحياة الثقافية الإبداعية في المجموعة
توثق المجموعة جوانب أخرى من الحياة الثقافية الإبداعية. فعلى سبيل المثال، تضم أحد عشر ختمًا للجسم مصنوعة من قطع القرع، وهي تمثل سجلاً لتصاميم فن الجسد وكيف كانت تُصنع في الثلاثينيات. ويبدو أن بعضها قد تم استخدامه بالفعل، حيث يمكن رؤية آثار الطلاء أو الصبغة عليها.
.pdf.png)
مجموعة سيغفريد نادل
تم التبرع بمجموعة أخرى من قبل عالم الأنثروبولوجيا والإداري الاستعماري سيغفريد فريدريك نادل. تم تجميع هذه المجموعة بشكل رئيسي في سياق البحث الأنثروبولوجي بين عامي ١٩٣٨ و١٩٤٠. تم تكليف هذا البحث من قبل حكومة السودان بهدف واضح وهو إعلام الإدارة الاستعمارية عن الحياة الاقتصادية والسياسية في جبال النوبة. درس نادل عشر مجموعات مختلفة من النوبة وجمع قطعًا من كل مجموعة: التيرا، اتورو، المساكين، تولشي، المورو، الهيبان ( الايبانق)، الدلنج، الكدرو، الكرنقو، والكواليب، بالإضافة إلى مجموعات كاو والداجو. وصلت هذه القطع إلى المتحف في مجموعتين – مجموعة كبيرة في عام ١٩٣٩، ومجموعة أخرى في عام ١٩٤٨.
نظرًا لأن تركيز بحثه كان على العلاقات السياسية والتغييرات، فقد كتب القليل جدًا عن القطع التي تم التبرع بها للمتحف، تاركًا فقط بعض الانعكاسات على الثقافة المادية. ومع ذلك، فإن هذه القطع تُشكِّل سجلًا قيّمًا لفن النوبة والحياة اليومية في الثلاثينيات.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).



© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
أم كيكى آلة يَمتَاز بها السودان من حيث الصناعة
أم كيكى آلة يَمتَاز بها السودان من حيث الصناعة
أم كيكي هي آلة نجدها في كثير من الدول العربية والإفريقية؛ في الجزائر تُسمَّى (الأمزاد)، وتعزف عليها النساء فقط. وفي بورندي تُسمَّى (اندونونقو)، وفي إثيوبيا (الماسنقو)، و(الرباب العربي) في أغلب دول الخليج، و(الأوروتو) في كينيا، ونجدها منتشرة في غرب السودان عند قبائل البقارة. وهي آلة وترية (قوسية)، أي تصدر الصوت بواسطة قوس. يُمرَّر هذا القوس على وترٍ واحد مصنوع من الشَّعر الذي يُؤخذ من ذنب (الحصان)، وهذا يدلُّ على ارتباط هذه الآلة بقبائل البقارة، ويؤكد هذا ارتباط الحصان بالبقر. ومما هو مُسلَّم به عند هذه القبائل أنه لا توجد أبقار بدون حصان (لأن البقر إذا شرد لا يلحقه إلا الحصان). ويدلّ هذا على ارتباط الآلات الموسيقية بالبيئة التي تُستخدم فيها.
فالعازف لآلة أم كيكي في غرب السودان هو الذي يصنعها، وعندما يريد ذلك يقوم بتجهيز جلد الورل، وهو أهم جزء في هذه الآلة، لأنه يتحكَّم في مدى جمال صوتها، (حسب الفهم السمعي لدى صانع الآلة)، وغالباً ما يجد الورل في أثناء بحثه عن المرعى المناسب لأبقاره، ويسلخ الجلد بطريقة محدَّدة بحيث لا يكون فيه أيّ ثقب، ثم يترك هذا الجلد حتى يجفّ، وفي هذه الأثناء يبحث عن القرعة المناسبة لهذا الجلد.
وفي والوقت المناسب، وغالباً ما تكون فترة استقرار بالنسبة للصانع، يقوم بتجميع الآلة ويبدأ بقطع القَرعة إلى نصفين، وبعد ذلك يقوم بشدّ الجّلد على أحد النصفين ثم يُدخل الرقبة ويتركها حتى تجفّ لمدة يوم أو يومين، وفي هذه الفترة يقوم بتجهيز الوتر والقوس بالبحث عن أطول ذنب من ذيول الحصين، فيقوم بقطع عدد من السبيب الموجود فيه يتراوح عددها بين ١٠-١٥ سبيبة في الوتر، ونفس العدد أو قريب منه للقوس. وبعد أن يجفّ الجلد على القرعة يقوم بشد الوتر بواسطة خيط مربوط بطرفي السبيب، ويرفع الوتر بواسطة كبري من القرع (الحمار) حتى لا يلتصق بالرقبة؛ يكون واحد منها على سطح الجلد حتى يقوم بإظهار وتكبير الصوت الصادر من الوتر، والآخر يكون في أعلى الرقبة، وبهذا تكون الآلة جاهزة للعزف. ويُمرَّر القوس على (كعكول) من الصمغ المأخوذ من أشجار الهشاب (وهو منتشر في المنطقة) حتى يقوم بسد المسافات بين السبيب لإصدار الصوت عندما يُحَرَّك عليهِ الوتر (القلفونية)، ويتم تغيير الدرجات الصوتية بواسطة اللمس على الوتر أعلى الرقبة.
ويتم العزف على هذه الآلة جلوساً غالباً، بحيث يضعها العازف على فخذيه ويمسك بالقوس بإحدى يديه ويُغَيِّر الدرجات الصوتية باليد الأخرى.
.pdf.png)
الهدَّاي: صوت الشعب
هو رجل له وظيفة اجتماعية فى مناطق غرب السودان، وهو بمثابة إعلام شعبي قوي، وذلك لأنه يجوب ويطوف القرى زائراً ومُعلناً عن ما بداخله من أخبار ومَدح وزَم لمن يشاء. وهذه الوظيفة (الإعلام الشعبي) يقوم بها الهدَّاي والبوشاني والبرمكي والموقاي، ويَعزف أم كيكي وهو جالس في ما يُسمَّى (الضَرا) -مكان الضيافة فى القرى- يجلس وحوله الرجال يلتمسون من شِعره الحِكم ومعرفة الأخبار وآخر الأحداث، وفي عرض شِعره يَستَخدِم طريقة تُسمَّى (الربقي)، والقصيدة التي يتغنَّى بها تكون طويلة وتتغير قافيتها، تُسمَّى المَجدْوَلة، ويَظهر في أدائه نصف التون، وهذا هو الذي يربطه بالثقافة العربية والسلّم السباعي.
دفع الله الحاج على ٢٠١٠م
أم كيكي هي آلة نجدها في كثير من الدول العربية والإفريقية؛ في الجزائر تُسمَّى (الأمزاد)، وتعزف عليها النساء فقط. وفي بورندي تُسمَّى (اندونونقو)، وفي إثيوبيا (الماسنقو)، و(الرباب العربي) في أغلب دول الخليج، و(الأوروتو) في كينيا، ونجدها منتشرة في غرب السودان عند قبائل البقارة. وهي آلة وترية (قوسية)، أي تصدر الصوت بواسطة قوس. يُمرَّر هذا القوس على وترٍ واحد مصنوع من الشَّعر الذي يُؤخذ من ذنب (الحصان)، وهذا يدلُّ على ارتباط هذه الآلة بقبائل البقارة، ويؤكد هذا ارتباط الحصان بالبقر. ومما هو مُسلَّم به عند هذه القبائل أنه لا توجد أبقار بدون حصان (لأن البقر إذا شرد لا يلحقه إلا الحصان). ويدلّ هذا على ارتباط الآلات الموسيقية بالبيئة التي تُستخدم فيها.
فالعازف لآلة أم كيكي في غرب السودان هو الذي يصنعها، وعندما يريد ذلك يقوم بتجهيز جلد الورل، وهو أهم جزء في هذه الآلة، لأنه يتحكَّم في مدى جمال صوتها، (حسب الفهم السمعي لدى صانع الآلة)، وغالباً ما يجد الورل في أثناء بحثه عن المرعى المناسب لأبقاره، ويسلخ الجلد بطريقة محدَّدة بحيث لا يكون فيه أيّ ثقب، ثم يترك هذا الجلد حتى يجفّ، وفي هذه الأثناء يبحث عن القرعة المناسبة لهذا الجلد.
وفي والوقت المناسب، وغالباً ما تكون فترة استقرار بالنسبة للصانع، يقوم بتجميع الآلة ويبدأ بقطع القَرعة إلى نصفين، وبعد ذلك يقوم بشدّ الجّلد على أحد النصفين ثم يُدخل الرقبة ويتركها حتى تجفّ لمدة يوم أو يومين، وفي هذه الفترة يقوم بتجهيز الوتر والقوس بالبحث عن أطول ذنب من ذيول الحصين، فيقوم بقطع عدد من السبيب الموجود فيه يتراوح عددها بين ١٠-١٥ سبيبة في الوتر، ونفس العدد أو قريب منه للقوس. وبعد أن يجفّ الجلد على القرعة يقوم بشد الوتر بواسطة خيط مربوط بطرفي السبيب، ويرفع الوتر بواسطة كبري من القرع (الحمار) حتى لا يلتصق بالرقبة؛ يكون واحد منها على سطح الجلد حتى يقوم بإظهار وتكبير الصوت الصادر من الوتر، والآخر يكون في أعلى الرقبة، وبهذا تكون الآلة جاهزة للعزف. ويُمرَّر القوس على (كعكول) من الصمغ المأخوذ من أشجار الهشاب (وهو منتشر في المنطقة) حتى يقوم بسد المسافات بين السبيب لإصدار الصوت عندما يُحَرَّك عليهِ الوتر (القلفونية)، ويتم تغيير الدرجات الصوتية بواسطة اللمس على الوتر أعلى الرقبة.
ويتم العزف على هذه الآلة جلوساً غالباً، بحيث يضعها العازف على فخذيه ويمسك بالقوس بإحدى يديه ويُغَيِّر الدرجات الصوتية باليد الأخرى.
.pdf.png)
الهدَّاي: صوت الشعب
هو رجل له وظيفة اجتماعية فى مناطق غرب السودان، وهو بمثابة إعلام شعبي قوي، وذلك لأنه يجوب ويطوف القرى زائراً ومُعلناً عن ما بداخله من أخبار ومَدح وزَم لمن يشاء. وهذه الوظيفة (الإعلام الشعبي) يقوم بها الهدَّاي والبوشاني والبرمكي والموقاي، ويَعزف أم كيكي وهو جالس في ما يُسمَّى (الضَرا) -مكان الضيافة فى القرى- يجلس وحوله الرجال يلتمسون من شِعره الحِكم ومعرفة الأخبار وآخر الأحداث، وفي عرض شِعره يَستَخدِم طريقة تُسمَّى (الربقي)، والقصيدة التي يتغنَّى بها تكون طويلة وتتغير قافيتها، تُسمَّى المَجدْوَلة، ويَظهر في أدائه نصف التون، وهذا هو الذي يربطه بالثقافة العربية والسلّم السباعي.
دفع الله الحاج على ٢٠١٠م
أم كيكي هي آلة نجدها في كثير من الدول العربية والإفريقية؛ في الجزائر تُسمَّى (الأمزاد)، وتعزف عليها النساء فقط. وفي بورندي تُسمَّى (اندونونقو)، وفي إثيوبيا (الماسنقو)، و(الرباب العربي) في أغلب دول الخليج، و(الأوروتو) في كينيا، ونجدها منتشرة في غرب السودان عند قبائل البقارة. وهي آلة وترية (قوسية)، أي تصدر الصوت بواسطة قوس. يُمرَّر هذا القوس على وترٍ واحد مصنوع من الشَّعر الذي يُؤخذ من ذنب (الحصان)، وهذا يدلُّ على ارتباط هذه الآلة بقبائل البقارة، ويؤكد هذا ارتباط الحصان بالبقر. ومما هو مُسلَّم به عند هذه القبائل أنه لا توجد أبقار بدون حصان (لأن البقر إذا شرد لا يلحقه إلا الحصان). ويدلّ هذا على ارتباط الآلات الموسيقية بالبيئة التي تُستخدم فيها.
فالعازف لآلة أم كيكي في غرب السودان هو الذي يصنعها، وعندما يريد ذلك يقوم بتجهيز جلد الورل، وهو أهم جزء في هذه الآلة، لأنه يتحكَّم في مدى جمال صوتها، (حسب الفهم السمعي لدى صانع الآلة)، وغالباً ما يجد الورل في أثناء بحثه عن المرعى المناسب لأبقاره، ويسلخ الجلد بطريقة محدَّدة بحيث لا يكون فيه أيّ ثقب، ثم يترك هذا الجلد حتى يجفّ، وفي هذه الأثناء يبحث عن القرعة المناسبة لهذا الجلد.
وفي والوقت المناسب، وغالباً ما تكون فترة استقرار بالنسبة للصانع، يقوم بتجميع الآلة ويبدأ بقطع القَرعة إلى نصفين، وبعد ذلك يقوم بشدّ الجّلد على أحد النصفين ثم يُدخل الرقبة ويتركها حتى تجفّ لمدة يوم أو يومين، وفي هذه الفترة يقوم بتجهيز الوتر والقوس بالبحث عن أطول ذنب من ذيول الحصين، فيقوم بقطع عدد من السبيب الموجود فيه يتراوح عددها بين ١٠-١٥ سبيبة في الوتر، ونفس العدد أو قريب منه للقوس. وبعد أن يجفّ الجلد على القرعة يقوم بشد الوتر بواسطة خيط مربوط بطرفي السبيب، ويرفع الوتر بواسطة كبري من القرع (الحمار) حتى لا يلتصق بالرقبة؛ يكون واحد منها على سطح الجلد حتى يقوم بإظهار وتكبير الصوت الصادر من الوتر، والآخر يكون في أعلى الرقبة، وبهذا تكون الآلة جاهزة للعزف. ويُمرَّر القوس على (كعكول) من الصمغ المأخوذ من أشجار الهشاب (وهو منتشر في المنطقة) حتى يقوم بسد المسافات بين السبيب لإصدار الصوت عندما يُحَرَّك عليهِ الوتر (القلفونية)، ويتم تغيير الدرجات الصوتية بواسطة اللمس على الوتر أعلى الرقبة.
ويتم العزف على هذه الآلة جلوساً غالباً، بحيث يضعها العازف على فخذيه ويمسك بالقوس بإحدى يديه ويُغَيِّر الدرجات الصوتية باليد الأخرى.
.pdf.png)
الهدَّاي: صوت الشعب
هو رجل له وظيفة اجتماعية فى مناطق غرب السودان، وهو بمثابة إعلام شعبي قوي، وذلك لأنه يجوب ويطوف القرى زائراً ومُعلناً عن ما بداخله من أخبار ومَدح وزَم لمن يشاء. وهذه الوظيفة (الإعلام الشعبي) يقوم بها الهدَّاي والبوشاني والبرمكي والموقاي، ويَعزف أم كيكي وهو جالس في ما يُسمَّى (الضَرا) -مكان الضيافة فى القرى- يجلس وحوله الرجال يلتمسون من شِعره الحِكم ومعرفة الأخبار وآخر الأحداث، وفي عرض شِعره يَستَخدِم طريقة تُسمَّى (الربقي)، والقصيدة التي يتغنَّى بها تكون طويلة وتتغير قافيتها، تُسمَّى المَجدْوَلة، ويَظهر في أدائه نصف التون، وهذا هو الذي يربطه بالثقافة العربية والسلّم السباعي.
دفع الله الحاج على ٢٠١٠م

روح الأماكن

روح الأماكن
روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية
لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.
الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"
في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.
بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار
في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.
ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني
يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.
مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود
حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.
تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.
الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني
في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.
من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.
يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.
استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان
يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.

روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية
لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.
الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"
في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.
بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار
في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.
ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني
يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.
مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود
حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.
تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.
الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني
في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.
من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.
يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.
استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان
يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.


روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية
لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.
الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"
في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.
بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار
في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.
ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني
يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.
مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود
حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.
تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.
الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني
في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.
من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.
يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.
استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان
يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.

الطبيعة في الموسيقى
الطبيعة في الموسيقى
أصوات الأرض: المناظر الطبيعية في الموسيقى السودانية
الموسيقى السودانية متجذرة بعمق في الأرض، تعكس جمالها، وتحدياتها، وإيقاعات مناظرها الطبيعية المتنوعة. من الرمال الذهبية الشاسعة في الصحراء إلى ضفاف النيل الخضراء، تحمل الموسيقى جوهر المكان، ويتجلى ذلك من خلال الألحان، والآلات الموسيقية، والكلمات الشعرية.
تستكشف هذه القائمة كيف يلتقط الفنانون السودانيون روح الطبيعة، ويمزجون أصوات الأنهار والجبال والسهول المفتوحة في مؤلفاتهم. سواء من خلال استحضار الحنين إلى الوطن أو الاحتفاء بصمود شعبه، تقدم هذه الأغاني رحلة عبر المناظر الموسيقية والجغرافية في السودان. استمتعوا بهذه الرحلة!
أصوات الأرض: المناظر الطبيعية في الموسيقى السودانية
الموسيقى السودانية متجذرة بعمق في الأرض، تعكس جمالها، وتحدياتها، وإيقاعات مناظرها الطبيعية المتنوعة. من الرمال الذهبية الشاسعة في الصحراء إلى ضفاف النيل الخضراء، تحمل الموسيقى جوهر المكان، ويتجلى ذلك من خلال الألحان، والآلات الموسيقية، والكلمات الشعرية.
تستكشف هذه القائمة كيف يلتقط الفنانون السودانيون روح الطبيعة، ويمزجون أصوات الأنهار والجبال والسهول المفتوحة في مؤلفاتهم. سواء من خلال استحضار الحنين إلى الوطن أو الاحتفاء بصمود شعبه، تقدم هذه الأغاني رحلة عبر المناظر الموسيقية والجغرافية في السودان. استمتعوا بهذه الرحلة!
أصوات الأرض: المناظر الطبيعية في الموسيقى السودانية
الموسيقى السودانية متجذرة بعمق في الأرض، تعكس جمالها، وتحدياتها، وإيقاعات مناظرها الطبيعية المتنوعة. من الرمال الذهبية الشاسعة في الصحراء إلى ضفاف النيل الخضراء، تحمل الموسيقى جوهر المكان، ويتجلى ذلك من خلال الألحان، والآلات الموسيقية، والكلمات الشعرية.
تستكشف هذه القائمة كيف يلتقط الفنانون السودانيون روح الطبيعة، ويمزجون أصوات الأنهار والجبال والسهول المفتوحة في مؤلفاتهم. سواء من خلال استحضار الحنين إلى الوطن أو الاحتفاء بصمود شعبه، تقدم هذه الأغاني رحلة عبر المناظر الموسيقية والجغرافية في السودان. استمتعوا بهذه الرحلة!
دومة ود حامد
دومة ود حامد
تُمثِّل لي "دومة ود حامد" للروائي السوداني العظيم الطيب صالح، لمحة مانولوجيَّة نادرة للحياة في الريف السوداني الشمالي، بقسوة طبيعته وسحرها في ذات الوقت؛ فالرواي في النص يُشيرُ دائماً إلى محبّتهم لهذه الحياة غير المُحتملة للغرباء، إن تصريحاً أو مجازاً، وعلاقتهم ذات الصبغة الدينيَّة والصوفيَّة بأرضهم وطبيعتهم من خلال شجرة عظيمة أسموها: دومة ود حامد.
طوال مقاطع من رواية الراوي نستطيع مشاهدة حياة السودانيين بسحرها اللانهائي، وقصصهم التي لا يُنازعهم أحد على تصديقها لأنهم عاشوها عياناً بياناً؛ لم يُخبرهم أحد عن ود حامد، ولي الله الصالح، إذ هُم التقوه. أمّا شجرة الدوم فهي لا تكتفي بمدّ ظلّها حتى يُظلّل من يقف على ضفة النهر الأخرى، ولا باستحالة نموّها على أرضٍ صخريّة؛ بل هي تسكن أحلامهم، وإن لم تكن مركزها، كانت موجودة في زمانٍ أو موضعٍ ما داخل دهاليز الأحلام.
اختياري وقرائتي لها ضمن غرفتنا (المناظر الطبيعيّة) يأتي لسبر غور علاقة السودانيين بهذه الطبيعة والمناظر المدهشة التي برع أديبنا الكبير في التعبير عنها، ووصفها وربطها بحياة الناس، بأسلوبه الساحر، وكلماته المتجذِّرة ليس فقط في تربة النص، وإنما في تربة أرض السودان.
----
- ملاحظة: قمتُ بتخطّي القصّة السياسيّة الواقعة في آخر النص، إذ يستطيع القارئ العثور على النص كاملاً في الكتاب المبذول على صفحات الإنترنت، ذلك لتقصير زمن القراءة، ولبُعدها عن ما نُريد أن نعرضه في غرفة المناظر الطبيعيّة.
- بالنسبة للترجمة الإنجليزيَّة، فهي لدينيس جونسون، والذي كان مُقرّباً من الطيب صالح، حيث تَرَجم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" بالتزامن مع كتابة النص نفسه، إذ كان الطيب يُرسل ما يكتمل من فصول ويردّها إليه المُترجم الكبير منقولةً إلى الإنجليزيّة. و"هو مترجم بريطاني وُلد في كندا عام ١٩٢٢م، وعاش فترة من طفولته في القاهرة ووادي حلفا في السودان. يعتبر دنيس أحد أهم المترجمين الذين قدموا الأدب العربي إلى القارئ الغربي، وقد وصل ما ترجمه من الأدب العربي أكثر من ثلاثين مجلداً احتوت الكثير من الإبداعات القصصية والروائية العربية، وقد وصف كل من نجيب محفوظ وإدوارد سعيد دنيس جونسون برائد الترجمة من العربية إلى الإنجليزية. توفي بالقاهرة يوم الاثنين 22 أيار 2017 عن عمر يناهز الـ 95 سنة.”.
مأمون التلب
تُمثِّل لي "دومة ود حامد" للروائي السوداني العظيم الطيب صالح، لمحة مانولوجيَّة نادرة للحياة في الريف السوداني الشمالي، بقسوة طبيعته وسحرها في ذات الوقت؛ فالرواي في النص يُشيرُ دائماً إلى محبّتهم لهذه الحياة غير المُحتملة للغرباء، إن تصريحاً أو مجازاً، وعلاقتهم ذات الصبغة الدينيَّة والصوفيَّة بأرضهم وطبيعتهم من خلال شجرة عظيمة أسموها: دومة ود حامد.
طوال مقاطع من رواية الراوي نستطيع مشاهدة حياة السودانيين بسحرها اللانهائي، وقصصهم التي لا يُنازعهم أحد على تصديقها لأنهم عاشوها عياناً بياناً؛ لم يُخبرهم أحد عن ود حامد، ولي الله الصالح، إذ هُم التقوه. أمّا شجرة الدوم فهي لا تكتفي بمدّ ظلّها حتى يُظلّل من يقف على ضفة النهر الأخرى، ولا باستحالة نموّها على أرضٍ صخريّة؛ بل هي تسكن أحلامهم، وإن لم تكن مركزها، كانت موجودة في زمانٍ أو موضعٍ ما داخل دهاليز الأحلام.
اختياري وقرائتي لها ضمن غرفتنا (المناظر الطبيعيّة) يأتي لسبر غور علاقة السودانيين بهذه الطبيعة والمناظر المدهشة التي برع أديبنا الكبير في التعبير عنها، ووصفها وربطها بحياة الناس، بأسلوبه الساحر، وكلماته المتجذِّرة ليس فقط في تربة النص، وإنما في تربة أرض السودان.
----
- ملاحظة: قمتُ بتخطّي القصّة السياسيّة الواقعة في آخر النص، إذ يستطيع القارئ العثور على النص كاملاً في الكتاب المبذول على صفحات الإنترنت، ذلك لتقصير زمن القراءة، ولبُعدها عن ما نُريد أن نعرضه في غرفة المناظر الطبيعيّة.
- بالنسبة للترجمة الإنجليزيَّة، فهي لدينيس جونسون، والذي كان مُقرّباً من الطيب صالح، حيث تَرَجم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" بالتزامن مع كتابة النص نفسه، إذ كان الطيب يُرسل ما يكتمل من فصول ويردّها إليه المُترجم الكبير منقولةً إلى الإنجليزيّة. و"هو مترجم بريطاني وُلد في كندا عام ١٩٢٢م، وعاش فترة من طفولته في القاهرة ووادي حلفا في السودان. يعتبر دنيس أحد أهم المترجمين الذين قدموا الأدب العربي إلى القارئ الغربي، وقد وصل ما ترجمه من الأدب العربي أكثر من ثلاثين مجلداً احتوت الكثير من الإبداعات القصصية والروائية العربية، وقد وصف كل من نجيب محفوظ وإدوارد سعيد دنيس جونسون برائد الترجمة من العربية إلى الإنجليزية. توفي بالقاهرة يوم الاثنين 22 أيار 2017 عن عمر يناهز الـ 95 سنة.”.
مأمون التلب
تُمثِّل لي "دومة ود حامد" للروائي السوداني العظيم الطيب صالح، لمحة مانولوجيَّة نادرة للحياة في الريف السوداني الشمالي، بقسوة طبيعته وسحرها في ذات الوقت؛ فالرواي في النص يُشيرُ دائماً إلى محبّتهم لهذه الحياة غير المُحتملة للغرباء، إن تصريحاً أو مجازاً، وعلاقتهم ذات الصبغة الدينيَّة والصوفيَّة بأرضهم وطبيعتهم من خلال شجرة عظيمة أسموها: دومة ود حامد.
طوال مقاطع من رواية الراوي نستطيع مشاهدة حياة السودانيين بسحرها اللانهائي، وقصصهم التي لا يُنازعهم أحد على تصديقها لأنهم عاشوها عياناً بياناً؛ لم يُخبرهم أحد عن ود حامد، ولي الله الصالح، إذ هُم التقوه. أمّا شجرة الدوم فهي لا تكتفي بمدّ ظلّها حتى يُظلّل من يقف على ضفة النهر الأخرى، ولا باستحالة نموّها على أرضٍ صخريّة؛ بل هي تسكن أحلامهم، وإن لم تكن مركزها، كانت موجودة في زمانٍ أو موضعٍ ما داخل دهاليز الأحلام.
اختياري وقرائتي لها ضمن غرفتنا (المناظر الطبيعيّة) يأتي لسبر غور علاقة السودانيين بهذه الطبيعة والمناظر المدهشة التي برع أديبنا الكبير في التعبير عنها، ووصفها وربطها بحياة الناس، بأسلوبه الساحر، وكلماته المتجذِّرة ليس فقط في تربة النص، وإنما في تربة أرض السودان.
----
- ملاحظة: قمتُ بتخطّي القصّة السياسيّة الواقعة في آخر النص، إذ يستطيع القارئ العثور على النص كاملاً في الكتاب المبذول على صفحات الإنترنت، ذلك لتقصير زمن القراءة، ولبُعدها عن ما نُريد أن نعرضه في غرفة المناظر الطبيعيّة.
- بالنسبة للترجمة الإنجليزيَّة، فهي لدينيس جونسون، والذي كان مُقرّباً من الطيب صالح، حيث تَرَجم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" بالتزامن مع كتابة النص نفسه، إذ كان الطيب يُرسل ما يكتمل من فصول ويردّها إليه المُترجم الكبير منقولةً إلى الإنجليزيّة. و"هو مترجم بريطاني وُلد في كندا عام ١٩٢٢م، وعاش فترة من طفولته في القاهرة ووادي حلفا في السودان. يعتبر دنيس أحد أهم المترجمين الذين قدموا الأدب العربي إلى القارئ الغربي، وقد وصل ما ترجمه من الأدب العربي أكثر من ثلاثين مجلداً احتوت الكثير من الإبداعات القصصية والروائية العربية، وقد وصف كل من نجيب محفوظ وإدوارد سعيد دنيس جونسون برائد الترجمة من العربية إلى الإنجليزية. توفي بالقاهرة يوم الاثنين 22 أيار 2017 عن عمر يناهز الـ 95 سنة.”.
مأمون التلب
المناظر الطبيعية التأملية/الشاعرية
تستحضر الطبيعة المشاعر المختلطة كمصدر للسعادة والخوف والجمال والقبح. كيف تنعكس هذه المشاعر في الثقافة؟ كيف تُستخدم الطبيعة لتمثيل العواطف؟ الاستعارات بشكل عام مليئة بالمقارنات الطبيعية. كما نستحضر المشاعر المشتركة من خلال الاحتفالات التي تلعب فيها الطبيعة دورًا رئيسيًا.

غطاء رأس

غطاء رأس
غطاء رأس مصنوع من قرني بقرة متصلين بقطعة من جلد البقر، يرتديه النوبة في إحتفالات الكمبلا. وهي إحتفالات تزامن
وقت الحصاد الناجح. هذه القطعة مرتبط بثقافة قبيلة النوبة والفصول
والمناظر الطبيعية المتغيرة.
Af1936,0715.1
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة بموجب ترخيص المشاع الإبداعي المنسوب-
غير تجاري- الترخيص بالمثل 4.0 الدولي (CC BY-NC-SA 4.0).
غطاء رأس مصنوع من قرني بقرة متصلين بقطعة من جلد البقر، يرتديه النوبة في إحتفالات الكمبلا. وهي إحتفالات تزامن
وقت الحصاد الناجح. هذه القطعة مرتبط بثقافة قبيلة النوبة والفصول
والمناظر الطبيعية المتغيرة.
Af1936,0715.1
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة بموجب ترخيص المشاع الإبداعي المنسوب-
غير تجاري- الترخيص بالمثل 4.0 الدولي (CC BY-NC-SA 4.0).

غطاء رأس مصنوع من قرني بقرة متصلين بقطعة من جلد البقر، يرتديه النوبة في إحتفالات الكمبلا. وهي إحتفالات تزامن
وقت الحصاد الناجح. هذه القطعة مرتبط بثقافة قبيلة النوبة والفصول
والمناظر الطبيعية المتغيرة.
Af1936,0715.1
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة بموجب ترخيص المشاع الإبداعي المنسوب-
غير تجاري- الترخيص بالمثل 4.0 الدولي (CC BY-NC-SA 4.0).

فنانون سودانيون يستلهمون البيئة الطبيعية

فنانون سودانيون يستلهمون البيئة الطبيعية
استوحى العديد من الفنانين السودانيين أعمالهم من البيئة الطبيعية المُحِيطَة بهم. يستخدم فنانون، مثل معتز الفاتح، حبوب البُن المطحونة وأوراق الشاي والنباتات وقشور الفاكهة لإنشاء الألوان، والتي يستخدمونها في لوحاتهم. ويصور آخرون، مثل صلاح المر، ذكريات الطفولة مثل “يوم عائلي” في غابة السنط. وفي الوقت نفسه، ابتكر الفنان العالمي إبراهيم الصَلَحي سِلسلَةً من الأعمال الفنية المُستَنِدَة إلى شجرة الحَراز. بالنسبة للصلحي فإن الحراز، والذي يجفّ في موسم الأمطار ويتحوَّل إلى اللون الأخضر أثناء الجفاف، شَجَرٌ فريدٌ من نوعه وله شخصية، ويُمَثِّل أيضاً الارتباط الروحي من جذوره ويصل إلى السماء.
صلاح المُر “يوم عائلي”، ٢٠١٦.

أكريليك على قماش
موقعة ومؤرخة بـ «S.ELMUR.2016" في أسفل اليسار
٨٩ × ١١٩ سم
حقوق الصورة © بياسا
معتز محمد الفاتح. "أشكال نسائية بالتوب السوداني". ٢٠١٩

قهوة على ورق.
محاط بمشهد قرية من المباني الطينية المنخفضة والمآذن.
حقوق الصورة © محو أمية النساء في السودان
إبراهيم الصلحي. الشجرة، ٢٠٠٣

أحبار ملونة على لوحة بريستول
76.5 × 76.5 سم
حقوق الصورة © artsy.net
استوحى العديد من الفنانين السودانيين أعمالهم من البيئة الطبيعية المُحِيطَة بهم. يستخدم فنانون، مثل معتز الفاتح، حبوب البُن المطحونة وأوراق الشاي والنباتات وقشور الفاكهة لإنشاء الألوان، والتي يستخدمونها في لوحاتهم. ويصور آخرون، مثل صلاح المر، ذكريات الطفولة مثل “يوم عائلي” في غابة السنط. وفي الوقت نفسه، ابتكر الفنان العالمي إبراهيم الصَلَحي سِلسلَةً من الأعمال الفنية المُستَنِدَة إلى شجرة الحَراز. بالنسبة للصلحي فإن الحراز، والذي يجفّ في موسم الأمطار ويتحوَّل إلى اللون الأخضر أثناء الجفاف، شَجَرٌ فريدٌ من نوعه وله شخصية، ويُمَثِّل أيضاً الارتباط الروحي من جذوره ويصل إلى السماء.
صلاح المُر “يوم عائلي”، ٢٠١٦.

أكريليك على قماش
موقعة ومؤرخة بـ «S.ELMUR.2016" في أسفل اليسار
٨٩ × ١١٩ سم
حقوق الصورة © بياسا
معتز محمد الفاتح. "أشكال نسائية بالتوب السوداني". ٢٠١٩

قهوة على ورق.
محاط بمشهد قرية من المباني الطينية المنخفضة والمآذن.
حقوق الصورة © محو أمية النساء في السودان
إبراهيم الصلحي. الشجرة، ٢٠٠٣

أحبار ملونة على لوحة بريستول
76.5 × 76.5 سم
حقوق الصورة © artsy.net

استوحى العديد من الفنانين السودانيين أعمالهم من البيئة الطبيعية المُحِيطَة بهم. يستخدم فنانون، مثل معتز الفاتح، حبوب البُن المطحونة وأوراق الشاي والنباتات وقشور الفاكهة لإنشاء الألوان، والتي يستخدمونها في لوحاتهم. ويصور آخرون، مثل صلاح المر، ذكريات الطفولة مثل “يوم عائلي” في غابة السنط. وفي الوقت نفسه، ابتكر الفنان العالمي إبراهيم الصَلَحي سِلسلَةً من الأعمال الفنية المُستَنِدَة إلى شجرة الحَراز. بالنسبة للصلحي فإن الحراز، والذي يجفّ في موسم الأمطار ويتحوَّل إلى اللون الأخضر أثناء الجفاف، شَجَرٌ فريدٌ من نوعه وله شخصية، ويُمَثِّل أيضاً الارتباط الروحي من جذوره ويصل إلى السماء.
صلاح المُر “يوم عائلي”، ٢٠١٦.

أكريليك على قماش
موقعة ومؤرخة بـ «S.ELMUR.2016" في أسفل اليسار
٨٩ × ١١٩ سم
حقوق الصورة © بياسا
معتز محمد الفاتح. "أشكال نسائية بالتوب السوداني". ٢٠١٩

قهوة على ورق.
محاط بمشهد قرية من المباني الطينية المنخفضة والمآذن.
حقوق الصورة © محو أمية النساء في السودان
إبراهيم الصلحي. الشجرة، ٢٠٠٣

أحبار ملونة على لوحة بريستول
76.5 × 76.5 سم
حقوق الصورة © artsy.net
.pdf.jpg)
الأماكن والبيئات في رواية "مناجاة النهر"
.pdf.jpg)
الأماكن والبيئات في رواية "مناجاة النهر"
تدور أحداث كتاب "مناجاة النهر" -وهي رواية تاريخية خيالية من تأليف ليلى أبو العلا- في ثمانينيات القرن التاسع عشر خلال الثورة المهدية. سُردت الرواية من خلال منظور ثماني شخصيات، ويتناول هذا المقال منظور شخصية "كواني"؛ حيث تَعكِس الأماكن والبيئات في "مناجاة النهر" تفاعلاً ديناميكياً بين جغرافيا كل موقع والسياق التاريخي والثقافي الذي يُشكِّل شخصية أكواني. الأماكن والبيئات التي تقابلها ليست مجرد خلفيات لرحلتها، بل هي شخصيات ديناميكية ساهمت في تشكيل ذاتها كما شُكِّلت من قِبَل القوى الثقافية والتاريخية في عالمها. عند النظر عن كثب، نتعلم أن قريتها الأصلية، ملكال، والأبيض وأم درمان، لم تتحول فقط، بل أثَّرت أيضاً على إحساسها بذاتها.
قرية أكواني على ضفاف نهر النيل الأبيض
بالنسبة لأكواني فإن النهر في قريتها ليس مجرد ماءٍ جارٍ، النهر هو لغتها وروحها والملاذ. تتميز قرية أكواني بجمالها الريفي الحميم، حيث الطين اللزج، والعشب الذي يتمايل مع النسيم والماء الحريري.فهنا مكان لعبها واستراحتها.
النهر هو الحياة. إنه مصدر الرزق والأمان، ومكان للطقوس والإيقاع اليومي. ولكن هذا الارتباط المتناغم يتحطم عندما يهاجم الغزاة القرية، تاركين وراءهم الدمار والحزن. هذا التحول في المشهد -من ملاذ هادئ إلى ساحة للمآسي- يعكس التحوّل الجذري في حياة أكواني. يصبح وطنها مجرد ذكرى، مكانًا لا تستطيع العودة إليه، حتى في أحلامها.
ملكال، الواقعة على ضفاف النيل، هي مدينة صاخبة، تنبض بالحياة بفضل التجارة والأجانب.
بالنسبة لأكواني، ملكال عالم مليء بالتناقضات. وهي تختلف عن قريتها الهادئة بسبب التأثيرات التجارية والاجتماعية التي يجلبها التجار والقوى الاستعمارية. هذه المدينة تذكرها بأن العالم أوسع وأكثر تعقيداً من قريتها التي تركتها وراءها. إنها مكان يفتح أمامها آفاقاً جديدة، لكنه يحمل أيضاً تغييرات مُقلقة. في ملكال، تبدأ أكواني في إدراك حقائق السلطة والنزوح لتكون هذه المدينة المنطلق لرحلتها بعيداً عن البراءة.
الأُبيّض
مدينة الأبيض، بسهولها الرملية ذات الألوان البنية المحمرة والبيئة القاسية والمتطلبة، تختلف كثيراً عن منشأ أكوان ذو الطبيعة السهلة؛ فالماء هنا يُستَخرَج من الآبار وليس متوفراً من مصدر النهر الذي كان دائم الوجود والعطاء، كما أن أسواقها دائبة بالنشاط والحركة.
تعدّ الأبيض مثالاً حيَّاً لتأثير الاستعمار والمقاومة في آن.
وبينما تشق أكواني طريقها في هذه المساحة، فإنها تواجه اضطرابات الثورة المهدية وثقل قلق التوقعات المجتمعية الجديدة، فإحساس عدم الارتياح يلقي بظلاله على حيويّة المدينة، حيث تتأرجح على حافة التغيير.
الأبيّض تُمثل لأكواني بوتقة للتعلم والتحدي والمكان الذي بدأت فيه بالوعي بتحديات البقاء في الحياة بعيداً عن عالم طفولتها.
و ختاماً أم درمان
أم درمان هي الفوضى والطاقة في آن.
أزقتها المتداخلة وبيوتها الطينية تعكس الاستعجال والحماسة لمدينة في قلب الثورة. لكونها معقل المهدي، تصبح أم درمان مسرحًا للمعارك الآيديولوجية والتغيرات الثقافية، حيث يتصادم القمع والمقاومة.
بالنسبة لأكواني، تمثل أم درمان مفارقة. فهي مدينة الفقدان -تذكير بما سُلب منها- ولكنها أيضًا رمز للصمود. في هذا المشهد الواسع والمضطرب، تجد شظايا من ذاتها، محاولة إعادة بناء هويتها وسط التحولات المتلاحقة.
من خلال عيون أكواني، تنبض الأماكن في "مناجاة النهر" بالحياة، لتصبح أكثر من مجرد خلفيات للأحداث.
قريتها الأصلية، ملكال، الأبيض، وأم درمان ليست مجرد أماكن، بل شخصيات في قصتها، تؤثر عليها تمامًا كما يفعل الأشخاص الذين تلتقي بهم. كل مكان يشكلها—يتحداها، يعلمها، ويدفعها للنمو. وكما تتغير هذه الأماكن تحت ثقل التاريخ، تتغير أكواني أيضاً، حاملةً معها أجزاءً من كل مكان مرّت به.
تمثّل هذه الأماكن والبيئات مراحل التحول في حياتها: من براءة قريتها إلى تعقيدات النجاة في مدن تشكلت بالتجارة، الاستعمار، والثورة.
صورة الغلاف: غلاف رواية "مناجاة النهر
تدور أحداث كتاب "مناجاة النهر" -وهي رواية تاريخية خيالية من تأليف ليلى أبو العلا- في ثمانينيات القرن التاسع عشر خلال الثورة المهدية. سُردت الرواية من خلال منظور ثماني شخصيات، ويتناول هذا المقال منظور شخصية "كواني"؛ حيث تَعكِس الأماكن والبيئات في "مناجاة النهر" تفاعلاً ديناميكياً بين جغرافيا كل موقع والسياق التاريخي والثقافي الذي يُشكِّل شخصية أكواني. الأماكن والبيئات التي تقابلها ليست مجرد خلفيات لرحلتها، بل هي شخصيات ديناميكية ساهمت في تشكيل ذاتها كما شُكِّلت من قِبَل القوى الثقافية والتاريخية في عالمها. عند النظر عن كثب، نتعلم أن قريتها الأصلية، ملكال، والأبيض وأم درمان، لم تتحول فقط، بل أثَّرت أيضاً على إحساسها بذاتها.
قرية أكواني على ضفاف نهر النيل الأبيض
بالنسبة لأكواني فإن النهر في قريتها ليس مجرد ماءٍ جارٍ، النهر هو لغتها وروحها والملاذ. تتميز قرية أكواني بجمالها الريفي الحميم، حيث الطين اللزج، والعشب الذي يتمايل مع النسيم والماء الحريري.فهنا مكان لعبها واستراحتها.
النهر هو الحياة. إنه مصدر الرزق والأمان، ومكان للطقوس والإيقاع اليومي. ولكن هذا الارتباط المتناغم يتحطم عندما يهاجم الغزاة القرية، تاركين وراءهم الدمار والحزن. هذا التحول في المشهد -من ملاذ هادئ إلى ساحة للمآسي- يعكس التحوّل الجذري في حياة أكواني. يصبح وطنها مجرد ذكرى، مكانًا لا تستطيع العودة إليه، حتى في أحلامها.
ملكال، الواقعة على ضفاف النيل، هي مدينة صاخبة، تنبض بالحياة بفضل التجارة والأجانب.
بالنسبة لأكواني، ملكال عالم مليء بالتناقضات. وهي تختلف عن قريتها الهادئة بسبب التأثيرات التجارية والاجتماعية التي يجلبها التجار والقوى الاستعمارية. هذه المدينة تذكرها بأن العالم أوسع وأكثر تعقيداً من قريتها التي تركتها وراءها. إنها مكان يفتح أمامها آفاقاً جديدة، لكنه يحمل أيضاً تغييرات مُقلقة. في ملكال، تبدأ أكواني في إدراك حقائق السلطة والنزوح لتكون هذه المدينة المنطلق لرحلتها بعيداً عن البراءة.
الأُبيّض
مدينة الأبيض، بسهولها الرملية ذات الألوان البنية المحمرة والبيئة القاسية والمتطلبة، تختلف كثيراً عن منشأ أكوان ذو الطبيعة السهلة؛ فالماء هنا يُستَخرَج من الآبار وليس متوفراً من مصدر النهر الذي كان دائم الوجود والعطاء، كما أن أسواقها دائبة بالنشاط والحركة.
تعدّ الأبيض مثالاً حيَّاً لتأثير الاستعمار والمقاومة في آن.
وبينما تشق أكواني طريقها في هذه المساحة، فإنها تواجه اضطرابات الثورة المهدية وثقل قلق التوقعات المجتمعية الجديدة، فإحساس عدم الارتياح يلقي بظلاله على حيويّة المدينة، حيث تتأرجح على حافة التغيير.
الأبيّض تُمثل لأكواني بوتقة للتعلم والتحدي والمكان الذي بدأت فيه بالوعي بتحديات البقاء في الحياة بعيداً عن عالم طفولتها.
و ختاماً أم درمان
أم درمان هي الفوضى والطاقة في آن.
أزقتها المتداخلة وبيوتها الطينية تعكس الاستعجال والحماسة لمدينة في قلب الثورة. لكونها معقل المهدي، تصبح أم درمان مسرحًا للمعارك الآيديولوجية والتغيرات الثقافية، حيث يتصادم القمع والمقاومة.
بالنسبة لأكواني، تمثل أم درمان مفارقة. فهي مدينة الفقدان -تذكير بما سُلب منها- ولكنها أيضًا رمز للصمود. في هذا المشهد الواسع والمضطرب، تجد شظايا من ذاتها، محاولة إعادة بناء هويتها وسط التحولات المتلاحقة.
من خلال عيون أكواني، تنبض الأماكن في "مناجاة النهر" بالحياة، لتصبح أكثر من مجرد خلفيات للأحداث.
قريتها الأصلية، ملكال، الأبيض، وأم درمان ليست مجرد أماكن، بل شخصيات في قصتها، تؤثر عليها تمامًا كما يفعل الأشخاص الذين تلتقي بهم. كل مكان يشكلها—يتحداها، يعلمها، ويدفعها للنمو. وكما تتغير هذه الأماكن تحت ثقل التاريخ، تتغير أكواني أيضاً، حاملةً معها أجزاءً من كل مكان مرّت به.
تمثّل هذه الأماكن والبيئات مراحل التحول في حياتها: من براءة قريتها إلى تعقيدات النجاة في مدن تشكلت بالتجارة، الاستعمار، والثورة.
صورة الغلاف: غلاف رواية "مناجاة النهر
.pdf.jpg)
تدور أحداث كتاب "مناجاة النهر" -وهي رواية تاريخية خيالية من تأليف ليلى أبو العلا- في ثمانينيات القرن التاسع عشر خلال الثورة المهدية. سُردت الرواية من خلال منظور ثماني شخصيات، ويتناول هذا المقال منظور شخصية "كواني"؛ حيث تَعكِس الأماكن والبيئات في "مناجاة النهر" تفاعلاً ديناميكياً بين جغرافيا كل موقع والسياق التاريخي والثقافي الذي يُشكِّل شخصية أكواني. الأماكن والبيئات التي تقابلها ليست مجرد خلفيات لرحلتها، بل هي شخصيات ديناميكية ساهمت في تشكيل ذاتها كما شُكِّلت من قِبَل القوى الثقافية والتاريخية في عالمها. عند النظر عن كثب، نتعلم أن قريتها الأصلية، ملكال، والأبيض وأم درمان، لم تتحول فقط، بل أثَّرت أيضاً على إحساسها بذاتها.
قرية أكواني على ضفاف نهر النيل الأبيض
بالنسبة لأكواني فإن النهر في قريتها ليس مجرد ماءٍ جارٍ، النهر هو لغتها وروحها والملاذ. تتميز قرية أكواني بجمالها الريفي الحميم، حيث الطين اللزج، والعشب الذي يتمايل مع النسيم والماء الحريري.فهنا مكان لعبها واستراحتها.
النهر هو الحياة. إنه مصدر الرزق والأمان، ومكان للطقوس والإيقاع اليومي. ولكن هذا الارتباط المتناغم يتحطم عندما يهاجم الغزاة القرية، تاركين وراءهم الدمار والحزن. هذا التحول في المشهد -من ملاذ هادئ إلى ساحة للمآسي- يعكس التحوّل الجذري في حياة أكواني. يصبح وطنها مجرد ذكرى، مكانًا لا تستطيع العودة إليه، حتى في أحلامها.
ملكال، الواقعة على ضفاف النيل، هي مدينة صاخبة، تنبض بالحياة بفضل التجارة والأجانب.
بالنسبة لأكواني، ملكال عالم مليء بالتناقضات. وهي تختلف عن قريتها الهادئة بسبب التأثيرات التجارية والاجتماعية التي يجلبها التجار والقوى الاستعمارية. هذه المدينة تذكرها بأن العالم أوسع وأكثر تعقيداً من قريتها التي تركتها وراءها. إنها مكان يفتح أمامها آفاقاً جديدة، لكنه يحمل أيضاً تغييرات مُقلقة. في ملكال، تبدأ أكواني في إدراك حقائق السلطة والنزوح لتكون هذه المدينة المنطلق لرحلتها بعيداً عن البراءة.
الأُبيّض
مدينة الأبيض، بسهولها الرملية ذات الألوان البنية المحمرة والبيئة القاسية والمتطلبة، تختلف كثيراً عن منشأ أكوان ذو الطبيعة السهلة؛ فالماء هنا يُستَخرَج من الآبار وليس متوفراً من مصدر النهر الذي كان دائم الوجود والعطاء، كما أن أسواقها دائبة بالنشاط والحركة.
تعدّ الأبيض مثالاً حيَّاً لتأثير الاستعمار والمقاومة في آن.
وبينما تشق أكواني طريقها في هذه المساحة، فإنها تواجه اضطرابات الثورة المهدية وثقل قلق التوقعات المجتمعية الجديدة، فإحساس عدم الارتياح يلقي بظلاله على حيويّة المدينة، حيث تتأرجح على حافة التغيير.
الأبيّض تُمثل لأكواني بوتقة للتعلم والتحدي والمكان الذي بدأت فيه بالوعي بتحديات البقاء في الحياة بعيداً عن عالم طفولتها.
و ختاماً أم درمان
أم درمان هي الفوضى والطاقة في آن.
أزقتها المتداخلة وبيوتها الطينية تعكس الاستعجال والحماسة لمدينة في قلب الثورة. لكونها معقل المهدي، تصبح أم درمان مسرحًا للمعارك الآيديولوجية والتغيرات الثقافية، حيث يتصادم القمع والمقاومة.
بالنسبة لأكواني، تمثل أم درمان مفارقة. فهي مدينة الفقدان -تذكير بما سُلب منها- ولكنها أيضًا رمز للصمود. في هذا المشهد الواسع والمضطرب، تجد شظايا من ذاتها، محاولة إعادة بناء هويتها وسط التحولات المتلاحقة.
من خلال عيون أكواني، تنبض الأماكن في "مناجاة النهر" بالحياة، لتصبح أكثر من مجرد خلفيات للأحداث.
قريتها الأصلية، ملكال، الأبيض، وأم درمان ليست مجرد أماكن، بل شخصيات في قصتها، تؤثر عليها تمامًا كما يفعل الأشخاص الذين تلتقي بهم. كل مكان يشكلها—يتحداها، يعلمها، ويدفعها للنمو. وكما تتغير هذه الأماكن تحت ثقل التاريخ، تتغير أكواني أيضاً، حاملةً معها أجزاءً من كل مكان مرّت به.
تمثّل هذه الأماكن والبيئات مراحل التحول في حياتها: من براءة قريتها إلى تعقيدات النجاة في مدن تشكلت بالتجارة، الاستعمار، والثورة.
صورة الغلاف: غلاف رواية "مناجاة النهر
.pdf-2.jpg)
تراث قبيلة النوبة في المتحف البريطاني
.pdf-3.jpg)
تراث قبيلة النوبة في المتحف البريطاني
يقوم قسم إفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين في المتحف البريطاني بالعناية بحوالي ٢٠٠ قطعة مرتبطة بشعب قبيلة النوبة. معظم هذه القطع تم التبرع بها للمتحف من قبل متبرعين اثنين، كلاهما كانت له صلة بالحكومة البريطانية في السودان (١٨٩٨-١٩٥٦). هذان المُتبرّعان هما نورمان كوركيل – طبيب عمل في كادقلي بين عامي ١٩٣١ و١٩٣٧ – وسيغفريد نادل – الذي عمل كعالم أنثروبولوجيا حكومي وكتب كتابًا بعنوان "النوبة: دراسة أنثروبولوجية لقبائل الجبال في كردفان" بناءً على أبحاث ميدانية أجراها في عامي ١٩٣٨ و١٩٣٩.
هذه المقالة القصيرة تُقدِّم لمحة موجزة عن هذه المجموعات. المعلومات المقدمة هنا قليلة وغير مكتملة، وهي تعتمد كليًا على أوصاف قصيرة قدمها كل متبرع. هذه الأوصاف لا تعكس الثقافات الغنية وأنظمة المعرفة التي كانت هذه القطع جزءًا منها. ومع ذلك، نأمل أن مشاركة هذه المعلومات على نطاق أوسع قد تفتح أبوابًا لحوارات تُعزِّز طريقة عرض هذه القطع في المتحف وتزيد من الوعي بهذه المجموعات.
مجموعة نورمان كوركيل
المجموعة الأولى من القطع تم تجميعها من قبل الطبيب نورمان كوركيل من منطقة كادقلي في مقال نشره عن احتفالات الكَمْبَلا في عام ١٩٣٩، ويبدو أن كوركيل رأى تغيرات في ثقافة مجتمعات النوبة في جبال كادقلي وميري بسبب انتشار الثقافات الحضرية والإسلامية والاستعمارية. رأى كوركيل أن التغيرات في مظاهر احتفالات الكمبلا كانت مثالًا رئيسيًا على هذه التغييرات.
ليس من قبيل الصدفة أنه قام بتجميع والتبرع للمتحف البريطاني بزي كامل كان يرتديه المشاركون في طقوس الكمبلا في أوائل الثلاثينيات (كان يوجد زي مشابه في مجموعة المتحف الإثنوغرافي في الخرطوم). هذا الزي يشمل أجراسًا للقدمين مصنوعة من أوراق النخيل المُجفَّفة مع حجارة صغيرة، وزينة للكوع، وتنورة من العشب، وحزام من ذيل الثور الذي كان يرتديه المشاركون، وحتى غطاء الرأس الشهير وأمثلة من سوط النخيل و"عصا" من ذيل البقر التي كان يلوح بها المشاركون في مراسم الكمبلا.
.jpg)
تتضمن المجموعة أيضًا ثلاثة أحزمة للمصارعين. هذا الحزام مصنوع من جذر نبات ملفوف بجلد حيوان زاحف ومثبَّت بالصمغ العربي. أصبحت مصارعة النوبة نشاطًا مشهورًا في الخرطوم، ومن المثير رؤية أزياء المصارعين من الماضي.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
الحياة الثقافية الإبداعية في المجموعة
توثق المجموعة جوانب أخرى من الحياة الثقافية الإبداعية. فعلى سبيل المثال، تضم أحد عشر ختمًا للجسم مصنوعة من قطع القرع، وهي تمثل سجلاً لتصاميم فن الجسد وكيف كانت تُصنع في الثلاثينيات. ويبدو أن بعضها قد تم استخدامه بالفعل، حيث يمكن رؤية آثار الطلاء أو الصبغة عليها.
.pdf.png)
مجموعة سيغفريد نادل
تم التبرع بمجموعة أخرى من قبل عالم الأنثروبولوجيا والإداري الاستعماري سيغفريد فريدريك نادل. تم تجميع هذه المجموعة بشكل رئيسي في سياق البحث الأنثروبولوجي بين عامي ١٩٣٨ و١٩٤٠. تم تكليف هذا البحث من قبل حكومة السودان بهدف واضح وهو إعلام الإدارة الاستعمارية عن الحياة الاقتصادية والسياسية في جبال النوبة. درس نادل عشر مجموعات مختلفة من النوبة وجمع قطعًا من كل مجموعة: التيرا، اتورو، المساكين، تولشي، المورو، الهيبان ( الايبانق)، الدلنج، الكدرو، الكرنقو، والكواليب، بالإضافة إلى مجموعات كاو والداجو. وصلت هذه القطع إلى المتحف في مجموعتين – مجموعة كبيرة في عام ١٩٣٩، ومجموعة أخرى في عام ١٩٤٨.
نظرًا لأن تركيز بحثه كان على العلاقات السياسية والتغييرات، فقد كتب القليل جدًا عن القطع التي تم التبرع بها للمتحف، تاركًا فقط بعض الانعكاسات على الثقافة المادية. ومع ذلك، فإن هذه القطع تُشكِّل سجلًا قيّمًا لفن النوبة والحياة اليومية في الثلاثينيات.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).



© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
يقوم قسم إفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين في المتحف البريطاني بالعناية بحوالي ٢٠٠ قطعة مرتبطة بشعب قبيلة النوبة. معظم هذه القطع تم التبرع بها للمتحف من قبل متبرعين اثنين، كلاهما كانت له صلة بالحكومة البريطانية في السودان (١٨٩٨-١٩٥٦). هذان المُتبرّعان هما نورمان كوركيل – طبيب عمل في كادقلي بين عامي ١٩٣١ و١٩٣٧ – وسيغفريد نادل – الذي عمل كعالم أنثروبولوجيا حكومي وكتب كتابًا بعنوان "النوبة: دراسة أنثروبولوجية لقبائل الجبال في كردفان" بناءً على أبحاث ميدانية أجراها في عامي ١٩٣٨ و١٩٣٩.
هذه المقالة القصيرة تُقدِّم لمحة موجزة عن هذه المجموعات. المعلومات المقدمة هنا قليلة وغير مكتملة، وهي تعتمد كليًا على أوصاف قصيرة قدمها كل متبرع. هذه الأوصاف لا تعكس الثقافات الغنية وأنظمة المعرفة التي كانت هذه القطع جزءًا منها. ومع ذلك، نأمل أن مشاركة هذه المعلومات على نطاق أوسع قد تفتح أبوابًا لحوارات تُعزِّز طريقة عرض هذه القطع في المتحف وتزيد من الوعي بهذه المجموعات.
مجموعة نورمان كوركيل
المجموعة الأولى من القطع تم تجميعها من قبل الطبيب نورمان كوركيل من منطقة كادقلي في مقال نشره عن احتفالات الكَمْبَلا في عام ١٩٣٩، ويبدو أن كوركيل رأى تغيرات في ثقافة مجتمعات النوبة في جبال كادقلي وميري بسبب انتشار الثقافات الحضرية والإسلامية والاستعمارية. رأى كوركيل أن التغيرات في مظاهر احتفالات الكمبلا كانت مثالًا رئيسيًا على هذه التغييرات.
ليس من قبيل الصدفة أنه قام بتجميع والتبرع للمتحف البريطاني بزي كامل كان يرتديه المشاركون في طقوس الكمبلا في أوائل الثلاثينيات (كان يوجد زي مشابه في مجموعة المتحف الإثنوغرافي في الخرطوم). هذا الزي يشمل أجراسًا للقدمين مصنوعة من أوراق النخيل المُجفَّفة مع حجارة صغيرة، وزينة للكوع، وتنورة من العشب، وحزام من ذيل الثور الذي كان يرتديه المشاركون، وحتى غطاء الرأس الشهير وأمثلة من سوط النخيل و"عصا" من ذيل البقر التي كان يلوح بها المشاركون في مراسم الكمبلا.
.jpg)
تتضمن المجموعة أيضًا ثلاثة أحزمة للمصارعين. هذا الحزام مصنوع من جذر نبات ملفوف بجلد حيوان زاحف ومثبَّت بالصمغ العربي. أصبحت مصارعة النوبة نشاطًا مشهورًا في الخرطوم، ومن المثير رؤية أزياء المصارعين من الماضي.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
الحياة الثقافية الإبداعية في المجموعة
توثق المجموعة جوانب أخرى من الحياة الثقافية الإبداعية. فعلى سبيل المثال، تضم أحد عشر ختمًا للجسم مصنوعة من قطع القرع، وهي تمثل سجلاً لتصاميم فن الجسد وكيف كانت تُصنع في الثلاثينيات. ويبدو أن بعضها قد تم استخدامه بالفعل، حيث يمكن رؤية آثار الطلاء أو الصبغة عليها.
.pdf.png)
مجموعة سيغفريد نادل
تم التبرع بمجموعة أخرى من قبل عالم الأنثروبولوجيا والإداري الاستعماري سيغفريد فريدريك نادل. تم تجميع هذه المجموعة بشكل رئيسي في سياق البحث الأنثروبولوجي بين عامي ١٩٣٨ و١٩٤٠. تم تكليف هذا البحث من قبل حكومة السودان بهدف واضح وهو إعلام الإدارة الاستعمارية عن الحياة الاقتصادية والسياسية في جبال النوبة. درس نادل عشر مجموعات مختلفة من النوبة وجمع قطعًا من كل مجموعة: التيرا، اتورو، المساكين، تولشي، المورو، الهيبان ( الايبانق)، الدلنج، الكدرو، الكرنقو، والكواليب، بالإضافة إلى مجموعات كاو والداجو. وصلت هذه القطع إلى المتحف في مجموعتين – مجموعة كبيرة في عام ١٩٣٩، ومجموعة أخرى في عام ١٩٤٨.
نظرًا لأن تركيز بحثه كان على العلاقات السياسية والتغييرات، فقد كتب القليل جدًا عن القطع التي تم التبرع بها للمتحف، تاركًا فقط بعض الانعكاسات على الثقافة المادية. ومع ذلك، فإن هذه القطع تُشكِّل سجلًا قيّمًا لفن النوبة والحياة اليومية في الثلاثينيات.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).



© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
.pdf-3.jpg)
يقوم قسم إفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين في المتحف البريطاني بالعناية بحوالي ٢٠٠ قطعة مرتبطة بشعب قبيلة النوبة. معظم هذه القطع تم التبرع بها للمتحف من قبل متبرعين اثنين، كلاهما كانت له صلة بالحكومة البريطانية في السودان (١٨٩٨-١٩٥٦). هذان المُتبرّعان هما نورمان كوركيل – طبيب عمل في كادقلي بين عامي ١٩٣١ و١٩٣٧ – وسيغفريد نادل – الذي عمل كعالم أنثروبولوجيا حكومي وكتب كتابًا بعنوان "النوبة: دراسة أنثروبولوجية لقبائل الجبال في كردفان" بناءً على أبحاث ميدانية أجراها في عامي ١٩٣٨ و١٩٣٩.
هذه المقالة القصيرة تُقدِّم لمحة موجزة عن هذه المجموعات. المعلومات المقدمة هنا قليلة وغير مكتملة، وهي تعتمد كليًا على أوصاف قصيرة قدمها كل متبرع. هذه الأوصاف لا تعكس الثقافات الغنية وأنظمة المعرفة التي كانت هذه القطع جزءًا منها. ومع ذلك، نأمل أن مشاركة هذه المعلومات على نطاق أوسع قد تفتح أبوابًا لحوارات تُعزِّز طريقة عرض هذه القطع في المتحف وتزيد من الوعي بهذه المجموعات.
مجموعة نورمان كوركيل
المجموعة الأولى من القطع تم تجميعها من قبل الطبيب نورمان كوركيل من منطقة كادقلي في مقال نشره عن احتفالات الكَمْبَلا في عام ١٩٣٩، ويبدو أن كوركيل رأى تغيرات في ثقافة مجتمعات النوبة في جبال كادقلي وميري بسبب انتشار الثقافات الحضرية والإسلامية والاستعمارية. رأى كوركيل أن التغيرات في مظاهر احتفالات الكمبلا كانت مثالًا رئيسيًا على هذه التغييرات.
ليس من قبيل الصدفة أنه قام بتجميع والتبرع للمتحف البريطاني بزي كامل كان يرتديه المشاركون في طقوس الكمبلا في أوائل الثلاثينيات (كان يوجد زي مشابه في مجموعة المتحف الإثنوغرافي في الخرطوم). هذا الزي يشمل أجراسًا للقدمين مصنوعة من أوراق النخيل المُجفَّفة مع حجارة صغيرة، وزينة للكوع، وتنورة من العشب، وحزام من ذيل الثور الذي كان يرتديه المشاركون، وحتى غطاء الرأس الشهير وأمثلة من سوط النخيل و"عصا" من ذيل البقر التي كان يلوح بها المشاركون في مراسم الكمبلا.
.jpg)
تتضمن المجموعة أيضًا ثلاثة أحزمة للمصارعين. هذا الحزام مصنوع من جذر نبات ملفوف بجلد حيوان زاحف ومثبَّت بالصمغ العربي. أصبحت مصارعة النوبة نشاطًا مشهورًا في الخرطوم، ومن المثير رؤية أزياء المصارعين من الماضي.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
الحياة الثقافية الإبداعية في المجموعة
توثق المجموعة جوانب أخرى من الحياة الثقافية الإبداعية. فعلى سبيل المثال، تضم أحد عشر ختمًا للجسم مصنوعة من قطع القرع، وهي تمثل سجلاً لتصاميم فن الجسد وكيف كانت تُصنع في الثلاثينيات. ويبدو أن بعضها قد تم استخدامه بالفعل، حيث يمكن رؤية آثار الطلاء أو الصبغة عليها.
.pdf.png)
مجموعة سيغفريد نادل
تم التبرع بمجموعة أخرى من قبل عالم الأنثروبولوجيا والإداري الاستعماري سيغفريد فريدريك نادل. تم تجميع هذه المجموعة بشكل رئيسي في سياق البحث الأنثروبولوجي بين عامي ١٩٣٨ و١٩٤٠. تم تكليف هذا البحث من قبل حكومة السودان بهدف واضح وهو إعلام الإدارة الاستعمارية عن الحياة الاقتصادية والسياسية في جبال النوبة. درس نادل عشر مجموعات مختلفة من النوبة وجمع قطعًا من كل مجموعة: التيرا، اتورو، المساكين، تولشي، المورو، الهيبان ( الايبانق)، الدلنج، الكدرو، الكرنقو، والكواليب، بالإضافة إلى مجموعات كاو والداجو. وصلت هذه القطع إلى المتحف في مجموعتين – مجموعة كبيرة في عام ١٩٣٩، ومجموعة أخرى في عام ١٩٤٨.
نظرًا لأن تركيز بحثه كان على العلاقات السياسية والتغييرات، فقد كتب القليل جدًا عن القطع التي تم التبرع بها للمتحف، تاركًا فقط بعض الانعكاسات على الثقافة المادية. ومع ذلك، فإن هذه القطع تُشكِّل سجلًا قيّمًا لفن النوبة والحياة اليومية في الثلاثينيات.
.jpg)
© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).



© أمناء المتحف البريطاني. تمت المشاركة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution-NonCommercial-ShareAlike 4.0 International (CC BY-NC-SA 4.0).
أم كيكى آلة يَمتَاز بها السودان من حيث الصناعة
أم كيكى آلة يَمتَاز بها السودان من حيث الصناعة
أم كيكي هي آلة نجدها في كثير من الدول العربية والإفريقية؛ في الجزائر تُسمَّى (الأمزاد)، وتعزف عليها النساء فقط. وفي بورندي تُسمَّى (اندونونقو)، وفي إثيوبيا (الماسنقو)، و(الرباب العربي) في أغلب دول الخليج، و(الأوروتو) في كينيا، ونجدها منتشرة في غرب السودان عند قبائل البقارة. وهي آلة وترية (قوسية)، أي تصدر الصوت بواسطة قوس. يُمرَّر هذا القوس على وترٍ واحد مصنوع من الشَّعر الذي يُؤخذ من ذنب (الحصان)، وهذا يدلُّ على ارتباط هذه الآلة بقبائل البقارة، ويؤكد هذا ارتباط الحصان بالبقر. ومما هو مُسلَّم به عند هذه القبائل أنه لا توجد أبقار بدون حصان (لأن البقر إذا شرد لا يلحقه إلا الحصان). ويدلّ هذا على ارتباط الآلات الموسيقية بالبيئة التي تُستخدم فيها.
فالعازف لآلة أم كيكي في غرب السودان هو الذي يصنعها، وعندما يريد ذلك يقوم بتجهيز جلد الورل، وهو أهم جزء في هذه الآلة، لأنه يتحكَّم في مدى جمال صوتها، (حسب الفهم السمعي لدى صانع الآلة)، وغالباً ما يجد الورل في أثناء بحثه عن المرعى المناسب لأبقاره، ويسلخ الجلد بطريقة محدَّدة بحيث لا يكون فيه أيّ ثقب، ثم يترك هذا الجلد حتى يجفّ، وفي هذه الأثناء يبحث عن القرعة المناسبة لهذا الجلد.
وفي والوقت المناسب، وغالباً ما تكون فترة استقرار بالنسبة للصانع، يقوم بتجميع الآلة ويبدأ بقطع القَرعة إلى نصفين، وبعد ذلك يقوم بشدّ الجّلد على أحد النصفين ثم يُدخل الرقبة ويتركها حتى تجفّ لمدة يوم أو يومين، وفي هذه الفترة يقوم بتجهيز الوتر والقوس بالبحث عن أطول ذنب من ذيول الحصين، فيقوم بقطع عدد من السبيب الموجود فيه يتراوح عددها بين ١٠-١٥ سبيبة في الوتر، ونفس العدد أو قريب منه للقوس. وبعد أن يجفّ الجلد على القرعة يقوم بشد الوتر بواسطة خيط مربوط بطرفي السبيب، ويرفع الوتر بواسطة كبري من القرع (الحمار) حتى لا يلتصق بالرقبة؛ يكون واحد منها على سطح الجلد حتى يقوم بإظهار وتكبير الصوت الصادر من الوتر، والآخر يكون في أعلى الرقبة، وبهذا تكون الآلة جاهزة للعزف. ويُمرَّر القوس على (كعكول) من الصمغ المأخوذ من أشجار الهشاب (وهو منتشر في المنطقة) حتى يقوم بسد المسافات بين السبيب لإصدار الصوت عندما يُحَرَّك عليهِ الوتر (القلفونية)، ويتم تغيير الدرجات الصوتية بواسطة اللمس على الوتر أعلى الرقبة.
ويتم العزف على هذه الآلة جلوساً غالباً، بحيث يضعها العازف على فخذيه ويمسك بالقوس بإحدى يديه ويُغَيِّر الدرجات الصوتية باليد الأخرى.
.pdf.png)
الهدَّاي: صوت الشعب
هو رجل له وظيفة اجتماعية فى مناطق غرب السودان، وهو بمثابة إعلام شعبي قوي، وذلك لأنه يجوب ويطوف القرى زائراً ومُعلناً عن ما بداخله من أخبار ومَدح وزَم لمن يشاء. وهذه الوظيفة (الإعلام الشعبي) يقوم بها الهدَّاي والبوشاني والبرمكي والموقاي، ويَعزف أم كيكي وهو جالس في ما يُسمَّى (الضَرا) -مكان الضيافة فى القرى- يجلس وحوله الرجال يلتمسون من شِعره الحِكم ومعرفة الأخبار وآخر الأحداث، وفي عرض شِعره يَستَخدِم طريقة تُسمَّى (الربقي)، والقصيدة التي يتغنَّى بها تكون طويلة وتتغير قافيتها، تُسمَّى المَجدْوَلة، ويَظهر في أدائه نصف التون، وهذا هو الذي يربطه بالثقافة العربية والسلّم السباعي.
دفع الله الحاج على ٢٠١٠م
أم كيكي هي آلة نجدها في كثير من الدول العربية والإفريقية؛ في الجزائر تُسمَّى (الأمزاد)، وتعزف عليها النساء فقط. وفي بورندي تُسمَّى (اندونونقو)، وفي إثيوبيا (الماسنقو)، و(الرباب العربي) في أغلب دول الخليج، و(الأوروتو) في كينيا، ونجدها منتشرة في غرب السودان عند قبائل البقارة. وهي آلة وترية (قوسية)، أي تصدر الصوت بواسطة قوس. يُمرَّر هذا القوس على وترٍ واحد مصنوع من الشَّعر الذي يُؤخذ من ذنب (الحصان)، وهذا يدلُّ على ارتباط هذه الآلة بقبائل البقارة، ويؤكد هذا ارتباط الحصان بالبقر. ومما هو مُسلَّم به عند هذه القبائل أنه لا توجد أبقار بدون حصان (لأن البقر إذا شرد لا يلحقه إلا الحصان). ويدلّ هذا على ارتباط الآلات الموسيقية بالبيئة التي تُستخدم فيها.
فالعازف لآلة أم كيكي في غرب السودان هو الذي يصنعها، وعندما يريد ذلك يقوم بتجهيز جلد الورل، وهو أهم جزء في هذه الآلة، لأنه يتحكَّم في مدى جمال صوتها، (حسب الفهم السمعي لدى صانع الآلة)، وغالباً ما يجد الورل في أثناء بحثه عن المرعى المناسب لأبقاره، ويسلخ الجلد بطريقة محدَّدة بحيث لا يكون فيه أيّ ثقب، ثم يترك هذا الجلد حتى يجفّ، وفي هذه الأثناء يبحث عن القرعة المناسبة لهذا الجلد.
وفي والوقت المناسب، وغالباً ما تكون فترة استقرار بالنسبة للصانع، يقوم بتجميع الآلة ويبدأ بقطع القَرعة إلى نصفين، وبعد ذلك يقوم بشدّ الجّلد على أحد النصفين ثم يُدخل الرقبة ويتركها حتى تجفّ لمدة يوم أو يومين، وفي هذه الفترة يقوم بتجهيز الوتر والقوس بالبحث عن أطول ذنب من ذيول الحصين، فيقوم بقطع عدد من السبيب الموجود فيه يتراوح عددها بين ١٠-١٥ سبيبة في الوتر، ونفس العدد أو قريب منه للقوس. وبعد أن يجفّ الجلد على القرعة يقوم بشد الوتر بواسطة خيط مربوط بطرفي السبيب، ويرفع الوتر بواسطة كبري من القرع (الحمار) حتى لا يلتصق بالرقبة؛ يكون واحد منها على سطح الجلد حتى يقوم بإظهار وتكبير الصوت الصادر من الوتر، والآخر يكون في أعلى الرقبة، وبهذا تكون الآلة جاهزة للعزف. ويُمرَّر القوس على (كعكول) من الصمغ المأخوذ من أشجار الهشاب (وهو منتشر في المنطقة) حتى يقوم بسد المسافات بين السبيب لإصدار الصوت عندما يُحَرَّك عليهِ الوتر (القلفونية)، ويتم تغيير الدرجات الصوتية بواسطة اللمس على الوتر أعلى الرقبة.
ويتم العزف على هذه الآلة جلوساً غالباً، بحيث يضعها العازف على فخذيه ويمسك بالقوس بإحدى يديه ويُغَيِّر الدرجات الصوتية باليد الأخرى.
.pdf.png)
الهدَّاي: صوت الشعب
هو رجل له وظيفة اجتماعية فى مناطق غرب السودان، وهو بمثابة إعلام شعبي قوي، وذلك لأنه يجوب ويطوف القرى زائراً ومُعلناً عن ما بداخله من أخبار ومَدح وزَم لمن يشاء. وهذه الوظيفة (الإعلام الشعبي) يقوم بها الهدَّاي والبوشاني والبرمكي والموقاي، ويَعزف أم كيكي وهو جالس في ما يُسمَّى (الضَرا) -مكان الضيافة فى القرى- يجلس وحوله الرجال يلتمسون من شِعره الحِكم ومعرفة الأخبار وآخر الأحداث، وفي عرض شِعره يَستَخدِم طريقة تُسمَّى (الربقي)، والقصيدة التي يتغنَّى بها تكون طويلة وتتغير قافيتها، تُسمَّى المَجدْوَلة، ويَظهر في أدائه نصف التون، وهذا هو الذي يربطه بالثقافة العربية والسلّم السباعي.
دفع الله الحاج على ٢٠١٠م
أم كيكي هي آلة نجدها في كثير من الدول العربية والإفريقية؛ في الجزائر تُسمَّى (الأمزاد)، وتعزف عليها النساء فقط. وفي بورندي تُسمَّى (اندونونقو)، وفي إثيوبيا (الماسنقو)، و(الرباب العربي) في أغلب دول الخليج، و(الأوروتو) في كينيا، ونجدها منتشرة في غرب السودان عند قبائل البقارة. وهي آلة وترية (قوسية)، أي تصدر الصوت بواسطة قوس. يُمرَّر هذا القوس على وترٍ واحد مصنوع من الشَّعر الذي يُؤخذ من ذنب (الحصان)، وهذا يدلُّ على ارتباط هذه الآلة بقبائل البقارة، ويؤكد هذا ارتباط الحصان بالبقر. ومما هو مُسلَّم به عند هذه القبائل أنه لا توجد أبقار بدون حصان (لأن البقر إذا شرد لا يلحقه إلا الحصان). ويدلّ هذا على ارتباط الآلات الموسيقية بالبيئة التي تُستخدم فيها.
فالعازف لآلة أم كيكي في غرب السودان هو الذي يصنعها، وعندما يريد ذلك يقوم بتجهيز جلد الورل، وهو أهم جزء في هذه الآلة، لأنه يتحكَّم في مدى جمال صوتها، (حسب الفهم السمعي لدى صانع الآلة)، وغالباً ما يجد الورل في أثناء بحثه عن المرعى المناسب لأبقاره، ويسلخ الجلد بطريقة محدَّدة بحيث لا يكون فيه أيّ ثقب، ثم يترك هذا الجلد حتى يجفّ، وفي هذه الأثناء يبحث عن القرعة المناسبة لهذا الجلد.
وفي والوقت المناسب، وغالباً ما تكون فترة استقرار بالنسبة للصانع، يقوم بتجميع الآلة ويبدأ بقطع القَرعة إلى نصفين، وبعد ذلك يقوم بشدّ الجّلد على أحد النصفين ثم يُدخل الرقبة ويتركها حتى تجفّ لمدة يوم أو يومين، وفي هذه الفترة يقوم بتجهيز الوتر والقوس بالبحث عن أطول ذنب من ذيول الحصين، فيقوم بقطع عدد من السبيب الموجود فيه يتراوح عددها بين ١٠-١٥ سبيبة في الوتر، ونفس العدد أو قريب منه للقوس. وبعد أن يجفّ الجلد على القرعة يقوم بشد الوتر بواسطة خيط مربوط بطرفي السبيب، ويرفع الوتر بواسطة كبري من القرع (الحمار) حتى لا يلتصق بالرقبة؛ يكون واحد منها على سطح الجلد حتى يقوم بإظهار وتكبير الصوت الصادر من الوتر، والآخر يكون في أعلى الرقبة، وبهذا تكون الآلة جاهزة للعزف. ويُمرَّر القوس على (كعكول) من الصمغ المأخوذ من أشجار الهشاب (وهو منتشر في المنطقة) حتى يقوم بسد المسافات بين السبيب لإصدار الصوت عندما يُحَرَّك عليهِ الوتر (القلفونية)، ويتم تغيير الدرجات الصوتية بواسطة اللمس على الوتر أعلى الرقبة.
ويتم العزف على هذه الآلة جلوساً غالباً، بحيث يضعها العازف على فخذيه ويمسك بالقوس بإحدى يديه ويُغَيِّر الدرجات الصوتية باليد الأخرى.
.pdf.png)
الهدَّاي: صوت الشعب
هو رجل له وظيفة اجتماعية فى مناطق غرب السودان، وهو بمثابة إعلام شعبي قوي، وذلك لأنه يجوب ويطوف القرى زائراً ومُعلناً عن ما بداخله من أخبار ومَدح وزَم لمن يشاء. وهذه الوظيفة (الإعلام الشعبي) يقوم بها الهدَّاي والبوشاني والبرمكي والموقاي، ويَعزف أم كيكي وهو جالس في ما يُسمَّى (الضَرا) -مكان الضيافة فى القرى- يجلس وحوله الرجال يلتمسون من شِعره الحِكم ومعرفة الأخبار وآخر الأحداث، وفي عرض شِعره يَستَخدِم طريقة تُسمَّى (الربقي)، والقصيدة التي يتغنَّى بها تكون طويلة وتتغير قافيتها، تُسمَّى المَجدْوَلة، ويَظهر في أدائه نصف التون، وهذا هو الذي يربطه بالثقافة العربية والسلّم السباعي.
دفع الله الحاج على ٢٠١٠م

روح الأماكن

روح الأماكن
روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية
لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.
الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"
في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.
بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار
في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.
ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني
يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.
مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود
حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.
تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.
الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني
في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.
من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.
يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.
استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان
يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.

روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية
لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.
الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"
في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.
بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار
في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.
ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني
يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.
مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود
حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.
تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.
الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني
في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.
من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.
يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.
استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان
يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.


روح الأماكن: رَمزيَّة البُعد المكانيّ في السينما السودانية
لدى السينما السودانية القدرة على تحويل الأماكن والمناظر الطبيعية إلى أدوات سردية ببراعة كبيرة. حيث تُصبح مناظر الصحارى القاحلة وأنقاض المُدن أكثر من مجرَّد خلفية، وتتحوَّل إلى شخصية في سياق السرد. تعكس هذه الفضاءات السينمائيَّة الواقع الثقافي والسياسي والعاطفي لأمة تُناضل من أجل تحديد هويتها. تمثل أفلام مثل "الحديث عن الأشجار" و"ستموت في العشرين" نماذج لاستخدام البيئة كأداة للترميز عن النضالات الشخصية والجماعية وكمساحات للذاكرة والأمل المتجدد.
الصحراء رمز القَدَر في "ستموت في العشرين"
في رواية أمجد أبو العلاء لفلم "ستموت في العشرين"، حوّل الصحراء إلى رمزية مشوَّشة في رحلة مزمل الوجودية. حيث إن اتساعها الشاسع الذي لا ينتهي يُعزِّز من ثِقل نبوءة موته المبكر، مما يلقي بظلاله على أحلامه وهويته.
بينما تكتسي الكثبان الرملية بألوان الغروب الذهبية، يتباين فراغ الصحراء مع لحظات من السموّ، كما لو أنه العزاء وسط اليأس. تتحول هذه التفاعلات بين العزلة والإمكان إلى مشهد للتأمل في الضعف والصمود والبحث الإنساني عن المعنى. تصبح الصحراء انعكاساً لصورة السودان في سعيه الأبدي لشقّ طريقه نحو المستقبل وسط الشكوك التي تُلازمه دوماً.

الآثار الحضرية كذاكرة في الحديث عن الأشجار
في فيلم "الحديث عن الأشجار"، الذي تدور أحداثه في الخرطوم، حوَّل المخرج صهيب قسم الباري أنقاض العمران إلى لوحةٍ مُؤثّرةٍ تعكس مدى الإهمال والمقاومة حيث جعل السينما المهجورة، التي تُشكّل قلبَ القصّة، رمزًا للتراث الثقافي السوداني المنسي. تُردّدُ جدرانُها المُتداعية ومقاعدُها الفارغة صدى المكنونات الفنيّة التي تم إهمالها في السودان.
ومع ذلك، فإنّ تصميمَ صانعي الأفلام على إحياء هذه المساحة المهجورة يملأها بالأمل والتحدّي. فمن خلال جهودهم، تُصبحُ السينما رمزاً للصمود وشهادة على قدرة الفن لللتحمّل والإلهام، حتى في مواجهة القمع. تُعبّرُ شوارعُ الخرطوم الهادئة، المُغلّفة بالشوق والحنين، عن تاريخٍ مُضطرب وسعيِ صانعي الأفلام الدؤوب للتجديد والإبداع.

الطبوغرافيا العاطفية في السرد السوداني
يقوم صانعو السينما في السودان بمزج البعد المكاني الخارجي بالمشاعر الداخلية، ليصوغوا لغةً سردية يتردَّدُ صداها عالمياً. على سبيل المثال، قد يرمز طريق مُغبَّر إلى التهجير والآفاق، بينما يعكس وميض مصباح شارع خافت هشاشة الأمل. يجعل هذا الأسلوب السينمائي الموضوعات العالمية متأصلة في إطارات سودانية فريدة. ففي ستموت في العشرين، تجسد الصحراء التأملات الوجودية، بينما يصبح التدهور الحضري في حديث عن الأشجار خلفيةً للمقاومة الثقافية. معًا، تعرض هذه الأفلام كيف يمحو صانعو الأفلام السودانيون الحدود بين المكان والهوية، ليبتكروا قصصًا تخاطب الجمهورين المحلي والعالمي على حد سواء.
مهرجان أفلام سودان السينمائي: قصص الهجرة والصمود
حتفت الدورة الثانية من مهرجان أفلام-سودان السينمائي، الذي أُقيم في كيغالي، رواندا، بتعابير المناظر الطبيعية كرمزية قوية للهجرة والنزوح والانتماء. من خلال اختيار أفلام تجتاز الصحاري والمدن والدواخل، سلّط المهرجان الضوء على قصص الصمود والهوية الثقافية.
تفاعل الجماهير بعمق مع هذه الرؤى، مما عزَّز التعاطف العالمي وربط المشاهدين بالتجارب العالمية للوطن والمنفى وقوة عزيمة الروح الإنسانية.
الخاتمة: المناظر الطبيعية كمعززات لتعميق المعاني
في السينما السودانية تتجاوز المناظر الطبيعية كونها مجرد أشكال فيزيائية وأماكن، لتصبح أداة للسرد. فمن حبات الرمال اللانهائية في فلم "ستموت في العشرين" إلى مبنى السينما الآيل للسقوط في "حديث الأشجار" تحمل هذه البيئات روح السرديات ثقافية والعاطفية للسودان.
من خلال عملي في مهرجان أفلام سودان، سعيت إلى تعزيز هذه الأصوات وهذه المناظر عبر مزج الفن بالدعوة للتغيير.
يحتفي المهرجان بقوة السينما في القدرة على التغيير بإلهام التفاهم، والتعاطف، والتضافر.
استمتعوا بمشاهدة العرض الترويجي للنسخة الأخيرة من مهرجان أفلام سودان
يجسد هذا الإعلان روح السينما السودانية ويظهر التزامي بمشاركة هذه السرديات المعبرة.

الطبيعة في الموسيقى
الطبيعة في الموسيقى
أصوات الأرض: المناظر الطبيعية في الموسيقى السودانية
الموسيقى السودانية متجذرة بعمق في الأرض، تعكس جمالها، وتحدياتها، وإيقاعات مناظرها الطبيعية المتنوعة. من الرمال الذهبية الشاسعة في الصحراء إلى ضفاف النيل الخضراء، تحمل الموسيقى جوهر المكان، ويتجلى ذلك من خلال الألحان، والآلات الموسيقية، والكلمات الشعرية.
تستكشف هذه القائمة كيف يلتقط الفنانون السودانيون روح الطبيعة، ويمزجون أصوات الأنهار والجبال والسهول المفتوحة في مؤلفاتهم. سواء من خلال استحضار الحنين إلى الوطن أو الاحتفاء بصمود شعبه، تقدم هذه الأغاني رحلة عبر المناظر الموسيقية والجغرافية في السودان. استمتعوا بهذه الرحلة!
أصوات الأرض: المناظر الطبيعية في الموسيقى السودانية
الموسيقى السودانية متجذرة بعمق في الأرض، تعكس جمالها، وتحدياتها، وإيقاعات مناظرها الطبيعية المتنوعة. من الرمال الذهبية الشاسعة في الصحراء إلى ضفاف النيل الخضراء، تحمل الموسيقى جوهر المكان، ويتجلى ذلك من خلال الألحان، والآلات الموسيقية، والكلمات الشعرية.
تستكشف هذه القائمة كيف يلتقط الفنانون السودانيون روح الطبيعة، ويمزجون أصوات الأنهار والجبال والسهول المفتوحة في مؤلفاتهم. سواء من خلال استحضار الحنين إلى الوطن أو الاحتفاء بصمود شعبه، تقدم هذه الأغاني رحلة عبر المناظر الموسيقية والجغرافية في السودان. استمتعوا بهذه الرحلة!
أصوات الأرض: المناظر الطبيعية في الموسيقى السودانية
الموسيقى السودانية متجذرة بعمق في الأرض، تعكس جمالها، وتحدياتها، وإيقاعات مناظرها الطبيعية المتنوعة. من الرمال الذهبية الشاسعة في الصحراء إلى ضفاف النيل الخضراء، تحمل الموسيقى جوهر المكان، ويتجلى ذلك من خلال الألحان، والآلات الموسيقية، والكلمات الشعرية.
تستكشف هذه القائمة كيف يلتقط الفنانون السودانيون روح الطبيعة، ويمزجون أصوات الأنهار والجبال والسهول المفتوحة في مؤلفاتهم. سواء من خلال استحضار الحنين إلى الوطن أو الاحتفاء بصمود شعبه، تقدم هذه الأغاني رحلة عبر المناظر الموسيقية والجغرافية في السودان. استمتعوا بهذه الرحلة!
دومة ود حامد
دومة ود حامد
تُمثِّل لي "دومة ود حامد" للروائي السوداني العظيم الطيب صالح، لمحة مانولوجيَّة نادرة للحياة في الريف السوداني الشمالي، بقسوة طبيعته وسحرها في ذات الوقت؛ فالرواي في النص يُشيرُ دائماً إلى محبّتهم لهذه الحياة غير المُحتملة للغرباء، إن تصريحاً أو مجازاً، وعلاقتهم ذات الصبغة الدينيَّة والصوفيَّة بأرضهم وطبيعتهم من خلال شجرة عظيمة أسموها: دومة ود حامد.
طوال مقاطع من رواية الراوي نستطيع مشاهدة حياة السودانيين بسحرها اللانهائي، وقصصهم التي لا يُنازعهم أحد على تصديقها لأنهم عاشوها عياناً بياناً؛ لم يُخبرهم أحد عن ود حامد، ولي الله الصالح، إذ هُم التقوه. أمّا شجرة الدوم فهي لا تكتفي بمدّ ظلّها حتى يُظلّل من يقف على ضفة النهر الأخرى، ولا باستحالة نموّها على أرضٍ صخريّة؛ بل هي تسكن أحلامهم، وإن لم تكن مركزها، كانت موجودة في زمانٍ أو موضعٍ ما داخل دهاليز الأحلام.
اختياري وقرائتي لها ضمن غرفتنا (المناظر الطبيعيّة) يأتي لسبر غور علاقة السودانيين بهذه الطبيعة والمناظر المدهشة التي برع أديبنا الكبير في التعبير عنها، ووصفها وربطها بحياة الناس، بأسلوبه الساحر، وكلماته المتجذِّرة ليس فقط في تربة النص، وإنما في تربة أرض السودان.
----
- ملاحظة: قمتُ بتخطّي القصّة السياسيّة الواقعة في آخر النص، إذ يستطيع القارئ العثور على النص كاملاً في الكتاب المبذول على صفحات الإنترنت، ذلك لتقصير زمن القراءة، ولبُعدها عن ما نُريد أن نعرضه في غرفة المناظر الطبيعيّة.
- بالنسبة للترجمة الإنجليزيَّة، فهي لدينيس جونسون، والذي كان مُقرّباً من الطيب صالح، حيث تَرَجم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" بالتزامن مع كتابة النص نفسه، إذ كان الطيب يُرسل ما يكتمل من فصول ويردّها إليه المُترجم الكبير منقولةً إلى الإنجليزيّة. و"هو مترجم بريطاني وُلد في كندا عام ١٩٢٢م، وعاش فترة من طفولته في القاهرة ووادي حلفا في السودان. يعتبر دنيس أحد أهم المترجمين الذين قدموا الأدب العربي إلى القارئ الغربي، وقد وصل ما ترجمه من الأدب العربي أكثر من ثلاثين مجلداً احتوت الكثير من الإبداعات القصصية والروائية العربية، وقد وصف كل من نجيب محفوظ وإدوارد سعيد دنيس جونسون برائد الترجمة من العربية إلى الإنجليزية. توفي بالقاهرة يوم الاثنين 22 أيار 2017 عن عمر يناهز الـ 95 سنة.”.
مأمون التلب
تُمثِّل لي "دومة ود حامد" للروائي السوداني العظيم الطيب صالح، لمحة مانولوجيَّة نادرة للحياة في الريف السوداني الشمالي، بقسوة طبيعته وسحرها في ذات الوقت؛ فالرواي في النص يُشيرُ دائماً إلى محبّتهم لهذه الحياة غير المُحتملة للغرباء، إن تصريحاً أو مجازاً، وعلاقتهم ذات الصبغة الدينيَّة والصوفيَّة بأرضهم وطبيعتهم من خلال شجرة عظيمة أسموها: دومة ود حامد.
طوال مقاطع من رواية الراوي نستطيع مشاهدة حياة السودانيين بسحرها اللانهائي، وقصصهم التي لا يُنازعهم أحد على تصديقها لأنهم عاشوها عياناً بياناً؛ لم يُخبرهم أحد عن ود حامد، ولي الله الصالح، إذ هُم التقوه. أمّا شجرة الدوم فهي لا تكتفي بمدّ ظلّها حتى يُظلّل من يقف على ضفة النهر الأخرى، ولا باستحالة نموّها على أرضٍ صخريّة؛ بل هي تسكن أحلامهم، وإن لم تكن مركزها، كانت موجودة في زمانٍ أو موضعٍ ما داخل دهاليز الأحلام.
اختياري وقرائتي لها ضمن غرفتنا (المناظر الطبيعيّة) يأتي لسبر غور علاقة السودانيين بهذه الطبيعة والمناظر المدهشة التي برع أديبنا الكبير في التعبير عنها، ووصفها وربطها بحياة الناس، بأسلوبه الساحر، وكلماته المتجذِّرة ليس فقط في تربة النص، وإنما في تربة أرض السودان.
----
- ملاحظة: قمتُ بتخطّي القصّة السياسيّة الواقعة في آخر النص، إذ يستطيع القارئ العثور على النص كاملاً في الكتاب المبذول على صفحات الإنترنت، ذلك لتقصير زمن القراءة، ولبُعدها عن ما نُريد أن نعرضه في غرفة المناظر الطبيعيّة.
- بالنسبة للترجمة الإنجليزيَّة، فهي لدينيس جونسون، والذي كان مُقرّباً من الطيب صالح، حيث تَرَجم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" بالتزامن مع كتابة النص نفسه، إذ كان الطيب يُرسل ما يكتمل من فصول ويردّها إليه المُترجم الكبير منقولةً إلى الإنجليزيّة. و"هو مترجم بريطاني وُلد في كندا عام ١٩٢٢م، وعاش فترة من طفولته في القاهرة ووادي حلفا في السودان. يعتبر دنيس أحد أهم المترجمين الذين قدموا الأدب العربي إلى القارئ الغربي، وقد وصل ما ترجمه من الأدب العربي أكثر من ثلاثين مجلداً احتوت الكثير من الإبداعات القصصية والروائية العربية، وقد وصف كل من نجيب محفوظ وإدوارد سعيد دنيس جونسون برائد الترجمة من العربية إلى الإنجليزية. توفي بالقاهرة يوم الاثنين 22 أيار 2017 عن عمر يناهز الـ 95 سنة.”.
مأمون التلب
تُمثِّل لي "دومة ود حامد" للروائي السوداني العظيم الطيب صالح، لمحة مانولوجيَّة نادرة للحياة في الريف السوداني الشمالي، بقسوة طبيعته وسحرها في ذات الوقت؛ فالرواي في النص يُشيرُ دائماً إلى محبّتهم لهذه الحياة غير المُحتملة للغرباء، إن تصريحاً أو مجازاً، وعلاقتهم ذات الصبغة الدينيَّة والصوفيَّة بأرضهم وطبيعتهم من خلال شجرة عظيمة أسموها: دومة ود حامد.
طوال مقاطع من رواية الراوي نستطيع مشاهدة حياة السودانيين بسحرها اللانهائي، وقصصهم التي لا يُنازعهم أحد على تصديقها لأنهم عاشوها عياناً بياناً؛ لم يُخبرهم أحد عن ود حامد، ولي الله الصالح، إذ هُم التقوه. أمّا شجرة الدوم فهي لا تكتفي بمدّ ظلّها حتى يُظلّل من يقف على ضفة النهر الأخرى، ولا باستحالة نموّها على أرضٍ صخريّة؛ بل هي تسكن أحلامهم، وإن لم تكن مركزها، كانت موجودة في زمانٍ أو موضعٍ ما داخل دهاليز الأحلام.
اختياري وقرائتي لها ضمن غرفتنا (المناظر الطبيعيّة) يأتي لسبر غور علاقة السودانيين بهذه الطبيعة والمناظر المدهشة التي برع أديبنا الكبير في التعبير عنها، ووصفها وربطها بحياة الناس، بأسلوبه الساحر، وكلماته المتجذِّرة ليس فقط في تربة النص، وإنما في تربة أرض السودان.
----
- ملاحظة: قمتُ بتخطّي القصّة السياسيّة الواقعة في آخر النص، إذ يستطيع القارئ العثور على النص كاملاً في الكتاب المبذول على صفحات الإنترنت، ذلك لتقصير زمن القراءة، ولبُعدها عن ما نُريد أن نعرضه في غرفة المناظر الطبيعيّة.
- بالنسبة للترجمة الإنجليزيَّة، فهي لدينيس جونسون، والذي كان مُقرّباً من الطيب صالح، حيث تَرَجم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" بالتزامن مع كتابة النص نفسه، إذ كان الطيب يُرسل ما يكتمل من فصول ويردّها إليه المُترجم الكبير منقولةً إلى الإنجليزيّة. و"هو مترجم بريطاني وُلد في كندا عام ١٩٢٢م، وعاش فترة من طفولته في القاهرة ووادي حلفا في السودان. يعتبر دنيس أحد أهم المترجمين الذين قدموا الأدب العربي إلى القارئ الغربي، وقد وصل ما ترجمه من الأدب العربي أكثر من ثلاثين مجلداً احتوت الكثير من الإبداعات القصصية والروائية العربية، وقد وصف كل من نجيب محفوظ وإدوارد سعيد دنيس جونسون برائد الترجمة من العربية إلى الإنجليزية. توفي بالقاهرة يوم الاثنين 22 أيار 2017 عن عمر يناهز الـ 95 سنة.”.
مأمون التلب