عن مَصيدة القمح
يتتبع الفيلم الوثائقي «مصيدة القمح» للمخرج محمد فاوي وإنتاج تلفزيون العربي حياة العديد من المزارعين وأسرهم في قرية الكمور الجعليين، وهي جزء من مخطط الجزيرة الزراعي في وسط السودان.
/ الاجابات
يَتتبَّع الفيلم الوثائقي "مصيدة القمح" للمخرج محمد فاوي، ومن إنتاج قناة العربي التلفزيونية، حياة العديد من المزارعين وأسرهم في قرية "الكمر الجعليين"، وهي جزء من مشروع الجزيرة الزراعي في وسط السودان. تم تصوير الفيلم على خلفية تدهور الظروف الاقتصادية بسبب نقص الوقود والخبز وعدم الاستقرار السياسي. كما يُصوّر الفيلم الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي بلغت ذروتها في ثورة ٢٠١٩م التي أطاحت بعمر البشير، والتي اندلعت بسبب احتجاج في عطبرة بسبب زيادة أسعار الخبز.
الموضوع الرئيسي لفيلم "مصيدة القمح" هو التساؤل عن كيفية ولماذا ابتعد السودانيون عن الأطعمة التقليدية مثل الكسرة والعصيدة المصنوعة من الذرة الرفيعة والدخن، إلى أرغفة الخبز المصنوعة من القمح. غالبًا ما تتم الإشارة إلى أهمية الأطعمة التقليدية في الماضي. وتنتشر في القرية حكايات وروايات مثل كيف كانت الشابات في الماضي لا يُعتَبَرنَ مؤهلات للزواج إلا إذا كن قادرات على صنع كومة كبيرة من الكسرة ذات النوعية الجيدة، واليوم، لا تستمر في هذه العادة سوى النساء الأكبر سناً في القرية. وتقول إحدى النساء عن زوجها، وهي تجلس بالقرب من طبق صاج ساخن وتسكب عليه مغرفة من عجينة الكسرة: "أستيقظ مبكراً في الصباح، حتى لو كان ذلك في الساعة السادسة صباحاً لصنع الكسرة، وأقول له إذا لم تأكل فلن أسمح لك بالخروج".
أثناء الغداء وتناول كومة الكسرة الطازجة والملاح الساخن، يناقش الرجال الأسباب التي تجعلهم يعتقدون أن الناس أصبحوا يبتعدون بشكل متزايد عن الحياة "البسيطة" في الماضي لصالح القمح والخبز. ويقول أحد المزارعين إن المنح المجانية من القمح والسلع الأساسية الأخرى التي قدمتها إدارة المعونة الأمريكية في أواخر الخمسينيات، والتي تم إرسالها "كرمز للصداقة"، كانت تعني انتشار شهية أرغفة الخبز المصنوعة من القمح إلى المناطق الريفية. ويؤكد المزارع أن هذا التحول الاجتماعي في تفضيل المجتمع للقمح هو أداة "الاستعمار الحديث". ويصف المصيدة، الموجودة في عنوان الفيلم، بعادة الاستهلاك التي تطورت نتيجة للقمح المجاني وفقدان الشهية للحبوب التقليدية مثل الذرة الرفيعة والدخن.
ويشرح مزارع آخر كيف أن أنماط الحياة المتغيرة، مع اختيار الفتيات والنساء لمواصلة تعليمهن والحصول على وظائف، يعني أنهنَّ لم يعد لديهن الوقت لإعداد وصنع الكسرة والعصيدة لكل وجبة. وبدلاً من ذلك، أصبح من الأسهل بكثير شراء الخبز الجاهز من المخابز بينما تحظى المنتجات الجديدة، مثل البيتزا والمعجنات المصنوعة من القمح، بشعبية كبيرة أيضاً. ويوضّح أن المزارعين أنفسهم تحولوا إلى المحاصيل النقدية مع مثال أن محصول فدانين من البصل أكثر ربحية من زراعة الذرة الرفيعة غير المرغوب فيها.
منذ الاستيراد المجاني في الماضي، كانت الواردات التجارية من القمح في ارتفاعٍ مستمر، خاصَّةً وأن مناخ السودان أقل ملاءمة لزراعة القمح مقارنة بالذرة الرفيعة. ولقد وجدت الحكومات السودانية نفسها دائماً في موقف محاولة الحفاظ على أسعار معقولة من خلال الدعم المتزايد باستمرار. وفي الفيلم، يتحول المزارعون في مشروع الجزيرة تدريجيَّاً إلى زراعة القمح كمنتج أكثر ربحية، لكن السودان لا يزال يستورد حوالي ستين في المائة من احتياجاته من القمح.
وتنتهي الخيوط التي تجري عبر الفيلم في المشاهد الأخيرة. ففي حين كان حصاد القمح سخيَّاً وسُمِحَ لأحد المزارعين أخيراً بالزواج من خطيبته، يرفض المحتجون في موقع الاعتصام أمام مقر الجيش -أثناء الثورة- قبول التبرعات التي قدمتها الدول الأجنبية لدعم المخيم. وتشير اللقطة الختامية إلى أن الشكل الأول من المساعدات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر للمجلس العسكري، الذي تولى السلطة بعد عزل البشير، كان يتكون من القمح.
صور المعرض من فيلم مصيدة القمح، جميع الحقوق محفوظة لمحمد فاوي.
يَتتبَّع الفيلم الوثائقي "مصيدة القمح" للمخرج محمد فاوي، ومن إنتاج قناة العربي التلفزيونية، حياة العديد من المزارعين وأسرهم في قرية "الكمر الجعليين"، وهي جزء من مشروع الجزيرة الزراعي في وسط السودان. تم تصوير الفيلم على خلفية تدهور الظروف الاقتصادية بسبب نقص الوقود والخبز وعدم الاستقرار السياسي. كما يُصوّر الفيلم الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي بلغت ذروتها في ثورة ٢٠١٩م التي أطاحت بعمر البشير، والتي اندلعت بسبب احتجاج في عطبرة بسبب زيادة أسعار الخبز.
الموضوع الرئيسي لفيلم "مصيدة القمح" هو التساؤل عن كيفية ولماذا ابتعد السودانيون عن الأطعمة التقليدية مثل الكسرة والعصيدة المصنوعة من الذرة الرفيعة والدخن، إلى أرغفة الخبز المصنوعة من القمح. غالبًا ما تتم الإشارة إلى أهمية الأطعمة التقليدية في الماضي. وتنتشر في القرية حكايات وروايات مثل كيف كانت الشابات في الماضي لا يُعتَبَرنَ مؤهلات للزواج إلا إذا كن قادرات على صنع كومة كبيرة من الكسرة ذات النوعية الجيدة، واليوم، لا تستمر في هذه العادة سوى النساء الأكبر سناً في القرية. وتقول إحدى النساء عن زوجها، وهي تجلس بالقرب من طبق صاج ساخن وتسكب عليه مغرفة من عجينة الكسرة: "أستيقظ مبكراً في الصباح، حتى لو كان ذلك في الساعة السادسة صباحاً لصنع الكسرة، وأقول له إذا لم تأكل فلن أسمح لك بالخروج".
أثناء الغداء وتناول كومة الكسرة الطازجة والملاح الساخن، يناقش الرجال الأسباب التي تجعلهم يعتقدون أن الناس أصبحوا يبتعدون بشكل متزايد عن الحياة "البسيطة" في الماضي لصالح القمح والخبز. ويقول أحد المزارعين إن المنح المجانية من القمح والسلع الأساسية الأخرى التي قدمتها إدارة المعونة الأمريكية في أواخر الخمسينيات، والتي تم إرسالها "كرمز للصداقة"، كانت تعني انتشار شهية أرغفة الخبز المصنوعة من القمح إلى المناطق الريفية. ويؤكد المزارع أن هذا التحول الاجتماعي في تفضيل المجتمع للقمح هو أداة "الاستعمار الحديث". ويصف المصيدة، الموجودة في عنوان الفيلم، بعادة الاستهلاك التي تطورت نتيجة للقمح المجاني وفقدان الشهية للحبوب التقليدية مثل الذرة الرفيعة والدخن.
ويشرح مزارع آخر كيف أن أنماط الحياة المتغيرة، مع اختيار الفتيات والنساء لمواصلة تعليمهن والحصول على وظائف، يعني أنهنَّ لم يعد لديهن الوقت لإعداد وصنع الكسرة والعصيدة لكل وجبة. وبدلاً من ذلك، أصبح من الأسهل بكثير شراء الخبز الجاهز من المخابز بينما تحظى المنتجات الجديدة، مثل البيتزا والمعجنات المصنوعة من القمح، بشعبية كبيرة أيضاً. ويوضّح أن المزارعين أنفسهم تحولوا إلى المحاصيل النقدية مع مثال أن محصول فدانين من البصل أكثر ربحية من زراعة الذرة الرفيعة غير المرغوب فيها.
منذ الاستيراد المجاني في الماضي، كانت الواردات التجارية من القمح في ارتفاعٍ مستمر، خاصَّةً وأن مناخ السودان أقل ملاءمة لزراعة القمح مقارنة بالذرة الرفيعة. ولقد وجدت الحكومات السودانية نفسها دائماً في موقف محاولة الحفاظ على أسعار معقولة من خلال الدعم المتزايد باستمرار. وفي الفيلم، يتحول المزارعون في مشروع الجزيرة تدريجيَّاً إلى زراعة القمح كمنتج أكثر ربحية، لكن السودان لا يزال يستورد حوالي ستين في المائة من احتياجاته من القمح.
وتنتهي الخيوط التي تجري عبر الفيلم في المشاهد الأخيرة. ففي حين كان حصاد القمح سخيَّاً وسُمِحَ لأحد المزارعين أخيراً بالزواج من خطيبته، يرفض المحتجون في موقع الاعتصام أمام مقر الجيش -أثناء الثورة- قبول التبرعات التي قدمتها الدول الأجنبية لدعم المخيم. وتشير اللقطة الختامية إلى أن الشكل الأول من المساعدات التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر للمجلس العسكري، الذي تولى السلطة بعد عزل البشير، كان يتكون من القمح.
صور المعرض من فيلم مصيدة القمح، جميع الحقوق محفوظة لمحمد فاوي.